تفسير أسباب خطأ العين في الواقع الافتراضي

علماء كنديون حمّلوا «سطوة التوقع» المسؤولية

العين تخطىء في الواقع الإفتراضي (Public Domain)
العين تخطىء في الواقع الإفتراضي (Public Domain)
TT

تفسير أسباب خطأ العين في الواقع الافتراضي

العين تخطىء في الواقع الإفتراضي (Public Domain)
العين تخطىء في الواقع الإفتراضي (Public Domain)

تشير دراسة جديدة أجراها برنامج علم الأعصاب بجامعة ويسترن أونتاريو بكندا، إلى أنه على عكس الواقع الحقيقي، يتأثر الإدراك في الواقع الافتراضي بتوقعاتنا أكثر من المعلومات المرئية أمام أعيننا، وتم الإعلان عن النتائج الثلاثاء في مجلة «فلوسفيكال ترانسكشن أوف رويال سوسيتي بي».
ويشير الباحثون إلى أن هذه المشكلة تمثل تحدياً في التسوق عبر الإنترنت، حيث يخطئ العملاء أحياناً في تقدير حجم المنتج بناء على توقعاتهم، ويكتشفون على سبيل المثال أن سترة تم شراؤها عبر الإنترنت جميلة حقاً ولكنها بحجم دمية، وليست للبالغين.
ويحدث هذا جزئياً لأن الإشارات المادية للحجم الموجودة عند رؤية عنصر في المتجر يتم التخلص منها عادةً عند عرض الصور عبر الإنترنت، وبدون رؤية الكائن المادي، يبني العملاء توقعاتهم ذات الحجم المألوف على الخبرة السابقة.
ويوفر ظهور الواقع الافتراضي فرصاً جديدة لتطبيقات مثل التسوق عبر الإنترنت، وأيضاً للبحث في الإدراك البصري، لكن الباحثين أرادوا فهم ما إذا كان مستخدمو الواقع الافتراضي يرون الحجم بدقة كما يفعلون في العالم الحقيقي.
وقدم فريق بحثي، بقيادة جودي كولهام، عالم الأعصاب بجامعة ويسترن أونتاريو بكندا، للمشاركين في الدراسة، مجموعة متنوعة من الأشياء المألوفة مثل النرد والكرات الرياضية في الواقع الافتراضي وطلب منهم تقدير أحجام الأشياء.
والخدعة، أنه تم تقديم الأشياء ليس فقط بأحجامها «المألوفة» النموذجية، ولكن أيضاً بأحجام غير عادية. ووجد الباحثون أن المشاركين يدركون باستمرار الأشياء الافتراضية بالحجم الذي توقعوه، وليس الحجم الفعلي المعروض، وكان هذا التأثير أقوى بكثير في الواقع الافتراضي منه في الأشياء الحقيقية.
ويقول كولهام، أستاذ علم النفس وكبير مؤلفي الدراسة في تقرر نشره الموقع الإلكتروني لجامعة ويسترن أونتاريو، بالتزامن مع نشر الدراسة: «في حين أن الواقع الافتراضي هو أداة بحث مفيدة مع العديد من تطبيقات العالم الحقيقي، لا يمكننا أن نفترض دائماً دقته مثل الحقيقي، ومن الواعد أن نرى تقدماً في الواقع الافتراضي وتطبيقاته، ولكن لا يزال هناك الكثير مما لا نفهمه حول كيفية معالجة المعلومات في البيئات الافتراضية، إذا احتجنا إلى الاعتماد بشكل كبير على التجارب السابقة للحكم على حجم الكائنات في الواقع الافتراضي، ويشير هذا إلى أن الإشارات المرئية الأخرى للحجم قد تكون أقل موثوقية مما هي عليه في العالم الحقيقي».
وتقول آنا رزيبكا، الطالبة السابقة في كولهام لاب والمؤلفة المشاركة الأولى في الدراسة، إن قيمة هذه الدراسة تكمن في أنه في بعض الأنشطة قد يكون من الأهمية إدراك الواقع الافتراضي بنفس حجم الواقع الحقيقي.
وتضيف: «في مهمة مثل إزالة الورم باستخدام الجراحة الموجهة بالصور، نحتاج إلى تحسين إدراك حجم الورم وموقعه، مما يؤدي إلى نتائج أفضل».



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.