ميسي «الجديد» على بعد فوز من الجلوس عن يمين مارادونا

لوحة جدارية تظهر ليونيل ميسي الى جانب الأسطورة دييغو مارادونا في الأرجنتين (أ.ف.ب)
لوحة جدارية تظهر ليونيل ميسي الى جانب الأسطورة دييغو مارادونا في الأرجنتين (أ.ف.ب)
TT

ميسي «الجديد» على بعد فوز من الجلوس عن يمين مارادونا

لوحة جدارية تظهر ليونيل ميسي الى جانب الأسطورة دييغو مارادونا في الأرجنتين (أ.ف.ب)
لوحة جدارية تظهر ليونيل ميسي الى جانب الأسطورة دييغو مارادونا في الأرجنتين (أ.ف.ب)

باندفاع وحماس وحتى غضب غير مألوف أظهره في ربع النهائي ضد هولندا، حمل ليونيل ميسي منتخب الأرجنتين إلى نهائي مونديال قطر، وبات الآن على بعد فوز من الجلوس عن يمين الأسطورة دييغو مارادونا آخر من قاد بلاده إلى اللقب عام 1986، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
في مشاركة خامسة وأخيرة له في النهائيات، أظهر ميسي شخصية مختلفة عن أي من مشاركاته السابقة بألوان المنتخب الأرجنتيني ولعب بأهدافه الخمسة وتمريراته الحاسمة الثلاث الدور الرئيسي في منح فريق المدرب ليونيل سكالوني فرصة تاريخية الأحد على استاد لوسيل، في مواجهة منتخب فرنسي حالم بأن يصبح أول من يحتفظ باللقب منذ برازيل بيليه عام 1962.
وحتى أن مدرب فرنسا ديدييه ديشان أقر أن ميسي الجديد مختلف عما كان عليه حين تواجه المنتخبان عام 2018 في ثمن النهائي، عندما فاز «الديوك» 4 - 3 في طريقهم إلى لقبهم العالمي الثاني.
وقال ديشان عن ابن الـ35 عاماً «كثير من الأشياء تغيرت في ميسي مقارنة بالمباراة قبل أربعة أعوام. ميسي يتألق حقاً في هذه البطولة».
ورأى «أنه أحد أفضل اللاعبين في العالم وقد أظهر ذلك»، معتبراً أيضاً أن «هذا الفريق الأرجنتيني مختلف عن الذي لعبنا ضده قبل أربعة أعوام»، فيما أقر المهاجم الفرنسي أنطوان غريزمان أن «فريقاً يوجد فيه (ليو) يكون الأمر مختلفاً. نعرف كيف يلعبون، إنه فريق صعب للغاية، وفي حالة جيدة. هناك (ليو) لكن هناك أيضاً فريق خلفه».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1602769329614860290?s=20&t=M8kjpff0wgiNkvghPeN0sA
كأس وحيدة تنقصه ليصبح الأعظم، وربما أعظم من الأسطورة الراحل مارادونا. في قطر، حلم ميسي بتتويج عنقه بالغار وقيادة الأرجنتين للقبها الثالث بعد 1978 على أرضها و1986 في المكسيك الذي صبغه «الفتى الذهبي» بتحفته الكروية الشهيرة أمام إنجلترا.
بعد أيام قليلة من وفاة مارادونا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، سجل ميسي هدفاً مع برشلونة أمام أوساسونا في الدوري الإسباني ليخلع قميص الـ«بلاوغرانا» ويكشف عن آخر لفريق نيويلز أولد بويز تكريماً لمواطنه، حمل الرقم 10 مع اسم دييغو.
في هذا النادي في روساريو، مسقط رأسه، تلقن ميسي فنون كرة القدم. وفي طفولته، قبل انضمامه إلى برشلونة في سن 13 عاماً حيث بنى أسطورته الكروية، أعجب «البرغوث» الصغير بمارادونا العائد من أوروبا لإنهاء مسيرته في الأرجنتين بألوان فريقي نيويلز ثم بوكا جونيورز.
مذاك، فاز ميسي بكل شيء: سبع كرات ذهبية لأفضل لاعب في العالم، أربعة ألقاب في دوري أبطال أوروبا، جملة من الألقاب في الدوري الإسباني والفرنسي مع برشلونة ثم باريس سان جيرمان الفرنسي، كما أضاف إلى سجله لقب كوبا أميركا الصيف الماضي، في أول تتويج قاري لـ«راقصي التانغو» منذ عام 1993.
سجل ميسي مئات الأهداف وسحر عالم كرة القدم بمراوغاته وتمريراته وابتكاراته وسرعته. هو قائد المنتخب الأرجنتيني وأفضل هداف في تاريخه (96 هدفاً) والأكثر ارتداءً للقميص (171 مباراة دولية). غير أن ساحر الكرة صاحب الرقم 10 لم يفز بكأس العالم، حيث لامس المجد بأطراف أصابعه قبل تبخر الحلم بخسارته نهائي مونديال البرازيل 2014 أمام ألمانيا صفر - 1 بعد التمديد.
قال الأرجنتيني ليوناردو باليردي مدافع مرسيليا الفرنسي «رؤية المنتخب الوطني يفوز مع ميسي هو ما نأمله جميعاً كأرجنتينيين. سيكون الأمر رائعاً. في الأرجنتين، نعيش من أجل كرة القدم. رؤية ميسي يرفع الكأس ستكون أجمل شيء في العالم».
رأى خورخي سامباولي مدرب الأرجنتين السابق أن «كرة القدم تدين لميسي بكأس العالم»، وذلك قبل أشهر قليلة من الفشل الذي رافقه في مونديال روسيا 2018، حيث تعثر في ثمن النهائي أمام فرنسا بالذات.
بالنسبة لبعض المراقبين، فإن الفوز بكأس العالم ليس سوى مجرد تفصيل صغير، فميسي هو الأفضل إن فاز بكأس العالم أم لا. وبالنسبة للآخرين، سيكرس كأعظم لاعب في تاريخ الكرة المستديرة في حال توج بلقب المونديال، وبالنسبة للبعض، وخاصةً الأرجنتينيين أو جماهير نادي نابولي الإيطالي، فإن مارادونا في مجرة أخرى لا يمكن الوصول إليها.
رأى دانيال بيرتوني، بطل العالم مع الأرجنتين عام 1978 وزميل مارادونا في نابولي بين عامي 1984 و1986، في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية، «دييغو كان المعبود المطلق لأكثر من جيل وميسي هو الأفضل لجيل الشباب. أعتقد أنه لا يمكن أن يتفوق عليه إلا إذا توج بطلاً للعالم وفرض نفسه نجماً للمونديال وأفضل هداف، وسجل هدفاً على غرار هدف دييغو».

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

A post shared by Leo Messi (@leomessi)

فهل سيكون الفوز بكأس العالم الأحد عاملاً حاسماً لإنهاء الجدل بشأن من الأفضل بينهما؟ في رده على سؤال، أجاب خورخي بوروتشاغا صاحب هدف الفوز للأرجنتين بتمريرة من مارادونا أمام ألمانيا الغربية 3 - 2 في نهائي مونديال 1986 «لست مهتماً. فكلاهما أرجنتيني وهما الأفضل في السنوات الأربعين الماضية».
وفي مقابلة أجريت معه بعد تأهل الأرجنتين إلى النهائي على حساب كرواتيا (3 - صفر)، أجاب بوروتشاغا على ما إذا كانت خسارة الأحد ستغير مكانة ميسي في التاريخ، قائلاً «لا يجب طرح هذا السؤال. ميسي لن يكون أفضل أو أسوأ من مارادونا أو أي شخص آخر، سواء فاز أو خسر. سيدخل التاريخ بغض النظر عن النتيجة».
وتابع «أتمنى أن يفوز بكأس العالم، هي أمنية كافة الأرجنتينيين. لا سيما بالنسبة له، هذه فرصته الأخيرة كي يرد أيضاً على كل الانتقادات التي طالته رغم أنه لم يبخل بنقطة عرق... يبلغ 35 عاماً لكنه يلعب كما لو كان شاباً في العشرين من عمره».


مقالات ذات صلة

الأرجنتين أحدث المنضمين إلى «منظومة اليوان»

أميركا اللاتينية الأرجنتين أحدث المنضمين إلى «منظومة اليوان»

الأرجنتين أحدث المنضمين إلى «منظومة اليوان»

أعلن وزير الاقتصاد الأرجنتيني سيرجيو ماسا أن بلاده تعتزم تسديد ثمن وارداتها الصينية باليوان بدلاً من الدولار الأميركي، وذلك للحد من استنزاف احتياطياتها من العملات الصعبة. وقال ماسا خلال اجتماع في بوينس آيرس مع السفير الصيني زو شياولي، مساء الأربعاء، إن الأرجنتين ستبرمج «جزءا من وارداتها باليوان بما يعادل أكثر من مليار دولار الشهر المقبل». وأكد أن هذه الآلية «ستحل مكان» استخدام احتياطيات الأرجنتين المتناقصة من الدولار. واتهمت الحكومة الأرجنتينية الثلاثاء المعارضة اليمينية في البلاد بالتسبب في تقهقر قيمة البيزو مقابل الدولار، وأمرت بفتح تحقيق بذلك.

أميركا اللاتينية «بريطاني» يفاوض ميسي لضمه للهلال السعودي

«بريطاني» يفاوض ميسي لضمه للهلال السعودي

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن شخصية بريطانية تقوم حالياً بإجراء المفاوضات والمناقشات الجادة مع ليونيل ميسي، نجم باريس سان جيرمان الفرنسي ومنتخب الأرجنتين، لضمه لصفوف فريق الهلال السعودي اعتباراً من يونيو (حزيران) المقبل. ولا تزال المفاوضات، بحسب مصادر «الشرق الأوسط»، في مرحلتها الأولى، علماً بأن الصحافي الإيطالي فابريزو رومانو، المختص برصد أخبار انتقالات اللاعبين العالميين، كشف اليوم (الثلاثاء) عن تلقي ميسي عرضاً رسمياً ضخماً من نادي الهلال السعودي لموسمين. وكشف فابريزو أن ميسي، المتوج ببطولة كأس العالم الماضية في قطر، يمنح أولوية مطلقة للاستمرار في الملاعب الأوروبية، مشيراً في الوقت ذا

فهد العيسى (الرياض)
أميركا اللاتينية «صندوق النقد» لدفع 5.3 مليار دولار للأرجنتين

«صندوق النقد» لدفع 5.3 مليار دولار للأرجنتين

أعلن مجلس إدارة صندوق النقد الدولي، أنه أكمل المراجعة الرابعة لبرنامج المساعدات الحالي، وهو إجراء يتضمن دفع شريحة جديدة من المساعدات بقيمة 5.3 مليار دولار بشكل فوري إلى الأرجنتين. وبدفع هذه الشريحة الجديدة، سيبلغ مجموع ما تلقته بوينس آيرس 28.8 مليار دولار من إجمالي الأموال المخصصة بالفعل للأرجنتين منذ بدء برنامج المساعدة في مارس (آذار) 2022. يوفر هذا البرنامج الذي يمتد على ثلاثين شهراً مساعدة إجمالية قدرها 44 مليار دولار (أي 31.91 مليار وحدة من حقوق السحب الخاصة، وهي وحدة حساب استحدثها صندوق النقد الدولي على أساس سلة من العملات) للأرجنتين، وهو أكبر برنامج مساعدات ينفذه صندوق النقد الدولي حتى ا

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أميركا اللاتينية صندوق النقد الدولي يصادق على دفع 5.3 مليار دولار للأرجنتين

صندوق النقد الدولي يصادق على دفع 5.3 مليار دولار للأرجنتين

أعلن مجلس إدارة صندوق النقد الدولي أنه أكمل المراجعة الرابعة لبرنامج المساعدات الحالي، وهو إجراء يتضمن دفع شريحة جديدة من المساعدات بقيمة 5.3 مليار دولار بشكل فوري إلى الأرجنتين. وبدفع هذه الشريحة الجديدة، سيبلغ مجموع ما تلقته بوينوس آيرس 28.8 مليار دولار من الأموال المخصصة بالفعل للأرجنتين منذ بدء برنامج المساعدة في مارس (آذار) 2022. ويوفر هذا البرنامج الذي يمتد ثلاثين شهراً مساعدة إجمالية مقدارها 44 مليار دولار (أي 31.91 مليار وحدة من حقوق السحب الخاصة، وهي وحدة حساب استحدثها صندوق النقد الدولي على أساس سلة من العملات) للأرجنتين، وهو أكبر برنامج مساعدات ينفذه صندوق النقد الدولي حتى الآن. سجل

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أميركا اللاتينية بايدن ونظيره الأرجنتيني يؤكدان «التكامل الاقتصادي» بين بلديهما

بايدن ونظيره الأرجنتيني يؤكدان «التكامل الاقتصادي» بين بلديهما

رحّب الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس (الأربعاء)، بـ«فرصة هائلة» لزيادة التكامل الاقتصادي مع الأرجنتين، وذلك لدى استقباله رئيس الدولة الأميركية الجنوبية ألبيرتو فيرنانديز في البيت الأبيض. وقال بايدن جالساً إلى جانب نظيره الأرجنتيني في المكتب البيضوي: «هذا اللقاء فرصة للتأكيد على أن لا شيء يتجاوز قدرتنا على تحقيقه إذا عملنا معاً».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مادورو يراوغ أزمة الشرعية بعيد ميلاد «سابق لأوانه»

