ألمانيا على خط «التنافس الدولي» في أفريقيا

وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث لصحافيين في ختام زيارته لناميبيا في 5 ديسمبر الحالي (د.ب.أ)
وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث لصحافيين في ختام زيارته لناميبيا في 5 ديسمبر الحالي (د.ب.أ)
TT

ألمانيا على خط «التنافس الدولي» في أفريقيا

وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث لصحافيين في ختام زيارته لناميبيا في 5 ديسمبر الحالي (د.ب.أ)
وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث لصحافيين في ختام زيارته لناميبيا في 5 ديسمبر الحالي (د.ب.أ)

تعاني الاقتصادات الأوروبية تحت وطأة آثار الحرب الروسية - الأوكرانية، ومنها الاقتصاد الألماني، الذي يسعى إلى حلول مستقبلية مستدامة، خصوصاً في مجال الطاقة. وتمثل قارة أفريقيا وجهة مميزة لبرلين لتحقيق تلك الأهداف.
وبحسب صحيفة «هاندلسبلات» الاقتصادية البارزة في ألمانيا، فإن برلين تعتزم تطبيق استراتيجية جديدة تجاه أفريقيا، تعرضها وزيرة التعاون الاقتصادي والتنمية سفينيا شولتز في يناير (كانون الثاني) المقبل، تركز على الاستثمارات في مجالات الطاقة والمواد الخام، خصوصاً المعادن النادرة، علاوة على خلق أسواق جديدة. وتحدد الاستراتيجية الصين وروسيا وتركيا كدول «منافسة» في القارة الأفريقية.
وقالت الصحيفة، في تقرير لها نشر الأسبوع الماضي، إن «برلين من خلال الاستراتيجية الجديدة، تحاول حماية نفسها من الأزمات العالمية من خلال تعزيز قوتها الناعمة، عبر سياسات مثل تسهيل تسديد البلدان الأفريقية ديونها من خلال توفير دعم لموازنات الدول، وكذلك جلب العمال الأفارقة المهرة إلى ألمانيا، عبر دعم خيارات الهجرة القانونية من البلدان الأفريقية إليها».
ومطلع الشهر الجاري، قام وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك بزيارة إلى كل من ناميبيا وجنوب أفريقيا، وأجرى محادثات تتعلق بإنتاج الطاقة البديلة. ووفق بيان صدر عن وزارة الاقتصاد، فإن الزيارة تتعلق ببحث «التعاون في مجال الهيدروجين الأخضر».
رافق هابيك، في زيارته الأفريقية، رجال أعمال ومديرون تنفيذيون لشركات تخطط لتنفيذ مشروعات بالمليارات بعد عقد مفاوضات مع الحكومة في ناميبيا.
وتستهدف ألمانيا إنتاج الهيدروجين الأخضر في أفريقيا ليحل محل الوقود الأحفوري، حيث يمكن أيضاً تحويله إلى أمونيا خضراء، وبالتالي نقلها بسهولة عن طريق السفن، وهي من المواد الخام المهمة في الصناعات الكيماوية، ومن بينها الأسمدة.
في السياق ذاته، أبدت وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية في ألمانيا التزاماً بتقديم ما يبلغ إجمالي قيمته 112 مليون يورو (119 مليون دولار) لمساعدة كينيا في تطوير مشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين، وفق ما نشره موقع «أفريك 21».
ويعتقد خبير الشؤون الاقتصادية فتحي السيد الشرمبابلي، أن «الاستراتيجية الطموحة ستساعد الدول الأفريقية في تقليل حجم الاقتراض، وهو ما يخفف الأعباء عن الموازنات العامة ويحقق الاستدامة المالية ويقلل مخاطر التعثر والركود المتوقعة في ظل تنامي ظاهرة الديون، كما سوف تساعد الدول الأفريقية على تطوير أسواق العمل وتنمية مهاراتها بما يوفر عملاً لائقاً منتجاً متوافقاً مع أهداف التنمية المستدامة». وقال الشرمبابلي لـ«الشرق الأوسط» إن نجاح الاستراتيجية يتوقف على «قدرة ألمانيا على توفير الدعم المالي والسياسي لتنفيذها وعلى مدى قدرتها على استهداف الدول الأكثر امتلاكاً للموارد، علاوة على التزام وتعاون الدول الأفريقية معها».
وتعمل ألمانيا على تعزيز وجودها في القارة الأفريقية، بوتيرة متسارعة، كما أشار الشرمبابلي. ففي الشهور الخمسة الأولى من عام 2022، ارتفع حجم التجارة مع أفريقيا بنسبة 12.7 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021، وعلى الرغم من ذلك «يعد الوجود الألماني في أفريقيا ضعيفاً مقارنة بالمنافسين، الأمر الذي تحاول ألمانيا تغييره»، على حد قوله.
ويصف عبد الله محمد أواه، أستاذ الاقتصاد والإدارة بجامعة نواكشوط، لـ«الشرق الأوسط»، الاستراتيجية الألمانية بـ«الذكية التي تخاطب الحاضر ومشكلاته كما تخاطب المستقبل، من خلال التركيز على الطاقة البديلة والموارد النادرة».
ورأى أواه أن الاستراتيجية «تأتي في سياق زخم عالمي والتنافس مع القوى العالمية على القارة»، مشيراً إلى عقد عدة قمم دولية مؤخراً بهذا التوجه آخرها القمة الأميركية - الأفريقية، والقمة الروسية - الأفريقية والقمة الصينية - الأفريقية.
وأكد أن «هذا التنافس والزخم الدولي يمنحان أفريقيا هوامش للمناورة واختيارات متعددة لتدعيم اقتصادات دولها»، معتبراً أن ألمانيا تستبق باستثماراتها المستقبلية في القارة الصدمات الجيوسياسية الارتدادية الناتجة عن الوضع العالمي الحالي والوضع المستقبلي الناتج عن عالم متعدد الأقطاب».
ورأى أواه أن «الاستراتيجية تضع في الاعتبار الطاقات البشرية الأفريقية الكبيرة حيث القارة يغلب عليها ديموغرافياً عنصر الشباب في مواجهة معدل السن الكبير في ألمانيا، الذي يجعلها تتوجه نحو التجديد الديموغرافي من خلال اجتذاب الطاقات البشرية الأفريقية».


مقالات ذات صلة

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

أفريقيا هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

بينما تستعد بريطانيا لتتويج الملك تشارلز الثالث (السبت)، وسط أجواء احتفالية يترقبها العالم، أعاد مواطنون وناشطون من جنوب أفريقيا التذكير بالماضي الاستعماري للمملكة المتحدة، عبر إطلاق عريضة للمطالبة باسترداد مجموعة من المجوهرات والأحجار الكريمة التي ترصِّع التاج والصولجان البريطاني، والتي يشيرون إلى أن بريطانيا «استولت عليها» خلال الحقبة الاستعمارية لبلادهم، وهو ما يعيد طرح تساؤلات حول قدرة الدول الأفريقية على المطالبة باسترداد ثرواتها وممتلكاتها الثمينة التي استحوذت عليها الدول الاستعمارية. ودعا بعض مواطني جنوب أفريقيا بريطانيا إلى إعادة «أكبر ماسة في العالم»، والمعروفة باسم «نجمة أفريقيا»، وا

أفريقيا «النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

«النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

مع تركيز مختلف القوى الدولية على أفريقيا، يبدو أن الاقتصادات الهشة للقارة السمراء في طريقها إلى أن تكون «الخاسر الأكبر» جراء التوترات الجيو - استراتيجية التي تتنامى في العالم بوضوح منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. وتوقَّع تقرير صدر، (الاثنين)، عن صندوق النقد الدولي أن «تتعرض منطقة أفريقيا جنوب الصحراء للخسارة الأكبر إذا انقسم العالم إلى كتلتين تجاريتين معزولتين تتمحوران حول الصين وروسيا من جهة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المقابل». وذكر التقرير أن «في هذا السيناريو من الاستقطاب الحاد، ما يؤدي إلى أن تشهد اقتصادات أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى انخفاضا دائماً بنسبة تصل إلى 4 في الما

أفريقيا السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، اليوم (الثلاثاء)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف المتنازعة في السودان، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضها، بما يضمن أمن واستقرار ورفاهية البلاد وشعبها. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية السعودي، برئيس المفوضية، وتناول آخر التطورات والأوضاع الراهنة في القارة الأفريقية، كما ناقش المستجدات والموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أفريقيا «مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

«مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة التطرف والإرهاب، التي تؤرق غالبية دول القارة الأفريقية، الأجندة الأوغندية، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن، التابع للاتحاد الأفريقي، في شهر مايو (أيار) الجاري. ووفق المجلس، فإنه من المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة الإرهاب في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان له، أن مجلس السلم والأمن الأفريقي سيناقش نتا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة «التطرف والإرهاب»، التي تقلق كثيراً من دول القارة الأفريقية، أجندة أوغندا، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في مايو (أيار) الحالي. ومن المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحادين الأوروبي والأفريقي؛ لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب الإرهابية» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة «الإرهاب» في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان، أنه سيناقش نتائج الحوار الوطني في تشاد، ولا سيما المسألتين ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

أكثر من 33 مليون نيجيري سيعانون من الجوع العام المقبل

أدى العنف والتصحر إلى منافسات عنيفة أحياناً بين المجتمعات الزراعية والرعاة الرُحّل في نيجيريا (أ.ف.ب)
أدى العنف والتصحر إلى منافسات عنيفة أحياناً بين المجتمعات الزراعية والرعاة الرُحّل في نيجيريا (أ.ف.ب)
TT

أكثر من 33 مليون نيجيري سيعانون من الجوع العام المقبل

أدى العنف والتصحر إلى منافسات عنيفة أحياناً بين المجتمعات الزراعية والرعاة الرُحّل في نيجيريا (أ.ف.ب)
أدى العنف والتصحر إلى منافسات عنيفة أحياناً بين المجتمعات الزراعية والرعاة الرُحّل في نيجيريا (أ.ف.ب)

أفاد تقرير، صدر الجمعة، بأن أكثر من 33 مليون نيجيري سيعانون من الجوع العام المقبل، وهو رقم يزداد مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتفاقم آثار الحرب والتغير المناخي.

والتقرير الذي أعده مسؤولون نيجيريون ووكالات الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية إنسانية كبرى، يعرض الوضع الغذائي مرتين في العام في 26 ولاية تعاني من أزمات في شمال ووسط نيجيريا.

بحسب أحدث الأرقام فإن 25.1 مليون نيجيري يعانون من «انعدام أمن غذائي حاد»، حتى في ذروة موسم الحصاد لهذا العام، بعد فيضانات وارتفاع الأسعار، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

من المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 33.1 مليون شخص السنة المقبلة، إذ يؤدي انهيار العملة الوطنية «نايرا» إلى ارتفاع أسعار الواردات الغذائية، كما أن انتهاء دعم الوقود يجعل إيصالها وتوزيعها باهظ الكلفة.

وجاء في بيان صادر عن برنامج الأغذية العالمي أن «نحو 5.4 مليون طفل ونحو 800 ألف امرأة حامل أو مرضع معرضون لخطر سوء التغذية الحاد أو الانحطاط في ست من الولايات الأكثر تضرراً».

وأضاف: «من بين هؤلاء، يمكن أن يعاني 1.8 مليون طفل من سوء التغذية الحاد الشديد ويحتاجون إلى علاج غذائي منقذ للحياة».

ويشهد شمال شرقي نيجيريا تمرداً منذ عام 2009، وتنشط عصابات قطاع الطرق والخطف في جميع أنحاء شمال البلاد. وفي موازاة ذلك، جعل تغير المناخ وإزالة الغابات المنطقة أكثر جفافاً.

كما أدى العنف والتصحر إلى منافسات عنيفة أحياناً بين المجتمعات الزراعية والرعاة الرحل.

هذه التحديات الطويلة المدى موجودة منذ فترة طويلة، لكن وضع الاقتصاد النيجيري أدى دوراً في ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

ويشير التقرير إلى استمرار انخفاض قيمة العملة النيجيرية مقابل الدولار، وقرار الرئيس بولا تينوبو العام الماضي إلغاء دعم الوقود الذي كان سارياً منذ عقود.

وبعد مرور عام، في يونيو (حزيران) 2024، وصل معدل تضخم أسعار المواد الغذائية على أساس سنوي إلى 40.9 في المائة.