إبل «مهرجان الملك عبد العزيز» تبهر أعضاء السلك الدبلوماسي

جانب من الزيارات بالمهرجان (واس)
جانب من الزيارات بالمهرجان (واس)
TT

إبل «مهرجان الملك عبد العزيز» تبهر أعضاء السلك الدبلوماسي

جانب من الزيارات بالمهرجان (واس)
جانب من الزيارات بالمهرجان (واس)

لم تكد تمر 48 ساعة من الأيام العشرة الأولى لمهرجان الملك عبد العزيز للإبل الذي بدأ مطلع ديسمبر (كانون الأول) الحالي، حتى شهد المهرجان زيارة وفد دبلوماسي دولي، من أجل التجول في المهرجان والتعرف على ما يقدمه من إرث ثقافي سعودي.

وتقام فعاليات المهرجان في قرية الرمحية (130 كيلومتراً شمال مدينة الرياض)، الذي انطلق مطلع ديسمبر ويستمر نحو 6 أسابيع، كما ينعقد تحت شعار «هِمّة طويق»، حيث يُعد الأكبر من نوعه عالمياً لجهة عدد المشاركين والجوائز، ويشهد مشاركات خليجية عربية وعالمية وحقق أرقاماً قياسية عدة.
ولئن كان الإعجاب بمكونات المهرجان وفعالياته؛ العامل المشترك الرئيسي بين الدبلوماسيين الأجانب، فإن عوامل أخرى جذبتهم للمهرجان، بل حفزت أحدهم للمشاركة في أحد الأشواط الرئيسية للمسابقات التي ينظمها المهرجان.
باسكال غريكوار السفير البلجيكي لدى المملكة العربية السعودية، أعلن مشاركته في شوط المنظمة الدولية للإبل بمهرجان الملك عبد العزيز للإبل.
وحضر السفير البلجيكي بمعيته زوجته «أردها» وأديا «العرضة»، وهي رقصة فلكورية في السعودية، محفوفين برجال يؤدون معهم الرقصة نفسها، وهم يرتدون الثياب البيضاء وتكسوها جلابيب خضراء مزركشة.
غريكوار قال: «لم أكن أتوقع أن أجد في الصحراء مثل هذا المكان التراثي الجميل المنظم تنظيماً عالياً».
سفير تايلاند لدى المملكة دارم بنثام زار المهرجان أيضاً، وجال في أرجائه، واطلع على الأنشطة والفعاليات، وشاهد عرض شوط البداوة مجاهيم ودق الأصايل.
وأكد أن ما شاهده من تنظيم وتطوير يعكس الاهتمام الكبير لحكومة المملكة بهذا الإرث الثقافي العريق الذي يعبر عن شبه الجزيرة العربية، وما تحتويه من موروث عريق تشكّل الإبل أحد أوجهه.
أما سفير المكسيك لدى المملكة أنيبال توليدو، فيرى أن المهرجان يشكل أيقونة ثقافية تُعرّف دول العالم بتراث شبه الجزيرة العربية.
وأضاف: «هذه الزيارة الأولى لي للمكان، وإنني مندهش جداً بهذا الاهتمام؛ حيث إنني أعرف كثيراً عن الإبل، ولكنني لم أشاهدها إلا في هذه المنطقة».
https://twitter.com/camelclub/status/1601501795037028352?s=48&t=P_XaW-vJHRCvYFnE09tthw
الدبلوماسي المكسيكي الذي تفاعل كثيراً مع مضيفيه في المهرجان ولبس البشت (عباءة رجالية، يرتديها العرب عموماً، ويفضل السعوديون حالياً ارتداءها في الحفلات الرسمية وحفلات الزواج)، أشار إلى أنه شاهد الإبل الوضح (ذات الألوان القريبة من البياض)، والمجاهيم (ذات الألوان القريبة من السواد). في حين أن زوجته التي اصطحبته في جولته بعدد من أقسام المهرجان تابعت بانشراح بالغ جانباً من منافسات الإبل، وبدا إلى حد كبير أنها تتقن إلى حد كبير ارتداء البرقع.

