«الجيش الحر» يستهل مرحلة تنظيمية جديدة بعد عزل إدريس

تعيين رئيس المجلس العسكري في القنيطرة خلفا له بعد أن أخذ عليه إهمال المعارك

مقاتلون في الجيش السوري الحر يتطلعون إلى السماء بعد إطلاق قذيفة «هاون» تجاه مواقع قوات النظام في دير الزور أمس (رويترز)
مقاتلون في الجيش السوري الحر يتطلعون إلى السماء بعد إطلاق قذيفة «هاون» تجاه مواقع قوات النظام في دير الزور أمس (رويترز)
TT

«الجيش الحر» يستهل مرحلة تنظيمية جديدة بعد عزل إدريس

مقاتلون في الجيش السوري الحر يتطلعون إلى السماء بعد إطلاق قذيفة «هاون» تجاه مواقع قوات النظام في دير الزور أمس (رويترز)
مقاتلون في الجيش السوري الحر يتطلعون إلى السماء بعد إطلاق قذيفة «هاون» تجاه مواقع قوات النظام في دير الزور أمس (رويترز)

يدخل الجيش السوري الحر في مرحلة جديدة إثر عزل رئيس هيئة الأركان العميد سليم إدريس من منصبه، وتعيين رئيس المجلس العسكري في القنيطرة العميد الركن عبد الإله البشير محله والعقيد هيثم عفيسة نائبا له. وتزامن هذا مع تراجع وزير الدفاع في حكومة المعارضة المؤقتة أسعد مصطفى عن استقالته التي تقدم بها قبل أيام بعد أنباء عن رفضه العدول عن قرار الاستقالة ما لم يعزل إدريس من منصبه.
وجاءت هذه التطورات مع زيارة مفاجئة أجراها رئيس الائتلاف السوري أحمد الجربا إلى شمال سوريا، يعتقد أنها هدفت إلى ترتيب أوراق الجيش الحر وإعطاء دعم مباشر للعمل العسكري الميداني عموما ولقائد «جبهة ثوار سوريا» جمال معروف، الذي رافقه في جولته. وتعهد الجربا أمام مقاتليه بـ«تدفق السلاح النوعي في وقت قريب».
وقال عضو هيئة الأركان وقائد «جبهة ثوار سوريا» جمال معروف لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إنه «من المتوقع في المرحلة المقبلة أن يصار إلى تنظيم التمويل العسكري الذي يصل إلى الكتائب العسكرية، إضافة إلى تفعيل غرف العمليات في الداخل والتنسيق بينها». وأوضح معروف في الوقت ذاته أن «أي تعديل على أداء هيئة الأركان يتطلب دعما بالسلاح من الدول الصديقة للشعب السوري»، مؤكدا أن «وعود الجربا بالتسليح النوعي في وقت قريب جاءت بناء على وعود تلقاها من الدول الصديقة للشعب السوري، لا سيما أن مخازن هيئة الأركان خاوية من السلاح منذ سنة وشهرين».
وفي حين رفض معروف شرح الأسباب التي دفعت المجلس العسكري الأعلى للجيش الحر إلى إقالة إدريس من منصبه، وامتناع الأخير عن التعليق، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن أحد المعارضين قوله إن «المآخذ على إدريس تتمثل في أخطاء وإهمال في المعارك وابتعاد عن هموم الثوار». كما أشار إلى أن «المأخذ الأساسي يكمن في سوء توزيع السلاح الذي كان يصل إلى الأركان، على المجموعات المقاتلة على الأرض».
وكان المجلس العسكري الأعلى للجيش الحر أعلن إقالة اللواء إدريس من مهامه رئيسا لهيئة الأركان، مساء أول من أمس، وتعيين العميد الركن عبد الإله البشير مكانه، بحسب ما جاء في بيان للمجلس تلاه متحدث في شريط فيديو نشر على موقع «يوتيوب» على الإنترنت. وبرر البيان قرار عزل إدريس بـ«الحرص على مصلحة الثورة السورية المظفرة، ومن أجل توفير قيادة للأركان تدير العمليات الحربية ضد النظام المجرم وحلفائه من المنظمات الإرهابية، وبسبب العطالة التي مرت بها الأركان على مدى الشهور الماضية، ونظرا للأوضاع الصعبة التي تواجه الثورة السورية ولإعادة هيكلة قيادة الأركان». وتلا البيان عضو المجلس العسكري العقيد قاسم سعد الدين، ونشرت صفحات ناشطين على موقع «فيسبوك» صورة القرار بخط اليد موقعا من 21 شخصا بينهم سعد الدين. وأشار البيان المكتوب إلى حضور وزير الدفاع في حكومة المعارضة أسعد مصطفى الجلسة.
وقلل معروف، قائد «جبهة ثوار سوريا»، في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، من أهمية تبديل المواقع بين إدريس وخلفه، مشيرا إلى أن «الجيش الحر ليس جيش أشخاص وإنما هو مؤسسة لها قوانينها وقواعدها».
ونفى معروف وجود أي رابط بين قرار عزل إدريس وزيارة الجربا إلى ريف إدلب، لافتا إلى أن «زيارة الجربا كانت مقررة سلفا، وحاولنا في (جبهة ثوار سوريا) تسهيلها قدر الإمكان لا سيما من الناحية اللوجستية».
وكان أحمد الجربا أثنى على دور اللواء إدريس في رئاسة هيئة أركان الجيش السوري الحر، مؤكدا في بيان أن الأخير «لعب دورا فعالا وإيجابيا في ظروف صعبة تعيشها ثورتنا السورية، وأن مكانته وكرامته محفوظة وجهده يضاف إلى جهود كثير من الضباط الذين لعبوا دورا إيجابيا ومهما في هيئة الأركان».
بدوره، عبر الائتلاف عن ارتياحه لهذا القرار، معربا في البيان عن تقديره أيضا لـ«الدور المهم الذي يضطلع به المجلس العسكري الأعلى على صعيد الجيش السوري الحر، وتعزيزا لدوره ومكانته باعتباره أحد أهم أدوات الثورة السورية في مواجهة نظام القتل والإرهاب والتدمير».
وبدا واضحا في الفترة السابقة تراجع الدور السياسي لإدريس الذي سبق له أن زار عددا من العواصم الأوروبية، بعد امتناع الائتلاف المعارض عن ضمه إلى الوفد المشارك في مؤتمر «جنيف2»؛ إذ تمثل الجناح العسكري للمعارضة بقائد «جبهة ثوار سوريا»، إضافة إلى ممثل عن «جيش المجاهدين» وضابطين منشقين.
وأنشئت هيئة الأركان العامة للجيش الحر، بموجب اجتماع في مدينة أنطاليا التركية شارك فيه أكثر من 500 ممثل عن الفصائل العسكرية، وانتخب إدريس قائدا لها في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2012.
وترأس إدريس حينها المجلس العسكري الذي كان يضم 30 عضوا نصفهم من العسكريين، أي الضباط السوريين المنشقين عن الجيش النظامي، والنصف الآخر من المدنيين، الذين يقاتلون في الداخل. ومن أبرز أعضاء المجلس العسكري عند تشكيله، العقيد مصطفى عبد الكريم، الذي كان يشغل موقع المتحدث الرسمي باسم الجيش السوري الحر، والعقيد عبد الجبار العكيدي الذي كان يشغل قائد المجلس العسكري في حلب، والعميد زياد فهد الذي كان يشغل موقعا قياديا في ريف دمشق وجنوب سوريا، وقائد المجلس العسكري في حمص العقيد قاسم سعد الدين، والعقيد عبد القادر صالح قائد «لواء التوحيد».
وتمكنت الهيئة في الأشهر الأولى من تحقيق بعض الخطوات على صعيد تنظيم المجالس العسكرية للمناطق، لكن ما لبثت أن تراجع تأثيرها مع انشقاق مجموعات مقاتلة بارزة عنها وتكوينها تشكيلات أخرى، أبرزها «الجبهة الإسلامية» و«جبهة ثوار سوريا» اللتان أعلنتا انشقاقهما عن الأركان وعن «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» الذي يشكل الغطاء السياسي للأركان.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.