«أبناء المهجر» في المنتخب المغربي يصنعون الحدث في «مونديال قطر»

«العائلة» أسهمت بدور كبير في إقناعهم بحمل قميص بلدهم الأصلي

«أبناء المهجر» في المنتخب المغربي يصنعون الحدث في «مونديال قطر»
TT

«أبناء المهجر» في المنتخب المغربي يصنعون الحدث في «مونديال قطر»

«أبناء المهجر» في المنتخب المغربي يصنعون الحدث في «مونديال قطر»

في ظل مشاعر الفرح التي تعمّ المغاربة، هذه الأيام، إثر نجاح منتخبهم في الوصول إلى المربع الذهبي لنهائيات كأس العالم في قطر، كان طبيعياً أن تتوقف قراءات ومتابعات المهتمين والمحللين عند أسباب هذا الحضور الكروي المغربي الرائع، ووقوفه نداً لند أمام أعتى المدارس الكروية العالمية، خصوصاً بعد أن رفع المدرب وليد الركراكي، سقف الطموح بإعلان حلمه في الفوز بكأس العالم.
ومن بين نقاط التميز والقوة، توقف المحللون كثيراً عند العناصر المشكلة للمنتخب المغربي، والتي يلعب أغلبها في أكبر الدوريات الكروية العالمية.
غير أن أجمل ما رافق «البورتريهات» التي رسمت للاعبي منتخب المغرب، يبقى ذلك الاحتفاء بدفء الانتماء إلى بلد الآباء والأجداد الذي عبّر عنه عدد من اللاعبين الذين رأوا النور ونشأوا في بلدان المهجر، من دون أن يفقدوا روابط الصلة مع البلد الأم.
ولخص الشاعر المغربي صلاح الوديع هذه العلاقة الدافئة التي لطالما ربطت أبناء مغاربة المهجر بالمغرب قائلاً: «لا بأس أن نستحضر هؤلاء اللاعبين الأبطال الذين احتفظوا بانتمائهم للوطن، على رغم كون أغلبهم أبناء فقر وغربة وشتات... هؤلاء الذين احتفل بهم شعب من أقصاه إلى أقصاه، من المدرب إلى حارس المرمى، بعد أن جسّدوا طموح وأحلام بلد بأكمله».
ورأى أغلب لاعبي منتخب المغرب المشارك في نهائيات كاس العالم في قطر 2022، النور أو نشأوا في بلدان المهجر. يتعلق الأمر بالمدرب وليد الركراكي ومساعده الثاني غريب أمزين، والحارس الأول ياسين بونو (كندا)، وأشرف حكيمي (إسبانيا)، ورومان سايس (فرنسا)، ونصير مزراوي (هولندا)، وسفيان أمرابط (هولندا)، وسليم أملاح (بلجيكا)، وعبد الحميد الصابيري (ألمانيا)، وبلال الخنوس (بلجيكا)، وزكرياء أبو خلال (هولندا)، وسفيان بوفال (فرنسا)، وإلياس الشاعر (بلجيكا)، ووليد شديرة (إيطاليا) وأنس الزروري (بلجيكا). بل إن منهم من ينحدر من أب مغربي وأم أجنبية كما هو حال اللاعبين الشاعر وأملاح، أو من أب أجنبي (ليبي) وأم مغربية، كما هو حال أبو خلال.
والمثير في تشكيلة المنتخب المغربي، أن وراء كل عنصر من عناصره حكاية تستحق أن تروى. بداية من وليد الركراكي، وصولاً إلى الخنوس أصغر لاعبي النخبة المغربية (18 سنة).
ويرى المغاربة في تلبية لاعبين من أصول مغربية، ولدوا في بلدان المهجر، وتكونوا فيها على أعلى مستوى، لنداء القلب وتمثيل منتخب المغرب دليلاً على عمق الروابط التي تجمع مغاربة العالم ببلدهم الأم.
ونجح المسؤولون المغاربة، خلال السنوات الأخيرة، في تعديل كِفة «صراع» المواهب الكروية لصالحهم نسبياً، ضد نظرائهم في أوروبا، بعد أن استقطبوا لاعبين مميزين، على غرار أشرف حكيمي، وأمين حارث، ونصير مزراوي، وحكيم زياش، وسفيان أمرابط، شقيق اللاعب الدولي المغربي السابق نور الدين أمرابط، وأخيراً بلال الخنوس وأنس الزروري.
وكانت حالة زياش قد شكلت محطة فارقة في سباق استقطاب المواهب بين مسؤولي الكرة في المغرب وهولندا، بشكل خاص، وأوروبا، بشكل عام. إذ أظهرت حجم الصراع الذي يخوضه الطرفان، على أكثر من صعيد، لاستقطاب هؤلاء اللاعبين مزدوجي الجنسية، خصوصاً بعد ما رافق اختيار نجم تشيلسي تمثيل منتخب المغرب، سواء تعلق الأمر بإغراءات الهولنديين، أو استفزازات الجمهور، أو الانتقادات التي تعرض لها من عدد من نجوم الكرة الهولندية، الذين لم يستسيغوا أن يفضل صاحب اليسرى الساحرة «أسود الأطلس» على «الطواحين الهولندية»، إلى درجة أن النجم الهولندي السابق ماركو فان باستن، قال إن «زياش غبي لاختياره المغرب عوض هولندا».
وزادت، في العقدين الأخيرين، أعداد اللاعبين ذوي الأصول المغربية في عدد من دوريات أوروبا، خصوصاً في إيطاليا، وفرنسا، وإسبانيا، وبلجيكا وهولندا، الذين فضّلوا اللعب للمغرب، فتألق عدد منهم بألوان «أسود الأطلس»، نذكر منهم مصطفى حجي، أفضل لاعب بأفريقيا في 1998، ومروان الشماخ، ويونس بلهندة، ومبارك بوصوفة، والمهدي بنعطية، وكريم الأحمدي، والمهدي كارسيلا، وزكريا الأبيض، وعادل تاعرابت.
