أسفرت المواجهات المسلحة التي دارت أمس في جبل عرباطة من ولاية (محافظة) قفصة (جنوب غرب) عن مقتل خمسة عناصر متطرفة وفق حصيلة أولية، كما أصيب اثنان من أفراد الحرس الوطني بجروح مختلفة.
وحسب مصادر أمنية، تبادلت وحدات من الجيش التونسي وفرق مكافحة الإرهاب، التابعة للحرس الوطني، النيران مع مجموعة إرهابية منذ الساعات الأولى لصباح أمس، وتواصلت عمليات المطاردة لعدة ساعات بعد ورود أنباء عن فرار مجموعة من العناصر الإرهابية المصابة بجروح، استعملت فيها قوات الأمن والجيش طائرات مروحية، كما شهدت المنطقة تعزيزات أمنية كبرى تم استقدامها من مختلف المناطق القريبة من مدينة قفصة.
وذكرت مصادر أمنية تونسية لـ«الشرق الأوسط» أن العملية الأمنية لم تأت بمحض الصدفة، بل جرى التخطيط لها منذ فترة، بعد رصد تحركات مشبوهة في جبل عرباطة لأفراد المجموعة التي تنتمي إلى كتيبة عقبة بن نافع الإرهابية، التي كان يقودها المتشدد الجزائري خالد الشايب، الذي جرى القضاء عليه رفقة ثمانية عناصر متشددة أخرى نهاية شهر مارس (آذار) الماضي بنفس المنطقة. ورجحت نفس المصادر أن يكون مراد الغرسلي، المتطرف التونسي ضمن الإرهابيين الذين تم القضاء عليهم صباح أمس في جبل عرباطة.
ويعتبر الغرسلي من أخطر القيادات الإرهابية في تونس، وهو مقرب من الإرهابي خالد الشايب، وأشرف على نحو 15 عملية في تونس، من بينها هجمات صيف 2013 و2014 ضد العسكريين في جبل الشعانبي (القصرين) وذبحهم والتنكيل بجثثهم.
على صعيد متصل، فند كمال الجندوبي، الوزير التونسي المكلف العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني، المعطيات المتعلقة بوجود مخاطر إرهابية تهدد تونس خلال الفترة المقبلة. وقال خلال مؤتمر صحافي عقده أمس بقصر الحكومة، إن المعطيات الأمنية المتوفرة لدى وزارتي الدفاع والداخلية لا تتضمن معلومات أكيدة بشأن وجود مخاطر إرهابية حقيقية يمكن أن تستهدف أمن تونس. أما بخصوص الشبان التونسيين المختفين، والبالغ عددهم 33 شابا، يشتبه في التحاقهم بتنظيم داعش، فقد قال الجندوبي إنه لا يوجد دليل قاطع حتى الآن على مغادرتهم التراب التونسي.
وكان الحبيب الصيد رئيس الحكومة التونسية قد أكد فجر أمس في جلسة برلمانية خصصت للحوار حول إعلان حالة الطوارئ والوضع الأمني في تونس، أن البلاد ما تزال في دائرة الخطر، وتمر حاليا بوضعية اقتصادية وأمنية حرجة، مشددا على أنه لا خيار أمام التونسيين إلا الانتصار في معركتهم ضد الإرهاب. وأضاف في معرض تشخيصه للوضع الأمني «قد نكون خسرنا إحدى المعارك، ولكننا لم نخسر الحرب ولا خيار لنا سوى أن ننتصر في هذه الحرب».
وذكر الصيد بمجموعة من الإجراءات المتخذة للحد من ظاهرة الإرهاب، ومن بينها إحالة القانون الأساسي المتعلق بمكافحة الإرهاب، ومنع غسل الأموال إلى البرلمان، وتنفيذ عمليات مداهمة استباقية قارب عددها ثمانية آلاف عملية، مكنت من اعتقال نحو ألف شخص يشتبه بعلاقتهم بمنظمات متشددة، كما منعت السلطات التونسية نحو 15 ألف شاب من السفر إلى بؤر التوتر خارج البلاد، إضافة إلى الشروع في بناء جدار ترابي لحماية حدود تونس الشرقية مع ليبيا.
وبخصوص دعوة الخارجية البريطانية مواطنيها إلى تجنب زيارة تونس ومطالبة الرعايا المقيمين فيها بمغادرتها، قال الصيد إنه سيتصل بالرئيس ديفيد كاميرون لإخباره بكل الجهود التي بذلتها وتبذلها تونس لحماية رعايا جميع الدول الموجودين على أراضيها، واستعدادها للتعاون وحماية كل من يرغب في مواصلة الإقامة بها، مشيرا إلى أن تحذير السلطات البريطانية لرعاياها ستكون له تداعيات وخيمة على الاقتصاد التونسي وعلى الموارد السياحية، ووعد بإجراء تقييم جذري داخلي وخارجي للوضع الأمني والاقتصادي بعد هجوم سوسة الإرهابي.
ومن جانبه، لاحظ الجندوبي في المقابل أن دعوة بريطانيا مواطنيها إلى مغادرة تونس مبنية فقط على احتمالات بوجود مخاطر إرهابية متوقعة لا غير، موضحا أن تونس جندت كل الوحدات الأمنية والعسكرية لضمان الأمن لكل المتواجدين على أراضيها، وذلك منذ إعلان حالة الطوارئ في الرابع من الشهر الحالي.
من جهته أعلن وزير الخارجية التونسي الطيب البكوش أمس (الجمعة) أن حكومته ستسعى لإقناع بريطانيا بالعدول عن دعوتها لرعاياها مغادرة تونس إثر الاعتداء الدامي الأخير.
وصرح البكوش أن السلطات تتفهم رد فعل بريطانيا لكنها ستحاول إقناعها تدريجيا لعلها «تعود عن قرارها». وتابع: «لا يمكننا لومهم في الظرف الراهن لكننا لن نتوقف عند هذا الحد، بل سنتواصل معهم ومع الشركاء الأوروبيين حتى لا يتم اتخاذ مثل هذه الإجراءات».
وكانت وزارة الخارجية البريطانية أوصت البريطانيين الخميس بمغادرة تونس وبعدم السفر إلى هذا البلد لغير الضرورة، معتبرة أن التدابير التونسية الحالية غير كافية أمام «التهديدات الإرهابية القوية». واعتبرت الوزارة، بعد قرابة أسبوعين من الهجوم الذي استهدف فندقا في القنطاوي في سوسة أودى بحياة 38 شخصا بينهم 30 بريطانيا، أن حصول «هجوم إرهابي جديد مرجح بدرجة عالية» وأن التدابير التي اتخذتها الحكومة التونسية غير كافية «لحماية السياح البريطانيين في الوقت الحالي». كما وضّحت أن: «السلطات التونسية عززت إجراءاتها الأمنية واعترفت بأن قدراتها في مواجهة التهديد الإرهابي الحالي محدودة».
وأوضح وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية الخميس أنه «لا يملك معلومات عن تهديد محدد أو وشيك»، مضيفا: «نحن نعتبر تغيير (تعليمات السفر) وقائيا ومبررا». وبحسب جمعية وكالات السفر البريطانية «إيه بي تي إيه» هناك نحو ثلاثة آلاف سائح بريطاني في تونس مقابل 20 ألفا عند وقوع اعتداء القنطاوي بسوسة. كما أعلنت وكالتا سفر «تومسون» و«فيرست تشويس» الخميس إلغاء كافة رحلاتها إلى تونس حتى 31 أكتوبر (تشرين الأول)، إضافة إلى إجلاء موظفيها البريطانيين.
وانضمت الخارجية الدنماركية، يوم أمس، إلى بريطانيا في دعوة سياحها إلى مغادرة تونس في أقرب وقت جراء «تصاعد» خطر وقوع اعتداء جديد بعد هجوم سوسة. وقالت الوزارة على موقعها الإلكتروني الرسمي: «إذا كنتم موجودين في تونس ولا سبب حيويا لديكم للبقاء فيها، ننصحكم بالمغادرة بمساعدة وكالة سفر أو عبر رحلة تجارية».
تونس: مقتل 5 متشددين في كمين لقوات الجيش.. ومخاوف من تجدد العمليات الإرهابية
بريطانيا تدعو مواطنيها إلى مغادرة البلاد في أقرب وقت.. والسلطات المحلية تطمئن السياح
تونس: مقتل 5 متشددين في كمين لقوات الجيش.. ومخاوف من تجدد العمليات الإرهابية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة