وسطاء اليمن يقربون وجهات النظر بين المقاومة والحوثيين لإطلاق الأسرى للمرحلة الثانية

المقاومة الشعبية تصد عمليتي تسلل وحشد لوحدات عسكرية

وسطاء اليمن يقربون وجهات النظر بين المقاومة والحوثيين لإطلاق الأسرى للمرحلة الثانية
TT

وسطاء اليمن يقربون وجهات النظر بين المقاومة والحوثيين لإطلاق الأسرى للمرحلة الثانية

وسطاء اليمن يقربون وجهات النظر بين المقاومة والحوثيين لإطلاق الأسرى للمرحلة الثانية

شرع نخبة من الوسطاء وأعيان اليمن في تنفيذ المرحلة الثانية من عملية إطلاق سراح الأسرى بين الأطراف المتحاربة في عدن، والتي يعول عليها أن تكون الأكبر من حيث العدد والشخصيات، خاصة أن المقاومة الشعبية في العاصمة المؤقتة عدن رفعت عدد وأسماء الشخصيات التي ترغب في الإفراج عنهم في المرحلة الحالية.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن ميليشيا الحوثيين ما زالت تماطل في المفاوضات التي يقودها وجهاء اليمن، وتركز على أهمية أن يكون ضمن بنود الاتفاق إطلاق سراح قيادات عسكرية تابعة للجماعة، رغم تأكيدات المقاومة أنه لا يوجد ضمن الأسرى قيادات تابعة للحوثيين، إضافة إلى الوقت والمكان المراد فيهما تنفيذ العملية الثانية.
وميدانيا، صدت المقاومة الشعبية في عدن غرب اليمن، بالتنسيق مع قوات التحالف، هجومين لوحدات عسكرية تابعة لميليشيا الحوثيين كانت تعتزم اقتحام العاصمة المؤقتة، والآخر لحشد من الأفراد والآليات في بئر خضر، التي نتج عنها الاستيلاء على كميات من الأسلحة، وأسر أعداد كبيرة من ميليشيا الحوثيين.
وكثفت المقاومة الشعبية في العاصمة المؤقتة عدن، عملية المراقبة على جميع منافذ ومخارج المدينة، مع تفعيل دور المخابرات العسكرية، لرصد التحركات العسكرية للحوثيين في هذه الفترة، والرفع بها للقيادات العسكرية للتنسيق فيها مع قيادة التحالف حول آلية التعامل مع اختراقات الحوثيين وعمليات التسلل المتكررة، فيما رفع مجلس المقاومة إمكاناته التقنية في رصد الإشارات اللاسلكية للتحركات العسكرية.
وكانت قوات التحالف ضربت أول من أمس إمدادات عسكرية متجهة صوب عدن، يزيد قوامها على ألفي فرد مجهزين بأحدث الأسلحة والآليات، قادمين عبر طريق لحج المؤدي إلى العاصمة المؤقتة عدن، لتحبط بذلك تعزيز قدرات الحوثيين العسكرية على المناطق التي يسيطرون عليها والاستيلاء على مواقع أخرى في عدن، تزيد من قوتهم في عملية التفاوض مع المبعوث الأممي.
وفي سياق متصل قال علي الأحمدي الناطق باسم مجلس المقاومة، إن المقاومة الشعبية بالتنسيق مع كل الجهات المعنية تقوم بتفعيل دور المراقبة ورصد المعلومات، التي نتج عنها ما تم رصده أمس قبيل الفجر من تحرك وحدات عسكرية تابعة للحوثيين نحو بئر خضر، وعلى الفور قامت المقاومة بصد هذا التحرك في مواجهات مباشرة استمرت لساعات، وعندما اشتدت المعارك قام طيران التحالف بتقديم الدعم العسكري من خلال القصف الجوي الذي ساعد المقاومة في تحرير الموقع.
وأردف الأحمدي أن الانتصار الذي تحقق بالتعاون مع قوات التحالف، وضع الحوثيين وحليفهم في موقع صعب بعد تراجعهم، الأمر الذي دفعهم بعد تلقيهم خسائر كبيرة إلى ضرب الأحياء السكينة بشكل عشوائي والتي تبعد عن خط التماس مسافة كبيرة، وشرعوا في تخريب كل ما يقع تحت أيديهم من ممتلكات ثابتة أو متحركة، موضحا أن هناك هدوءا نسبيا في كل الجبهات، وغالب المواجهات تكون في صد هجوم أو تسلل للمدينة، إضافة إلى ما يدور من معارك مباشرة في البساتين التي تدخل ضمن حرب الشوارع.
وعن عملية إطلاق الأسرى، قال الأحمدي إن هناك تحركا على الأرض من قبل الوسطاء في هذا السياق، واستفادت المقاومة من التجربة الأولى، وجهزت بعد أن قامت عملية بحث وتحرٍّ حول عدد الأسرى والشخصيات في سجون الحوثيين، ومن هذا المنطلق وما توفر من معلومات رفعنا عدد الأسماء والشخصيات التي نرغب في الإفراج عنها، إلا أنه وكعادتهم في عملية التفاوض بدأوا يماطلون ويراوغون في أشياء ليست من صلب الموضوع.



