طوت الجزائر وفرنسا ملف تعاون استخباراتي دام ثماني سنوات، يتعلق باغتيال متسلق جبال فرنسي في جبال الجزائر عام 2014، على أيدي فرع «داعش» بمنطقة المغرب العربي والساحل، وذلك بعد أن قضت محكمة الجنايات بالعاصمة الجزائرية، اليوم، بإعدام المتهم الرئيسي في عملية الاغتيال، ويُدعى عبد المالك حمزاوي، الشهير بـ«مالك القبائلي».
وأنكر حمزاوي، عندما كان يرد على أسئلة القاضي حول تفاصيل الحادثة، أي علاقة له باغتيال الستيني هيرفيه غورديل، مؤكداً أنّ دوره في تنظيم «جند الخلافة»، الذي تبنى مقتل الفرنسي «كان يقتصر على جلب الماء من الجبل» إلى عناصر الجماعة الإرهابية. وقال أيضاً إنه «كان مكلفاً إسعاف الجرحى» في صفوف التنظيم، وإن «الإصابات التي كان يعاني منها في يده اليسرى ورجله اليمنى لم تكن تسمح لي بالمشاركة في العمليات المسلحة التي تم تنفيذها».
كما قضت المحكمة، غيابياً، بإعدام سبعة عناصر من «جند الخلافة» يوجدون في حالة فرار، وفق ما ورد في لائحة الاتهام. لكن عدداً من المتتبعين لهذا الملف يعتقد أنهم قُتلوا في عمليات للجيش الجزائري عرفتها المنطقة في السنوات الماضية. ويشار إلى أن عقوبة الإعدام توقف تنفيذها في الجزائر منذ نحو 30 سنة، رغم استمرار القضاء في النطق بها.
ووجهت النيابة لـ«مالك القبائلي» تهم «الاختطاف والتعذيب والقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد»، و«إنشاء وتنظيم جماعة إرهابية مسلحة». وشملت لائحة الاتهام 14 شخصاً، بمن فيهم حمزاوي، الذي ألقى الجيش القبض عليه بعد فترة قصيرة من حادثة الاغتيال، عندما كان يطارد الخاطفين بجبال جرجرة بمنطقة القبائل، شرق العاصمة.
وبحسب محامين درسوا الملف، فإن حمزاوي هو من دلّ قوات الأمن على مكان دفن غورديل بأعالي محافظة البويرة (100 كيلومتر شرق العاصمة). وأكد المحامون أنفسهم أن محاكمة حمزاوي تُعد باكورة عمل استخباراتي طويل بين الأجهزة الأمنية الجزائرية والفرنسية امتدت إلى دول مجاورة للجزائر، حيث تم تعقب أذرع «جند الخلافة»، وذلك لجمع معطيات حول اغتيال غورديل.
وكان الإرهابيون قد بثوا شريط فيديو في سبتمبر (أيلول) 2014 يظهر عملية اغتيال غورديل بواسطة ساطور. وخلّف هذا المشهد يومها استياءً بالغاً في فرنسا. وكانت وزارة الدفاع الجزائرية قد أكدت مباشرة بعد بداية عملية البحث عن غورديل أن المعلومة الخاصة بخطف المواطن الفرنسي «وصلت متأخرة، ما سمح للخاطفين بالابتعاد عن المكان قبل وصول قوات الجيش». وكان الخاطفون قد اشترطوا على الحكومة الفرنسية وقف ضربات قواتها العسكرية ضد مواقع «داعش» في العراق في صيف 2014. لكن الرئيس فرنسوا هولاند أعلن حينها عدم خضوعه للشرط، وبعدها أعدم المتشددون متسلق الجبال.
وبرأت المحكمة ذاتها اليوم ستة أشخاص من تهمة الإرهاب، وهم أصدقاء السائح الفرنسي الذين كانوا يستقبلونه كل عام في المنطقة لمرافقته خلال مغامراته بتسلق الجبال، وهم أيضاً متسلقون، وقد وُجهت لهم تهمة «ارتكاب جنحتي عدم التبليغ عن جناية، وتهمة عدم التصريح بإيواء أجنبي لدى المصالح المختصة»، اللتين تصل العقوبة فيهما إلى خمس سنوات وفق القانون الجنائي الجزائري.
وقال ممثل النيابة، أثناء المحاكمة، إن قوات الأمن «كان بإمكانها أن توفر الأمن للسائح الفرنسي، أو نصحه بعدم التوغل بعيداً في الجبال، لو بلغ مرافقوه عن وجوده بينهم، وذلك لدرايتها بالمخاطر التي كانت تحدق بالمنطقة». وقد تابع المحاكمة أبناء غورديل وزوجته بواسطة «التحاضر عن بعد»، وتم سماعهم باعتبارهم طرفاً مدنياً بخصوص طلباتهم على سبيل التعويض عن الضرر.
الجزائر وباريس تطويان ملف اغتيال فرنسي على أيدي «داعش»
بعد أن قضت محكمة بإعدام قاتله... و7 عناصر من «جند الخلافة»
الجزائر وباريس تطويان ملف اغتيال فرنسي على أيدي «داعش»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة