الشركة المنظمة لحفل كيفين هارت بالقاهرة تتجاهل الانتقادات

ألغت خاصية التعليقات على منشوراتها الدعائية بمواقع التواصل

كيفين هارت (حسابه على فيسبوك)
كيفين هارت (حسابه على فيسبوك)
TT

الشركة المنظمة لحفل كيفين هارت بالقاهرة تتجاهل الانتقادات

كيفين هارت (حسابه على فيسبوك)
كيفين هارت (حسابه على فيسبوك)

تجاهلت شركة «أر برودكشن» المنظمة لحفل ستاند أب كوميدي، للممثل الأميركي الشهير كيفين هارت بمصر، والمقرر إقامته في 21 فبراير (شباط) المقبل، الانتقادات التي وجهت لهارت، وحملات الإلغاء الافتراضية.
وأكد مسؤولون بالشركة لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي، «إقامة الحفل في موعده»، بينما رفضوا التعليق على «حملات الإلغاء» و«عدم ترحيب الكثير من المتابعين بهارت».
ولجأت الشركة إلى إلغاء خاصية التعليق على منشوراتها الدعائية عبر حساباتها بمواقع التواصل الاجتماعي بعد عشرات التعليقات الغاضبة والمعترضة على تنظيم الحفل، احتجاجاً على تصريحات هارت السابقة التي تحدث فيها عن «أصل ملوك مصر القديمة» عندما قال «يجب أن نعلم أولادنا تاريخ الأفارقة السود الحقيقي عندما كانوا ملوكا في مصر، وليس فقط حقبة العبودية، التي يتم ترسيخها في التعليم بأميركا»، متسائلاً: «تتذكرون الوقت الذي كنا فيه ملوكا؟». وهو ما اعتبره متابعون مصريون أنه «كلام يفتقد إلى الدقة، يهدف إلى تحقيق مكاسب لصالح حركة المركزية الأفريقية».
ومن المقرر أن يقدم هارت حفله بالقاهرة ضمن جولة عالمية تشمل أبوظبي وبريطانيا وهولندا، ودشن متابعون مصريون عبر مواقع «السوشيال ميديا» حملات عدة لإلغاء حفل هارت بمصر، من بينها «كيفين هارت غير مرحب به في مصر»، واتهم متابعون هارت باعتناق أفكار حركة «أفروسينتريك» وهي حركة ناشطة في الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الأوروبية.
وبحسب موقع حجز تذاكر الحفل فإن أسعار تذاكر الدخول تبدأ من 1200 جنيه مصري وحتى 5 آلاف جنيه (الدولار الأميركي يعادل 24.5 جنيه مصري).
يشار إلى أنه تم إلغاء مؤتمر لحركة أفروسينتريك «أفريقيا الموحدة - العودة للجذور» في شهر فبراير الماضي بمدينة أسوان المصرية بعد اعتراضات واسعة من باحثين وعلماء آثار وتاريخ مصريين.
كيفين هارت المولود في 6 يوليو (تموز) عام 1979 في فيلادلفيا، بأميركا يعد الأصغر بين أخويه، حيث تولت تربيته والدته تربيته بعد إدمان والده الكوكايين، ودخوله السجن، ووفقاً لتقارير أميركية فإن هارت مارس في صباه عدة مهن منها بيع الأحذية، لكن بعد تخرجه من المدرسة الثانوية، انتقل إلى مدينة نيويورك، للمشاركة في تقديم عروض كوميدية على مسارح ونوادي «ستاند أب كوميدي»، وذلك باسم مستعار، وفشل وقتها فشلا ذريعا، وقال «كنت أحاول أن أكون الجميع»، «كنت في حيرة من أمري، لم أكن أعرف ماذا أفعل».
وفي 2009 أصدر ألبومه الأول «أنا رجل صغير»، والذي عزز مكانته كواحد من أفضل الفنانين الكوميديين الشباب.
في 2011، وصلت إيرادات جولة فنية قام بها كيفين، وحملت عنوان «جراحي - MY PAIN»، إلى 15 مليون دولار، وتوالت عروضه التي تحدث في الكثير منها عن الأزمات التي مر بها في حياته، إذ يتناولها بأسلوب كوميدي ساخر.
وشارك هارت في بطولة عدة أفلام كوميدية، منها «جومانجي» و«رجل المخابرات المركزية»، «عن ليلة أمس»، و«فكر كرجل».
ويزعم أعضاء «حركة أفروسينتريك» أن ملوك مصر القديمة كانوا أفارقة مستشهدين ببعض التماثيل الملونة باللون الأسود، وهذه نظرية خاطئة، وفق مؤرخين وأثريين مصريين، قالوا إنه كان يتم دهان بعض التماثيل باللون الأسود كدلالة رمزية للإله أوزوريس إله العالم الآخر، وليس للون صاحب التمثال.
وبينما تستمر الشركة في تجاهل الانتقادات، فإن حملات الإلغاء تشهد نشاطاً مكثفاً بمواقع «السوشيال ميديا».



