انقلابيو اليمن يمنعون الاختلاط بين الجنسين في مكاتب العمل

أستاذة يمنية داخل إحدى قاعات المحاضرات في جامعة تعز (أ.ف.ب)
أستاذة يمنية داخل إحدى قاعات المحاضرات في جامعة تعز (أ.ف.ب)
TT

انقلابيو اليمن يمنعون الاختلاط بين الجنسين في مكاتب العمل

أستاذة يمنية داخل إحدى قاعات المحاضرات في جامعة تعز (أ.ف.ب)
أستاذة يمنية داخل إحدى قاعات المحاضرات في جامعة تعز (أ.ف.ب)

بعد أسابيع من قرار منع النساء اليمنيات من التنقل بين المحافظات أو السفر خارج البلاد إلا بوجود أحد الأقارب الذكور من الدرجة الأولى (المحرم) أمرت سلطات الميليشيات الحوثية جميع المصالح والهيئات العامة بفصل الموظفات عن الموظفين في جميع الدوائر الحكومية في مناطق سيطرتها، وتخصيص أجزاء من المباني للذكور وأخرى للإناث في خطوة لم تعرفها البلاد منذ الإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال اليمن مطلع الستينيات من القرن الماضي.
ثلاث من الموظفات في مصالح ووزارات وهيئات حكومية في العاصمة اليمنية صنعاء المحتلة من قبل الحوثيين ذكرن لـ«الشرق الأوسط» أن الجهات التي يعملن فيها أبلغت مسؤولي الشؤون الإدارية منذ يومين، بإعادة توزيع الموظفين من الذكور والإناث في مكاتب منفصلة، ومنع وجود الإناث والذكور في مكتب واحد، مهما كانت طبيعة العمل الذي يؤدى.
وبحسب ما قاله هؤلاء الموظفات فإن التوجيهات قضت أيضا بتخصيص أجنحة أو أدوار بحسب تقسيم المبنى للموظفات من النساء فقط، وأخرى خاصة بالرجال، ويمنع على أي من الجنسين الوجود في القسم المخصص للآخر، على أن يتولى المشرفون الحوثيون في تلك الجهات مهمة الرقابة على الالتزام بتلك التعليمات ومعاقبة من يخالفها.
هذه الخطوة الحوثية أتت بعد أسابيع من قرار منع الموظفات الحكوميات من العمل الميداني بشكل مطلق، والأمر بسحب كل الأعمال التي بحوزتهن وإعادتهن للعمل في المكاتب أو إحالتهن على قسم الفائض إلى حين اتخاذ قرار في مصيرهن، وهي الخطوة التي أفقدت المئات من الموظفات أعمالهن في مكاتب مصلحة الضرائب وحدها، كما شمل ذلك - بحسب المصادر- هيئة المواصفات والمقاييس التي يتطلب العمل فيها النزول الميداني.
وكانت الميليشيات الحوثية أصدرت الشهر الماضى قرارا يقضي بمنع النساء سواء موظفات أو ربات منازل أو طالبات من التنقل بين المحافظات إلا بوجود أحد الأقارب من الدرجة الأولى مزودا بوثائق الثبوتية، كما منعت النساء من السفر إلى الخارج للدراسة أو العلاج أو لأي غرض آخر، إلا بوجود مرافق من المحارم، كما ألزموا شركات النقل بعدم نقل أي امرأة عائدة أو قادمة من الخارج أو مناطق سيطرة الحكومة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من أحد المحارم للسفر.
وبموجب ذلك يلزم ولي الأمر بالحضور إلى مكاتب شركات النقل قبل موعد السفر بيومين لتعبئة الموافقة وإرفاقها بوثيقة إثبات الهوية ورقم هاتفه الشخصي، ووضع بصمته في تلك الوثيقة.
ووفق ما قاله عاملون في شركات النقل لـ«الشرق الأوسط» فإن مكتب النقل في صنعاء الذي يديره أحد عناصر ميليشيات الحوثي ويدعى المؤيد، ألزمهم بتسلم تلك البيانات وإرسالها إليه، على أن يقوم ذلك المكتب بتسليمها إلى إدارة المباحث الجنائية للتحقق من هويات المسافرين وأقاربهم.
وأوضح العاملون أن نقاط التفتيش المنتشرة في مناطق سيطرة الميليشيات تتولى التأكد من حصول المسافرة على التصريح المسبق والموقع عليه من ولي أمرها، قبل السماح لها بمواصلة الرحلة، في حين تتولى نقطة تفتيش قاع القيضي في المدخل الجنوبي للعاصمة صنعاء مهمة فحص وثائق المسافرين سواء أكانوا المغادرين أم القادمين، والتأكد من صلة القرابة بين الرجل والمرأة قبل السماح لهم بالعبور، وفي حال لم تقدم وثائق الثبوتية يتم منعهم وإعادتهم من حيث أتوا.
ومنذ سيطرة الميليشيات الحوثية على العاصمة اليمنية أصدرت جملة من القرارات تستهدف النساء تحديدا، حيث منعت على طالبات الجامعات ارتداء العباءة المفتوحة أو الضيقة أو القصيرة أو الشفافة، كما منعت وضع مساحيق التجميل أو استعمال العطور أو البخور، أو إظهار جزء من شعرهن، أو إبرازه من تحت غطاء الرأس.
كما كلفت عناصرها من الأمن النسائي في ما يسمى المكتب التربوي بالنزول إلى المدارس والجامعات ومراقبة سلوكيات الطالبات ولبسهن، كما يتم نشر مثل هذه العناصر في المراكز التجارية لمراقبة المتسوقين وملابس النساء تحديدا.
إلى ذلك، ألغت الميليشيات كل تراخيص عمل المنظمات غير الحكومية التي كانت موجودة قبل الانقلاب وقامت بتأسيس منظمات بديلة يديرها عناصرها من الجنسين وتتولى عملية حصر المستحقين للمساعدات الغذائية والإشراف على توزيع المساعدات.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
TT

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)

كشف تقرير أممي حديث عن أن حالات الكوليرا في اليمن ارتفعت إلى نحو 219 ألف حالة منذ مطلع العام الحالي، أغلب هذه الحالات تم تسجيلها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في حين استفاد أكثر من مليون شخص من خدمات توفير مياه الشرب النظيفة وخدمات الصرف الصحي المقدمة من الأمم المتحدة.

