منظمات تونسية تتهم الرئيس بـ«تجاوز صلاحياته ومخالفة القانون»

الرئيس قيس سعيد (أ.ف.ب)
الرئيس قيس سعيد (أ.ف.ب)
TT

منظمات تونسية تتهم الرئيس بـ«تجاوز صلاحياته ومخالفة القانون»

الرئيس قيس سعيد (أ.ف.ب)
الرئيس قيس سعيد (أ.ف.ب)

انتقدت منظمات رقابية لأداء السلطة في تونس، أمس، قرار الرئيس التونسي قيس سعيد، إعفاء رئيس بلدية منتخب في مدينة بنزرت، الواقعة شمال البلاد، معتبرة ذلك «سابقة خطيرة»، حسبما أورد تقرير «لوكالة الصحافة الألمانية» أمس.
وفي أول خطوة تطال رؤساء البلديات، منذ إعلانه التدابير الاستثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021، وحله البرلمان المنتخب في 2019، وتعليقه العمل بدستور 2014، أصدر الرئيس قيس سعيد أمراً صدر بالجريدة الرسمية في 1 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يقضي بإعفاء رئيس بلدية منطقة بنزرت الكبرى، كمال بن عمارة.
واستند الإعفاء إلى «ثبوت ارتكابه أخطاء جسيمة تنطوي على مخالفة للقانون، والإضرار الفادح بالمصلحة العامة»، وفق ما بينه الأمر الرئاسي.
وجاء القرار رداً على رفض رئيس البلدية الاستجابة لتعليمات والي الجهة في بنزرت، والمنصب من الرئيس سعيد، بتجميل شوارع المدينة احتفاءً بـ«عيد الجلاء»، وبمناسبة مرور موكب الرئيس.
وقالت أربع منظمات رقابية من المجتمع المدني، هي «أنا يقظ»، و«بوصلة»، و«مراقبون»، و«مرصد شاهد»، بالإضافة إلى الجمعية الوطنية للبلديات التونسية، في بيان مشترك، إنه «لا يوجد موجب قانوني للقرار، وهو يعد سابقة خطيرة تفتح المجال لتصفية الخلافات السياسية بوسائل قانونية».
وأوضحت في بيانها أن «القرار تأويل هجين لمجلة (قانون) الجماعات المحلية، يساوي بين الأخطاء الجسيمة التي تؤثر بشكل مباشر في حياة المواطنين، وعدم الاستجابة إلى رغبة الوالي في تجميل المدينة استقبالاً لرئيس الجمهورية».
ولا تعتبر المنظمات سلطة إعفاء رؤساء البلديات من صلاحيات رئيس الجمهورية، واعتبرت ذلك «تمادياً في استهداف السلطة المحلية المنبثقة من انتخابات حرة ومباشرة».
وكان رئيس بلدية بنزرت الكبرى، الذي ترشح عن حزب «حركة النهضة الإسلامية»، الخصم الأول للرئيس سعيد، قد أودع طلباً بإيقاف تنفيذ قرار الرئيس. وقد طالبت المنظمات بعودته إلى منصبه لحين صدور قرار من المحكمة الإدارية.
من جهة ثانية، اتهم فاروق بوعسكر، رئيس هيئة الانتخابات التونسية، أطرافاً سياسية، لم يسمها، بتنفيذ «محاولات كبيرة لتسفيه الانتخابات البرلمانية وتبخيسها، والتأثير في الناخبين حتى لا يتوجهوا إلى صناديق الاقتراع في 17 ديسمبر الحالي»، وذلك بعد نشر مقاطع فيديو تظهر، حسبه، حملات انتخابية وهمية، بعضها من دول عربية أخرى، والبعض الآخر يعود إلى انتخابات سنة 2014، من أجل «منع التونسيين من أداء واجبهم الانتخابي، والتأثير في اختياراتهم»، على حد تعبيره.
ووصف بوعسكر، خلال زيارته أمس الهيئة الفرعية للانتخابات بمدينة بنزرت (شمال)، عملية «التشويه الممنهج» للحملة الانتخابية التي انطلقت منذ 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتتواصل إلى 15 ديسمبر الحالي، بأنها «عملية غير قانونية وغير أخلاقية كذلك».
في سياق ذلك، دعا زهير الغزاوي، رئيس حزب «حركة الشعب»، الذي يعد من أهم مناصري الرئيس سعيد، إلى المشاركة بكثافة في الانتخابات البرلمانية المقبلة «من أجل قطع الطريق أمام منظومة الفساد والتمكين»، في إشارة إلى منظومة الحكم السابقة بزعامة حركة النهضة.
وقال المغزاوي لـ«الشرق الأوسط» إن حزبه قدم ترشيحات في نحو 120 دائرة انتخابية، من إجمالي 151 داخل تونس، مؤكداً أن مسار 25 يوليو 2021 «جاء من أجل حماية مؤسسات الدولة، واستقلال قرارها الوطني، وإصلاح الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية» على حد تعبيره.
في المقابل، طالب حزب «حركة الشعب» بالإسراع في تشكيل المحكمة الدستورية بهدف ضمان سلامة المسار الدستوري، ومراقبة كل الانحرافات المحتملة، إضافة إلى محاربة الفساد، وإرساء منظومات حوكمة تساعد على إنفاذ القانون، والتساوي في تطبيقه، وتمكين الدولة من موارد مهمة تحد من اللجوء للاقتراض، وترسخ مبدأ العدالة بين فئات المجتمع الواحد.


مقالات ذات صلة

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

العالم العربي القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

كشفت مصادر ليبية ومصرية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» عن سلسلة اتصالات، ستجريها القاهرة مع السلطات في شرق ليبيا، بما في ذلك مجلس النواب و«الجيش الوطني»، لإطلاع المعنيين فيهما على نتائج زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا أخيراً. وأدرجت المصادر هذه الاتصالات «في إطار التنسيق والتشاور بين السلطات المصرية والسلطات في المنطقة الشرقية». ولم تحدد المصادر توقيت هذه الاتصالات، لكنها أوضحت أنها تشمل زيارة متوقعة إلى القاهرة، سيقوم بها عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني». وكان خالد المشري رئيس المجلس الأعلى الدولة الليبي، ناقش مساء السبت مع وزير الخارجية ا

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

أعلنت الحكومة الجزائرية عن «خطة عاجلة» لوقف نزيف الأطباء الذين يهاجرون بكثرة، كل عام، إلى أوروبا وبخاصة فرنسا، بحثاً عن أجور عالية وعن ظروف جيدة لممارسة المهنة. وتفيد إحصاءات «مجلس أخلاقيات الطب»، بأن 15 ألف طبيب يشتغلون في المصحات الفرنسية حالياً، وقد درسوا الطب في مختلف التخصصات في الجزائر. ونزل موضوع «نزيف الأطباء» إلى البرلمان، من خلال مساءلة لوزير الصحة وإصلاح المستشفيات عبد الحق سايحي، حول ما إذا كانت الحكومة تبحث عن حل لهذه المشكلة التي تتعاظم من سنة لأخرى.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

يبدأ وزير الخارجية السوري فيصل المقداد اليوم زيارة إلى تونس تستمر حتى الأربعاء بدعوة من نظيره التونسي نبيل عمار، لإعلان استكمال المراحل المؤدية إلى إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، والبحث في كثير من الملفات الشائكة والعالقة على رأسها ملف الإرهاب، واستقبال الساحة السورية لآلاف من الشباب التونسيين المنضوين في صفوف التنظيمات الإرهابية. وأوردت مختلف وسائل الإعلام التونسي أخباراً حول الزيارة، وبقراءات عدة، من بينها التأكيد على أنها «ترجمة للتوازنات الجيوسياسية الإقليمية التي تعرفها المنطقة العربية، ومن بينها السعي نحو عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية». وكانت مؤسسة الرئاسة التونسية صورت عودة ا

