«الوطني الحر» يتخبط بين طموحات باسيل وضغوط «حزب الله»

«الوطني الحر» يتخبط بين طموحات باسيل وضغوط «حزب الله»
TT

«الوطني الحر» يتخبط بين طموحات باسيل وضغوط «حزب الله»

«الوطني الحر» يتخبط بين طموحات باسيل وضغوط «حزب الله»

لا ينكر عدد من نواب «التيار الوطني الحر» الذين واظبوا على التصويت بأوراق بيضاء خلال 8 جلسات جرت الدعوة إليها لانتخاب رئيس جديد للبنان، أنهم «مأزومون» في التعامل مع هذا الملف. وقد زادت حِدة أزمتهم في الجلسة التاسعة التي انعقدت يوم أول من أمس الخميس، بعد الخلاف الكبير الذي اندلع مع «حزب الله»، على خلفية مشاركته في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة رغم رفض حليفه المسيحي رئيس «التيار» جبران باسيل انعقاد هذه الجلسة واعتبارها غير دستورية؛ كون الحكومة الحالية حكومة تصريف أعمال. وبعدما كان كثيرون يترقبون أن يردّ باسيل على «حزب الله»، خلال جلسة الانتخاب الرئاسية الأخيرة، بالتخلي عن خيار التصويت بورقة بيضاء، وهو الخيار الذي يعتمده الحزب وحلفاؤه لعدم تمكّنهم من الاتفاق على اسم مرشح واحد يخوضون به المعركة الرئاسية، توزعت أصوات النواب العونيين في أكثر من اتجاه، ففي حين واظب بعضهم على التصويت بورقة بيضاء وردُّوا ذلك إلى عدم تبلور خيار جديد يعتمدونه، صوَّت عدد منهم بأوراق كُتب عليها اسم «بدري ضاهر»؛ وهو المدير العام السابق للجمارك المقرَّب من «التيار» والموقوف بملف انفجار مرفأ بيروت، فيما ارتأى آخرون كتابة اسم ميشال، وآخرون معوض، مع علمهم بأن أوراقهم ستُعتبر ملغاة، وكل ذلك في وجه «حزب الله».
ويقرّ أحد نواب «التيار»، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بأنهم مأزومون في الملف الرئاسي، مؤكداً أن «القرار اتخِذ بعدم السير بترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، والمؤكد أننا لن نسير بميشال معوض، وكل خيار آخر غير الورقة البيضاء التي كنا أول من لجأنا إليها سيكون غير جِدي في هذه المرحلة، ما دمنا غير قادرين على تأمين عدد الأصوات اللازم الذي يمكن أي مرشح من الفوز».
ويضيف المصدر: «سنحاول بلورة خيار جديد نلجأ إليه خلال الجلسة التي دعا إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الأسبوع المقبل، وإن كنا على ثقة بأن الخروج من هذا المأزق لا يكون إلا بالاتفاق والتلاقي مع بعضنا البعض».
ويتمسك «الثنائي الشيعي»؛ أي حركة «أمل» و«حزب الله»، ورغم عدم إعلانهما ذلك صراحة بترشيح فرنجية، ويضغط الحزب على باسيل بأكثر من ملف وطريقة للسير به، فإن رئيس «التيار» يرفض ذلك لاعتبارات عدة؛ أبرزها طموحه بتبوء سُدة الرئاسة رغم رفضه الإقرار بذلك حتى الساعة.
وتقول مصادر في التيار العوني، لـ«الشرق الأوسط»، إن «باسيل يعتبر نفسه الأجدر بهذا الموقع؛ لأنه يمتلك أكبر كتلة نيابية، ولا يمكن أن يتخلى بسهولة عن مبدأ وجوب وصول رئيس قوي لسُدّة الرئاسة، أي يتمتع بحيثية شعبية ونيابية»، لافتة إلى أنه «يعول على متغيرات خارجية وداخلية قد تطرأ خلال أشهر تعود لتعوّم اسمه».
ولا يبدو باسيل متحمساً لتبنّي خيار قائد الجيش العماد جوزيف عون للرئاسة باعتبار أن خلافات نشأت بينهما خلال ولاية الرئيس السابق ميشال عون. وقد عبر رئيس «الوطني الحر» عن انزعاجه من طريقة إدارة العماد عون الأمور على الأرض خلال الانتفاضة الشعبية التي اندلعت عام 2019.
ووفق المعلومات، يدفع بعض النواب والقيادات العونية باتجاه ترشيح شخصية من صفوف «التيار»، وفي هذا الإطار تتردد أسماء النواب آلان عون، وإبراهيم كنعان، وندى البستاني، إلا أن باسيل لا يبدو متحمساً لخطوة مماثلة وهو قد يفضل السير بمرشح توافقي كالوزير السابق زياد بارود، في حال قرر التخلي عن خيار الورقة البيضاء.
ولعلّ ما يفاقم التخبط العوني هو دعوة نواب وقياديي «التيار» للحوار والاتفاق على اسم رئيس وإطلاقهم في وقت سابق مبادرة في هذا السياق، وفي الوقت نفسه رفض دعوة سابقة كان قد وجّهها بري للحوار. أما بشأن الدعوة الجديدة لرئيس المجلس الذي قال بنهاية جلسة الانتخاب، يوم الخميس الماضي، إنه قد يحول الجلسة المقبلة إلى جلسة حوار في حال استشعر تجاوباً من القوى السياسية، يقول مصدر نيابي في «التيار»، لـ«الشرق الأوسط»: «الأرجح سنكون إيجابيين».


