قيادة التحالف: لسنا معنيين بـ«الهدنة».. والأمم المتحدة لم تنسق معنا

عسيري قال لـ {الشرق الأوسط} إن المنظمة الدولية لم تطرح آليات لتنفيذ وقف النار في اليمن

دخان يتصاعد إثر غارة شنتها قوات التحالف على موقع تابع للحوثيين في صنعاء نهار أمس قبل دخول الهدنة حيز التنفيذ (إ.ب.أ)
دخان يتصاعد إثر غارة شنتها قوات التحالف على موقع تابع للحوثيين في صنعاء نهار أمس قبل دخول الهدنة حيز التنفيذ (إ.ب.أ)
TT

قيادة التحالف: لسنا معنيين بـ«الهدنة».. والأمم المتحدة لم تنسق معنا

دخان يتصاعد إثر غارة شنتها قوات التحالف على موقع تابع للحوثيين في صنعاء نهار أمس قبل دخول الهدنة حيز التنفيذ (إ.ب.أ)
دخان يتصاعد إثر غارة شنتها قوات التحالف على موقع تابع للحوثيين في صنعاء نهار أمس قبل دخول الهدنة حيز التنفيذ (إ.ب.أ)

أكدت قيادة التحالف العربي الذي تقوده السعودية لإعادة الشرعية إلى اليمن، أنها لن تلتزم بالهدنة التي أعلنتها الأمم المتحدة وحددت بدء سريانها بمنتصف ليل أمس، وذلك لأن الطرف الآخر، المتمثل في المتمردين على الشرعية، لم يقدموا آلية لتنفيذ الهدنة.
وأضافت أن قيادة قوات التحالف لم تلتق بأحد من الأمم المتحدة للتنسيق حول الهدنة، علما بأن الأجواء اليمنية والمياه الإقليمية تخضع لسيطرة تحالف «إعادة الأمل». وشددت على العمليات العسكرية مستمرة على عكس الهدنة الأولى الذي كانت في مايو (أيار) الماضي وشهدت خروقات في الساعات الأولى من قبل الميليشيات الحوثية وأتباع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
وأوضح العميد ركن أحمد عسيري، المتحدث باسم قوات التحالف، المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي لـ«الشرق الأوسط»، أنه ليست هناك هدنة من دون التزام واضح من قبل الطرف الثاني عبر وسائل الإعلام، وأيضا من دون عرض آلية لتنفيذ الهدنة، مشيرًا إلى أن قيادة قوات التحالف، سبق وأن قامت بتجربة الهدنة في مايو، وجرى إيقاف جميع العمليات القتالية، إلا أن ما نتج عن ذلك كان المزيد من العمليات العسكرية ضد الحدود السعودية الجنوبية مع اليمن، وأيضا ضد المدن، وانتشار الميليشيات المسلحة، وإعادة تدريب المتمردين. وأضاف: «هذا عمل عبثي يجب ألا تلتزم به قيادة قوات التحالف. نحن في (إعادة) الأمل، غير معنيين بهذه الهدنة، لأنه ليس فيها التزام من قبل الميليشيات الحوثية ولا من قبل القائمين عليها، وفي نفس الوقت عدم وجود آلية للتطبيق، إضافة إلى رصد الكثير من المخالفات على الأراضي اليمنية».
وتابع العميد عسيري، أن أي هدنة يجب أن تكون مرفوقة بوجود مراقبين من الأمم المتحدة، في داخل المدن لرصد المخالفات المحتملة. وأوضح أنه عندما يكون هناك جهد من الأمم المتحدة في هذا الاتجاه، فإن قوات التحالف ستكون أول من يرحب به، شرط أن يكون العمل حقيقيا ومنظما.
وأكد المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي، أن قيادة قوات التحالف، لم تلتق بأحد من الأمم المتحدة، للتنسيق حول الهدنة الإنسانية التي أعلنت عنها الأمم المتحدة، خصوصا على المستوى السياسي. وأشار أيضا إلى عدم وجود أي ضمانات أممية، ولا آلية تطبيق فعلية.. و«بالتالي فلا أعتقد أن هدنة من طرف واحد، ستكون في صالح المواطن اليمني».
وأوضح العميد عسيري أن تحالف إعادة الأمل رصد صباح أمس عدة تحركات للميليشيات الحوثية وأتباع صالح، نحو المناطق التي طلب الرئيس عبد ربه منصور هادي، في خطابه الذي أرسله إلى الأمم المتحدة من أجل البدء بوقف إطلاق النار، بالانسحاب منها، وبالتالي فإن «هذا رد عملي على مبادرة الأمم المتحدة، ويجب أن نعي جميعا أن التحالف لديه التزام مع القيادة الشرعية اليمنية بحماية المدن، ومنع دخول الميليشيات الحوثية داخل المدن، وإلا سترتكب فظائع مثل ما حدث في محافظتي المنصورة والتواهي في مدينة عدن».
وشدد المتحدث باسم قوات التحالف على وجود «بعد عسكري» للموضوع، مضيفا أن «توقف العمليات العسكرية للتحالف، معناه زيادة تحركات وإعادة تكوين الميليشيات الحوثية ودخولهم إلى المدن واستهداف المواطنين».
وأوضح المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي، أن خطابات المتمردين بخصوص نجاح الهدنة يوم أمس، عارية عن الصحة، و«قيادة قوات التحالف اعتادت على هذه الأكاذيب، والهدف منه رسالة إلى الشعب اليمني بأن من يعيق الهدنة هي قوات التحالف، وهذا غير صحيح». وأكد أن «المتمردين يقولون ما لا يفعلون، والعكس صحيح، وهدفهم الرئيسي هو إحكام (قبضتهم) على الأراضي اليمنية، وإرغام المواطن اليمني بالقوة، وهذا غير مقبول».
وقال عسيري من ناحية أخرى، إن النتائج العسكرية لتحالف «إعادة الأمل»، خلال الأسابيع الماضية، كانت إيجابية. وأضاف أنه «لو لا الله سبحانه وتعالى ثم دعم التحالف الجوي، لأصبح الوضع في اليمن كارثيًا».
وفي نيويورك كان مقررًا عقد مؤتمر صحافي بخصوص الإعلان عن الهدنة المفترضة، لكن المؤتمر ألغي وصدر عوضًا عن ذلك بيان جاء فيه أن المنظمة الدولية «تحشد كل جهودها لإرسال أكبر كميات ممكنة من المساعدات خلال الأيام الباقية في شهر رمضان» إلى اليمن. وأعرب البيان عن امتنان المنظمة الدولية للأطراف المختلفة في اليمن لموافقتها على الهدنة، وذلك بعد جهود ثلاثة أسابيع قام بها المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد. وأضاف البيان أنه خلال الأشهر الثلاثة الماضية وحدها، قتل نحو 3000 شخص في اليمن، وأصيب 14000 شخص، وأن أكثر من مليون شخص أجبروا على الفرار من منازلهم.



فيروس «HMPV»... ما هو؟ وهل يتحوّل إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

فيروس «HMPV»... ما هو؟ وهل يتحوّل إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.