وأظهر تقرير مشترك صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة وكتلة المياه والصرف الصحي في اليمن، أنه تم الإبلاغ عن أكثر من 219 ألف حالة اشتباه بالإسهال المائي الحاد والكوليرا في معظم أنحاء البلاد خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) وحتى 20 أكتوبر (تشرين الأول)، وكانت أغلب هذه الحالات في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وتشكل ما نسبته أكثر من 80 في المائة من إجمالي الحالات المُبلَّغ عنها.

الحوثيون يواصلون التكتم على أعداد المصابين بالكوليرا (إعلام محلي)

وطبقاً لهذه البيانات، احتلت محافظة حجة قائمة المحافظات اليمنية في معدل حالات الإصابة بالوباء، حيث سُجل فيها نحو 35 ألف حالة، تلتها محافظة الحديدة بنحو 24 ألف حالة، ثم محافظة عمران التي سجلت 19 ألف حالة إصابة، ومن بعدها محافظتا إب وذمار بنحو 16 ألف حالة في كل واحدة منهما.

كما سجلت محافظة تعز 15 ألف حالة إصابة مشتبه بها، والعاصمة المختطفة صنعاء ومحافظتا الضالع والبيضاء بواقع 14 ألف إصابة في كل واحدة منها، في حين سجلت محافظة ريف صنعاء أكثر من 12 ألف إصابة، وسجلت محافظة صعدة المعقل الرئيسي للحوثيين 11 ألف إصابة، ومثل هذا العدد سُجل في محافظة المحويت الواقعة إلى الغرب من صنعاء، في حين سجلت بقية المحافظات 5 آلاف حالة.

وأظهر التقرير المشترك أن شركاء العمل الإنساني، وضمن جهود الاستجابة المشتركة لمواجهة تفشي وباء الكوليرا، تمكّنوا من الوصول إلى أكثر من مليون شخص بخدمات توفير المياه النظيفة والصرف الصحي ومستلزمات النظافة في 141 منطقة و128 موقعاً للنزوح الداخلي، منذ بداية العام.

شريان حياة

في تقرير آخر، أكد مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع أن الأحداث المناخية المتطرفة في اليمن خلقت عواقب مدمرة على المجتمعات الحضرية والريفية على حد سواء، وأن الطرق المقاومة للمناخ أصبحت شريان حياة للسكان، الذين يعانون بالفعل أزمة إنسانية مدمرة، حيث أدى مناخ البلاد شبه الجاف، إلى جانب الأحداث المناخية المتطرفة، إلى تفاقم نقاط الضعف القائمة.

وبيَّن المكتب أن تطوير البنية الأساسية المستدامة والمقاومة للمناخ والتي يمكنها تحمل الصدمات والضغوط المستقبلية بات أمراً ضرورياً لمعالجة الاحتياجات الهائلة للمجتمعات في جميع أنحاء البلاد.

الفيضانات ضاعفت معاناة سكان الريف في اليمن ودمَّرت طرقات وممتلكات (الأمم المتحدة)

وأوضح التقرير أنه من خلال مشروعين ممولين من قِبل مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي، استجاب للتحديات الملحة المتمثلة في الأحداث المناخية المتطرفة المتزايدة الناجمة عن تغير المناخ في كل من المناطق الريفية والحضرية.

وذكر أن كثيراً من اليمنيين الذين يعتمدون على الزراعة في معيشتهم ومصدر غذائهم، أصبحوا أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك ندرة المياه وأنماط هطول الأمطار غير المتوقعة وتآكل التربة، كما أن الفيضانات يمكن أن تقطع المجتمعات الريفية عن الخدمات الأساسية وتجعل من الصعب على المزارعين نقل منتجاتهم إلى الأسواق.

ولأن هذا المزيج، بحسب مكتب مشاريع الأمم المتحدة، أدى إلى انعدام الأمن الغذائي الشديد؛ فإن مكونات المشروع تستهدف إعادة تأهيل وتطوير 150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية، وبناء جسرين نموذجيين في مواقع استراتيجية ودعم صيانة 60 كيلومتراً من طرق الوصول إلى القرى و150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية من أجل ضمان الوصول الآمن والموثوق به إلى الأسواق والخدمات الاجتماعية والخدمات الأساسية للمجتمعات الريفية.

مشاريع الطرقات وفَّرت فرص عمل لعشرات الآلاف من اليمنيين (الأمم المتحدة)

ويركز المشروع على ترقية أسطح الطرق وتحسين الصرف واستخدام المواد الصديقة للمناخ، وإنشاء شبكة طرق يمكنها تحمُّل آثار تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام تقنيات تثبيت المنحدرات لمنع التآكل وحماية الطرق من الانهيارات الأرضية؛ مما يعزز مرونة البنية الأساسية الريفية.

ولتعزيز الاستدامة بشكل أكبر؛ يؤكد المكتب الأممي أنه يتم تنفيذ الأعمال من قِبل أكثر من 40 شركة محلية، وأن التدريب في بناء القدرات ونقل المعرفة ساعد حتى الآن في إيجاد نحو 400 ألف فرصة عمل، بما في ذلك 39 ألف فرصة للنساء.