جانب من المظاهرات الاحتجاجية ضد نتائج الانتخابات الرئاسية الفنزويلية الأخيرة في كاراكاس، يوم 3 أغسطس (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات الاحتجاجية ضد نتائج الانتخابات الرئاسية الفنزويلية الأخيرة في كاراكاس، يوم 3 أغسطس (أ.ف.ب)
TT

مادورو يراوغ أزمة الشرعية بعيد ميلاد «سابق لأوانه»

جانب من المظاهرات الاحتجاجية ضد نتائج الانتخابات الرئاسية الفنزويلية الأخيرة في كاراكاس، يوم 3 أغسطس (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات الاحتجاجية ضد نتائج الانتخابات الرئاسية الفنزويلية الأخيرة في كاراكاس، يوم 3 أغسطس (أ.ف.ب)

منذ سنوات والمعارضة الفنزويلية تُكرر، في تصريحات قياداتها، أن «أيام النظام باتت معدودة»، والقيادات الأميركية؛ جمهورية وديمقراطية، تُحذّر من أن «كل الخيارات على الطاولة»، بينما تؤكد الأمم المتحدة في تقاريرها أن «الحكومة تنتهك حقوق الإنسان، وتقمع المعارضة السياسية بالتعذيب والترهيب والملاحقات القانونية المُفبركة»، والمنظمات الدولية تنضمّ إلى جوقة القوى الإقليمية التي تقودها واشنطن، وتُندد بتزوير نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة، مطالبةً بكشف وثائق الفرز التي تقول المعارضة إنها تثبت فوز مرشحها.

لكن الواقع، كما نراه اليوم من كاراكاس، هو أن نيكولاس مادورو يستعد لتجديد ولايته الرئاسية، مطلع العام المقبل، بعد أن أصدر مرسوماً بتقديم موعد أعياد الميلاد إلى هذا الشهر، وارتدت العاصمة حُلّة من الزينة والأنوار تضفي عليها مسحة سوريالية تُضاعف من غرابة المشهد في بلدٍ غادره، في السنوات العشر المنصرمة، 8 ملايين من مواطنيه بحثاً عن باب رزق، وهرباً من البؤس والقمع، ويعيش نصف سكانه تقريباً على المساعدات الغذائية والسلع الأساسية المدعومة.

بهجة... قبل الانفجار

فنزويلي يلتقط صورة مع شجرة ميلاد في كاراكاس 3 أكتوبر (غيتي)

يتدافع المارّة أمام مبنى قيادة القوات البحرية وسط العاصمة، من غير أن يلتفتوا إلى شجرة الميلاد الضخمة المُضاءة بألوان العَلم الفنزويلي. وتقول سيليا، التي تملك متجراً صغيراً محاذياً لبيع الزهور: «كل هذا قد يعيد بهجة عابرة إلى قلوب الأطفال، لكن البلاد على شفا انفجار يتعامى عنه الجميع».

وليست هذه أول مرة يقرر فيها نيكولاس مادورو تقديم موعد أعياد الميلاد كلما لاحت أزمة في الأفق، وهو يفعل ذلك منذ عام 2018 بهدف إضفاء أجواء «طبيعية» على الأوضاع الاجتماعية والسياسية المتأزمة، وتنشيط الاستهلاك بعد أشهر من الركود التجاري، بسبب من الاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية، أواخر يوليو (تموز) الماضي، وما أعقبها من قمع واضطرابات.

المعارضة أقامت، بدورها، شجرتها للميلاد، لكن على منصّات التواصل الاجتماعي، وزيّنتها بصور عن وثائق الفرز التي تُثبت فوز مرشحها، إدموندو غونزاليس، بنسبة 67 في المائة من الأصوات، والتي قدّمها مركز «كارتر»، منذ أيام، أمام منظمة البلدان الأميركية. لكن ذلك لم يمنع مادورو من مواصلة الظهور على شاشات التلفزيون والاحتفالات وهو يتناول حلوى الميلاد، غير مكترث للإدانات التي تتوالى في المنتديات الدولية للانتهاكات الخطيرة التي ارتكبتها أجهزة الأمن في حق المعارضين، بما في ذلك مزاعم تعذيب قاصرين في مراكز الاعتقال، ومتجاهلاً انتقادات الكنيسة الكاثوليكية التي أعلنت رفضها تغيير موعد عيد الميلاد.

آمال المعارضة

في غضون ذلك، أعلن مرشح المعارضة للرئاسة من منفاه في مدريد أنه لا يستبعد تقديم موعد عودته إلى فنزويلا، رداً على قرار مادورو تقديم موعد الميلاد.

وفي السفارة الإسبانية، تحدّثنا إلى بعض قيادات المعارضة، التي لجأت إلى البعثة الدبلوماسية؛ هرباً من ملاحقة الأجهزة الأمنية والقضائية، وأيضاً في سفارة الأرجنتين التي لجأ إليها جميع أعضاء اللجنة المركزية للتجمع الذي تقوده زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو. وبدا الكل واثقاً من أن النظام سيتراجع، قبل موعد بداية الولاية الرئاسية الجديدة في العاشر من يناير (كانون الثاني) المقبل، لكن أحداً لا يقدّم أدلّة أو حججاً مقنعة سوى أن الضغط الخارجي سيتصاعد بالتزامن مع الاحتجاجات الشعبية، وسيضطر مادورو للجلوس إلى طاولة المفاوضات، خاصة أن ثمة مؤشرات متزايدة على تصدّع في الحلقة السياسية والعسكرية المحيطة به.

آخِر التقارير الدورية، التي تضعها المنظمات الحقوقية الناشطة في فنزويلا، يشير إلى وجود ما يناهز ألفيْ معتقل سياسي، معظمهم دخل السجن في الأشهر الثلاثة المنصرمة؛ أي ستة أضعاف ما كان عليه هذا العدد قبل صدور نتائج الانتخابات الرئاسية، وهو ما يضع فنزويلا في المرتبة الأولى بين بلدان أميركا اللاتينية من حيث عدد المعتقلين السياسيين، تليها نيكاراغوا وكوبا الحليفتان الرئيسيتان لنظام مادورو.

ويشمل هذا العدد عشرات القياديين السياسيين من أحزاب المعارضة، فضلاً عن 12 صحافياً ومئات الطلاب الجامعيين. وتؤكد منظمة «بروفيا» الناشطة في مجال حقوق الإنسان، أن 25 شخصاً قُتلوا في الأيام التي أعقبت الانتخابات الرئاسية، معظمهم خلال الاحتجاجات الشعبية، وبعضهم في مراكز الاعتقال تحت التعذيب.

زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو والمرشح الرئاسي إدموندو غونزاليس أوروتيا يحييان مناصرين في كاراكاس، 30 يوليو (أ.ف.ب)

وتقول أوساط دبلوماسية إن النظام يواصل حملة القمع والاعتقالات وإخفاء المعارضين، ومداهمة مقار الأحزاب المعارضة، في حين تقوم الأجهزة القضائية، التي تخضع لأوامر المدعي العام للنظام، طارق صعب، بتوجيه اتّهامات لقيادات المعارضة بالتخطيط لعمليات عسكرية مدعومة من الخارج، وإشاعة الفوضى والعنف.

وأمام ارتفاع عدد المعتقلين، أعلن مادورو، منذ أيام، برنامجاً لتوسعة بعض السجون في وسط البلاد، وإجراء تحسينات على البعض الآخر، في انتظار محاكمة مئات المتهمين بالإرهاب والتحريض على الحقد وخيانة الوطن.

ترقب لليوم التالي

وتفيد البعثة الخاصة للأمم المتحدة المكلَّفة بتقصّي الحقائق، بأن «حكومة فنزويلا كثّفت جهودها بشكل كبير لقمع الاحتجاجات السلمية، ما تسبّب في واحدة من أخطر أزمات حقوق الإنسان التي عرفتها البلاد حتى الآن». وأضافت، في تقريرها الأخير، الذي سيُرفع، مطلع الشهر المقبل، إلى مجلس حقوق الإنسان: «ليست هذه أفعالاً معزولة أو عشوائية، بل هي جزء من خطة منسقة ومتواصلة لإسكات المعارضة السياسية وقمعها وإحباطها».

مادورو يحيِّي أنصاره خلال مظاهرة في كاراكاس 17 أغسطس (إ.ب.أ)

ومع اقتراب موعد بداية الولاية الرئاسية الجديدة، ينأى الفنزويليون عن المجازفة بالتوقعات حول ما يمكن أن يحصل من الآن حتى ذلك التاريخ، في حين يتساءل كثيرون حول الخطوة المقبلة لزعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو، التي ما زالت متوارية عن الأنظار وتتوعد، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بأن النظام بات قاب قوسين من السقوط.