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يصطدم بـ«ترويكا» مسيحية يحاصرها الاختلاف رئاسياً

المشرق العربي «حزب الله» يصطدم بـ«ترويكا» مسيحية يحاصرها الاختلاف رئاسياً

«حزب الله» يصطدم بـ«ترويكا» مسيحية يحاصرها الاختلاف رئاسياً

كشف مصدر نيابي لبناني محسوب على «محور الممانعة»، عن أن «حزب الله»، بلسان رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، بادر إلى تلطيف موقفه حيال السجال الدائر حول انتخاب رئيس للجمهورية، في محاولة للالتفاف على ردود الفعل المترتبة على تهديد نائب أمين عام الحزب الشيخ نعيم قاسم، المعارضين لانتخاب زعيم تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، بوضعهم أمام خيارين: انتخاب فرنجية أو الفراغ.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي تصعيد إسرائيلي ضد «حلفاء إيران» في سوريا

تصعيد إسرائيلي ضد «حلفاء إيران» في سوريا

شنَّت إسرائيل هجوماً بالصواريخ بعد منتصف ليل الجمعة - السبت، استهدف مستودعاً للذخيرة لـ«حزب الله» اللبناني، في محيط مطار الضبعة العسكري بريف حمص، ما أدَّى إلى تدميره بشكل كامل وتدمير شاحنات أسلحة. جاء هذا الهجوم في سياق حملة إسرائيلية متصاعدة، جواً وبراً، لاستهداف مواقع سورية توجد فيها ميليشيات تابعة لطهران على رأسها «حزب الله». وأشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» (مقره بريطانيا)، إلى أنَّ إسرائيل استهدفت الأراضي السورية 9 مرات بين 30 مارس (آذار) الماضي و29 (أبريل) نيسان الحالي، 3 منها براً و6 جواً، متسببة في مقتل 9 من الميليشيات وإصابة 15 آخرين بجروح. وذكر أنَّ القتلى 5 ضباط في صفوف «الحرس ا

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي «حزب الله» و«الوطني الحر» يعترفان بصعوبة انتخاب رئيس من دون تفاهم

«حزب الله» و«الوطني الحر» يعترفان بصعوبة انتخاب رئيس من دون تفاهم

يبدو أن «حزب الله» أعاد النظر بسياسة التصعيد التي انتهجها، الأسبوع الماضي، حين خير القوى السياسية بين مرشحَيْن: رئيس تيار «المردة»، سليمان فرنجية، أو الفراغ؛ إذ أقر رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة»، النائب محمد رعد، يوم أمس، بأنه «لا سبيل لإنجاز الاستحقاق الرئاسي إلا بتفاهم الجميع». وقال: «نحن دعمنا مرشحاً للرئاسة، لكن لم نغلق الأبواب، ودعونا الآخرين وحثثناهم من أجل أن يطرحوا مرشحهم، وقلنا: تعالوا لنتباحث.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي إسرائيل تدمر مستودعاً وشاحنات لـ«حزب الله» في ريف حمص

إسرائيل تدمر مستودعاً وشاحنات لـ«حزب الله» في ريف حمص

أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن صواريخ إسرائيلية استهدفت بعد منتصف ليل الجمعة - السبت، مستودعاً للذخيرة يتبع «حزب الله» اللبناني، في منطقة مطار الضبعة العسكري في ريف حمص، ما أدى لتدميره بشكل كامل، وتدمير شاحنات أسلحة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي إسرائيل: «حزب الله» وراء انفجار قنبلة شمال البلاد الشهر الماضي