المنجي السعيداني (تونس)
العالم العربي المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

دعت «الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالمغرب» -أحد ممثلي ناشري الصحف في البلاد- أعضاء البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، إلى إسقاط مشروع قانون صادقت عليه الحكومة، يقضي بإنشاء لجنة مؤقتة لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» المنتهية ولايته، بدل إجراء انتخابات. وجاءت هذه الدعوة في وقت ينتظر فيه أن يشرع مجلس النواب في مناقشة المشروع قريباً. وذكر بيان لـ«الفيدرالية» مساء السبت، أنه تلقى «بارتياح، التصدي القوي والتلقائي لهذا المشروع من طرف الرأي العام المهني، والمجتمع المدني، وفاعلين جمعويين وسياسيين، وشخصيات مشهود لها بالنزاهة والكفاءة»، معتبراً: «إن هذا الموضوع لا يهم باستهداف منظمات مهن

«الشرق الأوسط» (الرباط)
العالم العربي باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

قال فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية، إنه باقٍ في منصبه «إلى أن تتفق الأطراف الليبية كافة على قوانين انتخابية يُرحب بها دولياً، والبدء في الإعلان عن مواعيد محددة للاستحقاق الانتخابي...

جاكلين زاهر (القاهرة)

مصر: تعويض خسائر قناة السويس عبر تنويع خدماتها

عبور الحوض العائم «دورادو» الجمعة الماضي كأكبر وحدة عائمة تعبر قناة السويس في تاريخها (هيئة قناة السويس)
عبور الحوض العائم «دورادو» الجمعة الماضي كأكبر وحدة عائمة تعبر قناة السويس في تاريخها (هيئة قناة السويس)
TT

مصر: تعويض خسائر قناة السويس عبر تنويع خدماتها

عبور الحوض العائم «دورادو» الجمعة الماضي كأكبر وحدة عائمة تعبر قناة السويس في تاريخها (هيئة قناة السويس)
عبور الحوض العائم «دورادو» الجمعة الماضي كأكبر وحدة عائمة تعبر قناة السويس في تاريخها (هيئة قناة السويس)

تتّجه قناة السويس المصرية إلى «تنويع مصادر دخلها»، عبر التوسع في تقديم الخدمات الملاحية والبحرية للسفن المارّة بالمجرى الملاحي، في محاولة لتعويض خسائرها الناتجة عن تراجع حركة السفن التجارية، بسبب توتّرات البحر الأحمر.

وأعلن رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، الاثنين، عن «استراتيجية لتحويل القناة إلى منصة إقليمية لتقديم الخدمات اللوجيستية»، في خطوة وصفها خبراء بالمهمة لتعويض التراجع في إيرادات القناة.

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، غيَّرت بعض شركات الشحن العالمية مسارها، متجنبةً المرور في البحر الأحمر، إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية السفنَ المارّة بالممرّ الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة».

وسبق أن أشارت مصر إلى تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في سبتمبر (أيلول) الماضي، إن «بلاده فقدت ما بين 50 إلى 60 في المائة من دخل قناة السويس، بما قيمته أكثر من 6 مليارات دولار خلال 8 أشهر».

وتحدّث رئيس هيئة قناة السويس عن خطة لتوسيع خدمات القناة الملاحية والبحرية، خلال اجتماع مع وزير المالية المصري أحمد كجوك، الاثنين، لمناقشة موارد القناة المالية.

وقال ربيع إن «القناة تسعى لتنويع مصادر دخلها، وعدم الاقتصار على رسوم عبور السفن فقط»، مشيراً إلى أن الخطة تتضمن «تحويل القناة لمنصة إقليمية لتقديم الخدمات اللوجيستية، وتعزيز التوجه الوطني لتوطين الصناعات البحرية، بتفعيل الشراكة مع القطاع الخاص».

