عندما تسمع عن فيلم عنوانه «جنائن معلقة» يدور بذهنك أنك سترى فيلماً سينمائياً خيالياً، صوِر في مساحات خضراء تحاكي حدائق بابل المعلقة، أو فيلماً رومانسياً مستوحى من القصة الأسطورية الشهيرة لهذه الحدائق التي بناها الملك نبوخذ نصر الثاني لزوجته. لكن الواقع هو أن الفيلم صوِر في مكب نفايات بالعراق، قصته مستوحاة من أحداث حقيقية تحكي واقعاً مريراً.
«جنائن معلقة» قصة فيلم في ظاهرها بسيطة، لكنها تحكي بعمق عن أثر الدمار الذي تسببت فيه الحروب المتتالية في العراق، وما أحدثته من مشكلات اجتماعية واقتصادية. أخرجه أحمد ياسين الدراجي، ومثل فيه كل من حسين محمد جليل، وسام ضياء، جواد الشكرجي وأكرم مازن علي.
قصته مستوحاة من أحداث حقيقية حدثت في عام 2006 عندما كانت الحرب الأهلية تعصف ببغداد، وكانت المدينة تشهد وجوداً كثيفاً للقوات الأميركية. يقول الممثل العراقي وسام ضياء لـ«الشرق الأوسط»: «بالطمر الصحي (مكب النفايات) في العراق تباع المخلفات التي تُجمع من جميع المناطق بأسعار زهيدة، لكن نفايات السفارة الأميركية يفتح عليها مزاد وتباع بأسعار أعلى من البقية، ليعاد تدويرها، والفيلم يتناول كيف لأشياء من ضمن المخلفات الأميركية أن تؤثر سلباً على المجتمع».
حسين محمد في أحد مشاهد فيلم «جنائن معلقة» (الشرق الأوسط)
وأضاف: «حدثت قصته مع المخرج أحمد ياسين الدراجي، عندما وجد زميله مغلفاً أسود تابعاً لرتل أميركي، وأحضره معه لكلية الفنون الجميلة التي كان يدرس بها، وعندما فتحه هو وأحمد، تفاجأوا أن بداخله دمية مطاطية، ومن هذه الواقعة استوحى المخرج الذي أيضاً شارك في كتابة سيناريو الفيلم».
ويحكي الفيلم عن الشقيقين طه وأسعد اللذين يبحثان عن لقمة العيش من خلال جمع المعادن والبلاستيك من مكب النفايات الأسطوري الشهير باسم «جنائن بابل المعلقة» في بغداد. وفي أحد الأيام يلفت انتباههما مكب نفايات الجيش الأميركي الذي يضم مجلات خليعة ضمن عدد من باقي الأشياء، وفيعه يعثر أسعد على دمية مطاطية مهملة ويقرر إحضارها إلى المنزل، وحينما تختبر الدمية علاقة الأخوين، يواجها بقلق ما يهدد صلتهما الأخوية، ضمن تحدَي الحب وصلة الدم، الذي تنتصر فيه روح الدعابة والبراءة. الفيلم مدعوم من صندوق البحر الأحمر.
واستطرد ضياء: «استغرق تصويره ما يقارب 28 يوماً، فيما كان التجهيز قائماً منذ عام 2016، وبدأ التصوير في 2020، وصوّرنا المشاهد في الطمر الصحي، وعشنا الأجواء بكل قسوتها، ورغم صعوبة التأقلم إلا أننا بعد يومين من وجودنا في الموقع والتصوير اعتدنا على الرائحة السيئة وقسوة الأجواء».
يقول بطل الفيلم حسين محمد: «هذا الفيلم السينمائي الأول الطويل الذي أقدمه، ورغم قسوة ظروف المنطقة التي صورنا فيها، إلا أن التجربة كانت ممتعة وحماسية».
من جهته، قال لـ«الشرق الأوسط»، أكرم مازن، مشارك في الفيلم، «إن تجربة التصوير كانت بالغة الصعوبة بسبب المكان، ولكن المخرج أحمد يس استطاع أن يجعل من صعوبته تحدياً، ليخرج أجمل ما في الممثلين من إبداع في الأداء».