انقلابيو اليمن يهدرون المليارات على مناسباتهم الطائفية وأُسر قتلاهم

وسط اتساع رقعة الفقر وانعدام سبل العيش وتوقف الرواتب

مقبرة أقامتها الميليشيات الحوثية لقتلاها (تويتر)
مقبرة أقامتها الميليشيات الحوثية لقتلاها (تويتر)
TT

انقلابيو اليمن يهدرون المليارات على مناسباتهم الطائفية وأُسر قتلاهم

مقبرة أقامتها الميليشيات الحوثية لقتلاها (تويتر)
مقبرة أقامتها الميليشيات الحوثية لقتلاها (تويتر)

على غرار نهج الميليشيات الحوثية سنوياً في تبديد الأموال لمصلحة عناصرها، والترويج لأفكارها ذات الصبغة الطائفية، والإنفاق على قادتها، وشراء الولاءات، واصلت الجماعة هذه السنة إنفاق مليارات الريالات، على إقامة المناسبات وتشييد المقابر والإنفاق على أُسر قتلاها، بالتزامن مع حلول الذكرى السنوية التي تحتفل فيها بذكرى القتلى.
وفي هذا السياق، أفادت مصادر مطلعة في صنعاء بأن المؤسسة الحوثية المسؤولة عن شؤون القتلى، استكملت في الأيام الماضية التحضير لإقامة مئات الفعاليات، للاحتفال بذكرى قتلى الجماعة.
واشتملت تلك التحضيرات –حسب المصادر- على طباعة كميات مهولة من صور آلاف الصرعى، وصور كبار القادة القتلى، إلى جانب شعارات بأحجام مختلفة تحرض السكان على الانضمام إلى ميادين القتال.
وذكرت المصادر أن الميليشيات صممت أشكالاً جديدة للاحتفال، تمثلت في وضع صورة كل قتيل وسط درع، مع إضافة كلمات لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، تحمل رسائل تحريضية لأبناء القتلى للالتحاق بالجبهات.
وكانت الجماعة الحوثية قد شرعت في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بالإعداد والتحضير لاستقبال تلك المناسبة، عبر إصدار كبار قادتها تعميمات في عموم المدن والقرى والأحياء والمدارس والمساجد في مناطق سيطرتهم، تحض على البدء في إقامة المعارض وإحياء الفعاليات المصاحبة لها، في إطار تخليد القتلى، والحض على السير على نهجهم، وتحفيز المواطنين على الالتحاق بالجبهات لنيل ما تصفه الجماعة بـ«شرف الشهادة».
وبموجب تلك التعليمات، شهد كل من صنعاء العاصمة وريفها والحديدة وذمار وإب وريمة والمحويت وحجة وصعدة وعمران، ومدن أخرى تحت قبضة الجماعة، في غضون 17 يوماً ماضية، إقامة أكثر من 112 فعالية مختلفة، وفق ما ذكرته مصادر مقربة من دائرة حكم الجماعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط».
وقالت المصادر إن الجماعة أهدرت في سبيل ذلك مليارات الريالات، في ظل مواصلة تجاهلها لمعاناة ملايين السكان، وحرمانهم منذ الانقلاب من الحصول على أبسط الحقوق وأقل الخدمات الأساسية.
وكشفت المصادر عن تخصيص الجماعة الحوثية هذه السنة -كمرحلة أولى- أكثر من 75 مليار ريال يمني (الدولار يعادل 600 ريال) للإنفاق على تجهيز ما يزيد على 28 مقبرة جديدة لقتلاها في 12 منطقة تحت قبضتها، وللإنفاق على احتفالاتها السنوية بما تسميه «أسبوع الشهيد».
وعزا مراقبون ارتفاع عدد المقابر التي استحدثتها الجماعة سابقاً وفي الوقت الحالي إلى الأعداد الضخمة من القتلى في صفوفها، الذين سقطوا تباعاً خلال السنوات المنصرمة على أيدي قوات الجيش الوطني.
وعلى الرغم من تخوف الميليشيات، وعدم الكشف عن الحصيلة الحقيقية لحجم خسائرها البشرية، فإن مصادر محلية في صنعاء قدَّرت في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة خسرت في عام 2017 وحده، نحو 50 ألف قتيل وجريح من أتباعها.
وكان القيادي الحوثي عبد الله الكستبان، المعين مديراً لمؤسسة القتلى في فرع صعدة، قد كشف في تصريحات سابقة بثتها وسائل إعلام انقلابية، عن أن محافظة صعدة (معقل الميليشيات) تعد من أكثر المحافظات التي قدمت ضحايا في سبيل إنجاح مشروع ما تسمى «المسيرة الحوثية»؛ حيث قدر عددهم بأكثر من 12500 قتيل من مختلف الأعمار حتى نهاية 2020.
وأكد أن جماعته، عبر المؤسسة نفسها، أنفقت في الفترة ذاتها أكثر من 233 مليون ريال، خُصصت كمعونات وسلال غذائية وهدايا وملابس عيدية لصالح أُسر قتلاها في المحافظة.
بالإضافة إلى ذلك، كشف تقرير صادر عن فرع مؤسسة قتلى الجماعة بمحافظة ريف صنعاء، عن تسخير ما يزيد على 52 مليون ريال يمني، لإقامة أنشطة ومشروعات، دعماً لأُسر قتلى الجماعة في المحافظة خلال عام 2020؛ حيث توزع بعضها على افتتاح مقابر جديدة، وتزيين وتسوير أخرى سابقة، إلى جانب إقامة برامج وفعاليات حملت الصبغة الطائفية، وهدفت لخداع أبناء القتلى، وتحفيزهم على الانضمام إلى صفوف الجماعة، والانخراط في جبهاتها.
وبالتوازي مع ذلك، كشف تقرير آخر صادر عن مؤسسة قتلى الجماعة (المركز الرئيس بصنعاء) عن إنفاقها في 2020 أكثر من 406 مليارات و553 مليوناً و508 آلاف ريال، لصالح مشروعات على صلة بقتلاها في محافظات تحت سيطرتها، توزع بعضها -حسب التقرير- على تجهيز وتأهيل وصيانة مئات المقابر، وأخرى تتعلق بإقامة الفعاليات والبرامج التعبوية، وكذا تقديم المساعدات العينية والنقدية، وقيمة مستلزمات وأدوية ومنح علاجية وتعليم عام وجامعي، وغير ذلك.
ويأتي هذا العبث الذي تمارسه الجماعة الحوثية بالأموال متزامناً مع تحذيرات جديدة أعلنت عنها اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر»، بخصوص تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل 2023، مُؤكدة أن اليمن يمر حالياً بأحد أصعب الأوقات في تاريخه الحديث.
وقالت اللجنة إنه «من المرجح أن تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن في عام 2023، في ظل عدم تهدئة الصراع، والافتقار إلى التحسينات الاقتصادية، والتأثير المتضخم لأزمة المناخ، وانخفاض التمويل، في حين أن 70 في المائة من السكان يعتمدون على شكل من أشكال المساعدة الإنسانية»؛ مضيفة أن البلاد «تمر بأحد أصعب الأوقات في تاريخها الحديث؛ حيث يعاني 19 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، وهذا يمثل أكثر من 63 في المائة من إجمالي السكان».
وبينما أوضحت اللجنة أن نحو 7.1 مليون شخص منهم في حاجة ماسة للدعم الإنساني، ذكرت رينا غيلاني، مديرة العمليات والمناصرة بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، قبل أيام، أن الجوع لا يزال يطارد أكثر من نصف اليمنيين.


