الحوثيون ينقلون الصحافيين المعتقلين من وحدة مكافحة الإرهاب إلى مكان مجهول

نيابة أموال الحديدة تستدعي مسؤولين أمنيين للتحقيق معهم لرفضهم تنفيذ أوامر قضائية

الحوثيون ينقلون الصحافيين المعتقلين من وحدة مكافحة الإرهاب إلى مكان مجهول
TT

الحوثيون ينقلون الصحافيين المعتقلين من وحدة مكافحة الإرهاب إلى مكان مجهول

الحوثيون ينقلون الصحافيين المعتقلين من وحدة مكافحة الإرهاب إلى مكان مجهول

أكد مصدر خاص لـ«الشرق الأوسط» أن «نيابة الأموال العامة بمحافظة الحديدة استدعت إبراهيم السياسي، مدير الأمن السياسي، ومحمد المقالح، مدير أمن المحافظة الذي جمدته عن عمله جماعة الحوثي المسلح، وكذا نائبه عبد الحميد المؤيد، وذلك للتحقيق معهم في شكوى ضدهم تقدم بها المركز الوطني للتنمية وأهالي المعتقلين بالمحافظة بسبب عدم الإفراج عن المعتقلين وهم الجهة الرسمية التي يجب عليها تنفيذ أوامر قضائية بالإفراج عنهم».
وأضاف المصدر «لم تلق الأوامر القضائية أي استجابة بالإفراج عن المعتقلين لأن المسلحين الحوثيين هم من يتحكمون بزمام الأمور في المحافظة وإدارة أمن المحافظة ما يجعل المسؤولين الأمنيين عاجزين عن القيام بمهامهم ما جعل نيابة الأموال بالمحافظة تستدعيهم للتحقيق معهم».
وكانت جماعة الحوثي المسلحة رفضت، في وقت سابق، الإفراج عن جميع المعتقلين لديها، في الوقت الذي كانت قد صدرت فيه مذكرات من رئيس النيابة، وكذا وكيل نيابة الجنوب، بالإفراج عن المعتقلين الذين اختطفتهم جماعة الحوثي المسلحة وأودعتهم في سجن في المخابرات اليمنية (الأمن السياسي) ونادي الضباط، منذ أشهر، ومن ضمنهم مؤسس الحراك الجنوبي وقائد عمليات المنطقة الخامسة العميد خالد خليل، وذلك على ضوء مذكرات تقدم بها المركز الوطني بشأن المعتقلين لدى الأمن السياسي ونادي الضباط بشكل مخالف للقانون، وهو ما رفضته جماعة المسلحين الحوثيين ورمت بالمذكرات عرض الحائط.
وتواصل جماعة الحوثي المسلحة، في محافظة الحديدة، غرب البلاد، وفي إقليم (تهامة) عمليات إقصاء من يعارضونهم في المرافق الحكومية بالإضافة إلى ملاحقات واعتقالات جميع المعارضين لهم من سياسيين وصحافيين وناشطين ورجال دين ومن تشتبه بانتمائهم إلى المقاومة الشعبية التهامية ومن بينها إصرارها على رفضها لأوامر قضائية تقضي بالإفراج عن المعتقلين لديهم في سجن الأمن السياسي (المخابرات اليمنية) ونادي الضباط في الحديدة، والذي أكدت مصادر مؤخرا أنه تم نقلهم إلى سجن الأمن السياسي في العاصمة صنعاء.
ويطالب كافة أبناء منطقة تهامة (الحديدة، حجه، ريمه، المحويت)‏، وعاصمتها مدينة الحديدة، وأحد الأقاليم الستة التي كان من المتوقع أن يتم تفعيلها في الدستور القادم لتكون منطقة حكم ذاتي فيدرالي في غرب الجمهورية اليمنية، يطالب بطرد المسلحين الحوثيين وأن «تكون الهدنة الإنسانية بداية انسحابهم من جميع مدن ومحافظات الإقليم التي احتلتها ومن جميع المرافق الحكومية».
ويقول أحمد عبيد «من حقنا كإقليم وحدوي يجمع كافة أبناء إقليم تهامة طرد المسلحين الحوثيين من تهامة وعدم القبول بهم وبأي ميليشيات آخر، لأنه لا شرعية للميليشيات الحوثية التي تحكم قبضتها بعد سطرتها على عدد من المدن والمحافظات اليمنية ومنها العاصمة صنعاء والحديدة، وكل ذلك بقوة السلاح».
وأضاف عبيد أن «المسلحين الحوثيين هم عصابة مغتصبة للسلطة الشرعية وما يجري في البلاد من انعدام الأمن وتدهور في الأوضاع الاقتصادية والإنسانية وانتهاك حقوق الإنسان كانت سببه الرئيسي جماعة الحوثي المسلحة التي تسعة جاهدة إفشال بناء يمن جديد وتسعى إلى تحطيم أمنيات وتطلعات المواطن اليمني».
ويؤكد أحمد عبيد لـ«الشرق الأوسط» أن «كافة أبناء تهامة لا يزالون يأملون من الحكومة الحالية أن يرفعوا مساندة أبناء تهامة خاصة بعد طرد جميع المسلحين الحوثيين والموالين لهم من قوات صالح من تهامة».
وبينما المقاومة الشعبية التهامية مستمرة في ملاحقة المسلحين الحوثيين في جميع مدن ومحافظات إقليم تهامة، أكد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أن «مسلحي المقاومة القوا، مساء أول من أمس، بقنبلة يدوية على سيارة تابعة لأحد قيادات جماعة الحوثي المسلحة المكنى بأبو رياض بمدينة باجل مما تسبب بتدمير السيارة بشكل كامل وسقط في العملية قتلى وجرحى من المسلحين الحوثيين».
وقال الشهود «على إثر إحراق سيارة القيادة الحوثي، قام المسلحين الحوثيين بمدينة باجل باعتقال شابين من أصحاب المحلات التجارية المجاورة، وأودعتهما في سجن البحث الجنائي، وبعد مطالبات من الأهالي بالإفراج عنهما رفض مدير البحث الإفراج عنهما إلا بأمر من المسلحين الحوثيين».
وأضاف شهود العيان «استهدف مسلحان كانا يستقلان دراجة نارية بمنطقة الحسينية بمديرية بيت الفقيه بمحافظة الحديدة دورية عسكرية خاصة بالمسلحين الحوثيين وقتل فيها سائق الدورية العسكرية وعدد من المسلحين وجرح البعض منهم من كان على متن الدورية. بالإضافة إلى إطلاق قذيفة (آر بي جي) على منزل أحد الموالين لجماعة الحوثي المسلحة ويدعى حسن علي الحوري، على طريق السخنة بمديرية المنصورية بمحافظة الحديدة، بسبب قيامه بإفراغ البناية من ساكنيها بعد تعرض منزل بجانبه للقصف من قوات التحالف، ولم يسفر الهجوم على منزل الحوري أي إصابات أو قتلى».
وكشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن «جماعة الحوثي المسلحة عملت على عرقلة شركة النفط بالحديدة من توزيع وصرف مادة الديزل للمصانع والمحطات التي تحتاج لها بعد توفيره بكميات كبيرة قبل أيام عند وصوله إلى ميناء الحديدة، وأن قيام الجماعة بهذا الأمر من أجل أن تستطيع تصريف ما تمتلكه وبيعه في السوق السوداء بأسعار مضاعفة ليرجع، حسب قول جماعة الحوثي، مردودها لما يسمونه بالمجهود الحربي».
ومن جهة أخرى طالب إعلاميون وأهالي المعتقلين بالإفراج الفوري عن الصحافيين الذين لا يزالون معتقلين لديها، خلال وقفة تضامنية نظمها أهالي المختطفين والصحافيين بمقر نقابة الصحافيين اليمنيين بالعاصمة صنعاء، قبل أيام، تضامنا مع زملائهم المختطفين في سجون المسلحين الحوثيين ووسائل الإعلام التي تم اقتحامها والاستيلاء عليها، وفي حين كانت قد قالت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن «جماعة الحوثي المسلحة أحالت 11 صحافيا إلى قسم مكافحة الإرهاب في البحث الجنائي، وإن اختطاف الجماعة للصحافيين بسبب معارضتهم للانقلاب»، أكدت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن «الجماعة نقلت، أول من أمس، 9 صحافيين من وحدة مكافحة الإرهاب بالبحث الجنائي بصنعاء، حيثما كانوا معتقلين، ونقلتهم إلى جهة مجهولة».
وحذر أهالي المختطفين جماعة الحوثي المسلحة من التعرض لهم أو المساس بحياتهم، محملين الجماعة المسؤولية الكاملة عن حياة أهاليهم المختطفين، وطالبوا النقابات والمنظمات المحلية والدولية بالتدخل الفوري لإنقاذ حياة الصحافيين وإطلاق سراحهم.
وكان المسلحون الحوثيون اختطفوا الصحافيين في الـ9 من يونيو (حزيران) السابق، من العاصمة صنعاء، وحجزت البعض منهم في قسم «الأحمر» والبعض الآخر في قسم «الحصبة» بالعاصمة صنعاء، قبل أن يتم إحالتهم إلى وحدة مكافحة الإرهاب بالبحث الجنائي قبل عشرة أيام، وتفاجأ أهاليهم عند زيارتهم للبحث الجنائي، أول من أمس، ولم يجدوهم ولم يخبروهم إلى أين تم نقلهم.



تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
TT

تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)

يشتكي غالبية مزارعي الحبوب في اليمن من تراجع إنتاجهم سنوياً بسبب تقلبات المناخ وتغير مواسم الأمطار وما تسببه غزارتها غير المتوقعة من جرف للتربة وتخريب للأراضي، وهو ما يتسبب لاحقاً في الإضرار بأمنهم الغذائي خلال الأشهر المقبلة التي تدخل فيها البلاد حالة من الجفاف الموسمي.

وينتهي، منتصف الخريف، موسم زراعة الحبوب في غالبية أنحاء اليمن، بالتزامن مع انخفاض درجات الحرارة وانقطاع الأمطار الموسمية ودخول البلاد في حالة من الجفاف، ويبدأ المزارعون حصر إنتاجهم من الحبوب وتخزينها للاستهلاك، كما يتم تخزين الزرع كأعلاف للمواشي التي تعاني من جفاف المراعي وشح الحشائش والأعشاب التي تتغذى عليها.

وبقدر ما يشعر المزارعون بالفرح خلال فترة جمع محصول موسم زراعة الحبوب، التي تشهد احتفاليات متوارثة تتعدد فيها الأغاني والأهازيج، يخالطهم شعور بالحزن بسبب اضطرارهم لانتظار موسم الأمطار المقبل لأشهر طويلة، وأملهم بهطول أمطار شتوية تساعدهم في زراعة أنواع أخرى من الحبوب.

امرأتان يمنيتان في محافظة تعز تنقلان العلف لتخزينه كغذاء للمواشي بعد انتهاء موسم الحصاد وبدء مواسم الجفاف (البنك الدولي)

يقول سعيد محمد، وهو مزارع مخضرم في مديرية الشمايتين جنوب محافظة تعز (جنوب غرب) إن فصلي الخريف والشتاء يشهدان في الغالب تراجعاً كبيراً في الإنتاج الزراعي، لكن بعض الأعوام قد تشهد سقوط أمطار خفيفة تساعد بعض المزارعين في إنتاج كميات محدودة من حبوب مختلفة عن تلك التي أنتجوها خلال الموسم السابق.

ويوضح المزارع السبعيني في رسالة نقلها لـ«الشرق الأوسط» أحد أبنائه، بسبب عدم خبرته في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أن بعض المزارعين يحتاطون لمواسم الجفاف بتجميع مياه السيول في خزانات مبنية من الحجارة والأسمنت لزراعة أنواع من الخضراوات، بينما ينتظر آخرون هطول الأمطار الشتوية الخفيفة، وهي نادرة ويقضي المزارعون شتاءهم في انتظارها.

الأمل بأمطار الشتاء

ينتج المزارعون خلال موسم الأمطار الصيفية الذرة الشامية والذرة الرفيعة بأنواعها ومن البقوليات اللوبياء، أما في الشتاء فيكتفون بالذرة الشامية والشعير والعدس والخضراوات.

لكن المزارع حسين أحمد، من مديرية القبيطة التابعة لمحافظة لحج (جنوب)، يشير إلى أن أمطار الشتاء عادة ما تكون وخيمة على المزارعين، خصوصاً مالكي المواشي التي قد تعاني لأسابيع وأشهر طويلة من الجوع وانقطاعها عن المرعى، واعتمادها على ما جرى تخزينه من أعلاف.

مزروعات حبوب يبست في انتظار الأمطار بسبب عدم خبرة المزارعين اليمنيين بتغير مواسم الأمطار (غيتي)

ويبين أحمد، لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الشتوية تأتي خفيفة وعلى مدى أيام طويلة متصلة مصحوبة بانتشار ضباب كثيف، خصوصاً في المرتفعات الجبلية، ويمنع المزارعون من استخدام الأراضي بشكل جيد، بينما لا تتمكن المواشي من مغادرة مأواها بسبب هذه الأمطار.

إلا أنه، وبعد انقشاع الضباب وتوقف الأمطار، تعود الحياة إلى المراعي التي تعود الحشائش للنمو فيها، وهو ما يفيد المزارعين في الحصول على المزيد من الألبان ومنتجاتها.

وتساهم أمطار الشتاء، على ندرتها، في زيادة المياه الجوفية بفضل هطولها البطيء والطويل مما يساهم في تغلغلها داخل طبقات الأرض وفقاً للخبراء الجيولوجيين، كما تعمل على تحسين جودة الإنتاج الحيواني.

وتراجعت المساحة التي تحتلها زراعة الحبوب في اليمن من أكثر من 585 ألف هكتار قبل الحرب الدائرة في البلاد منذ عام 2014، إلى أقل من 529 ألف هكتار بحسب بعض البيانات والتقديرات عن هيئات حكومية وأخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية، أي بما يزيد على 56 ألف هكتار، من إجمالي المساحة المحصولية المقدرة بـمليون و 124 ألف هكتار.

استثمار بلا ضمانات

يستمر موسم زراعة الحبوب أكثر من 5 أشهر، ويبدأ غالباً منتصف مايو (أيار) الذي يشهد إلقاء البذور في التربة، لينتهي في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) وبدايات نوفمبر (تشرين الثاني) بحصد السنابل، ثم نزع الزرع.

مزارع يمني يحصّل منتوجاً قليلاً من قصب السكر الذي يزرع على نحو محدود في البلاد (رويترز)

ويرى الخبير الزراعي محمد سيف ثابت أن أوضاع المزارعين في السنوات الأخيرة تتشابه في جميع الفصول، خصوصاً مع تبدل مواسم الأمطار الصيفية وتغير مواقيتها، ما يصعِّب عليهم تحديدها أو توقعها، إلى جانب التغير الكبير في كمياتها وما تتسبب به من جرف للتربة وتخريب للأراضي.

ويقول ثابت في إيضاحاته لـ«الشرق الأوسط» إن ما يعاني منه المزارعون في الصيف خلال الأعوام الأخيرة، يشبه إلى حد كبير ما يمرون به في الشتاء، حيث يلجأ الكثير منهم إلى بذل جهد كبير وإنفاق أموال في تسوية الأرض ودفن البذور متوقعاً هطول الأمطار. إلا أن تلك البذور قد تتحلل قبل هطول الأمطار، أو تنبش الطيور التربة لتناولها، وهو ما يدفع بعضهم إلى دفن بديل عنها. أما إذا هطلت الأمطار ولم تنبت تلك البذور بسبب تحللها أو نبشها من قبل الطيور، فإنه يستحيل على المزارعين إعادة التجربة قبل أن تعود التربة إلى الجفاف مرة أخرى.

الذرة الرفيعة من أكثر أنواع الحبوب التي يفضلها المزارعون اليمنيون لسهولة الحصول على منتوج وفير منها (إكس)

وأبدى مصدر في وزارة الزراعة اليمنية انزعاجه من لجوء غالبية المزارعين إلى حصد سنابل الحبوب قبل نضجها وتناولها بعد شيها أو سلقها بوصفها وجبات إضافية، فيما يُعرف محلياً بـ«الجهيش»، وهو ما يتسبب في إهلاك الكثير من المحصول والإضرار بالأمن الغذائي للمزارعين خلال الأشهر اللاحقة.

وتابع المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن هذه العادة المتوارثة أصبحت غاية لغالبية المزارعين، لكن الفارق أن المزارعين في السابق، قبل عشرات وربما مئات السنين،كانوا يعتمدون على «الجهيش» بوصفها وجبات أساسية، إلى جانب قلة استهلاكهم لها، في الوقت نفسه الذي يملكون فيه كميات من ناتج الحبوب يغطي موسم الجفاف.

أما في الوقت الراهن؛ فإن غالبية المزارعين يكتفون بالحصول على «الجهيش» ولا يقومون بتخزين سوى كميات قليلة من الحبوب.