هيئة النزاهة العراقية تطلق حملة وطنية لـ«الإبلاغ» عن الفساد

46 أمر قبض واستقدام ضد مسؤولين كبار في الدولة خلال شهر

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لدى إعلانه مؤخراً استرداد أموال مسروقة (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لدى إعلانه مؤخراً استرداد أموال مسروقة (أ.ف.ب)
TT

هيئة النزاهة العراقية تطلق حملة وطنية لـ«الإبلاغ» عن الفساد

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لدى إعلانه مؤخراً استرداد أموال مسروقة (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لدى إعلانه مؤخراً استرداد أموال مسروقة (أ.ف.ب)

أعلنت «هيئة النزاهة الاتحادية» في العراق، اليوم الثلاثاء، عن إطلاقها «الحملة الوطنيَّة للإبلاغ عن الفساد»، في محاولة للاستجابة لتعهدات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بمحاربة الفساد الذي يمثل تحدياً عسيراً للبلاد، وجعلها من أولويات برنامجه الحكومي. ودعت «الهيئة»، في بيان، جميع المواطنين إلى المساهمة الفاعلة في الحملة والتعاون مع الهيئة في مكافحة الفساد وملاحقة مرتكبيه.
إعلان «الهيئة» إطلاقها حملتها الوطنية جاء بالتزامن مع «اليوم العالمي لمكافحة الفساد» و«أسبوع النزاهة الوطني». وأشارت في بيانها إلى أنَّها «ترى الشعبَ مصدرَ القوَّة الأساسيّ في مُكافحة الفساد والقصاص من كبار الفاسدين». وحثت «الهيئة» المواطنين على «الاتصال بالهيئة عبر وسائل الإبلاغ المختلفة، التي منها: تدوين الإفادة العلنيَّة والسريَّة، والبريد الإلكتروني، فضلاً عن الاتصال الهاتفي وعبر الخط المجاني» للإبلاغ عن حالات الفساد. ولفتت إلى «أهميَّة الإبلاغ في مُواجهة آفة الفساد التي تنخر مُؤسَّسـات الدولة وتتسبَّب في تدني الخدمات المُقدَّمة للمواطنين، وتعريضهم للابتزاز والمساومة».
ورأت «الهيئة» أن «من الواجب الشرعيِّ والوطنيِّ الإبلاغ عن حالات الفساد والمتورطين بالرشى والابتزاز؛ لتتمكَّن الهيئة من اتخاذ الإجراءات القانونيَّة بحقهم وإحالتهم للقضاء؛ لينالوا جزاءهم العادل». وشددت على أن «إجراءات الإبلاغ وأسماء المخبرين ستكون سريَّة».
وسبق أن قامت الهيئة في بعض الأوقات باعتماد مبدأ «الإبلاغ السري» عن جرائم الفساد من خلال أشخاص وموظفين عاديين، إلا إن هذا الإجراء جوبه برفض الجماعات النافذة، بذريعة «الوشايات الكيدية» غير الموثوقة، وتالياً عرقلة تطبيقه، واضطرت «الهيئة» تحت الضغوط السياسية إلى تجاهل الإبلاغات من هذا النوع في أحيان كثيرة، وليس من الواضح إن كانت «الهيئة» ستمضي في حملتها الجديدة في ظل الاتجاه السياسي العام الحاكم في البلاد الذي تسيطر عليه قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية؛ المتهم في جزء كبير من مكوناته بالتورط في قضايا الفساد المتواصلة منذ نحو عقدين من الزمن. وتخشى بعض الاتجاهات والجماعات التي تفتقر إلى النفوذ الكافي من أن تستعمل الإبلاغات السرية عن حالات الفساد إلى التنكيل بالأشخاص غير المرغوب فيهم.
وفي بيان لاحق، أعلنت «هيئة النزاهة» عن أبرز نشاطاتها لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وقالت إنها «تضمنت 88 عملية ضبط واعتقال 23 متهماً بالجرم المشهود وصدور 46 أمر قبض واستقدام بحق ذوي الدرجات العليا».
وكان رئيس «الهيئة»، القاضي حيدر حنون، وهو من المقربين من رئيس الوزراء واختاره مطلع الشهر الماضي لشغل منصب الرئيس، شدد خلال اجتماع لموظفي الهيئة على «عدم مجاملة الفاسدين، والضرب بيدٍ من حديدٍ على كبارهم مهما كانت انتماءاتهم» عادّاً «إياهم عناصر سيِّئة في جسد الدولة يُقوِّضون أركانها واستقرارها واقتصادها».
وفي بيان آخر، جاء في سياق الرد على الأنباء التي تحدثت عن إطلاق سراح مدير عام هيئة التقاعد، ومدير الشركة العالمية لبطاقة «كي كارد»، اللذين اعتقلتهما «لجنة الأمر الديواني» التي شكلها رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي وألغتها المحكمة الاتحادية لاحقاً، قالت إن «محكمة جنايات مُكافحة الفساد المركزيَّة أصدرت حكماً حضورياً بالحبس (سنة و9 أشهر) بحقِّ المُدانين رئيس هيئة التقاعد الوطنيَّة سابقاً ومدير الشركة العالميَّة للبطاقة الذكيَّة (كي كارد) بعد إعادة مُحاكمتهما في تهمة تقاضي المُدان الأول رشوةً من المُدان الثاني؛ لقاء تسهيل أعمال شركة (كي كارد) لدى هيئة التقاعد الوطنيَّة».
وأشار «الهيئة» إلى أن «قرار الحكم الذي صدر وفق أحكام القرار (160 لسنة 1983) تضمَّن فرض غرامةٍ قدرها (10) ملايين دينارٍ على كلٍّ منهما». وأضاف البيان أن «محكمة التمييز الاتحاديَّة - الهيئة الجزائيَّة الثانية، وافقت على طلب المُدانين إعادة المُحاكمة بعد أن وجدته مُستوفياً للشروط القانونيَّة؛ كونه يستند إلى أحد الأسباب المنصوص عليها من قانون أصول المُحاكمات الجزائيَّة؛ لظهور وقائع وتقديم مستنداتٍ لم تجرِ محكمة الموضوع تحقيقاتها بشأنها».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.