تحذيرات أوروبية من تعميق ميليشياوي للانقسامات اليمنية

الميليشيات حوّلت المساجد إلى أماكن للتعبئة والتحريض على القتال

عناصر الميليشيات الحوثية حوّلوا المساجد إلى منابر للتعبئة والتحريض الطائفي (إعلام حوثي)
عناصر الميليشيات الحوثية حوّلوا المساجد إلى منابر للتعبئة والتحريض الطائفي (إعلام حوثي)
TT

تحذيرات أوروبية من تعميق ميليشياوي للانقسامات اليمنية

عناصر الميليشيات الحوثية حوّلوا المساجد إلى منابر للتعبئة والتحريض الطائفي (إعلام حوثي)
عناصر الميليشيات الحوثية حوّلوا المساجد إلى منابر للتعبئة والتحريض الطائفي (إعلام حوثي)

لم تترك الميليشيات الحوثية أي مؤسسة أو قطاع بمناطق سيطرتها إلا وحولته إلى وسيلة لنشر أفكارها وطقوسها ذات المنزع الطائفي، حيث انتهجت في سبيل ذلك كل أساليب القمع لإرغام اليمنيين من مختلف الفئات والأعمار على اعتناق تلك الطقوس الدخيلة عليهم بغية مسخ هويتهم وتسخيرهم لتنفيذ الأجندة الإيرانية.
وفي هذا السياق، أطلق مركز أوروبي تحذيرات من استمرار الميليشيات الحوثية في تعميق ما سمّاه «الانقسامات الطائفية والمناطقية» بمختلف مناطق سيطرتها وفرضها طقوساً مستوردة من إيران.
وذكر المركز الأوروبي للعلاقات الخارجية، في تقرير حديث، أن الجماعة الحوثية عملت بنشاط على تحويل وتبديل مذهب الزيدية، حينما أدخلت وشجعت وفرضت طقوساً وعلامات أخرى مستوردة من الشيعة «الاثنا عشرية» الإيرانية.
ويرى التقرير أن دائرة مخاطر الجماعة الحوثية تتسع مذهبياً، مع استمرار جهودها في التفريق بين زيديتها والزيدية «التقليدية»، لافتاً إلى أنها توسعت بشكل كبير منذ سيطرتهم السياسية على العاصمة اليمنية صنعاء والمناطق الأكثر اكتظاظاً بالسكان في البلاد في 2014 - 2015.
وبحسب المركز، فإن التغييرات التي أجرتها الجماعة في المناهج المدرسية وإدخال «المخيمات الصيفية» التربوية - ظاهرياً لأغراض تعليمية دينية - هي الآلية الرئيسية التي تستخدمها لغرض تجنيد المتطوعين في قواتهم العسكرية، بمن فيهم من هم دون سن 18عاماً.
- «حوثنة» المساجد
التحذيرات الأوروبية جاءت بالتوازي مع اتهامات للميليشيات وجهتها تقارير صادرة من منظمات محلية؛ حيث أشارت إلى أن الجماعة أمعنت طيلة الأشهر والسنوات المنصرمة في استغلال دور العبادة وتحويلها إلى أداة لبث الطائفية والتحريض على القتل والتعبئة والتحشيد إلى جبهاتها، بارتكابها أزيد من 3 آلاف انتهاك ضد المساجد بمختلف المناطق اليمنية خلال 8 سنوات ماضية.
وبحسب ما أورده تقرير حقوقي حديث صادر عن الشبكة اليمنية للحقوق والحريات تم توثيق نحو 3 آلاف و370 انتهاكاً طالت مساجد ودور عبادة في 14 محافظة يمنية، ارتكبتها الميليشيات الحوثية خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) 2015 وحتى 30 أبريل (نيسان) 2022.
ووفق ما جاء في التقرير، فإن الفريق الميداني للشبكة رصد 109 حالات قتل لخطباء وأئمة مساجد، ومصلين، منها 62 حالة قتل نتيجة الإطلاق المباشر، و17 حالة قتل بسبب القصف العشوائي و19 حالة بفعل استخدام القوة المفرطة والضرب، إضافة إلى 11 حالة قتل نتيجة الطعن واستخدام السلاح الأبيض، و132 حالة إصابة جسدية.
ووثق التقرير الحقوقي 376 حالة اختطاف حوثي ونحو 52 حالة تعذيب جسدي ونفسي لأئمة وخطباء مساجد ومصلين وعاملين في المساجد، منها 6 حالات تعذيب حتى الموت في المعتقلات، حيث تصدر ريف صنعاء، والعاصمة اليمنية القائمة من حيث عدد الانتهاكات.
وعبرت الشبكة الحقوقية عن إدانتها للمجزرة البشعة التي ارتكبتها الميليشيات أخيراً في مديرية حيس بمحافظة الحديدة، لافتة إلى أن تلك الجريمة استهدفت مسجد قرية الرون غرب مديرية حيس بقذيفتين من طائرة مسيرة، إيرانية الصنع، أثناء أداء صلاة الجمعة، حيث أسفرت عن مقتل مدنيين اثنين وإصابة 5 آخرين بينهم أطفال.
ودعت الشبكة المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوثين الأممي والأميركي ومنظمات وهيئات حقوق الإنسان، إلى تحمل المسؤولية في إيقاف هذه الجرائم والعمل على إدراج الجماعة الانقلابية في قوائم الإرهاب الدولية، وملاحقة ومحاكمة قياداتها في المحاكم الدولية باعتبارهم مجرمي حرب.
- تنديد حكومي
مع مواصلة الميليشيات الحوثية ومحاولات عناصرها المتكررة فرض أفكارهم الدينية الضيقة على اليمنيين الذين يعتنق غالبيتهم المذهب الشافعي، كانت الحكومة اليمنية حذرت في وقت سابق من تسخير مؤسسات ومقدرات الدولة المغتصبة في العاصمة صنعاء والخزينة العامة والإيرادات المنهوبة في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات للأغراض المذهبية، بالإضافة إلى تسخير المساعدات الإنسانية المقدمة من المنظمات الدولية، لصالح التعبئة الفكرية والحشد لإقامة المناسبات الطائفية، دون أي اكتراث بالأوضاع الإنسانية المتردية‏.
وجدد وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة معمر الإرياني تحذيراته من مساعي الجماعة لتكريس مشروعها الطائفي وفرض أفكارها وطقوسها الدخيلة على اليمنيين بقوة السلاح، واستغلال حالة الفقر والجوع التي كرستها عبر سياساتها الممنهجة، لتغيير هوية الدولة والمجتمع وتحويلها إلى قاعدة لتصدير الفوضى والإرهاب للمنطقة والعالم.
ولفت الإرياني إلى إنفاق الميليشيات في كل عام مليارات الريالات من أموال الشعب المنهوبة لإقامة طقوس طائفية مستوردة من إيران، فيما يتضور اليمنيون جوعاً وفقراً.
يشار إلى أن الميليشيات الحوثية دأبت منذ انقلابها وإشعالها فتيل الحرب على فرض أفكارها الطائفية بشكل أحادي وإجباري على المجتمع اليمني من خلال إصرارها على إقامة فعالياتها الطائفية في ظل الرفض المجتمعي لها مع تعمدها تأجيج وإذكاء النزاع والخلاف والتمييز الطائفي.
وتتصاعد التحذيرات المحلية والدولية من تبعات الممارسات الطائفية التي تنتهجها الجماعة الحوثية بصورة مستمرة ومن مخاطرها على النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي وقيم التنوع والتعايش التي امتاز بها اليمن على مدى العقود الماضية.


مقالات ذات صلة

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.