إسرائيل: «حزب الله» وراء انفجار قنبلة شمال البلاد الشهر الماضي

قال مستشار الأمن الوطني الإسرائيلي تساحي هنجبي أمس (الجمعة) إن «حزب الله» اللبناني كان وراء هجوم نادر بقنبلة مزروعة على جانب طريق الشهر الماضي، مما أدى إلى إصابة قائد سيارة في شمال إسرائيل، وفقاً لوكالة «رويترز». وقال الجيش الإسرائيلي إن قوات الأمن قتلت رجلا كان يحمل حزاما ناسفا بعد أن عبر على ما يبدو من لبنان إلى إسرائيل وفجر قنبلة في 13 مارس (آذار) بالقرب من مفترق مجيدو في شمال إسرائيل. وأوضح مسؤولون في ذلك الوقت أنه يجري التحقيق في احتمال تورط «حزب الله» المدعوم من إيران في الانفجار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

أبناء جنوب لبنان يعودون إلى قراهم: لا مقومات للحياة لكننا متمسكون بالبقاء

مواطنون يبحثون عن مقتنياتهم بين ردم منزلهم في بلدة الشهابية في جنوب لبنان (أ.ب)
مواطنون يبحثون عن مقتنياتهم بين ردم منزلهم في بلدة الشهابية في جنوب لبنان (أ.ب)
TT

أبناء جنوب لبنان يعودون إلى قراهم: لا مقومات للحياة لكننا متمسكون بالبقاء

مواطنون يبحثون عن مقتنياتهم بين ردم منزلهم في بلدة الشهابية في جنوب لبنان (أ.ب)
مواطنون يبحثون عن مقتنياتهم بين ردم منزلهم في بلدة الشهابية في جنوب لبنان (أ.ب)

في اليوم الرابع لوقف إطلاق النار، تبدو شوارع جنوب لبنان أقل زحمة من الأيام الأولى لوقف إطلاق النار، باستثناء مداخل المدن الرئيسيّة كصيدا وصور، وداخل البلدات الجنوبيّة.

وعلى طول الخط الجنوبي، من صيدا وحتّى القرى الحدوديّة، يطغى مشهد الدمار. يخفت قليلاً في الساحل ليعود ويرتفع كلما اقتربنا من القرى الحدودية. هناك، تبدلت معالم المكان من هول الدمار؛ مبان ومتاجر أصبحت على هيئة ركام، ورغم ذلك اختار الناس العودة إلى قراهم لتفقد منازلهم وأرزاقهم والاطمئنان على أقاربهم.

سنبقى في قرانا حتّى لو نصبنا خيمة

تقول زينب بكري، من بلدة صديقين الجنوبيّة (قضاء صور): «ما زلنا غير قادرين على تصديق أننا عدنا إلى هنا، رغم الدمار والخسارات الكبرى؛ إذ خسرنا أحباباً كثيرين».

وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «وصلنا إلى قريتنا يوم أمس، قدِمنا من بيروت، حيث كنا نازحين، أنا وكل أفراد عائلتي، المكونة من 6 أشخاص. ووجدت أن منزلي قد دمرته إسرائيل، بكيت حينها، لكنني عشت الحزن ونقيضه، فأنا هنا موجودة في قريتي وقد انتهت الحرب؛ أتمنى ألّا تتكرر مرة أخرى، حتّى لو نصبنا خيمة وسكنا فيها أفضل من العيش في غير مكان».

شهدت طريق الجنوب زحمة سير خانقة يوم الأربعاء مع بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار (إ.ب.أ)

ليست مجرد أماكن نملكها

ومثل بكري، عائلات كثيرة، خسرت منازل نشأت وترعرعت فيها، وشكّلت ذكرياتها الأولى وتفاصيل حياتها، تقول إحدى سكان البلدة، التي صودف مرورها في المكان: «هي ليست مجرد أماكن نملكها؛ بل تسكن فينا وليس العكس، لنا فيها ذكريات طفولتنا، وملامح وجه أبي الذي فقدناه قبل أعوام قليلة، وصبر أمي، وأشياء كثيرة لا ندركها إلّا بعد خسارات كهذه».

