ظل جندي المظلات الروسي السابق، بافيل فيلاتيف، يخوض الحرب في أوكرانيا لمدة شهرين، حيث كان يقاتل عدواً حازماً. ثم بدأ يساوره شعور باليأس من مهمة ليس لها معنى، بالإضافة إلى عدم كفاءة قادته.
وبعد أن عاد إلى وطنه في الصيف الماضي، أعرب فيلاتيف (34 عاماً) عن إحباطه بشأن «الحالة المخزية» للجيش الروسي، في كتاب مثير يحمل اسم «زوف» باللغة الروسية، ومعناه «استدعاء»، روى من خلاله الأحداث التي وقعت في الخطوط الأمامية.
وتم مؤخراً طرح الكتاب باللغة الألمانية، وهو الذي يضم 141 صفحة، والغني بروايات مختلفة حول الحياة اليومية في وقت الحرب، وحول الجيش الذي يستشري بين أفراده الفساد والمحسوبية، كما أنه متوفر أيضاً باللغة الإنجليزية تحت اسم «زوف: جندي روسي عالق بسبب حرب بوتين غير العادلة في أوكرانيا».
ويشار إلى أن الكلمة الأولى من اسم الكتاب، الذي نُشر في البداية باللغة الروسية على الإنترنت، تمت كتابتها أيضاً باللغة اللاتينية لتسليط الضوء على الحرفين «زد» و«في»، وهما رمزان تكتيكيان مرسومان على المركبات العسكرية الروسية التي تدفقت على أوكرانيا في 24 من فبراير (شباط) الماضي.
وسرعان ما أثارت المذكرات ضجة دولية، بينما يواجه فيلاتيف، الذي يبقي على مكان وجوده سراً في فرنسا بعد حصوله على لجوء سياسي، عقوبة السجن لمدة تصل إلى 15 عاماً في روسيا بتهمة التشهير بالقوات المسلحة. ومع ذلك، يأمل فيلاتيف في أن تساعد كتاباته في توعية أبناء وطنه «بشأن حماقة الحرب»، بل وتحضهم على الانتفاض ضدها.
ويشار إلى أن النسخة الصوتية الروسية للكتاب، والمتاحة حالياً على موقع «يوتيوب»، حصدت وحدها أكثر من 600 ألف زيارة حتى الأمس القريب.
وعندما تم إرسال وحدته، «فوج الهجوم الجوي للحرس رقم 56»، إلى جنوب أوكرانيا من شبه جزيرة القرم، كان فيلاتيف يعتقد، بسذاجة، أن هناك سبباً للغزو. ثم سرعان ما أدرك أنه لا أحد ينتظر «التحرير» الذي أعلن عنه الكرملين.
ويقول فيلاتيف: «إن ادعاء القيادة الروسية بأنها كانت ترغب في استباق هجوم أوكراني وشيك، هو غير صحيح»، مستنكراً وصف الحرب بأنها، «عملية عسكرية خاصة ضد النازيين في الدولة» المجاورة. ويؤكد: «أن انتقاداته لا تستهدف الجنود العاديين الذين تم تضليلهم بسبب نقص المعلومات، ولكنها موجهة للقيادة في الكرملين».
وقال فيلاتيف بشأن بوتين، الضابط السابق في جهاز الاستخبارات السوفياتية (كيه جي بي)، في مكالمة فيديو من مقهى بباريس: «لم يشارك في الخدمة قط، ولم يخض حرباً أبداً ولم يعرف ما هو الجيش».
وبينما يُصدم العالم من كل اكتشاف للأهوال التي يتعرض لها المدنيون في مناطق بوتشا وإيزيوم وخيرسون التي تم احتلالها في السابق، وما وراءها، يقول جندي المظلات السابق، إنه لا يستطيع بشكل شخصي، «أن يؤكد ارتكاب أي فظائع من جانب الجيش خلال فترة وجوده في أوكرانيا».
ويكتب: «لا يمكنني بالطبع أن أقدم شهادة عن الجيش كله، ولكن لم يتعرض أحد للتعذيب أمام عيني، فما بالك بالاغتصاب». ولكنه ليس لديه شك في أن، هناك «مخادعين» يرتكبون جرائم حرب، مثلما يحدث في الحروب. وفي الوقت نفسه، يقر بأن هناك مدنيين أوكرانيين يتم قتلهم، و«أن هناك مدناً بأكملها تم تدميرها بشكل طائش وبلا معنى».
ويصف فيلاتيف، وهو مربي خيول سابق بالإضافة إلى أنه كان جندياً، كيف «يواجه الجيش فشلاً بسبب الافتقار إلى القيادة والحافز، وعدم القدرة المطلقة على تزويد القوات بالضروريات، مثل الطعام».
فيما تشير المعدات والمركبات المتهالكة التي تتعطل باستمرار، إلى نتيجة قاتمة في أوكرانيا للقوات الروسية التي عفا عليها الزمن تقنياً بصورة ميؤوس منها، والمصابة بالتعفن الأخلاقي، مضيفاً أن «جيشاً مثل هذا لا يحتاج إلى عدو، فإننا سوف ندمر أنفسنا جميعاً بأنفسنا».
كما يرسم فيلاتيف، غير المتزوج والذي ليس لديه أي أطفال، مستقبلاً مؤلماً للدولة التي تغرق في «الأكاذيب والفساد والقيم الزائفة... فالضمور يصيب كل شيء، من الدفاع إلى الرعاية الصحية إلى النظام القانوني، بينما ليست هناك قيمة للفرد تماماً».
روسي عائد من الحرب: لا نحتاج عدواً... سندمر أنفسنا بأنفسنا
روى في مذكراته أحداث الخطوط الأمامية... وموسكو عاقبته بالسجن غيابياً
روسي عائد من الحرب: لا نحتاج عدواً... سندمر أنفسنا بأنفسنا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة