عبد ربه يطالب بالاعتراف صراحة بانهيار أوسلو وفشل المراهانات السياسية على التفاوض

شرح موقفه من إعفائه من منصبه واستغرب زج اسم الإمارات في «مؤامرة موهومة»

ياسر عبد ربه
ياسر عبد ربه
TT

عبد ربه يطالب بالاعتراف صراحة بانهيار أوسلو وفشل المراهانات السياسية على التفاوض

ياسر عبد ربه
ياسر عبد ربه

دعا ياسر عبد ربه عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أمس، إلى الاعتراف بانهيار اتفاقات أوسلو التي وقعتها المنظمة مع إسرائيل عام 1993. وقال في أول مؤتمر صحافي يعقده في رام الله بعد إعفائه من أمانة سر منظمة التحرير الفلسطينية: «ينبغي لنا من باب المراجعة التي تفتح آفاق تطوير كفاحنا في المستقبل، أن نعترف صراحة، بأن خطتنا السياسية منذ أوسلو حتى الآن قد فشلت فشلا ذريعا وتاما».
وأضاف عبد ربه: «ولا يضيرنا أبدا الاعتراف بهذا من دون مكابرة، لأن رهاننا على حل يؤدي إلى إنهاء الاحتلال عن أرض وطننا، عبر المفاوضات كسبيل أوحد (..) انهار كليا».
وتوقفت المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية المباشرة منذ أكثر من عام، بعد رفض إسرائيل تنفيذ المرحلة الرابعة من اتفاق رعته الولايات المتحدة الأميركية للإفراج عن عدد من المعتقلين الفلسطينيين.
وطالب عبد ربه بعقد الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير، لمعالجة كل المهام الجوهرية، بما فيها تشكيل حكومة وحدة وطنية شاملة، وإجراء انتخابات عامة، أو التوافق على تشكيل مجلس تأسيسي لدولة فلسطين يقوم بدوره الكامل كبرلمان.
ويضم الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، الذي اتفق على تشكيله قبل سنوات، من دون أن يتم ذلك حتى الآن، حركتي حماس والجهاد الإسلامي، إضافة إلى الفصائل المنضوية، حاليا، تحت لواء المنظمة.
وتطرق عبد ربه إلى قرار إعفائه من منصبه كأمين سر للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، قبل أسابيع، بقرار من الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، الذي عين صائب عريقات في المنصب، فقال، وفقا لـ«رويترز»، بأن اعتراضه كان «على الكيفية التي تم بواسطتها تناول موضوع إعفائي من مسؤوليتي عن أمانة السر، وعلى الأسلوب الذي استخدم من دون حضوري ومشاركتي، وبلا قرار أو تصويت داخل اللجنة التنفيذية».
وأضاف عبد ربه: «أرجو ألا يصبح هذا الأسلوب سابقة لتشويه تاريخ كل واحد منا في حياته، أو بعد رحيله عن هذه الدنيا».
ورفض «أبو بشار» كما يخاطبونه عادة، ما وصفه بأنه «الإصرار على الترويج لأسطورة مبتذلة عنوانها وجود مؤامرة على رأس النظام السياسي والسلطة».
وأضاف: «والأغرب أن يتم زج اسم دولة الإمارات بمواقفها المساندة لشعبنا قوميا وتنمويا وإنسانيا، وكأنها طرف في هذه المؤامرة الموهومة. ولا أعتقد أن هنالك أي مصلحة وطنية في مثل هذا التخريب لما تبقى لنا من علاقات قومية».
وكانت تقارير إعلامية تحدثت عن وجود مبادرة ضد عباس يشارك فيها إضافة إلى عبد ربه، كل من محمد دحلان القيادي المفصول من حركة فتح، وسلام فياض رئيس الوزراء الفلسطيني السابق.
وتعهد عبد ربه بمتابعة العمل في اللجنة التنفيذية، وقال: «أود أن أخلص للقول بطي هذه الصفحة من جانبي (..) وسأتابع العمل في موقعي داخل اللجنة التنفيذية، رافضا الانجرار إلى طريق مهين لنا جميعا أمام شعبنا بأسره والرأي العام الخارجي، ويسيء لنا كلنا ويحط من قدر المؤسسة الرسمية الفلسطينية».
وقدم عبد ربه خلال مؤتمره الصحافي رؤيته لتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية. وقال إنه «لا يمكن استعادة مكانة منظمة التحرير كعنوان وحيد لشعبنا، وكقيادة فعلية لكفاحه، من دون مشاركة واسعة تشمل الجميع، بمن فيهم حركتا حماس والجهاد، وتأسيس مركز قيادي موحد لعموم الشعب يحظى بتأييده والتفافه ويستجيب لتطلعاته الوطنية».
وأضاف: «وهنا يجب التخلي عن أوهام الماضي وعدم الاكتفاء بأن نستند إلى التاريخ المجيد لمنظمة التحرير، فهذا لن يحافظ على مكانة المنظمة ولن يشكل مدخلا لحل أزمة الصراع والتفتت في حركتنا الوطنية».
وحذر عبد ربه من إجراء تغييرات على الحكومة الفلسطينية الحالية التي كانت نتاج توافق بين حركتي حماس وفتح. وقال: «أنا أخشى من أن البحث اليوم في ترميم أو توسيع محدود أو غير محدود للحكومة الحالية، هو رسالة بالقضاء على آخر خيط تبقى للوحدة مع قطاع غزة وحركة حماس (..) لأنه سيكون هناك ردات فعل، وسيكون رفض لهذا، وربما نعود إلى حكومتين ولا نعرف ما سيحصل بعد ذلك».
وكانت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وافقت على إجراء رئيس الحكومة رامي الحمد الله تعديلا طفيفا على حكومته بعد رفض حماس المشاركة في حكومة وحدة وطنية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم