الإعلام الغربي يهتم بوفاة عميد الدبلوماسية ويتوقف عند تاريخه السياسي الحافل

وصف بالحكيم والإنساني والمتواضع والرزين

الإعلام الغربي يهتم بوفاة عميد الدبلوماسية ويتوقف عند تاريخه السياسي الحافل
TT

الإعلام الغربي يهتم بوفاة عميد الدبلوماسية ويتوقف عند تاريخه السياسي الحافل

الإعلام الغربي يهتم بوفاة عميد الدبلوماسية ويتوقف عند تاريخه السياسي الحافل

حظيت تغطية خبر وفاة الأمير سعود الفيصل باهتمام فائق في وسائل الإعلام الغربية وتقدمت على غيرها من أخبار الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الكثير من الصحف والجرائد باعتباره أحد أباطرة الدبلوماسية العالمية وعميدها في العالم العربي طيلة 40 سنة. وأجمع صحافيون ومحللون إعلاميون غربيون على نسب صفات الرزانة والحكمة والإنسانية للأمير الراحل وعلى مهاراته الدبلوماسية وتواضعه وذكائه الثاقب في طاولات الدبلوماسية العالمية.
واهتم الأميركيون ووسائل الإعلام الأميركية برحيل الأمير سعود الفيصل بالدرجة الأولى، حيث نشرت صحيفة «واشنطن بوست» خبر رحيله مع صورة تجمع الأمير بوزير الخارجية الأميركية جون كيري قبل عامين، خلال زيارة كيري للرياض. وكتبت الصحيفة أن الفيصل «كان أطول وزير خارجية في العالم بقاء في منصبه». ووصفته الصحيفة بأنه «طويل القامة، وفخور، وبأنه كان رمز الدبلوماسية في الشرق الأوسط. كما أشارت إلى أنه كان يستفيد من نفوذه في المنطقة في مواجهة الأزمات، من الحرب الأهلية في لبنان في الستينات والثمانينات، مرورا بمراحل النزاع العربي الإسرائيلي، وغزو العراق للكويت عام 1990، وحرب الخليج التي تلت الغزو، وهجمات القاعدة في 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001، وغزو العراق بقيادة أميركية عام 2003».
أما صحيفة «لوس أنجليس تايمز»، فنقلت الخبر مع تفاصيل عن وقت ووسيلة إذاعته. وقالت إن الحكومة السعودية أعلنت الخبر بعد منتصف ليلة الخميس غير أن أخبار وفاته كانت انتشرت قبل ذلك بقليل، عندما كتب أسامة النقلي، المتحدث باسم الخارجية السعودية، في صفحته في موقع «تويتر»: «العين تدمع، والقلب يحزن.. وإنا على فراقك لمحزونون».
بدورها، أشارت صحيفة «شيكاغو تربيون» إلى أن وزير الخارجية كيري كان أشاد بالفيصل في أبريل (نيسان) الماضي عندما تقاعد عميد الدبلوماسية العربية من وزارة الخارجية. وقال كيري في ذلك الوقت: «لم يكن فقط أقدم وزير خارجية في منصبه في العالم، ولكنه كان من أكثرهم حكمة كذلك.. أنا شخصيا أحترم شخصيته، وأقدر صداقتنا، وأستفيد من استشاراته».
ومن جانبه، كان أوباما قد قال عن الفيصل في ذلك الوقت إن أجيالا من قادة الولايات المتحدة ودبلوماسييها «استفادوا من نظراته العميقة للأمور، وقوة شخصيته، وحكمته، وقدراته الدبلوماسية».
وعنونت صحيفة «نيويورك تايمز» في نقلها لخبر رحيل الفيصل «القوة الهادئة في الشرق الأوسط». ووصفته بـ«الدبلوماسي الراقي الذي استعمل الدبلوماسية الهادئة للمحافظة على النفوذ الإقليمي لوطنه، وعلى التحالف مع الولايات المتحدة خلال أربعين عاما كوزير للخارجية». وأضافت أنه «استعمل مزيجا من ثروة النفط، والتأثير الديني، والعلاقات القوية مع قادة العالم، كأدوات من أدوات دبلوماسيته. في كثير من الحالات، كان ذلك بعيدا عن أعين الناس». كما استطردت: «كانت طلاقته في اللغة الإنجليزية مثلها في اللغة العربية. وكان مرتاحا في بدلة وربطة عنق كما هو في اللباس السعودي التقليدي. وكان وجها مألوفا في واشنطن وعواصم أخرى». وعادت «نيويورك تايمز» إلى مقابلة مع الفيصل عام 2009 قال فيها إن أكثر ما يحزنه عدم نجاح مساعيه لتأسيس دولة فلسطينية. كما أضاف: «لم نشهد، حتى الآن، لحظات من الفرح (عن فلسطين) خلال كل هذا الوقت. شهدنا لحظات الأزمات؛ شهدنا لحظات الصراع. لكن، كيف يمكن أن تكون لديك أي متعة في أي شيء يحدث عندما ترى شعبا مثل الفلسطينيين يعيشون في حالتهم هذه؟».
وقال فورد فريكار، سفير الولايات المتحدة لدى السعودية بين الأعوام 2007 - 2009 إنه كان يقول لرؤسائه في واشنطن إن الفيصل كان «واحدا من بين ثلاثة مسؤولين سعوديين ينجزون الأمور سريعا، مع: الملك عبد الله، ثم عادل الجبير (السفير السعودي في واشنطن، الذي خلف الفيصل وزيرا للخارجية)». وأضاف فريكار: «كان الأمير سعود في قلب كل شيء. لم يكن هناك قرار واحد في السياسة الخارجية السعودية لم يشارك فيه».
من جانبها، قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية إن «سعود الفيصل أشرف على صعود السعودية كلاعب دبلوماسي أساسي في الشؤون الدولية، مواجها أزمة بعد أخرى، ومركزا على علاقة بلده مع الغرب». كما نقلت عن نبيل العربي، أمين عام جامعة الدول العربية قوله: «العالم فقد اليوم دبلوماسيا نبيلا، دافع عن وطنه بشجاعة وبسالة». أما صحيفة «التلغراف» فأشارت إلى أناقة الأمير الراحل في إشارة إلى استبداله «الثوب والشماغ التقليدي» ببدلة أنيقة خلال رحلاته إلى العواصم الغربية. كما نقلت الصحيفة عن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قوله: «إني استفدت شخصيا من حكمته العظيمة في الشؤون الدولية». وبدورها سلطت صحيفة «إنترناشيونال بيزنس تايمز» الضوء على تصريح توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، أن الأمير سعود الفيصل كان «يتمتع بإنسانية عظيمة، وبالرحمة والحكمة». كما أضاف أنه «لم يكن يدخر أي جهد لتحقيق السلام».
من جانبها، تناولت الصحافة الفرنسية نبأ وفاة الأمير سعود الفيصل مجمعة على «الدور الرئيسي» الذي لعبه في النزاعات الإقليمية وبكونه «محور العلاقات الدولية في الشرق الأوسط» طيلة الفترة الطويلة التي شغل فيها منصبه وفق ما جاء على موقع الإنترنت لمجلة «الإكسبريس». وركزت المجلة على الجهود التي قام بها الأمير سعود الفيصل من أجل وضع حد للحرب في لبنان التي دامت ما بين العامين 1975 و1990 وكذلك بما قام به في حروب الخليج الثلاثة التي هي الحرب العراقية - الإيرانية ثم حرب تحرير الكويت ثم حرب إسقاط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين. ووصفت المجلة الأمير سعود الفيصل بـ«الدبلوماسي المتمرس». وفيما أشارت المجلة إلى التوتر الذي اعترى العلاقات السعودية - الأميركية بسبب العنف الطائفي الذي ضرب العراق بعد الاحتلال الأميركي عام 2003. وبـ«الانتقادات المباشرة» التي وجهها الأمير سعود الفيصل لسياسة الإدارة الأميركية في المنطقة أيام الرئيس السابق جورج بوش، إلا أنها نوهت بالزيارات الكثيرة التي قام بها إلى واشنطن وباستمرار التواصل مع كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية. وقدمت المجلة نبذة مفصلة عن حياة الأمير الراحل وعن تدرجه في المناصب في السعودية حتى تعيينه وزيرا للخارجية في عام 1975.
أما صحيفة «ليه زيكو» فوصفته بالوزير «بالغ التأثير» وبأنه «ضرب الرقم القياسي» على الصعيد العالمي في شغل منصب وزارة الخارجية عبر العالم بينما عنونت صحيفة «ليبراسيون» في خبر وفاته: «رحيل وجه الدبلوماسية السعودية». أما مجلة «لو بوان»، فقد كتبت أن الأمير سعود الفيصل «جسد السياسة الخارجية لبلاده طيلة أربعة عقود وشغل منصبه خلال تولي أربعة ملوك» حكم المملكة كما أنه أقام «علاقات وثيقة» مع الكثير من القادة الأوروبيين منوهة بالدور الذي لعبه في إعادة إطلاق خطة السلام العربية في عام 2007. وأضافت المجلة أن تخلي الأمير سعود الفيصل عن منصبه «جاء في مرحلة من تصاعد التوترات الإقليمية التي أبرزها الدور الذي تلعبه المملكة السعودية في العمليات العسكرية في مسرحين مختلفين: الأول، في اليمن والثاني ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا». كذلك عمدت «لو بوان» إلى نقل أصداء ردود الفعل الدولية والعربية على رحيل وزير الخارجية السعودي السابق مشيرة إلى ما جاء في كلام الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري وأمين عام الجامعة العربية.



السودانيون يتداولون أسماء لتولي رئاسة الحكومة المدنية

وصول مساعدات المعونة الأميركية إلى ميناء بورتسودان أمس (أ.ف.ب)
وصول مساعدات المعونة الأميركية إلى ميناء بورتسودان أمس (أ.ف.ب)
TT

السودانيون يتداولون أسماء لتولي رئاسة الحكومة المدنية

وصول مساعدات المعونة الأميركية إلى ميناء بورتسودان أمس (أ.ف.ب)
وصول مساعدات المعونة الأميركية إلى ميناء بورتسودان أمس (أ.ف.ب)

بدأ سباق إعلامي على خلفية التسريبات من الغرف المغلقة حول أسماء المرشحين لتولي منصب رئيس وزراء الحكومة المدنية المرتقبة في السودان، فيما أكدت مصادر موثوقة لـ«الشرق الأوسط»، أن هذا الأمر سابق لأوانه، وأن البعض ربما يحاول تسويق بعض الأسماء، لكن الجهات المعنية بأمر العملية السياسية تتمسك بأن اختيار رئيس الوزراء يحتاج إلى توافق كبير بين الأطراف المختلفة التي تشكل الحاضنة الجديدة للسلطة الانتقالية التي لم تتشكل بعد.
وأفادت المصادر ذاتها بأن موضوع الأسماء غير مطروح في الوقت الحالي لأن العملية السياسية لا تزال في بداياتها ويمكن الحديث عن الترشيحات عقب التوقيع على «الاتفاق الإطاري» بين المدنيين والعسكريين. وأكدت أن «تحالف الحرية والتغيير، والمجموعات الأخرى، لم تبدأ في أي نقاش حول هذا الأمر، لكن هذا لا يمنع أي جهة كانت أن تتقدم بالمرشح الذي تراه مناسباً». وأوضحت أن المرشح لمنصب رئيس الوزراء سيخضع للتشاور بين أطراف كثيرة، وأن الوصول إلى التوافق على شخص لقيادة الحكومة المدنية في هذا الوقت لن يكون سهلاً، لكن ليس أمام قوى الانتقال مفر من التوافق على مرشح يجد قبولاً واسعاً وسط القوى السياسية وحراك الشارع.
ومن بين الأسماء التي ترددت لتولي منصب رئيس الوزراء، طه عثمان، وهو من قيادات تحالف «الحرية والتغيير» التي قادت المفاوضات مع قادة الجيش خلال الفترة الماضية حتى تم التوصل إلى «تفاهمات حول مسودة الوثيقة الدستورية، التي أعدتها نقابة المحامين»، والتي تحدد هياكل وصلاحيات مؤسسات وأجهزة السلطة الانتقالية المتفق عليها.
كما برز اسم وزير المالية الأسبق، إبراهيم البدوي، الذي عمل في حكومة رئيس الوزراء المستقيل، عبد الله حمدوك. وتردد أيضاً اسم وزير العدل الأسبق، نصر الدين عبد الباري، الذي عمل أيضاً في حكومة حمدوك، وتتردد إشاعات بأنه يحظى بدعم مقدر من قوى دولية. وتقول المصادر إنه بصرف النظر عن الأسماء، فلا شك أن هناك مجموعات ضغط (لوبيات) تدفع باتجاه تقديم المرشح الأقوى لرئاسة الحكومة الانتقالية المدنية، التي لا بد أن تتخذ قرارات صعبة، وربما مواجهات سياسية مع أنصار النظام المعزول من الإسلاميين المنتمين إلى حزب المؤتمر الوطني الذي كان يرأسه الرئيس السابق عمر البشير.
لكن غالبية المصادر أشارت إلى أن هذه الترشيحات لا تخرج عن كونها ترويجاً وسباقاً لبعض القوى السياسية والمدنية لرسم المشهد السياسي في البلاد قبل اكتمال العملية السياسية، التي تحتاج إلى خطوات كبيرة للوصول إلى الاتفاق النهائي. وقالت المصادر: «في الوقت الراهن لا يمكن الحديث عن أي حظوظ للأسماء المطروحة للتنافس على المنصب»، لكنها توقعت أن ترتفع وتيرة الحملات الإعلامية في الفترة المقبلة في محاولة للتسويق السياسي لهذه الأسماء.
ونصّت التفاهمات التي توصل إليها تحالف «الحرية والتغيير» مع القيادة العسكرية في البلاد، وفق مسودة الدستور المقترح، على أن يكون رئيس الوزراء ومجلسه من الكفاءات الوطنية المستقلة، بعيداً عن المحاصصات الحزبية، وأن تختارهم القوى السياسية التي ستوقع على «الإعلان السياسي الجديد، مع مراعاة التمثيل العادل للنساء والتنوع العرقي والجهوي دون الإخلال بمبدأ الكفاءة».
وأكد القيادي في تحالف «الحرية والتغيير» ياسر عرمان، في حديث أول من أمس، أن اختيار رئيس الوزراء «يجب أن يتم بالتشاور بين قوى الثورة، بما في ذلك أطراف عملية السلام (الفصائل المسلحة)، بالإضافة إلى قوى الانتقال الديموقراطي». وتنقسم العملية السياسية إلى مرحلتين، الأولى التوقيع على «الاتفاق الإطاري» بما تم التوصل إليه من توافق حول مسودة الدستور، ومن ثم الانتقال إلى المرحلة الثانية بالتوقيع على «الاتفاق النهائي»، الذي يعقبه تشكيل الحكومة التنفيذية.