روسيا تقر بـ«طول» نزاع أوكرانيا وتطلب مئات «المسيّرات» و«الباليستي» من إيران

«الناتو» يقول إن موسكو تسعى إلى «تعليق» القتال قبل شنّ هجوم جديد في الربيع

خبير قضائي دولي يعاين ما تبقى من صواريخ روسية أُطلقت على مدينة خاركيف خلال الحرب (أ.ف.ب)
خبير قضائي دولي يعاين ما تبقى من صواريخ روسية أُطلقت على مدينة خاركيف خلال الحرب (أ.ف.ب)
TT

روسيا تقر بـ«طول» نزاع أوكرانيا وتطلب مئات «المسيّرات» و«الباليستي» من إيران

خبير قضائي دولي يعاين ما تبقى من صواريخ روسية أُطلقت على مدينة خاركيف خلال الحرب (أ.ف.ب)
خبير قضائي دولي يعاين ما تبقى من صواريخ روسية أُطلقت على مدينة خاركيف خلال الحرب (أ.ف.ب)

طلبت روسيا من إيران تزويدها بمئات الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، حسب مصادر دبلوماسية في الأمم المتحدة، فيما أكدت واشنطن أنها لم ترَ أي أدلة على أن إيران نقلت أياً منها إلى روسيا لاستخدامها ضد أوكرانيا. وقال مصدر دبلوماسي بالأمم المتحدة، طلب عدم الكشف عن هويته: «نعرف أن إيران تعتزم زيادة شحناتها من الطائرات المسيرة والصواريخ إلى روسيا، بكميات كبيرة». وتابع المصدر، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية للأنباء، أن موسكو تقوم بذلك لمعالجة نقص حاد في الإمدادات العسكرية، مضيفاً: «لا أعتقد أنه تم شحنها بعد، لكن من الواضح أنها في دفاتر الطلبيات».
وقال البيت الأبيض، أمس (الأربعاء)، إن الولايات المتحدة لم ترَ أي أدلة على أن إيران نقلت صواريخ باليستية إلى روسيا لاستخدامها ضد أوكرانيا. وقال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، للصحافيين، إن الولايات المتحدة تشهد استمرار تقديم طائرات مسيرة إيرانية إلى روسيا. وقال كيربي عن روسيا: «نعلم أن القاعدة الصناعية الدفاعية لديهم تخضع للضرائب. ونعلم أنهم يواجهون متاعب في مواكبة تلك الوتيرة. ونعلم أنه (الرئيس الروسي فلاديمير بوتين) يواجه متاعب فيما يتعلق بنقص الذخيرة دقيقة التوجيه على وجه التحديد».
واستخدمت روسيا بالفعل مئات الطائرات المسيرة «شاهد 136»، الإيرانية الصنع، لكنها تنفي استخدام ما تسمى بطائرات «كاميكازاي» المسيرة، بينما أقرت إيران في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أنها أمدت روسيا بطائرات مسيرة. وبعد ذلك، فرضت دول الاتحاد الأوروبي عقوبات إضافية على إيران، التي كانت تخضع بالفعل لمجموعة من الإجراءات العقابية. ويحظر قرار لمجلس الأمن الدولي، تم تمريره بعد الاتفاق النووي عام 2015 مع إيران، على طهران مثل هذه الصفقات الخاصة بالأسلحة. ودعت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى إجراء تحقيق أممي بشأن الهجمات بالأسلحة الإيرانية في أوكرانيا.
وتسعى روسيا لتعليق القتال في أوكرانيا خلال الشتاء لتعزيز قواتها تمهيداً لشنّ هجوم جديد في الربيع، وفق ما ذكر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، الأربعاء، فيما أقرّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأربعاء بأن النزاع في أوكرانيا «طويل»، مع إشادته بـ«النتائج المهمة» التي تحققت، في إشارة إلى إعلانه ضم 4 مناطق أوكرانية. وقال بوتين، خلال اجتماع نقل التلفزيون وقائعه: «بالتأكيد، إنها عملية طويلة»، قبل أن يشيد بـ«ظهور أراضٍ جديدة» وبـ«نتيجة مهمة بالنسبة إلى روسيا».
وقال ستولتنبرغ، في حدث نظّمته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية: «ما نراه الآن هو أن روسيا تحاول فرض نوع من تعليق هذه الحرب، لفترة قصيرة على الأقل، حتى تتمكن من إعادة تجميع صفوفها واستردادها وتعافيها، ثم محاولة شن هجوم كبير أوسع في الربيع المقبل». وأضاف الأمين العام للحلف الأطلسي أن أعضاء الناتو يواصلون إمدادهم «غير المسبوق» لأوكرانيا بالأسلحة ودعمها، رغم المخاوف من احتمال نفاد المخزونات الغربية.