وكان فوزي لقجع، رئيس «الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم»، تحدث في وقت سابق، عن متابعة الجامعة لأكثر من 400 موهبة كروية تلعب في دوريات أوروبا، مشيراً إلى أن المغرب يلعب أوراقاً كثيرة لدفع هؤلاء اللاعبين إلى ارتداء الألوان المغربية، ومن ذلك ورقة العائلة، مشدداً، في هذا السياق، على الدور الحاسم الذي يلعبه المحيط العائلي لهؤلاء اللاعبين، في سبيل إقناعهم بحمل قميص المنتخب المغربي، ممثلاً لذلك بالدور الذي لعبته والدة زياش في إقناع هذا النجم الواعد باللعب للمنتخب المغربي.
ويبدو أن «ورقة العائلة»، بما تمثله من حمولة ترتبط بالوفاء للجذور وندائها، فضلاً عن نجاح منتخب المغرب في العودة إلى أجواء المنافسة العالمية، لعبا دوراً في تفضيل مواهب كثيرة، اللعب بقميص «أسود الأطلس».
في سياق ذلك، أجمعت ردود الفعل العالمية، هذه الأيام، على الإشادة بوصول المنتخب المغربي إلى المربع الذهبي. وعددت، في هذا السياق، جملة من عناصر الإنجاز غير المسبوق عربياً وأفريقياً، بشكل أكد، أن الأمر يتعلق بنتائج تتعدى ما يحيط بلعبة شعبية، لتلامس القيم والتضامن وعمق العلاقات والمشاعر الإنسانية والنماذج التنموية والحضارية للأمم والشعوب، من منطلق أن انتصارات «أسود الأطلس» تسوق للنموذج المغربي وقيمه، وخلفيته الثقافية والحضارية والتحولات التنموية التي شهدها في العقدين الأخيرين، مقدمة «صورة مشرفة عن المغرب بعفوية وتلقائية»، بحيث إن ظهور المنتخب المغربي في أكبر محفل كروي عالمي، حمل «رسائل لم تكن محكومة ببعد إشهاري أو تجاري»، و«كان تعبيراً عفوياً يدل على طبيعة القيم التي توجه المواطن المغربي»، منوهين بسجود لاعبي المنتخب المغربي حمداً لله، ولجوئهم إلى دفء العائلة وحضن الأم، عقب كل مقابلة.
وتوقفت ردود الفعل، عند المشاهد والصور التي تابعها العالم، والتي أظهرت مدرب ولاعبي المنتخب المغرب وهم يحضنون ويقبّلون، ويرقصون في سعادة مؤثرة، مع آبائهم وأمهاتهم، مشيرين إلى أن الأمر يتعلق بصور ستبقى للتاريخ، وقد تابعها الملايين من البشر عبر العالم، مشددين على أن هذه المشاهد بقدر ما جاءت عفوية، حملت أعظم ما في الثقافة العربية من قيم، تتلخص في «البر بالوالدين»، منتهين إلى «أن مونديال قطر نقل لـ«صراع القيم» بامتياز، ومونديال «العائلة» و«رضا الوالدين»، مشيرين بذلك، إلى صورة اللاعب سفيان بوفال ووالدته، وهما على أرضية ملعب «الثمامة»، في دور ربع نهائي المنافسة، الذي أسفر عن فوز «أسود الأطلس» على البرتغال؛ أو صور يوسف النصيري وهو يعانق والده؛ وياسين بونو، وهو يلاعب ابنه الصغير على أرضية ملعب شهد وقوفه جداراً منيعاً أمام البرتغاليين، من دون الحديث عن صعود اللاعبين أشرف حكيمي ونايف أكرد وعبد الحميد الصابيري، وكذا المدرب وليد الركراكي، وآخرون، إلى المدرجات لمعانقة أمهاتهم وعائلاتهم.
ومن المفارقات اللافتة في «مونديال قطر»، أن صور اللاعبين المغاربة وهم في أحضان عائلاتهم، يقبّلون رؤوس آبائهم وأمهاتهم، في تكريم لافت لمفهوم العائلة التقليدية، جاءت على نقيض الجدل الذي انطلقت على إيقاعه المنافسات، والذي كان من أبرز عناوينه قيام لاعبي المنتخب الألماني بتغطية أفواههم بأيديهم أثناء التقاط صورة جماعية لهم قبل مباراتهم أمام اليابان لحساب دور المجموعات؛ وذلك احتجاجاً على قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بحظر ارتداء شارة «حب واحد» التي تدعم حقوق المثليين.
وفضلاً عن سعيهم المتواصل لاستقطاب نجوم الدوريات الأوروبية، من أصل مغربي، إلى المنتخب الأول، زاد المسؤولون المغاربة، في السنوات الأخيرة، من درجة استقطابهم للمواهب المغربية في المهجر إلى مختلف المنتخبات المغربية، فضلاً عن استقطاب لاعبين إلى صفوف منتخب كرة الصالات الذي يحتل المرتبة الثامنة في التصنيف الدولي، أو لاعبات إلى صفوف المنتخب النسوي الذي لعب نهائي بطولة كأس أفريقيا للأمم الأخيرة.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».