في الوقت الذي يتنامى فيه النفوذ الإرهابي في أفريقيا؛ لا سيما في منطقة الساحل، تتصاعد الاشتباكات بين الحركات الإرهابية المختلفة الناشطة في القارة. ويرى محللون ومراقبون أن «الاشتباكات بين تلك التنظيمات تأتي في سياق معركة النفوذ، والحرب الدعائية؛ حيث يحاول كل طرف إثبات أنه الأقوى».
وحسب موقع «سايت إنتيليجنس» المراقب للوسائل الإعلامية الصادرة عن تنظيمي «داعش» و«القاعدة»، شهدت مالي خلال الشهر الجاري مواجهات عنيفة استمرت لأيام، بين «داعش في الصحراء الكبرى» المعروف بـ«ولاية الساحل»، وفرع «القاعدة» المعروف بـ«جماعة نصرة الإسلام والمسلمين». وأعلن «داعش» قتل 100 عنصر من «القاعدة» في منطقة الساحل الأفريقي، بعد محاولة عناصر «القاعدة» مهاجمة مواقع تنظيم «داعش»، بينما أعلنت «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» قتل ما يزيد على 70 من عناصر «داعش». وفي ديسمبر (كانون الأول) الجاري، قتل مسلحون ينتمون لحركة «بوكو حرام» 33 امرأة من زوجات مقاتلي «داعش غرب أفريقيا».
مرصد الأزهر لمكافحة التطرف بالقاهرة، يرى أن «هذه العمليات تعد استمراراً لمسلسل الصراع الدائر بين التنظيمين الإرهابيين بمنطقة الساحل الأفريقي». وقال المرصد في تقرير أخير له: «بطبيعة الحال، مثل هذا الصراع القائم بين كلا التنظيمين يضعف ويستنفد قواهما، ويقلل من عمليات استقطاب عناصر جديدة لهما».
وقالت ليام كار، المحللة في مشروع التهديدات الحرجة، التابع لـ«معهد أميركان إنتربرايز»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «كلا الطرفين (وهما: تنظيم «داعش في الصحراء الكبرى»، وفرع «القاعدة» المعروف بـ«جماعة نصرة الإسلام والمسلمين») يحاولان إظهار أنهما منتصران في الصراع الدائر بينهما في منطقة الحدود الثلاثية بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو، من خلال حربهما الدعائية الجارية الآن».
وترى أن تنظيمي «داعش» و«القاعدة» قد أوليا اهتماماً إعلامياً كبيراً بأنشطة وآيديولوجية فروعهما الأفريقية في معركة دعائية كبرى طوال عام 2022، مضيفة: «ركز (داعش) عبر منصاته الإعلامية على فروعه الأفريقية في صيف عام 2022، ودعا إلى الهجرة إلى القارة كـ(قاعدة للجهاد)، بينما قامت (القاعدة) بدمج ظهيرها النيجيري وهي جماعة (أنصارو) في أجهزتها الإعلامية، واستخدمت (أنصارو) هذه المنصات لشرح موقفها الآيديولوجي والتناقض مع (داعش)».
وأكدت كار: «نشأ القتال بين الطرفين قبل هذه المعركة الدعائية؛ لكن كلا الجانبين استغل الاشتباكات كفرصة أخرى لمطالبة أتباعه بالسيطرة على أتباع الطرف الآخر». ورصدت كار أن التنظيمين «مرا بفترات مختلفة من الصراع منذ عام 2019، والجولة الحالية من الاشتباكات مستمرة منذ أغسطس (آب) الماضي». ورأت أن «فرع (داعش) ازداد قوة وتوسع نفوذه عبر الحدود بين النيجر ومالي، مع انخفاض القوات الفرنسية، ثم بعد وقف العمليات في مالي في عام 2022»، مضيفة: «هدد هذا التوسع لـ(داعش) بالعبور إلى المناطق التي تسيطر عليها جماعة (نصرة الإسلام والمسلمين) ما دفع الجماعة التابعة لـ(القاعدة) إلى الشراكة مع مجموعات من الميليشيات المحلية التي تقاتل (داعش)، وهاجم فرع (داعش) في نهاية المطاف قرية تدافع عنها جماعة (نصرة الإسلام والمسلمين) في أغسطس الماضي، ما أدى إلى اندلاع قتال واسع النطاق بين المجموعتين عبر منطقة الحدود الثلاثية، واستخدم الطرفان أجهزتهما الإعلامية لتوثيق هذه المعارك، وتصوير نفسيهما على أنهما منتصران».
ورأت كار أن «فرع (القاعدة)، جماعة (نصرة الإسلام والمسلمين) ربما هو الأقوى في النقطة الحالية من الصراع؛ حيث انتصر عناصر (القاعدة) على الفرع التابع لـ(داعش) في آخر معركة كبرى تمت بينهما في 7 ديسمبر الجاري». وهنا تشير بعض التقارير إلى أن فرع «داعش» خسر كثيراً من القادة المهمين في المعارك وفي الغارات الأخيرة التي شنتها القوات النيجيرية المدعومة من فرنسا.
المواجهات بين «التنظيمات الإرهابية» بالساحل الأفريقي... نفوذ أم دعاية؟
بعد إعلان «داعش» قتله مائة عنصر من «القاعدة»
المواجهات بين «التنظيمات الإرهابية» بالساحل الأفريقي... نفوذ أم دعاية؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة