تسابقت أمس التهديدات بالتصعيد في الشارع ضد الحكومة اللبنانية، بالتزامن مع جلستها المزمع عقدها بعد عيد الفطر، مع الدعوات لتفعيل الحوار بين «التيار الوطني الحر» الذي يرأسه النائب ميشال عون، ورئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام، بعد الأزمة الحكومية الأسبوع الماضي التي رافقتها احتجاجات شعبية من أنصار عون، أفضت إلى تصادم مع الجيش اللبناني والقوى الأمنية.
وتصاعدت الدعوات للحوار أمس، على لسان معظم الأطراف السياسية، نظرا لأنه «الحل الوحيد» في ظل الأزمة الحكومية المستمرة، بموازاة إعلان جميع الأطراف تمسكها بالحكومة التي تعد أبرز المؤسسات الرسمية العاملة والتي تجمع جميع الأطراف، بعد الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية الممتد منذ 14 شهرا، والعراقيل السياسية التي تحول دون عمل مجلس النواب.
ودعا رئيس الحكومة تمام سلام الأفرقاء اللبنانيين إلى «وضع الخلافات السياسية خارج مجلس الوزراء»، قائلا: «دعوا مجلس الوزراء يعمل. كفى صراعات قائمة في البلد. نحن ندعو إلى الحوار، والحوار قائم بين قوى سياسية عديدة، ونأمل أن ينجح هذا الحوار وأن تنجح النفوس الطيبة حتى نبني وطنا، عسى أن نمرر هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد، وأن نمرر الاستحقاقات الصعبة والظروف العصيبة». وأكد سلام: «إنني سأستمر في تحمل مسؤولياتي بالنيابة عن كل الوطن في هذا المركز الحساس، ومستمر في هذه المهمة الصعبة لأنني قررت ألا أسمح بالتعطيل وبالتراجع، علينا مسؤوليات سنستمر في تحملها وسنستمر في خدمة أهلنا وشعبنا».
وبدا أن تفعيل الحوار سلك مساره بين مختلف الأطراف، إذ أعلن وزير التربية اللبناني إلياس بوصعب، المحسوب على النائب عون، أن هناك «محاولات لكسر الجمود في الوضع القائم»، مؤكدا، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحوار هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة».
وشدد على أنه «ليست هناك أي وسيلة أخرى متوافرة غير الحوار للدخول إلى جلسة مجلس الوزراء ويكون فيها الجو طبيعيا بين مختلف الأطراف»، مؤكدا أن الدخول إلى الجلسات من غير حوار «سيكون غير منتج، وهو ما نعمل على تجنبه».
وأشار بوصعب إلى أن الحوار الذي يُفعّل بين الأطراف السياسية اللبنانية «سيتناول عدة موضوعات، أهمها توضيح تام لآلية عمل مجلس الوزراء، وتصحيح تغيّر تلك الآلية من غير تفاهم عليها»، في إشارة إلى اتفاق بين الوزراء على آلية عمل الحكومة في ظل الشغور في موقع رئاسة الجمهورية وتولي الحكومة مجتمعة صلاحيات الرئيس في غيابه.
وأشار إلى أن إرجاء سلام الجلسة الحكومية لمدة أسبوعين يتيح البحث مجددا في آلية عمل الحكومة.
وتصدرت آلية الاتفاق على الملفات في الحكومة أبرز الخلافات المعلنة بين أركانها، فيما يقول وزراء محسوبون على قوى «14 آذار» إن الخلافات تكمن في التعيينات العسكرية التي يدفع من خلالها عون لتوصيل العميد شامل روكز إلى منصب قيادة الجيش، بعد نهاية مدة عمل قائد الجيش الحالي جان قهوجي.
وكان بوصعب أعلن في حفل تخريج طلاب في جبل لبنان أن «النضال الذي نخوضه في مجلس الوزراء هو من أجل استقامة عمل المؤسسات الدستورية»، لافتا إلى أن «عدم إقرار التعيينات العسكرية هو تعدٍ على الدستور والقوانين، وما نقوم به اليوم ليس باسم التيار الوطني الحر ولا تكتل التغيير والإصلاح فقط، بل باسم كل شخص يعتبر حقوقه مأخوذة». وتواصلت الانتقادات لخيار عون اللجوء إلى الشارع، اعتراضا على الخلافات السياسية في الحكومة اللبنانية.
ورأى وزير الداخلية نهاد المشنوق «اننا اليوم في ظروف تحترق فيها كل المنطقة، والرئيس سعد الحريري تحمل مسؤولية قرارات غير شعبية منذ اللحظة التي تم فيها تشكيل هذه الحكومة، وما من أحد منا دخل إلى هذه الحكومة إلا عن سابق معرفة. إننا سندخل إلى مهمة شاقة وغير شعبية، لكن خيارنا كان الدولة وكنا متأكدين، وسط هذه الحرائق، أن الحق في سوريا سينتصر والدولة في لبنان ستنتصر».
وأضاف المشنوق في حفل إفطار: «تفاديا لمضيعة الوقت، لا يعتقدن أحد أن الصوت العالي والشجار والسجال سيؤدي إلى نتيجة، وما تسمعونه يقف عند حده مهما علا هذا الصوت وأيا كان، لأنه لو كان الصوت العالي يحقق شيئا ما لكان آخرون اعتمدوا على رفع الصوت»، مشيرا إلى «اننا نعرف مدى تأثير السلاح الشرعي على حياتنا كل يوم، ولكن خياراتنا كانت أن نواجه من داخل الدولة وليس في الشارع، ومن يريد أن يدفع إلى لعبة الشارع فهو بذلك ينفذ لعبة غيره وليس لعبته».
وتوازي الدعوات للحوار تحذيرات من اللجوء إلى الشارع مرة أخرى في حال فشل الاتفاق على البنود الخلافية قبل جلسة الحكومة المقبلة بعد عيد الفطر، إذ أعلن عضو كتلة عون النائب سليم سلهب أن «ما حصل أمام السرايا الحكومية تزامنا مع جلسة مجلس الوزراء هو بداية وليس النهاية»، كاشفا أن «التيار الوطني الحر لديه خطة تصعيدية في الشارع ستحددها ردود الفعل السياسية في الأسبوعين المقبلين». ولفت سلهب إلى أن «التصويب على سلام يأتي لتوصيل رسالة إلى الرئيس سعد الحريري على خلفية العلاقة المتوترة في الفترة الأخيرة مع تيار المستقبل».
وكان حزب الله دعا حليفه الأبرز عون إلى حوار مع «تيار المستقبل» الذي يترأسه رئيس الحكومة الأسبق ورئيس التيار سعد الحريري.
وزير التربية اللبناني: الدخول إلى الجلسات من غير حوار «سيكون غير منتج»
خيار الحوار يسابق الدعوة للتصعيد بوجه الحكومة اللبنانية
الاثنين - 26 شهر رمضان 1436 هـ - 13 يوليو 2015 مـ


بيروت: نذير رضا