واشنطن تقترح بعثة تحقيق حول الهجوم بغاز الكلور في سوريا.. والمعارضة ترحب

نائب رئيس «الائتلاف»: نأمل أن يشكّل ضغطًا على الأسد لإيقاف جرائمه والقبول بالحل السياسي

رجل يضع كمامة للتنفس بالاكسجين في قرية كنسفرة بحلب (رويترز)
رجل يضع كمامة للتنفس بالاكسجين في قرية كنسفرة بحلب (رويترز)
TT

واشنطن تقترح بعثة تحقيق حول الهجوم بغاز الكلور في سوريا.. والمعارضة ترحب

رجل يضع كمامة للتنفس بالاكسجين في قرية كنسفرة بحلب (رويترز)
رجل يضع كمامة للتنفس بالاكسجين في قرية كنسفرة بحلب (رويترز)

أعرب «الائتلاف الوطني السوري» المعارض أمس عن أمله أن يكون اقتراح الولايات المتحدة على مجلس الأمن الدولي تكليف فريق خبراء تحديد المسؤولين عن الهجمات بغاز الكلور في البلاد، جزءًا من «سياق الضغط على (الرئيس السوري بشار) الأسد لإيقاف جرائم نظامه والقبول بالحل السياسي، ومحاكمته على جرائمه على طاولة الأمم المتحدة».
واشنطن كانت قد اقترحت مساء أول من أمس (الخميس)، تكليف فريق لتحديد المسؤولين عن هجمات الكلور التي نسبها المراقبون الغربيون لقوات الأسد. وحسب مشروع القرار الذي اقترحته واشنطن، فإن هذه البعثة التي أطلق عليها «آلية مشتركة للتحقيق» ستكون مؤلفة من خبراء من الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية. وستكون مهمتها «تحديد وبكل الوسائل الممكنة الأشخاص والهيئات والمجموعات والحكومات» التي نظّمت ورعت أو ارتكبت هذه الهجمات.
ولقد أمل هشام مروة، نائب رئيس «الائتلاف» في تعليقه على هذه الخطوة، أن «يساهم هذا الاقتراح بالضغط على نظام الأسد لإيقاف تلك الجرائم، ودفعه باتجاه حل سياسي». واعتبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الحل «سينهي الحرب، ويردع النظام عن الاستمرار بقتل الشعب السوري ويحيل الأسد إلى المحاكم الدولية لمحاكمته على جرائمه». كذلك أعرب عن أمنيته أن تفعل قرارات الأمم المتحدة أيضا لإدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة.
غير أن مروة أردف أن تشكيل فريق للبحث عمّن أطلق غاز الكلور «قد تكون خطوة مفهومة خلال أسبوع على رصد الحادثة، أي فور وقوعها، ولكن ليس بعد أشهر»، مشيرًا إلى «إننا نتمنى ألا تأتي التحقيقات في سياق مختلف عمّا نتوقعه، لأن الجهة التي تمتلك الأسلحة الكيماوية واستخدمتها معروفة، وهي النظام، ولقد وثقت تلك الأحداث في تقارير وشهادات قُدّمت إلى مجلس حقوق الإنسان ولجنة تقصي الحقائق».
ومعروف أن المعارضة السورية تتهم قوات النظام باستخدام غازات سامة معبأة في براميل متفجرة وذخائر تستخدم لضرب قوات المعارضة ومناطق تجمع المدنيين. وكان «الائتلاف» قد أرسل إلى مجلس الأمن الدولي خطابًا في شهر مايو (أيار) الماضي، طالب فيه بالتحقيق لتحديد المسؤول عن الهجمات بغاز الكلور، وأبلغ فيه عن تسع هجمات على الأقل بأسلحة كيماوية خلال الأسبوعين الأخيرين من شهر أبريل (نيسان) الماضي في محافظتي إدلب وحماه، بينها استهداف بلدة سراقب بريف إدلب.
وحسب كلام مروة: «تمتلك الولايات المتحدة وسائر الدول الغربية أدلة كافية تؤكد استخدام النظام لغاز الكلور، لكن السؤال المطروح دائمًا، هل سيطبق القرار 2209 (الصادر عن الأمم المتحدة في 6 مارس (آذار) الماضي) الذي يدين استخدام غاز الكلور في النزاع السوري ويؤكد فرض عقوبات على مستخدميه تحت الفصل السابع».
وأضاف مروة: «لقد تأخر كثيرا الحديث عن تفعيل الفقرة الخاصة بقرار مجلس الأمن، لكن أن تأتي متأخرا، خير من ألا تأتي أبدًا»، لافتًا إلى أن استخدام النظام للكلور «ضبط نحو 35 مرة بعد إصدار قرار الأمم المتحدة، فيما وثق استخدامه نحو 90 مرة، منذ تسليم الأسلحة الكيماوية وانضمام النظام لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية». وتابع أن النظام يستخدم الكلور عبر البراميل المتفجرة التي ألقيت على مدينة إدلب بعد سيطرة قوات المعارضة عليها، مشيرًا إلى أن ذلك «موثق في مقاطع فيديو عُرضت في شاشات التلفزة».
هذا، ويحدد مشروع الاقتراح الذي قدمته الولايات المتحدة مساء أول من أمس (الخميس) إلى الأمم المتحدة، أن تكون مهمة البعثة «لمدة عام مع إمكانية تمديدها، ويجب أن ترفع تقريرها الأول خلال 90 يوما بعد بدء مهمتها». وأشار مشروع القرار الذي نقلته وكالة «الصحافة الفرنسية» إلى أن أعضاءها يجب أن يكونوا «محايدين وعندهم خبرة»، وأن يتم اختيارهم على أساس «جغرافي بقدر المستطاع». ويطلب مشروع القرار من الحكومة السورية وكذلك من الدول الأخرى الأعضاء في الأمم المتحدة «التعاون كليا» مع الخبراء وتقديم «كل معلومة مهمة» لهم والسماح لهم بالوصول إلى الأماكن التي استهدفتها الهجمات الكيماوية. وجاء في كلام السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة سامنتا باور، عن الموضوع «نظرا إلى الاتهامات حول الهجمات بغاز الكلور في سوريا وغياب أي هيئة دولية لتحديد المسؤولين عن الهجمات بالأسلحة الكيماوية، من المهم أن يتوصل مجلس الأمن إلى اتفاق لتشكيل آلية تحقيق مستقلة».
يبقى الإشارة إلى أن منظمة حظر الأسلحة الكيماوية لم تحمّل مسؤولية هذه الهجمات للنظام السوري أو للمعارضة المسلحة اللذين يتبادلان التهم، وذلك لأن هذا الأمر لا يدخل ضمن صلاحياتها. وحسب دبلوماسي في مجلس الأمن، فإن فكرة واشنطن هي «السماح للأمم المتحدة الاستفادة من الخبرة التقنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية» التي تنشر طاقمًا لها في سوريا. ويقول دبلوماسيون، إن المحادثات بين الدول الأعضاء الـ15 حول هذا النص ستبدأ الاثنين.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.