قطاف الزيتون... أحدث أنواع السياحة في لبنان

رحلات منظمة تغري هواة الـ«هايكينغ» واكتشاف الطبيعة بأسعار متهاودة

قطاف الزيتون من المواسم الجميلة في البلدان المتوسطية
قطاف الزيتون من المواسم الجميلة في البلدان المتوسطية
TT

قطاف الزيتون... أحدث أنواع السياحة في لبنان

قطاف الزيتون من المواسم الجميلة في البلدان المتوسطية
قطاف الزيتون من المواسم الجميلة في البلدان المتوسطية

الرياضة والزراعة هوايتان تنسجمان مع محبي استكشاف الطبيعة. فالـ«هايكينغ» أو رياضة المشي التي بات يمارسها اللبنانيون، من كل الأعمار، توفر لهواتها التعرف إلى المناطق اللبنانية وخصائصها. وهي مع الوقت تحولت إلى سياحة داخلية من نوع آخر. فصارت مكاتب السفر التي تنظم هذا النوع من النشاطات تأخذ على عاتقها تعريف زبائنها على ميزات مدن وقرى وبلدات مختلفة. وكما آثار هذه البلدات ومعالمها القديمة، صارت الزراعات المشهورة فيها تندرج على برنامج منظمي الرحلات. ومؤخراً، شهدت مواسم القطاف رواجاً ملحوظاً، بحيث صارت تستقطب اللبنانيين والأجانب للمشاركة فيها.

يستمتع المشاركون بموسم قطاف الزيتون ويلتقطون الصور للذكرى (الشرق الأوسط)

مواسم الكرز والتفاح وختامها الزيتون
وكما موسم قطاف الكرز في الربيع، ومواسم الإجاص والتفاح والعنب في الصيف، حجز موسم قطاف الزيتون حصته من هذه الرحلات في فصل الخريف. وراح اللبنانيون كما السياح الأجانب يبحثون عن المكاتب التي تنظم رحلات سياحة داخلية تتلاقى مع مواسم القطاف.
وعلى مدى ثلاثة أشهر متتالية يدور موسم قطاف الزيتون بين المناطق اللبنانية من الساحل حتى أعالي الجبل. وهو يبدأ من منتصف سبتمبر (أيلول) وصولاً إلى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام. وبذلك أصبح موعداً ينتظره الجميع كي يشاركوا فيه من ناحية، ويحصلوا على مؤونتهم منه من ناحية ثانية.

رياضة الـ«هايكينغ» تجتمع مع مواسم القطاف فتؤلف سياحة ممتعة

رحلات تتراوح تكلفتها بين 11 و25 دولاراً
لكل رحلة كلفتها وبرنامجها وخصوصيتها، كما يؤكد منظمو رحلات مواسم القطاف. فهي يمكن ألا تتعدى الـ11 دولاراً، كلفة نقليات فقط من دون أن تشمل طعام الغداء أو كلفة دخول معلم أثري.
أما إذا كنت من محبي تناول الأكلات اللبنانية العريقة على الصاج والمصنوعة من المونة اللبنانية الأصيلة، عندها تختلف الأسعار، وتصبح كلفة المشوار بين نقليات وممارسة رياضة المشي وقطاف الزيتون وزيارة معصرة الزيت وتناول الغداء ودخول موقع أثري، نحو 25 دولاراً. ويعلق زياد خير الله صاحب وكالة سفريات «فلاديمير» لـ«الشرق الأوسط»: «لقد راعينا قدر الإمكان الأحوال الاقتصادية المتردية التي يعاني منها اللبنانيون. لذلك وصلنا إلى هذه الكلفة المعقولة فيما لو رغب المشاركون في الرحلة، القيام بجميع هذه النشاطات التي ذكرتها».
أما رودريغ صاحب مكتب «دالي كورازون» لتنظيم هذه الرحلات فيقول لـ«الشرق الأوسط»: «حددنا كلفة واحدة لهذه الرحلات لا تتعدى الـ11 دولاراً. ولكن في حال رغب أحدهم في تناول طعام الغداء أو زيارة موقع ما فالكلفة تقع على عاتقه».من القطاف إلى المعصرة
تكثر البلدات والقرى اللبنانية التي تشهد زراعات كبيرة لحقول الزيتون. فهي تمتد على مساحات شاسعة في الجنوب والشوف كما في المتن والشمال.
ولكن قلة من أصحاب هذه الأراضي المزروعة توافق على دخولها من قبل زوار لا يعرفونهم. ولذلك يخصص أصحاب المكاتب التي تنظم رحلات الـ«هايكينغ» ومواسم القطاف خريطة ميدانية لهم. وفي ضوئها يحددون النقاط الأساسية التي سيمرون بها من حقول ومعاصر زيت. وهذه الجولات تشمل بلدات في منطقة البترون والكورة والشوف ودير القمر وعكار والجنوب وغيرها. وجميعها أراضٍ مليئة بحقول الزيتون ودروب تصلح لممارسة هواية المشي أيضاً.
يبدأ المشوار من بيروت حيث يتجمع هواة هذه الرحلات في نقطة، يحددها المكتب المنظم، بعدها ينطلقون بالباص لتنفيذ البرنامج المخصص لهم.
لبنانيون وأجانب من أوروبا والصين والخليج العربي، يتهافتون على المشاركة في هذه الرحلات، يمارسون رياضة المشي باكراً ومن ثم يتوجهون إلى حقول الزيتون. هناك يبدأون في هز أغصان الزيتون وتعرف بعملية الـ«فرط». ومن بعدها يلملمون حباته عن الأرض ويوضبونها في أكياس خاصة. ومن ثم يتوجهون إلى معصرة الزيت حيث يراقبون عن كثب كيفية استخراج زيت الزيتون الطبيعي.
المعاصر نوعان قديمة وحديثة
في المعصرة يتابع الزوار المراحل التي تمر بها حبوب الزيتون إلى حين تحويلها إلى عصير أو ما يعرف بـ«زيت الزيتون».
يتم انتقاء الحبوب الجيدة ومن ثم تغسل لتنتقل إلى جرن حديدي يسحب بقايا الأوراق. بعدها تبدأ عملية الطحن ويسقط الزيتون تحت ثقل أحجار صخرية يصل ارتفاعها إلى نحو متر ونيف. وبعد أن يتحول بفعل ثقل الأحجار إلى ما يشبه المعجون يمر على الخوص (دوائر مصنوعة من حبال الصوف مكدسة فوق بعضها) ومن ثم ينتقل إلى المكبس حيث تتم عملية العصر. فيسقط العصير في مصفاة تفصل الزيت عن المياه وليتحول إلى زيت الزيتون الطبيعي.
أما المعاصر الحديثة فهي تعمل على البخار وفي أجران حديدية غير مستحبة. لأن حبوب الزيتون تتعرض إلى حرارة مرتفعة بفعل احتكاك الحديد ببعضه البعض. وهو ما يؤثر على جودة زيت الزيتون، فيتغير لونه ويصبح شبيهاً بالزيت النباتي بعد أشهر قليلة من الاحتفاظ به.

مشوار ومونة وترفيه
تعنون بعض المكاتب المنظمة رحلات مواسم قطاف الزيتون بجمل وعبارات جذابة كي تستقطب أكبر عدد من الناس. تتراوح العناوين بين «إلى موسم الزيتون» و«تزود بمونة زيتون بلدي» و«الخريف والزيتون» وغيرها. هي عبارات تسهم في جذب اللبنانيين والسياح للقيام بهذه الرحلات. فالمشاركون يجمعون فوائد كثيرة. فهم يمارسون رياضة المشي وكذلك يشاركون في قطاف الزيتون في الحقول بحيث يوفرون على أصحابها كلفة اليد العاملة.
وبالتالي يستمتعون بطبيعة لبنان ويتعرفون إلى بلدات جديدة. كما يستمتعون بتناول أطباق عريقة معروفة ويحملون معهم مؤونتهم من الزيت والزيتون ذات الجودة العالية.



«الصحراء البيضاء» في مصر... متعة المغامرة والتخييم

الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)
الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)
TT

«الصحراء البيضاء» في مصر... متعة المغامرة والتخييم

الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)
الصحراء البيضاء متعة المغامرة (أدوب ستوك)

تعدّ الصحاري من أكثر المغامرات إثارةً في العالم، فبعيداً عن الاعتقاد بأنها مجرد مساحات من الفراغ الشاسع، تكشف هذه الوجهات عن سلاسل جبلية وحياة برية فريدة، وثقافات تقليدية، ومناظر طبيعية خلابة مطلية بألوان نقية متنوعة.

وترتبط مصر في الأذهان بمجموعة من الأماكن الأثرية المتفردة المختلفة، لكنها إلى جانب ذلك تحتضن أمكنة لا مثيل لها، فهي أيضاً موطن «الصحراء البيضاء»، التي تتميز بعجائب جيولوجية تقدم للزائر مغامرةً فريدةً، تشعرك عبر تفاصيلها وكأنك تطأ كوكباً آخر؛ لذلك فهي مثالية للذين يبحثون عن قضاء عطلة لا تسقط من الذاكرة.

اُختيرت «الصحراء البيضاء» من قبل موقع «Trip Advisor» المختص بشؤون «السياحة والسفر»، لتتصدر المركز الأول لأفضل وأغرب 20 موقعاً سياحياً فريداً على مستوى العالم؛ فتلك الصحراء الواقعة في «واحة الفرافرة» بمحافظة الوادي الجديد، على مسافة نحو 500 كيلومتر من القاهرة، من أفضل المقاصد السياحية في مصر.

الصحراء البيضاء متعة المغامرة (الهيئة العامة للاستعلامات)

وتُعدّ الصحراء البيضاء «محمية متنزه وطني» وفقاً لتصنيف الاتحاد الدولي لصون الطبيعة (LUCN)، وتتلخص خصائصها في أنها من المَعالم الطبيعية المهمة، كما تعدّ مصدر دخل مهماً لأهل الواحات، فضلاً عن كونها تمثل قيمةً تاريخيةً وأثريةً كبيرةً.

يُغيِّر لك هذا المكان، الذي يشغل مساحة نحو 3 آلاف كيلومتر مربع، مفهومَك التقليدي للصحراء بوصفها «مجرد» مكان من الكثبان الرملية والحرارة المرتفعة؛ فحين تزورها تُفاجأ بأن اللون الأبيض يغطي معظم أرجائها؛ وهو سر تسميتها، تستقبلك تكويناتها الصخرية التي تتخذ شكلا ًسريالياً، بعضها على هيئة أشكال مألوفة مثل عيش الغراب، وبعضها يتمتع بأشكال غير معروفة؛ ما جعلها تشبه المناظر الطبيعية الثلجية.

سيأخذك المكان إلى عصور قديمة، تمتد إلى آلاف السنين، وستتخيل تلك اللحظات التي هبَّت عليها الرياح القوية خلال هذه العصور، وأسهمت في إنشاء هذه التكوينات.

الصحراء البيضاء (الهيئة العامة للاستعلامات)

وأنصحك بمشاهدة هذه التكوينات النحتية عند شروق الشمس أو غروبها خصوصاً، فعندما تضيئها الشمس بظلالٍ ورديةٍ برتقاليةٍ، أو عندما يكتمل القمر، يضفي ذلك على المناظر الطبيعية مظهراً قطبياً وكأنه شبح ضخم، فتشعر بمزيد من أجواء الإثارة والمغامرة.

ستستحوذ الرمال المحيطة بالنتوءات الصخرية على اهتمامك، إذ ستجدها مليئة بالكوارتز، وأنواع مختلفة من البيريت الحديدي الأسود العميق، بالإضافة إلى الحفريات الصغيرة.

على مقربة من هذه التكوينات يوجد جبلان مسطحان يطلق عليهما بعض المرشدين السياحيين اسم «القمتين التوأم»، وهما نقطة رئيسية للمسافرين، وتعدّ هذه المنطقة وجهةً مفضلةً لدى منظمي الرحلات السياحية المحليين، حيث يمكنك الاستمتاع بالمناظر الخلابة من أعلى التلال المتناظرة المحيطة، التي تتخذ جميعها شكل تلال النمل العملاقة.

الصحراء البيضاء (الهيئة العامة للاستعلامات)

بعد ذلك مباشرة، ستجد طريقاً شديد الانحدار؛ وهو الممر الرئيسي الذي يؤدي إلى منخفض الفرافرة، ويمثل نهاية «الصحراء البيضاء»، لكن هذا لا يعني أن رحلتك انتهت؛ فثمة أماكن ونشاطات أخرى يمكن أن تمارسها.

يستطيع عشاق الحياة البرية، أو الاختصاصيون الاستمتاعَ بمشاهدة الحيوانات البرية النادرة المُهدَّدة بالانقراض مثل الغزال الأبيض والكبش الأروي، كما تضم المحمية بعض الأشجار الصحراوية.

لا ينبغي أن تفوتك زيارة جبل الكريستال، وهو في الواقع صخرة كبيرة مكونة بالكامل من الكوارتز، ويقع الجبل بجوار الطريق الرئيسي، ويمكن التعرف عليه بسهولة من خلال الفتحة الكبيرة في منتصفه.

الصحراء البيضاء (أدوب ستوك)

أيضاً لا ينبغي أن تفوّت متعة تأمل السماء ومراقبة النجوم، انغمس في عجائب هذا المكان الرائع ليلاً، فعندما تتحول السماء إلى اللون الوردي ثم أعمق درجات اللون البرتقالي الناري، بعد الغروب، ستتلاشى الأشكال الصخرية، ويحل الصمت في كل مكان، في هذه اللحظة ستجد البدو يدعونك إلى الجلوس حول نار مشتعلة، والاستمتاع بالدجاج المدفون، وكوب الشاي الساخن، في أثناء التخييم بالمكان.