مخاوف حول سلامة العشرات من الأويغور بعد ترحيلهم من تايلاند إلى الصين

الأمم المتحدة: الخطوة انتهاك صارخ للقانون الدولي

رجال شرطة مكافحة الشغب يتصادمون مع متظاهرين من الأويغور أمام السفارة الصينية في أنقرة أمس (أ.ب)
رجال شرطة مكافحة الشغب يتصادمون مع متظاهرين من الأويغور أمام السفارة الصينية في أنقرة أمس (أ.ب)
TT

مخاوف حول سلامة العشرات من الأويغور بعد ترحيلهم من تايلاند إلى الصين

رجال شرطة مكافحة الشغب يتصادمون مع متظاهرين من الأويغور أمام السفارة الصينية في أنقرة أمس (أ.ب)
رجال شرطة مكافحة الشغب يتصادمون مع متظاهرين من الأويغور أمام السفارة الصينية في أنقرة أمس (أ.ب)

أعلنت السلطة التايلاندية أمس أنها رحلت إلى الصين نحو مائة من الأويغور المسلمين كانت تحتجزهم منذ العام الماضي، في خطوة أثارت مخاوف حول سلامتهم.
ودافع رئيس وزراء تايلاند برايوت تشان أوتشا أمس عن القرار رغم مخاوف منظمات حقوقية من إساءة معاملتهم لدى عودتهم، وقال برايوت إن «تعرض الأويغور لأي مشكلات ليس خطأ بانكوك».
وكان هؤلاء قد دخلوا تايلاند لطلب اللجوء في مارس (آذار) 2014، وهم من الأويغور الذين يتحدثون اللغة التركية، الأقلية المسلمة التي تعيش في منطقة شينغيانغ شمال غربي الصين.
واحتجز الأويغور الذين دخلوا البلاد بعد أن قالوا للشرطة التايلاندية إنهم أتراك، في مركز احتجاز بينما حققت السلطات في جنسياتهم وسط خلاف بين تركيا والصين حول المكان الذي يجب أن يرحلوا إليه.
وصرح المتحدث باسم الحكومة التايلاندية ويراشون سوخونداباتيباك للصحافيين بأنه «تم ترحيل نحو 100 من الأويغور إلى الصين بعد العثور على دليل واضح أنهم مواطنون صينيون». كما كشف عن أنه تم ترحيل مجموعة سابقة من نحو «170 من الأويغور» إلى تركيا في أواخر يونيو (حزيران) الماضي، في أول إعلان للسلطات التايلاندية حول ترحيل المجموعتين.
وأعربت مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة عن «صدمتها» بترحيل الأويغور إلى الصين بعدما «استفادت» المجموعة السابقة بترحيلها إلى تركيا. وقال فولكار تورك من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في بيان إن ترحيل الأويغور «انتهاك صارخ للقانون الدولي»، مضيفا أن الأويغور «أعربوا عن رغبتهم في عدم ترحيلهم إلى الصين».
وتقول منظمات حقوقية إن الأويغور الذين فروا من الصين يواجهون تهديدا حقيقيا بالتعرض للتعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان في حال عودتهم. ولكن بضغط من بكين قامت دول من بينها كمبوديا وماليزيا وباكستان بإعادة الأويغور الفارين إلى الصين في السنوات الأخيرة.
وظهر الخلاف القانوني بين تركيا والصين بشأن هذه المجموعة في مارس الماضي عندما سعت الدولتان إلى ترحيل عائلة من 17 فردا قالت إنهم أتراك.
وقال محامي حقوق الإنسان وراسيت بيرياويبونا الذي مثل سابقا عائلة تيكليماكان إنه «تم ترحيل 15 منهم إلى تركيا في يونيو الماضي». ولم يكشف عن الاثنين الآخرين من العائلة.
ويعاني الأويغور في شينغيانغ، البالغ عددهم نحو 10 ملايين شخص، من قيود ثقافية ودينية. وشنت الصين أخيرا حملة قمع واسعة في المنطقة في مواجهة تصاعد العنف الذي تلقي السلطات مسؤوليته على منشقين إسلاميين.
وفي بانكوك قال ويراشون إن «تايلاند أعربت للصين عن مخاوفها بشأن مصير الأويغور العائدين». وأضاف أن «الصين وافقت على الحرص على سلامتهم وستخضعهم الآن إلى الإجراءات القضائية. وقد طمأنت تايلاند بشأن مبادئ حقوق الإنسان».
إلا أن جماعات حقوقية انتقدت الخطوة التي قام بها جنرالات تايلاند الذين يحكمون البلاد منذ توليهم السلطة إثر انقلاب في مايو (أيار) الماضي، باعتبارها «انتهاكا للقانون الدولي».
وصرح سوناي فاسوك من منظمة «هيومن رايتس ووتش» لحقوق الإنسان لوكالة الصحافة الفرنسية بأن حكام تايلاند العسكريين «أرسلوا سرا وبالإكراه نحو 115 من الأويغور إلى الصين حيث يواجهون انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان». ولا يزال نحو 50 مسلما من الأويغور قيد الحجز في تايلاند، بحسب ويراشون إلى حين تحديد جنسياتهم.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».