مقالات ذات صلة

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)

الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)
TT

الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)

قرر مصرف الإمارات المركزي تعليق نشاط تحويل الأموال لشركة «الرازوقي» للصرافة العاملة في الدولة، لمدة 3 سنوات، وذلك بسبب انتهاك قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

وبحسب بيان للمصرف المركزي، أرسل نسخة منه لـ«الشرق الأوسط» قال إنه تم إغلاق فرعين للشركة في منطقتي المرر وديرة بدبي، حيث اتُّخذت هذه الإجراءات الإدارية بموجب المادة 14 من قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

ووفقاً للبيان، فإن المصرف المركزي يعمل من خلال مهامه الرقابية والإشرافية، على ضمان التزام جميع شركات الصرافة ومالكيها وموظفيها، بالقوانين السارية في البلاد، والأنظمة والمعايير المعتمَدة من المصرف المركزي، مشيراً إلى أنه يهدف للحفاظ على شفافية ونزاهة النظام المالي للدولة.

وتنص المادة 14 من قانون غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب في الإمارات أنه يجب على جميع المرخص لهم الامتثال للمتطلبات القانونية والتنظيمية الحالية الخاصة بمواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب المحددة من قِبل المصرف المركزي، والتصدي لمخاطر غسل الأموال، وتمويل الإرهاب من خلال التدابير الوقائية المناسبة لردع إساءة استخدام القطاع قناةً للأموال غير المشروعة، والكشف عن غسل الأموال، وأنشطة تمويل الإرهاب، وإبلاغ وحدة المعلومات المالية في المصرف المركزي عن أي معاملات مشبوهة.