وأوضح ربيع أن «قناة السويس حقّقَت تقدماً في دعم شركاتها العاملة بمجال خدمات صيانة وإصلاح السفن، وتقديم الخدمات البحرية»، وأشار إلى شركات حديثة للهيئة، منها «شركة تنمية الموانئ، وأخرى مختصة بصناعة اليخوت البحرية».

الفريق أسامة ربيع يبحث مع وزير المالية المصري استراتيجية تنمية إيرادات القناة (هيئة قناة السويس)

وبحسب رئيس هيئة قناة السويس، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تراجعت أعداد السفن المارّة من 25887 سفينة خلال العام المالي الماضي (2022 - 2023)، إلى 20148 سفينة خلال العام المالي الحالي (2023 - 2024).

وباعتقاد مستشار النقل البحري المصري أحمد الشامي، فإن تنويع خدمات قناة السويس الملاحية «سيجذب شركات الشحن العالمية للعبور من القناة مرة أخرى»، مشيراً إلى أن «القناة بدأت في تحديث خدماتها بالمشاركة مع شركات عالمية في هذا المجال، ما سيُسهم في زيادة الموارد».

وأشاد الشامي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، باستمرار إدارة القناة في مخطط التطوير، وتنفيذ أعمال الازدواج الكامل للمجرى الملاحي، مشيراً إلى أن ذلك «يعزّز قدراتها في استيعاب كبرى الناقلات العالمية».

وشهدت قناة السويس، الجمعة الماضي، مرور الحوض العائم «دورادو» القادم من سنغافورة إلى تركيا، كأكبر وحدة عائمة تعبر القناة في تاريخها، حسب إفادة من القناة.

ودعا مستشار النقل البحري المصري إلى توسيع قناة السويس لشراكاتها الملاحية مع دول الجوار، وقال: «يمكن التوسع في خدمات القناة، بالتعاون عبر وسائط متعدّدة تشمل دولاً أخرى في المنطقة العربية، وفي منطقة الشرق الأوسط، مثل قبرص واليونان»، مشيراً إلى أن «التكامل مع هذه الدول سيُسهم في زيادة موارد الملاحة بقناة السويس، وأيضاً الموانئ البحرية المصرية».

وفي سبتمبر الماضي، بحث رئيس هيئة قناة السويس مع رئيس الهيئة العامة للنقل السعودي، رميح بن محمد رميح، «تعزيز التعاون في مجال تقديم الخدمات اللوجيستية والسياحة البحرية»، مشيراً إلى أن «القناة اتخذت إجراءات للتعامل بمرونة مع تحديات الملاحة في البحر الأحمر، منها استحداث حزمة جديدة من الخدمات الملاحية لم تكن تُقدَّم من قبل، كخدمات القَطْر والإنقاذ وصيانة وإصلاح السفن، ومكافحة التلوث والانسكاب البترولي، وخدمات الإسعاف البحري، وغيرها».

وبمنظور الخبير الاقتصادي المصري، وليد جاب الله، فإن «قناة السويس تمر بمرحلة صمود، في ضوء تأثرها بالأوضاع الإقليمية»، وقال إن «إدارة القناة تبحث عن بدائل لمواردها غير رسوم عبور السفن، من أجل تجاوز تلك المرحلة، عن طريق تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص في الخدمات التي تقدّمها».

وعدّ جاب الله، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «توسّع القناة في تنوّع مصادر دخلها، هدف قائم منذ فترة وتسعى لتحقيقه، من خلال مشروع المنطقة الاقتصادية، لاستثمار موانئ وأراضي المنطقة»، مشيراً إلى أن «نجاح تلك الإجراءات مرهون بزيادة أعداد السفن العابرة للقناة»، وتوقّع في نفس الوقت انفراجة في أزمة حركة الملاحة البحرية بالبحر الأحمر، العام المقبل، مع تولّي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مهامه رسمياً، وتنفيذ تعهّده بإنهاء التصعيد والصراعات العالمية، ومنها التوتر في البحر الأحمر.