في هذه البلدة (صديقين)، لا يمكن وصف حجم الدمار، غالبية المباني تحولت إلى ركام. ينتشر أهالي البلدة على جوانب الطرقات، لا حول لهم ولا قوة، يواسون بعضهم بعضاً في خساراتهم، ويتبادلون التهنئة بالعودة، أو بالنجاة من الحرب، كما يحلو للبعض تسميتها. أصحاب المتاجر والمصالح أيضاً، يقفون أمام أرزاقهم المدمرة، قلة قليلة من تلك التي لم تبعثرها الغارات الإسرائيلية، اختار أصحابها ترتيبها، تحضيراً لإعادة افتتاحها في وقت قريب.

خساراتنا كبيرة

في بلدة كفرا الجنوبيّة، المحاذية لها، يبدو مشهد الدمار أقل وطأة، تقول عبير: «عدنا أخيراً بعد نزوح دام 66 يوماً، إلى حيث نشأنا وترعرعنا، لا مقومات الآن للحياة، لكننا متمسكون بالبقاء».

تروي عبير لـ«الشرق الأوسط» كيف قضت أكثر من 9 ساعات وهي في طريقها من زغرتا (حيث نزحت في شمال لبنان)، إلى بلدتها كفرا، وتقول: «وصلنا عند الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، في نفس اليوم الذي أعلن فيه قرار وقف إطلاق النار، كنا قد انتظرناه طويلاً، لا سيّما منذ زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكستين إلى لبنان».

وتضيف: «فرحت بالخبر حينها، لكنني بكيت بشدة حين وصلت إلى الجنوب، وتحديداً إلى مدينة صور، إذ شاهدت حجم الدمار الهائل، بعض القرى التي مررنا بها، أضعت فيها الطريق؛ فلا معالم واضحة ولا أسماء أماكن اعتدنا زيارتها قبل نشوب العدوان، ولا كلمات تصف مشاعرنا، ما نعرفه أننا كنا في كابوس والآن باتت لحظة الحقيقة، خساراتنا كبيرة».

وعن تفاصيل الليلة الأولى، تقول: «يومها لم أتمكن من النوم، قضيناها في منزل شقيقتي، أنا ووالديّ وشقيقي، فمنزلنا غير صالح للسكن، عُدنا في اليوم التالي، لا كهرباء ولا مياه ولا إنترنت ولا متاجر مفتوحة في المكان، ولا حتّى تغطية للشبكة في هواتفنا تمكننا من الاتصال والتواصل مع من نحتاج، لكننا رتبنا أمورنا ومكثنا في الطابق السفلي، كونه الأقل تضرراً بين الطوابق».

المسيرات الإسرائيلية لا تفارقنا

تُكمل حديثها، فتُخبرنا عن صوت المسيرات الذي أعاد إلى ذاكرتها حال الحرب التي عاشها الناس منذ ما قبل العدوان، أيّ منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، «عادت الزنانة فوق رؤوسنا، لم تفارقنا طوال اليوم الأول لعودتنا، لكننا اعتدنا سماعها» إضافة إلى صوت الطائرات الحربيّة التي تخرق الأجواء بين الحين والآخر.

أما عن المخاوف، فتقول: «في اليوم الأول للعودة، سمعنا صوت الغارات الإسرائيلية، لم ترعبنا، لكننا نخاف من نشوب الحرب مع إسرائيل مرة أخرى، لنخوض تجربة النزوح البشعة التي لا نريدها أبداً». وتختم: «اليوم نشعر بالامتنان من عودتنا، أكثر من أيّ وقت مضى، لا نريد الحرب، ولا نريد أن يموت لنا عزيز، هي خسارات لا تعوض».

على مقربة منها، بلدة ياطر الحدوديّة، التي حذّر الجيش الإسرائيليّ أهلها من العودة إليها، لكن رغم ذلك، يأتي الناس إليها لتفقد منازلهم المتضررة بمعظمها، وكذلك فعل غالبية أبناء القرى العشر التي شملها التحذير.

ولم تتمكن عائلات كثيرة، من أبناء القرى الأمامية، من العودة إلى منازلهم، تقول منى ابنة بلدة حولا التي تبرز فيها مشاهد الحرب الطاحنة، لـ«الشرق الأوسط»: «أشعر بالأسى والحزن. بالأمس كنت في حال يرثى لها، لقد حُرق منزلي في حولا، فقدت ذكريات عائلتي وأطفالي، ولا شيء يمكن أن يعيدها لنا».

وتضيف: «منزلي في كفررمان (النبطية) متضرر أيضاً، سنبقى الآن حيث نزحنا منذ بدء العدوان في عرمون إلى أن نتمكن من العودة إلى منزلنا».