وأشار ستولتنبرغ إلى «إضافة أنظمة جديدة، لا تقل أهمية عن ضمان عمل الأنظمة أو الأسلحة التي قمنا بتسليمها بالفعل». وأوضح: «هذا يعني أنهم بحاجة إلى كمية كبيرة من الذخيرة وقطع الغيار والصيانة».
وتعتزم روسيا البيضاء نقل معدات وقوات عسكرية، اليوم (الخميس)، فيما قالت إنها تدريبات لمكافحة الإرهاب، وسط مخاوف من أن تشن روسيا هجوماً جديداً على أوكرانيا انطلاقاً من أراضي حليفتها. ونقلت وكالة أنباء بيلتا الرسمية عن مجلس الأمن في روسيا البيضاء قوله: «خلال هذه الفترة، من المقرر نقل معدات عسكرية وأفراد من قوات الأمن الوطني». وأضاف: «سيتم تقييد حركة المواطنين (التنقل) على طول بعض الطرق العامة والمناطق، وسيجري التخطيط لاستخدام أسلحة مقلدة لأغراض التدريب». وقالت روسيا البيضاء إنها لن تدخل الحرب في أوكرانيا المجاورة، لكن الرئيس ألكسندر لوكاشينكو أمر قواته في الماضي بالانتشار مع القوات الروسية بالقرب من الحدود الأوكرانية، مشيراً إلى تهديدات لروسيا البيضاء من كييف والغرب. وفي أكتوبر، أعلن لوكاشينكو عن نشر جديد لقوات روسية قوامها 9 آلاف جندي في روسيا البيضاء ضمن عملية حشد عسكري مشترك جديدة.
وتعبّر أوكرانيا منذ شهور عن خشيتها من أن تكون روسيا البيضاء وروسيا تخططان لتوغل جديد عبر حدودها الشمالية. وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية، في بيان نُشر على «فيسبوك»، أمس (الأربعاء)، إن «وحدات العدو يتم تدريبها في ساحات التدريب في جمهورية روسيا البيضاء»، وإن الهجمات الروسية مستمرة من أراضي روسيا البيضاء. وفي الأسبوع الماضي، أجرى وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو محادثات مع نظيره في روسيا البيضاء، فيكتور خرينين، لمناقشة التعاون العسكري.
لكن الوضع استقر على الخطوط الأمامية في أوكرانيا منذ حققت قوات كييف نجاحاً ساحقاً في تحرير مدينة خيرسون والمناطق المحيطة بها على الضفة الغربية لنهر دنيبر الشهر الماضي. وتتركز أعنف المعارك حالياً حول بلدة بخموت (شرق) التي تحاول القوات الروسية السيطرة عليها منذ شهور. وتتوقع الولايات المتحدة استمرار القتال «بوتيرة منخفضة» في الأشهر المقبلة، مع سعي الجانبين إلى إعادة بناء قواتهما. وقال ستولتنبرغ إنه لا يملك «معلومات أخرى» عن هجمات مزعومة لمسيرات أوكرانية على قواعد جوية في روسيا، بعد أن أكد الأميركيون أنهم «لم يسمحوا ولم يشجعوا» على مثل هذه الهجمات من قبل كييف. واعتبر الأمين العام أن شروط الحل السلمي للنزاع «غير متوافرة، لأن روسيا لم تُظهر أي إشارة إلى التزامها بالمفاوضات التي تحترم سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها».
بدوره، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأربعاء، إن روسيا نشرت ما يقرب من نصف الرجال الذين تم تجنيدهم خلال التعبئة الجزئية لجنود الاحتياط، أي نحو 150 ألف جندي في أوكرانيا. وقال بوتين، خلال اجتماع متلفز: «من بين 300 ألف من مقاتلينا الذين تمت تعبئتهم، ورجالنا، والمدافعين عن الوطن، يوجد 150 ألفاً في منطقة العمليات»، مضيفاً أن 77 ألفاً منتشرون بشكل مباشر في مناطق القتال.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية، أمس (الأربعاء)، في آخر تحديث استخباراتي لها، إن روسيا بدأت في توسيع مواقعها الدفاعية على طول حدود البلاد المعترف بها دولياً مع أوكرانيا. وكتبت وزارة الدفاع البريطانية على موقع «تويتر» أنه قد تم الإبلاغ عن حفر خنادق في منطقة «بيلغورود» الحدودية منذ شهر أبريل (نيسان) على الأقل، إلا أن الإنشاءات الجديدة أكثر تفصيلاً و«مصممة لصدّ الهجمات التي تشنّها قوات المشاة الميكانيكية».
وأضاف التقييم الاستخباري أنه في حين قد يكون هذا بصورة جزئية محاولة لـ«صقل الشعور الوطني» داخل روسيا، ربما تظهر الخطوة أن بعض صانعي القرار الروس يعتقدون «أن هناك تهديداً حقيقياً بغزو القوات الأوكرانية».


مقالات ذات صلة

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.