محمد جافيد باتوري سفير جمهورية بنغلاديش لدى السعودية، لم يكتفِ بالتجول في أروقة المهرجان، بل التقى عدداً من مُلاك الإبل؛ وتعرّف على أنواع الإبل وفئاتها، وشاهد عرض الإبل في مسابقة دِق المَجَاهيم ودِق الحُمُر.
فوميو إيواي سفير اليابان لدى المملكة زار أيضاً مهرجان الملك عبد العزيز للإبل في نسخته السابعة التي تقام تحت شعار «همة طويق» في الصياهد الجنوبية.
وتجوّل السفير في أرجاء المهرجان، واستمع لشرح عن رؤيته ورسالته وشموليته وفعالياته، مؤكداً أن ما شاهده اليوم من تنظيم وتطوير يعكس الاهتمام الكبير لحكومة المملكة بهذا الإرث الثقافي العريق.

https://twitter.com/camelclub/status/1600858252073238528?s=48&t=P_XaW-vJHRCvYFnE09tthw
وقال: «أبهرني ما شاهدته خلال زيارتي للمهرجان التي تعد الثانية بعد الأولى في العام الماضي، وانبهرت بالتطور الكبير في هذه النسخة، بالإضافة إلى تنوع المعروضات والجهات المشاركة».

وأضاف: «وجود الإبل في المجتمع السعودي بشكل خاص والمجتمع العربي بشكل عام مهم جداً، وهو يعكس ثقافة المنطقة، وما تقوم به حكومة المملكة من خلال هذا المهرجان يحفظ هذه الثقافة ويؤصّلها لدى الشعوب»، مثمناً في هذا الصدد للقائمين على المهرجان جهودهم الكبيرة، والتطور الملحوظ على مختلف الأصعدة لفعاليات المهرجان.

نائب سفير الجمهورية الإيطالية لدى المملكة جوليانو فراجنيتو الذي زار المهرجان في يومه الثالث قال حرفياً: «كنتُ أسمع كثيراً عن الإبل في الثقافة العربية، ولكن ما شاهدته اليوم شيء كبير جداً، وعمل ضخم مزج بين التراث والحداثة؛ حيث التطورات التقنية والمظهر الحضاري من استخدام للتقنية وغيرها، كل ذلك يؤكد التقدم والتطور الكبير الذي تشهده المملكة في مختلف القطاعات».

ومثل الدبلوماسي المكسيكي، فإن أكثر ألوان الإبل التي أعجبته هي المَجَاهيم والوُضْح، وشكر القائمين على هذه التظاهرة الثقافية الكبيرة، وما لمسه من كرم للضيافة واهتمام بهذا الموروث.



عائلة سعودية تتوارث لقب «القنصل الفخري» على مدار سبعة عقود

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
TT

عائلة سعودية تتوارث لقب «القنصل الفخري» على مدار سبعة عقود

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

في حالة استثنائية تجسد عمق الالتزام والإرث الدبلوماسي، حملت أسرة بن زقر التجارية العريقة في مدينة جدة (غرب السعودية) شرف التمثيل القنصلي الفخري لجمهورية فنلندا عبر 3 أجيال متعاقبة، في مسيرة دبلوماسية وتجارية متواصلة امتدت لأكثر من 7 عقود.

بدأت القصة كما يرويها الحفيد سعيد بن زقر، في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية، عندما علم الجد سعيد بن زقر، بوجود جالية مسلمة في فنلندا تعاني من غياب مسجد يجمعهم، وهو ما دفعه إلى اتخاذ قرار بالسفر إلى هناك لبناء مسجد يخدم احتياجاتهم الدينية.

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

لكن الشيخ سعيد واجه بعض التحديات كما يقول الحفيد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، تتمثل في منع القانون الفنلندي تنفيذ المشروع في ذلك الوقت، وأضاف: «بعد تعثر بناء المسجد، تقدمت الجالية المسلمة هناك بطلب رسمي إلى الحكومة الفنلندية لتعيين الجد سعيد قنصلاً فخرياً يمثلهم، وهو ما تحقق لاحقاً بعد موافقة الحكومة السعودية على ذلك».

وفي وثيقة مؤرخة في السابع من شهر سبتمبر (أيلول) 1950، اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، تظهر موافقة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، على تعيين الشيخ سعيد بن زقر قنصلاً فخرياً لحكومة فنلندا في جدة.

وجاء في الوثيقة: «فلما كان حضرة صاحب الفخامة رئيس جمهورية فنلندا، قد عيّن بتفويض منه السيد سعيد بن زقر قنصلاً فخرياً لحكومة فنلندا في جدة، ولما كنا قد وافقنا على تعيينه بموجب ذلك التفويض، فأننا نبلغكم بإرادتنا هذه أن تتلقوا السيد سعيد بن زقر بالقبول والكرامة وتمكنوه من القيام بأعماله وتخوّلوه الحقوق المعتادة وتمنحوه المميزات المتعلقة بوظيفته».

وثيقة تعيين الجد سعيد بن زقر صادرة في عهد الملك عبد العزيز طيب الله ثراه (الشرق الأوسط)

وأضاف الحفيد سعيد، القنصل الفخري الحالي لفنلندا: «أعتقد أن جدي كان من أوائل القناصل الفخريين في جدة، حيث استمر في أداء مهامه حتى عام 1984، لينتقل المنصب بعد ذلك إلى والدي، الذي شغله حتى عام 2014، قبل أن يتم تعييني خلفاً له قنصلاً فخرياً».

وفي إجابته عن سؤال حول آلية تعيين القنصل الفخري، وما إذا كانت العملية تُعد إرثاً عائلياً، أوضح بن زقر قائلاً: «عملية التعيين تخضع لإجراءات دقيقة ومتعددة، وغالباً ما تكون معقدة، يبدأ الأمر بمقابلة سفير الدولة المعنية، يعقبها زيارة للدولة نفسها وإجراء عدد من المقابلات، قبل أن تقرر وزارة الخارجية في ذلك البلد منح الموافقة النهائية».

الأب محمد بن زقر عُين قنصلاً فخرياً على مستوى مناطق المملكة باستثناء الرياض مقر السفارة (الشرق الأوسط)

وتابع قائلاً: «منصب القنصل الفخري هو تكليف قبل أن يكون تشريفاً، حيث تلجأ بعض الدول إلى تعيين قناصل فخريين بدلاً من افتتاح قنصلية رسمية، لتجنب الأعباء المالية، وعادةً ما يتحمل القنصل الفخري كل التكاليف المترتبة على أداء مهامه».

ووفقاً للأعراف الدبلوماسية فإن لقب القنصل الفخري، هو شخص من مواطني الدولة الموفد إليها، بحيث تكلفه الدولة الموفِدة التي لا توجد لديها تمثيل دبلوماسي بوظائف قنصلية إضافة إلى عمله الاعتيادي الذي عادة ما يكون متصلاً بالتجارة والاقتصاد.

يسعى الحفيد سعيد بن زقر إلى مواصلة إرث عائلته العريق في تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين السعودية وفنلندا، والارتقاء بها إلى مستويات متقدمة في شتى المجالات. يقول بن زقر: «منذ تعييني في عام 2014، حرصت على تأسيس شركات وإيجاد فرص استثمارية في فنلندا، خصوصاً في مجالات تكنولوجيا الغذاء والوصفات الصناعية، إذ تتميز فنلندا بعقول هندسية من الطراز الأول، وهو ما يفتح آفاقاً واسعة للتعاون والابتكار».

الحفيد سعيد بن زقر القنصل الفخري الحالي لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

ويرى القنصل الفخري لجمهورية فنلندا أن هناك انفتاحاً سعودياً ملحوظاً على دول شمال أوروبا، ومن بينها فنلندا، وأوضح قائلاً: «تتركز الجهود بشكل كبير على شركات التعدين الفنلندية التي تُعد من بين الأكثر تقدماً في العالم، إلى جانب وجود فرص واعدة لم تُستغل بعدُ في مجالات صناعة السيارات، والطائرات، والصناعات الدفاعية».

وفي ختام حديثه، أشار سعيد بن زقر إلى أن القنصل الفخري لا يتمتع بجواز دبلوماسي أو حصانة دبلوماسية، وإنما تُمنح له بطاقة تحمل مسمى «قنصل فخري» صادرة عن وزارة الخارجية، وبيّن أن هذه البطاقة تهدف إلى تسهيل أداء مهامه بما يتوافق مع لوائح وزارة الخارجية والأنظمة المعتمدة للقناصل الفخريين بشكل رسمي.