«لعبة النهاية»... رائعة صمويل بيكيت بالعاميّة المصرية

جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)
جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)
TT

«لعبة النهاية»... رائعة صمويل بيكيت بالعاميّة المصرية

جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)
جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)

استقبل مسرح «الطليعة» في مصر أحد العروض الشهيرة للكاتب الآيرلندي الراحل صمويل بيكيت (1906- 1989)، «لعبة النهاية»، الذي رغم احتفاظه بالروح الأصلية للعمل الشهير المنسوب إلى مسرح العبث، فقد شكَّل إضاءة على مشاعر الاغتراب في الواقع المعاصر. وهو عرضٌ اختتم مشاركته في مهرجان «أيام قرطاج المسرحي» ليُتاح للجمهور المصري في المسرح الكائن بمنطقة «العتبة» وسط القاهرة حتى بداية الأسبوع المقبل.

على مدار 50 دقيقة، يحضر الأبطال الـ4 على المسرح الذي يُوحي بأنه غُرفة منسيّة وموحشة، فيتوسّط البطل «هام» (محمود زكي) الخشبة جالساً على كرسيّه المتحرّك بعينين منطفئتين، في حين يساعده خادمه «كلوف» ويُمعن في طاعته والإصغاء إلى طلباته وتساؤلاته الغريبة التي يغلُب عليها الطابع الساخر والعبثيّ المُتكرّر عبر سنوات بين هذا السيّد والخادم.

يَظهر والد «هام» ووالدته داخل براميل قديمة وصدئة، ويجلسان طوال العرض بداخلها، ولا يخرجان إلا عندما يستدعيهما الابن الذي صار عجوزاً، فيسألهما أسئلة عبثية لا تخلو من تفاصيل عجيبة، ويخاطبهما كأنهما طفلين يُغريهما بالحلوى، في حين يبادلانه أحاديث تمتزج بالذكريات والجنون، ليبدو كأنهما خارج العالم المادي؛ محض أرواح مُحتضرة تُشارك «هام» هلوساته داخل تلك الغرفة.

الأب يؤدي دوره من داخل أحد البراميل (مسرح الطليعة)

في المعالجة التي يقدّمها العرض، يحتفظ المخرج المصري السيد قابيل بأسماء الأبطال الأجنبية التي كتبها صمويل بيكيت من دون منحها أسماء محلّية. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «قدَّم المسرح المصري هذه المسرحية قبل 60 عاماً تقريباً في عرض للفنان الكبير الراحل سعد أردش، لكنه كان باللغة العربية الفصحى. اليوم، عالجتُ النص وأقدّمه بالعامية المصرية. احتفظت بالأسماء الأصلية للأبطال وهوياتهم، وكذلك بروح العمل وتفاصيل الحوار فيه، خصوصاً أنّ لهذا العرض الذي ينتمي إلى مسرح العبث فلسفته التي تمسّكتُ بها ضمن قالب جديد».

يؤدّي دور الخادم «كلوف» الفنان المصري محمد صلاح الذي اعتمد جزءٌ كبير من أدائه على الإفراط بحركات سير متعرّجة في محاولاته المُتسارعة لتلبية طلبات سيّده الأعمى، إذ يبدو كأنه في مَهمّات لا نهائية، منها ترتيب البيت الخالي بشكل فانتازي. بالإضافة إلى تردّده الدائم على نافذة الغرفة التي يظّل سيّده يطلب منه وصف ما يدور خارجها، فيصف له الضوء والبحر اللذين لا يدرك إذا كانا موجودَيْن بالفعل أم محض خيال.

على مدار العرض، يظلُّ الخادم يسأل: «لماذا أطيعك في كل شيء؟»، و«متى جئتُ إلى هذا البيت لخدمتك؟»، فيكتشف أنه قضى عمره داخل جدرانه المخيفة، فيقرّر في خطوة خلاص مغادرة خدمة سيّده، فتكون لحظة فتحه باب البيت هي عينها لحظة نهاية اللعبة، حتى وإنْ ظلّ واقفاً أمامه، متوجّساً من الخروج إلى العالم الحقيقي ومواجهة المجهول. لحظة تحدّيه سيطرة سيّده «هام» سرعان ما تبدو كأنها لا تختلف عن «الفراغ» الذي أمامه، بما يعكس فلسفة صمويل بيكيت عن سخرية الحياة، حيث لا يبدو الهروب من عبثها ممكناً أبداً.

الأب والأم في أحد مَشاهد المسرحية (مسرح الطليعة)

يشير مخرج العرض السيد قابيل إلى أنّ «للقضية التي تطرحها المسرحية صيغة إنسانية عابرة للمكان والزمان، وتصلُح لتقديمها في أي وقت؛ وإنْ كُتب النصّ الأصلي لبيكيت في الخمسينات. فكثير من نصوص شكسبير، والنصوص اليونانية القديمة العائدة إلى ما قبل الميلاد، لا تزال قابلة لإعادة تقديمها، وصالحة لطرح أسئلة على جمهور اليوم. وفي هذا العرض أدخلنا بعض الإضافات على الإضاءة والموسيقى للتعبير بصورة أكبر عن دراما الأبطال، ومساعدة المتلقّي على مزيد من التفاعُل».

الفنان محمود زكي في مشهد من العرض (مسرح الطليعة)

وعكست ملابس الممثلين الرثّة حالة السواد التي تطغى على عالمهم، في حين وُظّفت الإضاءة في لحظات المُكاشفة الذاتية التي تتوسَّط سيل الحوارات الغارقة في السخرية والتكرار العدميّ والخضوع التام. فإذا كان السيّد الأعمى والمشلول يعتمد على خادمه في مواصلة لعبة عبثية يتسلّى بها في عزلته، فإنّ الخادم يظلُّ غير قادر على تصوُّر الحياة بعيداً عن قواعد تلك «اللعبة».