تقرير وكالة الطاقة يلقي بظلاله على أسواق النفط

توقع تباطؤ نمو الطلب العالمي في العام المقبل

نمو الطلب العالمي على النفط بلغ ذروته في الربع الأول من 2015 وسيواصل التراجع بقية العام الحالي
نمو الطلب العالمي على النفط بلغ ذروته في الربع الأول من 2015 وسيواصل التراجع بقية العام الحالي
TT

تقرير وكالة الطاقة يلقي بظلاله على أسواق النفط

نمو الطلب العالمي على النفط بلغ ذروته في الربع الأول من 2015 وسيواصل التراجع بقية العام الحالي
نمو الطلب العالمي على النفط بلغ ذروته في الربع الأول من 2015 وسيواصل التراجع بقية العام الحالي

تراجعت أسعار العقود الآجلة للنفط الخام أمس (الجمعة) إذ إن المخاوف بشأن احتمال توصل إيران إلى اتفاق يفضي إلى رفع العقوبات عن صادراتها النفطية طغت على مشاعر التفاؤل بحدوث انفراجة في أزمة ديون اليونان.
وقالت وكالة الطاقة الدولية أمس إنه من المتوقع أن تتعرض أسعار النفط لمزيد من الضغوط جراء تراجع الطلب العالمي وتنامي تخمة معروض الخام في حين أن عملية استعادة توازن الأسواق قد تستمر حتى العام المقبل.
وهبط سعر مزيج برنت الخام 65 سنتا أو واحدا في المائة إلى 96.‏57 دولار للبرميل. وخسر خام القياس العالمي أكثر من سبعة في المائة منذ بداية الشهر الحالي.
وانخفض سعر الخام الأميركي في عقود شهر أقرب استحقاق 80 سنتا إلى 98.‏51 دولار للبرميل.
وقد ذكرت وكالة الطاقة الدولية أمس الوكالة أنها تتوقع تباطؤ نمو الطلب العالمي على النفط في العام القادم إلى 2.‏1 مليون برميل يوميا من 4.‏1 مليون هذا العام وهو ما يقل كثيرا عن المستوى المطلوب لموازنة إمدادات المعروض المتنامية من منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وخارجها.
وبحسب «رويترز» قالت وكالة الطاقة في تقريرها الشهري: «ربما لم تصل السوق إلى أدنى مستوياتها بعد».
وأضافت: «عملية استعادة التوازن التي انطلقت حين بدأت أسواق النفط موجة الهبوط الأولى للأسعار بنسبة 60 في المائة قبل عام لم تبلغ منتهاها حتى الآن. وتشير التطورات في الآونة الأخيرة إلى أن التقدم سيستمر حتى 2016. شهدت سوق النفط تخمة كبيرة في المعروض في الربع الثاني من 2015 وما زالت تشهدها حتى اليوم. ومن الواضح أيضا أن استمرار قدرة السوق على استيعاب وفرة المعروض أمر مستبعد. فقد صارت مساحات التخزين البرية محدودة. وكذلك الحال على أسطول الناقلات».
وجاءت تخمة المعروض العالمية نتيجة ارتفاع كبير في إمدادات النفط الأميركية بدعم من ثورة الإنتاج الصخري وقرار «أوبك» عدم خفض الإنتاج إذ آثرت المنظمة حماية حصتها في السوق في مواجهة منافسيها.
غير أن هبوط الأسعار إلى ما بين 50 و60 دولارا للبرميل في الأشهر الأخيرة من 115 دولارا قبل عام لم يؤثر بعد على إمدادات أميركا الشمالية.
وقالت الوكالة: «الوفورات في التكاليف والمكاسب المحققة من تحسين الكفاءة وتحوط المنتجين كلها عوامل حسمت لمنتجي النفط المحكم الخفيف بتحدي التوقعات حتى الآن، لكن النمو توقف في مايو (أيار) ومن المرجح أن يظل مستقرا حتى منتصف 2016».
وأشارت الوكالة إلى أن إمدادات المعروض الأميركي زادت مليون برميل يوميا في الأشهر الخمسة الأولى من 2015 انخفاضا من 8.‏1 مليون في 2014.
وتابعت: «سيستمر إجمالي المعروض الأميركي في النمو حتى 2016، ولكن بوتيرة أبطأ بكثير عما كان عليه في 2014 وبفضل سوائل الغاز الطبيعي والاحتياطات الجديدة في المياه العميقة وليس إمدادات الخام من الحقول البرية».
وقالت إن إجمالي المعروض من خارج «أوبك» يتجه إلى التباطؤ على ما يبدو لينمو بواقع مليون برميل يوميا في 2015 ويبقى مستقرا في 2016 بعد ارتفاعه 4.‏2 مليون برميل يوميا في 2014.
ومن بين المؤشرات السلبية الأخرى قالت وكالة الطاقة إن نمو الطلب العالمي على النفط بلغ ذروته على ما يبدو في الربع الأول من 2015 عند 8.‏1 مليون برميل يوميا وسيواصل التراجع بقية العام الحالي ولفترة في العام المقبل.
ويعني ذلك أن الطلب على نفط «أوبك» سيبلغ 3.‏30 مليون برميل يوميا في العام المقبل بارتفاع مليون برميل يوميا عن 2015 لكنه لا يزال يقل 4.‏1 مليون برميل يوميا عن مستوى الإنتاج الحالي للمنظمة.
وقالت وكالة الطاقة: «لا تشهد المنظمة تباطؤا.. بل على العكس يضخ منتجوها الرئيسيون في الشرق الأوسط بمعدلات قياسية ويستمر تحسن آفاق نمو الطاقة الإنتاجية العراقية».
وقالت الوكالة إن إنتاج «أوبك» من النفط ارتفع 340 ألف برميل يوميا في يونيو (حزيران) إلى 7.‏31 مليون برميل يوميا مسجلا أعلى مستوياته في ثلاث سنوات وهو ما أرجعته في الأساس إلى الإنتاج القياسي في العراق والسعودية والإمارات العربية المتحدة.
وأضافت أن إمدادات النفط السعودية ارتفعت 50 ألف برميل يوميا إلى مستوى قياسي بلغ 35.‏10 مليون برميل يوميا في يونيو بينما زاد إنتاج العراق 270 ألف برميل يوميا في الشهر الماضي إلى أعلى مستوياته على الإطلاق عند 12.‏4 مليون برميل يوميا.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.