ناشطون إيرانيون يشككون في إلغاء «شرطة الأخلاق»

تفاوتت ردود الفعل الإيرانية والدولية حيال إعلان طهران حل جهاز «شرطة الأخلاق»، بعد نحو 3 أشهر من وفاة الشابة مهسا أميني، بعد توقيفها لديها بسبب حجابها، ما تسبب بانطلاق مظاهرات واحتجاجات شملت كل المدن الإيرانية، ولا تزال مستمرة حتى الآن.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية الاثنين: «لا شيء يشير» إلى أن وضع المرأة في إيران سيتحسن بعد إعلان مسؤول إلغاء شرطة الأخلاق. وقال المتحدث: «لسوء الحظ، لا يوجد ما يشير إلى أن القادة الإيرانيين يحسنون الطريقة التي يعاملون بها النساء والفتيات أو يوقفون العنف الذي يمارسونه ضد المتظاهرين السلميين»، رافضاً «التعليق على تصريحات غامضة أو مبهمة» تصدر عن السلطات الإيرانية، بحسب «رويترز».
واعتبرت برلين الاثنين، أن إلغاء شرطة الأخلاق في إيران «لن يؤثر على تعبئة الإيرانيين من أجل حقوقهم الأساسية». وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية خلال مؤتمر صحافي روتيني، إن «الإيرانيين والإيرانيات ينزلون إلى الشارع للدفاع عن حقوقهم الأساسية. يريدون العيش بحرية واستقلالية، وهذا الإجراء في حال تطبيقه لن يغير هذا الأمر إطلاقاً».
وفي إسرائيل، قال محلل بارز بالمخابرات الإسرائيلية الاثنين، إن من المرجح ألا يتأثر رجال الدين الذين يحكمون إيران بالمظاهرات التي تجتاح البلاد منذ أسابيع، وتوقع بقاءهم في السلطة لسنوات.
وقال البريجادير جنرال أميت سار لمعهد جازيت الإسرائيلي لأبحاث الاستخبارات: «يبدو أن النظام الإيراني القمعي سيتمكن من النجاة من هذه الاحتجاجات. لقد صنع أدوات قوية جداً جداً للتعامل مع مثل تلك الاحتجاجات». وأضاف: «لكنني أعتقد أنه حتى إذا انحسرت هذه الاحتجاجات، فإن الأسباب (وراءها) ستظل، وهو ما يجعل النظام الإيراني في مشكلة لسنوات مقبلة».
وفي المواقف الإيرانية، قلل ناشطون حقوقيون مؤيّدون للحركة الاحتجاجية في إيران الاثنين، من أهمية تصريح رسمي عن تفكيك السلطات لجهاز شرطة الأخلاق المثير للجدل، مشددين على أن أي تغيير لم يطرأ على قواعد الجمهورية الإسلامية المقيّدة بشدة للباس المرأة، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
وفي تصريح مفاجئ نهاية الأسبوع، قال المدعي العام الإيراني محمد جعفر منتظري، إنه تم إلغاء شرطة الأخلاق التي تعرف محلياً باسم «كشت إرشاد» (أي دوريات الإرشاد).
لكن الناشطين شككوا في مدى صحة تصريحاته التي بدت أقرب إلى رد عفوي على سؤال طُرح عليه خلال مؤتمر صحافي من كونها إعلاناً واضحاً بشأن شرطة الأخلاق التابعة لوزارة الداخلية. وشددوا على أنه حتى إن أُلغيت، فإن الخطوة لن تمثّل أي تغيير في سياسة إيران بشأن الحجاب التي تمثّل إحدى الركائز الفكرية لنظامها الديني، بل ستكون مجرّد تعديل في التكتيكات المتبعة لفرضها.
وقالت المؤسسة المشاركة لمركز عبد الرحمن بوروماند لحقوق الإنسان، ومقرّه الولايات المتحدة، رؤيا بوروماند، إن إلغاء وحدات شرطة الأخلاق سيشكّل خطوة «ضئيلة جداً ومتأخرة جداً على الأرجح»، بالنسبة للمحتجين الذين باتوا يطالبون بتغيير النظام بأكمله. وأضافت: «ما لم يرفعوا جميع القيود القانونية على لباس النساء والقوانين التي تتحكم بحياة المواطنين الخاصة، فلا تنصب هذه الخطوة إلا في إطار العلاقات العامة»، مضيفة أن «لا شيء يمنع (أجهزة) إنفاذ القانون الأخرى» من مراقبة تطبيق «القوانين التمييزية».
وقال المحلل البارز المتخصص في شؤون إيران لدى منظمة «الديمقراطية الآن للعالم العربي»، أوميد ميماريان، إن «الإلغاء المفترض لشرطة الأخلاق الإيرانية لا معنى له، إذ إنه بات غير ذي صلة بالفعل بسبب المستوى الهائل للعصيان المدني الذي تقوم به النساء والتحدي للقواعد المرتبطة بالحجاب». ووصف الحجاب الإلزامي بأنه «إحدى ركائز الجمهورية الإسلامية». ولفت إلى أن «إلغاء هذه القوانين والهيكليات سيعني تغييراً جوهرياً في هوية ووجود الجمهورية الإسلامية».
وتجاهلت الصحافة المحافِظة في إيران الاثنين، الإعلان عن إلغاء «شرطة الأخلاق»، بينما تطرّقت 4 صحف إصلاحية للمسألة على صفحتها الأولى. وكتبت صحيفة «سازانديجي»: «بعد 80 يوماً من الاحتجاجات التي تسبّبت بها شرطة الأخلاق، أعلن المدعي العام إلغاءها»، وعنونت «نهاية شرطة الأخلاق». من جهتها، بدت صحيفة «شرق» متشكّكة وتساءلت على صفحتها الأولى: «هل هذه نهاية الدوريات» لفرض قواعد اللباس التي تشمل ارتداء الحجاب؟ وأضافت: «بينما أعلن المدعي العام أنّه جرى إلغاء شرطة الأخلاق، إلا أنّ إدارة العلاقات العامة التابعة للشرطة رفضت تأكيد هذا الإلغاء».
وقال الكولونيل علي صباحي مسؤول العلاقات العامة في شرطة طهران رداً على سؤال الصحيفة عبر الهاتف: «لا تذكروا حتى أنّكم اتّصلتم بنا. الوقت ليست مناسباً لمثل هذا النقاش... وستتحدث الشرطة عن الأمر عندما يكون (الوقت) مناسباً».
كذلك، بدت صحيفة «ارمان ملي» متشكّكة حيث عنونت: «هل هذه نهاية شرطة الأخلاق؟». وبعد إعلان المدعي العام، تساءلت صحيفة «هام ميهان»: «تغيير لصالح النساء؟». وأضافت: «السلطة القضائية أصدرت إعلاناً ولكن لم تُعلن أي سلطة أخرى حلّ شرطة الأخلاق».