«موائد الرحمن» في مصر لا تزال صامدة رغم تأثرها بـ«الغلاء»

«مائدة رحمن» وسط القاهرة بالقرب من محطة مترو سعد زغلول (الشرق الأوسط)
«مائدة رحمن» وسط القاهرة بالقرب من محطة مترو سعد زغلول (الشرق الأوسط)
TT

«موائد الرحمن» في مصر لا تزال صامدة رغم تأثرها بـ«الغلاء»

«مائدة رحمن» وسط القاهرة بالقرب من محطة مترو سعد زغلول (الشرق الأوسط)
«مائدة رحمن» وسط القاهرة بالقرب من محطة مترو سعد زغلول (الشرق الأوسط)

لم تغب «موائد الرحمن» عن الشارع المصري في رمضان، رغم تأثرها بارتفاع الأسعار؛ لتقل الوجبات في البعض، وتُقتصد مكونات بعضها، لكنها تظل صامدة ملبية حاجة الآلاف من قاصديها، ممن ينتظرون الشهر الكريم، لتخفيف الأعباء عنهم مع ارتفاع مستويات التضخم.

وتسجل مصر نسبة عالية من التضخم على أساس سنوي، بلغت في يناير (كانون الثاني) الماضي 22.6 في المائة، في وقت يتجاوز الفقراء نسبة الـ30 في المائة، وفق البنك الدولي في مايو (أيار) الماضي.

ورغم المخاوف التي سبقت شهر رمضان هذا العام من أن تؤثر ارتفاعات الأسعار أو جهود الإغاثة الموجهة إلى غزة، على حجم «موائد الرحمن» بشكلها التقليدي، أو في تطوراتها بأشكال أخرى مثل مبادرات «الإطعام المغلف»، فإن الأيام الأولى من الشهر أثبتت العكس، مع انتشار الموائد؛ جوار المساجد حيناً، وداخل سرادقات على جنبات الطرق أحياناً أخرى، أو حتى أمام المحال التجارية.

نائب محافظ القاهرة يتفقد أعمال إقامة مائدة رحمن بحي مصر القديمة (محافظة القاهرة)

لا يتعجب النائب في مجلس النواب (البرلمان)، نادر مصطفى صادق، من استمرار مظاهر التكافل والدعم في مصر رغم الضغوط الاقتصادية التي طالت الجميع، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «النزعة التكافلية تتزايد لدى المصريين وقت الأزمات، فضلاً عن أن الشعب المصري قادر على التكيف مع أصعب الظروف».

وتعاني مصر أزمة اقتصادية ممتدة منذ سنوات مع نقص العملة الصعبة، ما أجبر الحكومة على اللجوء إلى صندوق النقد الدولي للاقتراض عامي 2016 و2023.

وتتنوع أشكال «موائد الرحمن»، فخلاف التقليدية التي يجلس مرتادوها في حلقات على مائدة، يوجد ما هو أبسط، مثل المائدة التي يقيمها رفاعي رمضان (40 عاماً) القادم من الأقصر (جنوب مصر) لإقامة المائدة، وفيها يجلس مرتادوها القرفصاء على «حصيرة»، يتناولون إفطارهم، وأمامهم مسجد الحسين وسط القاهرة.

يقول رمضان لـ«الشرق الأوسط» إن عائلته اعتادت إقامة هذه المائدة منذ كان طفلاً، ورغم أن الأسعار ترتفع طوال الوقت، وأصبحت «التكلفة مرهقة»، لكنهم أصروا على مواصلة العادة، ولو بالقليل، وتكاتفت الأسرة وأبناء قريته وكل من يرغب في المساعدة لإقامتها.

استطاع رمضان، وهو يعمل معلماً، في أول أيام الشهر من تقديم «لحم وخضروات وأرز»، مشيراً إلى أن الوجبة تختلف وفق الميزانية المتاحة لديهم كل يوم.

«مائدة رحمن» يجري تجهيزها في محافظة قنا (أخبار قفط المنيا - فيسبوك)

وعلى خلاف المرونة التي يبديها رمضان في شكل الوجبة المقدمة، تكيفاً منه مع الأسعار وإمكانياتهم، تتمسك عائلة «الدخاخني» في منطقة الأميرية (تبعد نحو 15 كيلومتراً عن ميدان التحرير) بتقديم نوعية الطعام نفسها، والتي لا بد أن تضم «لحماً أو فراخاً أو كفتة» مشوية، ويعدها طباخون محترفون، حسب محمد الدخاخني (30 عاماً) وهو صاحب شركة استيراد، ويتشارك مع أشقائه في التكفل بالمائدة، التي «أصبحت تتكلف أضعاف ما كانت تتكلفه سابقاً».

يلاحظ رجل الأعمال الشاب أن «أسراً كاملة تقصد مائدتهم مؤخراً» قائلاً: «بدأ هذا الإقبال منذ العام الماضي، وظلت هذه الأسر تقصد المائدة يومياً طوال شهر رمضان».

توقع أن يستمر الأمر على المنوال ذاته هذا العام، حسب مؤشر «الإقبال الكبير» الذي لاحظه في الأيام الأولى من الشهر. و«تمتد مائدتهم الرمضانية لنحو 300 متر، وتسع نحو ألف شخص، بتكلفة تتجاوز الـ100 ألف جنيه في اليوم الواحد» على حد قوله.

ويُشترط لإقامة «مائدة رحمن» في القاهرة «تقديم طلب إلى الحي التابع لموقع المائدة، ليقوم بدراسة الموقع ومدى ملاءمته لإقامة المائدة، على أن يتم البت في الطلب خلال 72 ساعة، ودون أي رسوم» حسب بيان لمحافظ القاهرة الدكتور إبراهيم صابر، في 19 فبراير (شباط) الماضي. ويشيد النائب نادر مصطفى بالتيسيرات الرسمية لإقامة الموائد، مشيراً إلى أنه «لم يرصد أي شكوى عن وجود عراقيل، بل على العكس».

وجبة إفطار مغلفة يجري توزيعها على المحتاجين في أول يوم من رمضان (الشرق الأوسط)

وترى أستاذة علم الاجتماع الدكتورة هالة منصور، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن الموائد الرمضانية تعكس خصوصية للمجتمع المصري القائم على «التكافل»، لافتة إلى تطورها لأشكال أخرى سواء في «وجبات إطعام تذهب إلى المحتاج، ويستطيع استخدام الفائض منها مرة أخرى عكس المائدة، أو من خلال شنط رمضان التي تضم مواد تموينية يستطيع إعداد أكثر من وجبة منها خلال الشهر».

ولم تنجُ الأشكال المتطورة من المائدة هي الأخرى من تأثير الأسعار. كانت الأربعينية مي موسى، تعد نحو 50 وجبة إفطار يومياً في رمضان الأعوام الماضية وتوزعها على محتاجين في المناطق القريبة من سكنها في منطقة المرج (شرق العاصمة)، لكن «هذا العام ومع ارتفاع الأسعار لا أستطيع إعداد أكثر من 10 وجبات» وفق قولها.

تعتمد مي التي تعمل في مجال «المونتاج»، على أصدقاء وجيران وأقارب في المساهمة معها بتكلفة الوجبات، مشيرة إلى الصعوبة التي تواجهها في تدبير الوجبات مع «ارتفاع أسعار كل شيء تقريباً» ومع هذا «تمسكنا بالحفاظ على العادة نفسها حتى لو بعدد أقل للوجبات، أو استخدام الفراخ بدل اللحوم».

ويبلغ متوسط سعر الوجبة التي تعدها 80 جنيهاً (الدولار 50.58 جنيه). ويتراوح سعر كيلو اللحم في مصر بين 300 جنيه إلى 470 جنيهاً وفقاً لنوعها، فيما يبلغ متوسط كيلو الفراخ 100 جنيه.

وأشاد النائب في البرلمان نادر مصطفى بأساليب الإطعام المختلفة الموجودة في مصر، وأحدثها «كوبون يستطيع من يملكه أن يستبدل قيمته من محال معينة، ليشتري به ما يشاء».

ومع الإعجاب بالتطوير، ترى أستاذة علم الاجتماع أهمية الموائد التقليدية التي قد تكون الأنسب لعابري السبيل، أو من يقيم وحيداً دون أسرة، خصوصاً فيما تظهره من مظهر اجتماعي، وما تعكسه من أجواء رمضانية خاصة، مستبعدة فكرة «الوصم» بالفقر عند التناول من الموائد، التي تظهر بأشكال عديدة.

وتفرض الموائد نفسها منذ سنوات كمظهر احتفائي إلى جانب مظهرها التكافلي، مع ترسيخ تقليد لإقامة موائد طويلة ممتدة لأهالي مناطق بعينها مثل «مائدة المطرية» الشهيرة، والتي يشارك في الإفطار فيها سياسيون ومسؤولون حكوميون.