قصف جوي ومدفعي حكومي عشوائي يحصد أرواح المدنيين في الفلوجة

«داعش» يمنع سكان المدينة من المغادرة لاستخدامهم دروعًا بشرية

مقاتل عراقي يفتح النار على مسلحي «داعش» في منطقة الصقلاوية القريبة من الفلوجة (65 كم غرب بغداد) أمس (أ.ب)
مقاتل عراقي يفتح النار على مسلحي «داعش» في منطقة الصقلاوية القريبة من الفلوجة (65 كم غرب بغداد) أمس (أ.ب)
TT

قصف جوي ومدفعي حكومي عشوائي يحصد أرواح المدنيين في الفلوجة

مقاتل عراقي يفتح النار على مسلحي «داعش» في منطقة الصقلاوية القريبة من الفلوجة (65 كم غرب بغداد) أمس (أ.ب)
مقاتل عراقي يفتح النار على مسلحي «داعش» في منطقة الصقلاوية القريبة من الفلوجة (65 كم غرب بغداد) أمس (أ.ب)

تؤكد المعلومات الواردة من مدينة الفلوجة (60 كلم شمال غربي بغداد) الخاضعة لسيطرة مسلحي تنظيم داعش منذ أكثر من سنة، بتردي أوضاع السكان المحاصرين فيها. ويبلغ سكان الفلوجة نحو 703 آلاف نسمة، حسب إحصاء عام 2013، لكن لم يتبقَ منهم في داخلها سوى مائة ألف بعد عملية نزوح كبرى شهدتها المدينة، حيث إنها الأولى من مدن الأنبار والعراق التي وقعت تحت سيطرة التنظيم الإرهابي المتطرف في شهر مايو (أيار) 2014؛ أي قبل سقوط مدينة الموصل بشهر.
وتعيش مدينة الفلوجة وأهلها المحاصرون ظروفًا صعبة وقاسية للغاية، فأصبح الناس بين سندان مسلحي تنظيم داعش وتشددهم وتطرفهم، ومطرقة ونار القصف الجوي والمدفعي للقوات العراقية الذي يستهدف المدينة بشكل يومي.
وقال عضو مجلس محافظة الأنبار عيد عماش الكربولي لـ«الشرق الأوسط»، إن «رئيس الحكومة حيدر العبادي أوعز لقيادة العمليات المشتركة بوقف القصف العشوائي على المناطق المأهولة بالمدنيين العزل في مدينة الفلوجة، وبقية مدن الأنبار التي يحاصر فيها تنظيم داعش المدنيين العزل ويستخدمهم دروعًا بشرية».
وأضاف الكربولي أن «اجتماعًا لحكومة الأنبار المحلية برئاسة محافظ الأنبار، صهيب الراوي، مع رئيس الحكومة الاتحادية رئيس الوزراء، حيدر العبادي، جرى خلاله بحث استعدادات تحرير المحافظة من دنس عصابات (داعش) الإرهابية وحماية المواطنين، وإعادة العائلات النازحة ومشاركة أهالي الأنبار في تحرير مناطقهم، إضافة إلى مسك الأرض بعد تحريرها».
من جانبه، قال الدكتور عبد الهادي أسود، مدير مركز الإسناد والدعم النفسي والاجتماعي في مستشفى الفلوجة التعليمي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الوضع الصحي في المدينة يزداد تأزمًا، ولدينا نقص كبير جدًا في المواد الطبية والأدوية، وهذا النقص ينذر بكارثة صحية وإنسانية ولا أحد يستمع لنداءاتنا المتكررة للحكومة بأن تعالج الأمر بشكل فوري والقيام بإرسال فرق إغاثة طبية». وتابع: «أعداد الوفيات في تصاعد مستمر، وأغلب الحالات التي يستقبلها مستشفى الفلوجة من الجرحى والمرضى صرنا نقف أمامها عاجزين لعدم قدرتنا على تقديم شيء بسبب عدم توفر المواد الطبية والعلاجية». وأشار إلى أن «مستشفى الفلوجة استقبل (3079) جثة بينها (250 امرأة و404 طفل منذ احتلال المدينة من قبل مسلحي تنظيم داعش والعدد يتزايد بشكل يومي».
وفي سياق متصل، أكد محافظ الأنبار، صهيب الراوي، أن «ما يتعرض له المدنيّون الذين اضطروا للبقاء في الأنبار، هو كارثة إنسانية تضعهم في تماس مباشر ضمن رحى معارك التحرير الدائرة في الأنبار، وهذا ما يتطلب توفير ممر ومكان آمن لهم». وقال الراوي في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «شددنا خلال لقائنا برئيس الوزراء حيدر العبادي، على أهمية توفير الممر والمكان الآمن للمواطنين الأبرياء العزل المحاصرين في مدن الأنبار حتى الآن، والذين يعانون من سطوة مسلحي تنظيم داعش الإرهابي ومن نار القصف العشوائي، وكذلك طالبنا بتقديم الدعم والمساعدة لإغاثة من خرج من مدن الأنبار نازحًا إلى مناطق أخرى آمنة، وهذان المطلبان هما ضرورة لا تقل أهمية عن تحرير المحافظة من كيان (داعش) الإرهابي».
وأضاف الراوي: «إن رئيس الوزراء حيدر العبادي أكد من جهتهِ التزامات الحكومة المركزية في إغاثة النازحين وتوفير الممرات الآمنة لمن بقي في الأنبار، بالتزامن مع جهود التحرير التي تمضي فيها التشكيلات العسكرية الرسمية وبالتعاون مع أبناء العشائر، مؤكدًا في الوقت نفسه على ضرورة التكاتف والعمل بروح الفريق الواحد للخروج من الأزمة التي يمر بها العراق».
من جهة أخرى، قال أركان خلف الطرموز، عضو مجلس محافظة الأنبار ورئيس لجنة الإعمار فيها، إن مدينة الفلوجة «تحولت إلى خراب، فقد تم تدمير ما نسبته 80 في المائة من بنيتها التحتية، وهي ما بين أحياء سكنية ومبان حكومية، كما شهدت المدينة نزوح أكثر من نصف مليون من مجموع سكانها إلى مناطق متفرقة والبقية من أهلها هم يقبعون تحت حصار مسلحي (داعش) ونيران القصف العشوائي من قبل القوات الحكومية المخيف». وأضاف: «إن المدينة تحتاج إلى منظمات إغاثية دولية تدخل لإنقاذ أرواح الآلاف من الأبرياء المحاصرين، كما تحتاج المدينة إلى مبالغ كبيرة لإعادة إعمارها بعد تحريرها من سطوة تنظيم داعش».
وفي ناحية الصقلاوية (45 كم شرق مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار)، أعلن حكمت سليمان المستشار السياسي لمحافظ الأنبار، عن تحرير 70 في المائة من ناحية الصقلاوية شمال الفلوجة، وبين أن القوات الأمنية والحشد الشعبي فرضت سيطرتها على عدة مؤسسات حكومية وسط الناحية.
وقال سليمان لـ«الشرق الأوسط»، إن «القوات الأمنية أطلقت عملية عسكرية شاركت بها قوات من الجيش العراقي والحشد الشعبي وأبناء عشائر الصقلاوية وبمساندة طيران الجيش»، موضحًا أن «هذه القوات تمكنت من تحرير 70 في المائة من ناحية الصقلاوية شمال الفلوجة». وأضاف أن «القوات استطاعت أن تحرر بناية المجلس المحلي وبناية مديرية الناحية ومركز الشرطة والمركز الصحي وجامع الصقلاوية»، مؤكدًا أنها «فرضت سيطرتها على جميع تلك الدوائر».
من جانبه، أعلن مصدر أمني عراقي، أمس، أن تنظيم داعش أعدم 3 نازحين في قضاء الشرقاط (290 كيلومترًا شمال بغداد). وقال المصدر إن «تنظيم داعش نفذ حكم الإعدام بحق 3 من النازحين من تكريت في قضاء الشرقاط بتهمة الردة والتعاون مع الحكومة الصفوية رميًا بالرصاص».



مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.