اقتصاديون: الجزائر ستكون أكبر مستفيد من التكامل الاقتصادي المغاربـي

منتدى مراكش يدعو إلى ضمان حرية تنقل الأشخاص والبضائع ورؤوس الأموال بين البلدان المغاربية

جانب من فعاليات المنتدى الثالث للمقاولين المغاربيين الذي اختتم أشغاله يوم أمس بمراكش (تصوير: عبد الرحمن المختاري)
جانب من فعاليات المنتدى الثالث للمقاولين المغاربيين الذي اختتم أشغاله يوم أمس بمراكش (تصوير: عبد الرحمن المختاري)
TT

اقتصاديون: الجزائر ستكون أكبر مستفيد من التكامل الاقتصادي المغاربـي

جانب من فعاليات المنتدى الثالث للمقاولين المغاربيين الذي اختتم أشغاله يوم أمس بمراكش (تصوير: عبد الرحمن المختاري)
جانب من فعاليات المنتدى الثالث للمقاولين المغاربيين الذي اختتم أشغاله يوم أمس بمراكش (تصوير: عبد الرحمن المختاري)

دعا المشاركون في المنتدى الثالث للمقاولين المغاربيين إلى «الإسراع في تفعيل فضاء اقتصادي مغاربي مندمج للتمكن من رفع التحديات الحالية ومواجهة التجمعات الاقتصادية الإقليمية والجهوية»، كما شددوا، في ختام أشغالهم، يوم أمس بمراكش، على «ضرورة الربط بين أسواق دول الاتحاد وخلق المناخ القانوني المناسب عبر ضمان حرية تنقل الأشخاص والبضائع والخدمات ورؤوس الأموال».
ونادى المشاركون بـ«ضمان حرية الاستثمار والتملك عملا بمبدأ المساواة بين المتعاملين الاقتصاديين في كافة الدول المغاربية»، و«تحرير المبادلات التجارية عبر الإسراع في مرحلة أولى، بالتوقيع على مشروع اتفاقية التبادل الحر بين الدول المغاربية»، و«تعزيز البنية التحتية بدول الاتحاد والإسراع في استكمال البرامج المغاربية ذات الصلة وتكثيف الربط المباشر السككي والطرقي والبحري مع ضمان العبور بين دول الاتحاد».
كما أكد المشاركون في المنتدى، الذي رفع شعار «الإدماج الاقتصادي.. عقد من أجل ازدهار مشترك»، على ضرورة «متابعة مسار إزالة الحواجز والصعوبات التي تعوق العمليات التجارية البينية ودعم التعاون النقدي والمالي والعمل على تنسيق السياسات المالية والنقدية»، و«اتخاذ الإجراءات الخاصة بتسهيل تبادل المنتجات الفلاحية المصنعة ومنتجات الصيد البحري»، و«العمل على اتخاذ التدابير والإجراءات المتعلقة بالاندماج المغاربي في مجال التأمين وإعادة التأمين»، و«الإسراع في وضع سياسة واستراتيجية مغاربية لترشيد استعمال الطاقة واستخدام الطاقات المتجددة».
وأبرز المشاركون أهمية «الاعتراف المتبادل بشهادات المطابقة بين دول الاتحاد»، و«تنسيق التعاون المغاربي في مجال المواصفات وتوحيد السياسات في هذا المجال»، و«الإسراع في الإجراءات الأخيرة التأسيسية للمصرف المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية الذي من المزمع أن تنعقد جمعيته التأسيسية قبل متم 2014؛ لكي يساهم في تمويل المشاريع الاندماجية في مجال التجارة والاستثمار ودعم التنمية وإحداث مواطن شغل في كامل الفضاء المغاربي»، وكذا «تحيين الاتفاقية الخاصة بتفادي الازدواج الضريبي وإرساء قواعد التعاون المتبادل في ميدان الضرائب على الدخل تتلاءم مع الأوضاع الاقتصادية الجديدة»، وتوفير «الخدمات المشتركة وتحسين القدرات التمويلية والمصرفية وتوفير المعلومات وآليات التحويل لدول الاتحاد».
كما دعا المشاركون إلى «إنشاء سوق موحدة للطاقة في البلدان المغاربية»، و«التوظيف المشترك للكفاءات المغاربية داخل أقطاب تكنولوجية متخصصة في مختلف فروع الطاقة لتقليص التبعية الطاقية»، وأكدوا على «ضرورة تعزيز التعاون والتنسيق والتشاور مع الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي، والعمل على إشراك الاتحاد المغاربي لأصحاب الأعمال في اجتماعات اللجان والمجالس الوزارية المغاربية».
وشدد المشاركون على أن الوضع الملح للحالة الاقتصادية والسياسية الراهنة يشدد على أن أي تعاون متقدم بين دول المغرب العربي يعد أكثر من ضروري ومرغوب، وشددوا على أن الأزمة السياسية لا ينبغي أن تكون سببا للاستسلام، في ظل أن مجال الأعمال المغاربي يبقى أساسا للتعاون، كما أنه يتمتع بالإمكانات اللازمة للمضي قدما، في ظل التحولات المتعددة التي تعيد تشكيل المنطقة.
وقال بوعلام مراكش، رئيس الكونفدرالية الجزائرية لأرباب العمل، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن التوصيات التي تمخض عنها المنتدى «جيدة جدا»، مشيرا إلى أن «تأخر انعقاد المنتدى منح الاقتصاديين فرصة إعداد التربة اللازمة والملائمة لإنجاح لقاء مراكش»، مشددا على أن «العوائق السياسة يجب أن لا تكون حائلا وحاجزا أمام رجال الأعمال المغاربيين».
وانعقد منتدى المقاولين المغاربيين، في دورته الأولى، بتونس في 2009، وفي دورته الثانية بالجزائر في 2010.
من جهته، أعرب نزار بركة، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المغربي، عن ارتياحه لتوصيات المنتدى، خاصة فيما يتعلق بـدعوته إلى «ضرورة تجاوز الإشكالات المطروحة في المجال التجاري، وأن تكون هناك التقائية في التشريعات، وفتح للحدود، وإعطاء فرص للتقارب الجمركي».
وأظهرت جلسة تقديم نتائج الورش، المبرمجة في إطار أشغال المنتدى، أن أرقام الاقتصاديين تبقى الأنجع والأقدر على ضبط الأمور مقارنة بتحليلات ومبررات عدد من السياسيين، إذ أبرزت، مثلا، أن المستفيد الأكبر من أي تكامل واندماج مغاربي يبقى الجزائر بـ7 مليارات دولار، ثم تونس والمغرب بملياري دولار. وعن قراءته للأرقام المنتظرة، في حال تحقيق التكامل والاندماج الاقتصادي بين الدول المغاربية، قال نزار بركة: «لقد أظهرت الدراسات بوضوح أن الجزائر هي التي ستستفيد أكثر من الاندماج الاقتصادي المغاربي، حيث إن الاقتصاد الجزائري مركز أكثر على الطاقة، وبالتالي فكل اندماج اقتصادي سيمكن الجزائر من تنويع اقتصادها والاستفادة من فرص الانفتاح والتكامل الاقتصادي».
وتوزع المنتدى، الذي تواصل على مدى يومين، بحضور نحو 600 مشارك من نساء ورجال الأعمال من كل دول المغرب العربي ومن دول أفريقيا الغربية جنوب الصحراء، وممثلين عن القطاع العام والمنظمات والمؤسسات المغاربية والجهورية والدولية، ورشات ناقشت كلفة المغرب العربي، وكيفية ومؤشرات إنجاح الاندماج، وواقع الاستثمار في بلد مغاربي غير البلد الأصلي، ومشروع المبادرة المغاربية للتجارة والاستثمار، وكيفية استكمال التقارب الجمركي والتنظيمي، والاندماج اللوجيستي والترابط الضروري من أجل إنجاح التجارة البينية، وسوق الشغل والحوار الاجتماعي على المستوى المغاربي، وبناء المغرب العربي الطاقي، وقطاع الخدمات كرافعة للاندماج المغاربي.
وجرى الإعلان رسميا، في جلسة اختتام المنتدى عن «المبادرة المغاربية للتجارة والاستثمار» التي يعول عليها، أن تشكل خارطة طريق من أجل تكثيف التبادل التجاري ورفع مستوى الاستثمار بين البلدان المغاربية الخمسة، وأن تؤثر في القرارات المستقبلية لعدد من الجهات الفاعلة، تشمل الحكومات، بتقديم حافز سياسي ذي مصداقية لمناخ التقارب الإقليمي وتوفير الظروف اللازمة للنمو والعمالة، وعلى القطاع الخاص، عبر إشراك مجتمع الأعمال المغاربي لتحقيق الازدهار المشترك، وعلى الشركاء الدوليين (الاتحاد الأوروبي، البنك الدولي، بنك التنمية الأفريقي)، بالمساهمة في الإعداد التنظيمي والرؤية الدولية للمبادرة.
وقال حبيب بن يحيى، الأمين العام لاتحاد المغرب العربي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، في تعليقه على نتائج أشغال المنتدى، وما تمخض عنها من توصيات، فضلا عن «المبادرة المغاربية للتجارة والاستثمار»: «نتوقع كل الخير»، قبل أن يمضي، قائلا: «هناك نضج في التفكير وضبط للتحديات ووضوح في البرنامج والرؤية بين أعضاء منتدى المقاولين المغاربيين، الذي نعول أن تكون خطواتهم أسرع في سبيل رفع الشراكة المغاربية المغاربية، حتى يكون لها وقع على التجارة البينية وعلى التعاون والأمن والاستقرار، أما السياسة فستأتي، عندها، كنتيجة وليس كبداية».
يشار إلى أن المبادلات التجارية بين دول المنطقة المغاربية لا تتجاوز ثلاثة في المائة من إجمالي المبادلات التجارية مع الخارج، فيما يتضاعف حجمها على مستوى تجمعات أخرى، حيث يبلغ 60 في المائة بين دول الاتحاد الأوروبي، و56 في المائة بين دول أميركا الشمالية، و23 في المائة بين دول جنوب وشرق آسيا، و19 في المائة بين دول تجمع الساحل والصحراء.



تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
TT

تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)

أيد أربعة من صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي يوم الجمعة المزيد من خفض أسعار الفائدة؛ شريطة أن يستقر التضخم عند هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة كما هو متوقع.

وخفض البنك المركزي لمنطقة اليورو أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام يوم الخميس، وأبقى الباب مفتوحا لمزيد من التيسير، على الرغم من أن بعض المحللين شعروا أن إشارة رئيسة البنك كريستين لاغارد في هذا الاتجاه كانت أقل وضوحا مما كانوا يأملون.

وبدا أن محافظ البنك المركزي الفرنسي فرنسوا فيليروي دي غالو، وزميله الإسباني خوسيه لويس إسكريفا، والنمساوي روبرت هولزمان، وغاستون راينش من لوكسمبورغ، قد أكدوا الرسالة يوم الجمعة.

وقال فيليروي دي غالو لإذاعة الأعمال الفرنسية: «سيكون هناك المزيد من تخفيضات الأسعار العام المقبل». وفي حديثه على التلفزيون الإسباني، أضاف إسكريفا أنه من «المنطقي» أن «يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماعات مستقبلية» إذا استمر التضخم في التقارب مع الهدف. وكان 2.3 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).

وخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الذي يدفعه على احتياطيات البنوك بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.0 في المائة يوم الخميس، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى بقيمة 100 نقطة أساس على الأقل بحلول يونيو (حزيران) المقبل.

ورفضت لاغارد التكهن بالمسار المستقبلي للأسعار، مشيرة إلى المخاطر التي تتراوح من التعريفات الجمركية الأميركية المحتملة إلى عدم اليقين السياسي في الداخل، حيث إن فرنسا حالياً دون حكومة، بينما تواجه ألمانيا تحديات انتخابات جديدة، فضلاً عن التضخم المحلي المرتفع.

وألقى فيليروي دي غالو، الوسطي الذي أصبح مؤيداً بشكل متزايد للسياسة التيسيرية في الأشهر الأخيرة، بثقله وراء توقعات السوق. وقال: «ألاحظ أننا مرتاحون بشكل جماعي إلى حد ما لتوقعات أسعار الفائدة في الأسواق المالية للعام المقبل».

وحتى محافظ البنك المركزي النمساوي روبرت هولزمان، وهو من الصقور وكان المعارض الوحيد للتيسير، أيد عودة أسعار الفائدة إلى مستوى محايد، لا يحفز الاقتصاد ولا يكبح جماحه، عند حوالي 2 في المائة. وقال للصحافيين: «ستتجه أسعار الفائدة في هذا الاتجاه. وإذا تحققت تقييمات السوق كما هي في الوقت الحالي، فسوف تتطابق مع توقعاتنا. وإذا تطابقت توقعاتنا، فربما يتعين علينا تعديل أسعار الفائدة لدينا لتكون متسقة».

وقال راينيش من لوكسمبورغ، والذي نادراً ما يناقش السياسة في العلن، لوسائل الإعلام المحلية أنه «لن يكون من غير المعقول» أن «ينخفض ​​سعر الودائع إلى 2.5 في المائة بحلول أوائل الربيع»، وهو ما يعني على الأرجح خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) المقبلين.

بينما قلل إسكريفا من احتمال خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، وهو الخيار الذي طرحه بعض زملائه وتبناه البنوك المركزية في سويسرا والولايات المتحدة. وقال محافظ البنك المركزي الإسباني المعين حديثا: «في المناقشات التي أجريناها (الخميس)، كانت الفكرة السائدة هي أنه يتعين علينا الاستمرار في إجراء تحركات هبوطية بمقدار 25 نقطة أساس، وهو الشكل الذي سيسمح لنا بمواصلة تقييم التأثيرات من حيث انكماش التضخم».

في غضون ذلك، ظل الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو دون تغيير في أكتوبر (تشرين الأول) مقارنة بالشهر السابق، متجاوزا التوقعات بانخفاض طفيف، لكن البيانات تشير إلى عدم وجود تعافي في الأفق لقطاع غارق في الركود منذ ما يقرب من عامين. وجاء الرقم الذي لم يتغير، والذي أصدره «يوروستات»، أعلى قليلا من توقعات الاقتصاديين بانخفاض بنسبة 0.1 في المائة، ويأتي بعد انخفاض بنسبة 1.5 في المائة في سبتمبر (أيلول).

وأعلنت ألمانيا وفرنسا وهولندا عن قراءات سلبية خلال الشهر، بينما ظل الإنتاج الإيطالي راكدا، تاركا إسبانيا الدولة الوحيدة من بين أكبر دول منطقة اليورو التي سجلت قراءة إيجابية.

وعانت الصناعة الأوروبية لسنوات من ارتفاع حاد في تكاليف الطاقة، وتراجع الطلب من الصين، وارتفاع تكاليف التمويل للاستثمار، والإنفاق الاستهلاكي الحذر في الداخل. وكان هذا الضعف أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس وخفض توقعاته للنمو، بحجة وجود حالة من عدم اليقين في الوفرة.

وبالمقارنة بالعام السابق، انخفض الناتج الصناعي في منطقة اليورو بنسبة 1.2 في المائة، مقابل التوقعات بانخفاض بنسبة 1.9 في المائة. ومقارنة بالشهر السابق، انخفض إنتاج الطاقة والسلع المعمرة والسلع الاستهلاكية، وارتفع إنتاج السلع الرأسمالية فقط.