احتلال «داعش» للأنبار غير خريطة الطرق البرية بين بغداد وعمان

وكلاء شحن وسفر: حركة النقل البري بين العراق والأردن شبه معدومة

احتلال «داعش» للأنبار غير خريطة الطرق البرية بين بغداد وعمان
TT

احتلال «داعش» للأنبار غير خريطة الطرق البرية بين بغداد وعمان

احتلال «داعش» للأنبار غير خريطة الطرق البرية بين بغداد وعمان

تغيرت خريطة طرق المواصلات والسفر البرية بين العراق والأردن، بسبب سيطرة تنظيم داعش على محافظة الأنبار، وهي النافذة البرية إلى الأردن، مما اضطر المسافرين والتجار العراقيين للبحث عن طرق بديلة في جغرافيا متسعة لكل الاحتمالات، أو «التعامل مع تنظيم داعش عبر دفع رسوم السماح بعبور الشاحنات»، حسبما أكد أحد التجار.
وقال أحد كبار التجار العراقيين، لـ«الشرق الأوسط»، إن «التجار سواء كانوا من العراق أو من الأردن تضرروا نتيجة تعليق دخول الشاحنات التي تحمل بضائع بملايين الدولارات، فضلا عن تجمد حركة التجارة بين البلدين، إذ ليس بمقدور الأردن تمرير منتجاته إلى جاره العراق دون المرور بمناطق يسيطر عليها تنظيم داعش». وأضاف التاجر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لدواع أمنية أن «أغلب الواردات تعطلت سواء كانت من البضائع الأردنية أو تلك التي تمر بالأردن في طريقها إلى العراق، مما أسهم في شح بعض المواد وارتفاع الأسعار خصوصا المواد التي تمر عن طريق الأراضي التي يسيطر عليها المسلحون بعد فرضهم إتاوات باهظة، بحسب ما تحمله الشاحنات من مواد، وهذا يسهم في ارتفاع التكلفة الذي ينعكس على السعر في السوق المحلية».
من جانبه، قال صالح مهدي الدليمي، صاحب شركة «نور الصدى للسياحة والسفر»، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «أغلب مكاتب السفر تعطلت عن العمل بسبب أعمال القتل والخطف التي تمارس من قبل مسلحي تنظيم داعش في الطرق الخارجية خصوصا الطريق الدولي بين العراق والأردن، فقد أصبح السفر برا الخيار الأصعب والأخير لأغلب العراقيين». وأضاف الدليمي أن «الطريق إلى عمان انطلاقا من بغداد تغير مساره بالكامل، حيث تتجه السيارات إلى جنوب العراق لتدخل مدينة كربلاء ثم تسلك طريقا صحراويا بطول 500 كم باتجاه بلدة النخيب، ثم إلى معبرها، وبذلك تكون السيارة قد قطعت مسافات شاسعة من أجل عدم دخولها إلى مناطق الصراع في مدن الفلوجة والرمادي وهيت وعنه وراوة، حيث يربط الطريق الصحراوي مدينة كربلاء عبر النخيب بمدينة الرطبة الحدودية مع الأردن».
بينما يقول أحد أصحاب مكاتب السفر، لـ«الشرق الأوسط»: «توقفنا عن تسيير الرحلات إلى عمان عبر الطريق البري بسبب خطورة الطريق ووجود مسلحي تنظيم داعش منذ قرابة ستة أشهر بعد أن اختطف المسلحون سيارتين تابعتين لمكتبنا مع سائقيهما واثنين من المسافرين في الرطبة بعد عودتهما من عمان». وأضاف «لم نسمع خبرا عنهم جميعا منذ ذلك الحين، ولا نعرف عنهم شيئا، والأغلب أنهم قتلوا على يد التنظيم». وأضاف صاحب المكتب «ما زال هناك من يرغب بالسفر برا من العراقيين إلى الأردن، إلا أننا خوفا على سلامتهم وسلامة السائقين والسيارات لا نغامر بإرسال أي سيارة على ذلك الطريق».
ومن الجانب الأردني، فقد باتت حركة النقل للمسافرين العراقيين شبه مشلولة وللمسافرين الأردنيين شبه معدومة لا بل مستحيلة. وبات موقف السيارات العراقية الذي كان يتخذ من منطقة المحطة في عمان مركزا لانطلاق سيارات نقل الركاب فارغا، ولم تعد تصطف فيه أي سيارة، وقررت السلطات الأردنية نقله إلى مكان آخر ضمن الموقف الموحد للسيارات العامة لنقل الركاب إلى الدول المجاورة.
يقول أحمد سليم، من هيئة قطاع النقل في الموقف الموحد في منطقة الوحدات جنوب عمان، إن السيارات العراقية تحضر إلى الموقف من أجل التوقيع في دفتر المرور الخاص بالركاب (المنفست)، لكن العدد الذي يحضر يوميا لا يتعدى عدد أصابع اليد، وهؤلاء يحضرون في الصباح الباكر كي يتمكنوا من توصيل المسافرين إلى الحدود العراقية ويعودوا إلى عمان. وأضاف قائلا لـ«الشرق الأوسط» أن «الجميع يعتمدون على حركة الطيران بعد أن بات الطريق البري غير آمن بعد سيطرة تنظيم داعش على أجزاء كبيرة من محافظة الأنبار».
من جانبه، قال مسؤول أمني في مركز حدود الكرامة الأردني في منطقة طريبيل مع العراق، إن «المركز الحدودي يعمل من الساعة الثامنة صباحا وحتى الخامسة مساء، وهو مفتوح للسيارات العراقية والمسافرين العراقيين فقط». وأضاف أن «السيارات والشاحنات العراقية مسموح لها بالدخول والخروج، لكن الحركة ضعيفة جدا حيث لا يتعدى مرور عشرين إلى ثلاثين سيارة يوميا، وفي بعض الأيام يقتصر المرور على سيارة أو ثلاث سيارات حسب الظرف الأمني من الطرف الآخر». وأكد المسؤول الأمني، الذي فضل عدم نشر اسمه «منع الأردنيون الخروج من المركز والسفر إلى العراق عبر الحدود البرية لعدة أسباب، منها الوضع الأمني غير المستقر والخوف من التحاق هؤلاء الأردنيين بتنظيم داعش الإرهابي».
وأشار المسؤول الأمني إلى أن الشاحنات الأردنية متوقفة عن العمل من هذا المعبر، بعد أن رفضت الحكومة العراقية إدخال الشاحنات الأردنية .



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.