الخلاف بين «حزب الله» و«الوطني الحر» يخرج إلى الإعلام

خرج توتر العلاقة بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» من النقاشات في الأروقة الداخلية، إلى الإعلام للمرة الأولى منذ توقيع «تفاهم مار مخايل» بينهما في عام 2006، حيث رد الحزب على تصريحات رئيس التيار النائب جبران باسيل ببيان رسمي، واضعاً التفسيرات لمشاركة وزراء الحزب في اجتماع الحكومة الأخير في إطار «الأوهام».
وانفجر الصراع إلى الإعلام، يوم الاثنين الماضي، إثر مشاركة وزراء الحزب في اجتماع مجلس الوزراء الذي دعا إليه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي؛ لاتخاذ بعض القرارات «الطارئة». وقاطع «التيار» الجلسة، وهو ما دفع التيار لمهاجمة الحزب وانتقاده، وصولاً إلى التلويح بأن اتفاق «مار مخايل» يهتزّ إثر هذه الجلسة، وقول باسيل في مؤتمر صحافي إن «مشكلتنا مع الصادقين الذي نكثوا بالاتفاق وبالوعد والضمانة»، في إشارة إلى «حزب الله».
وغالباً ما لم تخرج التباينات بين الحليفين إلى الإعلام، وكرر الحزب في مرات سابقة التأكيد أن معالجة الاختلافات تتم في اجتماعات بين الطرفين، لكن هذه المرة، اختار الحزب طريق الإعلام، حيث أصدر بياناً رسمياً عن «العلاقات الإعلامية» فيه، قال فيه «إنَّ الصَّادقين لم ينكُثوا بوعد، وقد يكون التبسَ الأمر على الوزير باسيل فأخطأ عندما اتّهم الصَّادقين بما لم يرتكبوه».
وقال الحزب في البيان إنَّ «الجميع في لبنان يعلم طريقة حزب الله في مقاربة المسائل التي يختلف فيها مع الأصدقاء والحلفاء، وهي حرصه على مناقشة الأمور معهم من خلال اللقاءات الخاصّة والمباشرة، ولأننا لا نريد أن ندخل في سجال مع أي من أصدقائنا، رغم أن الكثير مما ورد في كلام الوزير باسيل يحتاج إلى نقاش، فإننا نجد أنفسنا معنيين بالتعليق على مسألتين لضرورة إيضاحهما للرأي العام»؛ أولهما «لم يقدم حزب الله وعداً لأحد بأنَّ حكومة تصريف الأعمال لن تجتمع إلا بعد اتفاق جميع مكوناتها على الاجتماع، حتى يعتبر الوزير باسيل أن اجتماع الحكومة الذي حصل هو نكث بالوعد».
وأضاف الحزب في البيان: «إننا لم نقل إن الحكومة لن تجتمع إلا بعد اتفاق مكوناتها»، كما أكد أن «حزب الله لم يقدّم وعداً للتيار بأنه لن يحضر جلسات ‏طارئة للحكومة إذا غاب عنها وزراء التيار».
وتابع الحزب: «نحن دُعينا للمشاركة في جلسة الحكومة، وكان شرطنا أن يقتصر جدول الأعمال على المسائل الضّرورية والمُلحّة وغير القابلة للتأجيل والتي لا حلّ لها إلا بواسطة مجلس الوزراء»، مضيفاً: «إننا كنا قد أخبَرَنا باسيل بأنه إذا شاركتم ورفضتم أي قرار في الجلسة فسيتم احترام ذلك بناءً على أن القرار سيُتّخَذ بإجماع مكونات الحكومة، إلا أنه عبّر عن موقفه المبدئي من أصل انعقاد الجلسة لحكومة تصريف الأعمال».
وقال الحزب إنَّ «إعطاء مشاركتنا في الجلسة تفسيرات سياسية على سبيل المثال رسالة ساخنة في قضية انتخاب الرئيس، أو الضغط على طرف سياسي في الانتخابات الرئاسية، أو لَيّ ذراع لأحد، أو استهداف الدور المسيحي أو أو... كلّها أوهام في أوهام، فحجم الموضوع بالنسبة إلينا هو ما ذكرناه أعلاه».
وقال الحزب إن «مسارعة بعض أوساط التيار إلى استخدام لغة التخوين والغدر والنكث خصوصاً بين الأصدقاء، هو تصرّف غير حكيم وغير لائق. ويبقى حرصنا على الصَّداقة والأصدقاء هو الحاكم على تعاطينا مع أي رد فعل، خصوصاً أنَّ لبنان اليوم أحوج ما يكون إلى التواصل والحوار والنقاش الداخلي للخروج من الأزمات الصعبة التي يعانيها».
ونقل البيان المفصّل الخلافات بين «التيار» و«الحزب» إلى مرحلة جديدة تكشف عمق الهوة بين الطرفين، وتوتر قنوات الحوار المتواصلة بينهما، علماً أن الحزب كان أكد مراراً أنه «في فريقنا وبين الحلفاء نحن لسنا رجلاً واحداً ولسنا حزباً واحداً، هناك شخصيات وأحزاب وتيارات وقوى ووجهات نظر مختلفة ومتفاوتة، نلتقي استراتيجياً، ويوجد نقاش بالقضايا التفصيلية الداخلية السياسية، وممكن أن يكون هناك تباينات في وجهات النظر»، كما أكد أن المعالجة لا تتم في الإعلام.
وحاول الطرفان، أمس، التخفيف من وقع الأزمة، عندما قال النائب عن الحزب علي فياض: «إننا لا ندخل في نقاش حول مستقبل العلاقة مع التيار»، فيما بدت هناك مؤشرات على ترميم العلاقة من خلال لقاء بين نائبي الحزب علي عمار وحسن فضل الله مع النائبين جبران باسيل وغسان عطا الله.
وحين سُئل عطا الله عن هذا اللقاء، قال: «كان عمار وفضل الله يمران، وحصل سلام معي ومع النائب باسيل ولم يكن اجتماعاً». لكنه جدد موقف تياره من أن هناك كتلاً في جلسة مجلس الوزراء «لم تلتزم بما وعدت به أمامنا وأمام الشعب اللبناني». وقال لقناة «الجديد»: «حضور حزب الله في جلسة مجلس الوزراء ضرب الشراكة الوطنية، وضرب الالتزام الذي حصل»، ولم يعلق على بيان الحزب.
بدوره، اعتبر النائب سليم عون في حديث إذاعي أن «الغضب أقل ما يكون بعد الممارسات التي حصلت وخرق الدستور والميثاقية، واختصار توقيع رئيس الجمهورية بشخص رئيس الحكومة وليس بالوزراء كافة».
وكان باسيل قال، الثلاثاء، إن «جلسة مجلس الوزراء غير دستورية وغير شرعية وغير ميثاقية»، مؤكداً أنها «إعدام للدستور وضربة قاتلة للطائف وطعنة باتفاق وطني حصل وأعلن عنه في مجلس النواب». وأضاف: «‏لا أعتقد أن هناك من يصدق اليوم أن هذه المواجهة هي مع ميقاتي، المشكلة هي مع من قالوا صراحة إن مجلس الوزراء ينعقد والمراسيم لا تحتاج لتوقيع جميع الوزراء، وهم في السابق لم يقبلوا إلا بتوقيعها من جميع الوزراء، المشكلة هي مع من أوقف مجلس وزراء كامل الصلاحيات أربعة أشهر بوجود رئيس جمهورية؛ لأن هناك موضوعاً من خارج صلاحيات مجلس الوزراء أتوا به وقاموا بمشكل، ولم يحضروا، وعدم حضورهم أدى إلى عدم عقد جلسات» في إشارة إلى وزراء «حزب الله» و«حركة أمل».