«البحر الأحمر» يحتفي بالفن الجميل بعرض إرث جمال فهمي وأفلام يوسف شاهين

افتتاح برنامج «سينما حي» للجمهور اعتباراً من اليوم

بوستر «إسكندرية ليه؟» - بوستر «الوداع يا بونابرت» - بوستر فيلم «عودة الابن الضال»
بوستر «إسكندرية ليه؟» - بوستر «الوداع يا بونابرت» - بوستر فيلم «عودة الابن الضال»
TT

«البحر الأحمر» يحتفي بالفن الجميل بعرض إرث جمال فهمي وأفلام يوسف شاهين

بوستر «إسكندرية ليه؟» - بوستر «الوداع يا بونابرت» - بوستر فيلم «عودة الابن الضال»
بوستر «إسكندرية ليه؟» - بوستر «الوداع يا بونابرت» - بوستر فيلم «عودة الابن الضال»

أعلن مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، بالتعاون مع «حي جميل»، عن تنظيم معرض أرشيفي لإرث المصور جمال فهمي، ومعرض لأفلام يوسف شاهين؛ إذ يدعو البرنامج الافتتاحي الجمهور إلى اكتشاف الأعمال المميزة للمصور الشهير والأفلام الخالدة للمخرج الكبير التي رسمت ملامح تاريخ السينما العربية.
تزامناً مع الذكرى السنوية الأولى لمؤسسة «حي جميل»، سيُفتتح برنامج «سينما حي» للجمهور بدءاً من اليوم، خلال «مهرجان البحر الأحمر». ويُعرف برنامج «سينما حي» بمنهجيته المتميزة في صياغة محتوى سينمائي بحثي مجمع يهدف إلى تزويد الجمهور بروح حب الاستطلاع والشمولية، وحرصه على توسيع مجال البحث في تاريخ الأفلام المستقلة في المنطقة.
ويعد «سينما حي» أحد أول المراكز التي أنشأتها السعودية للسينما المستقلة، ويهدف إلى تعزيز الدور الذي تلعبه السينما باعتباره نقطة تلاقٍ للمشاهدة والتعلم وتبادل المعارف والاكتشاف والبحث في عالم السينما، وقطاع صناعة الأفلام الكبير. يضم المركز مسرحاً يتسع لـ168 مشاهداً، وغرف عرض بسعة 30 مشاهداً، ومكتبة للوسائط المتعددة، بالإضافة إلى مساحة تعليمية. وقد صَمم المجمع استديو التصميم المعماري «بريك لاب» ومقره الرياض ليصبح مقراً لمجتمع الأفلام السعودية وعشاق السينما المحلية طوال العام. وفاز التصميم المعماري بالجائزة المعمارية الدولية التي تنظمها مؤسسة «فن جميل».
وقال محمد التركي، الرئيس التنفيذي لمؤسسة «مهرجان البحر الأحمر»، «يسعدنا في المهرجان، التعاون والعمل مع (سينما حي)، ويشكل افتتاحها مجتمعاً سينمائياً للتفاعل وتبادل الأفكار والعمل على مشاريع جديدة، كما سيوفر فرصاً مثالية للوصول وبناء قاعدتنا الجماهيرية ليتمكن الناس من الاستمتاع بكل ما يقدمه المهرجان».
من جانبه، قال فادي جميل، مؤسس ورئيس مجلس إدارة مؤسسة «فن جميل»، «يسعدنا الترحيب بكل أفراد المجتمع في (سينما حي) الذي صُمم ليكون مقراً لصناع الأفلام وعشاق السينما السعودية من جميع الأعمار. ونفخر بالتعاون مع المهرجان في برنامجنا الافتتاحي، ونسعد بالعمل عن كثب مع المهرجان لحفظ وترميم وعرض أهم الشخصيات التي أثرت في السينما العربية. وتلتزم مؤسسة (فن جميل) بدعم شركائها في مجال الثقافة واستكمال جهودهم عبر القطاعين الحكومي والخاص، وبالتالي يعد (سينما حي) إنجازاً كبيراً يعود بالنفع على الجميع. كما نتطلع لاستثمار الفرص الكثيرة التي سيوفرها هذا التعاون لمجتمعاتنا».
ويحتفي معرض أعمال جمال فهمي بعنوان «كما رأيناه»، الذي ينظمه الكاتب والمخرج ياسر حماد في جدة، ومديرة برنامج «سينما حي» زهرة إيت الجمار، المختصة بالسينما والثقافة المصرية، حيث تعاون فهمي مع كبار صناع الأفلام المصريين، وأهمهم يوسف شاهين، وحسين كمال، وعلي بدرخان، وعلي رضا، وسعيد مرزوق. ولم تقتصر أعماله على لقطات الأفلام أثناء التصوير، ولكن شملت أيضاً التصوير خلف الكواليس، وجلسات التصوير لصناع الأفلام والممثلين. وتضرب أعمال جمال فهمي مثالاً على التصوير الفني الرائع بتراكيبه المثيرة واستخداماته المتميزة للضوء والظلال. ويقام المعرض اليوم إلى 25 مارس (آذار) 2023 وسيعرض أرشيف مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي.
ويضم برنامج أفلام يوسف شاهين عرضاً لروائع أفلامه، وذلك بمصاحبة معرض فني لمجموعة من أروع أعمال الفنان جمال فهمي، فقد التقط المصور الكبير صوراً خلف الكواليس للعديد من روائع يوسف شاهين.
يذكر أن شاهين كان أحد رواد سينما المؤلف؛ حيث أغرت أفلامه جيلاً كاملاً للمشاركة في رواية القصص الجريئة والمثيرة، حيث وثقت أعمال شاهين الأولى الصراع بين طبقات المجتمع المختلفة وكفاح الطبقة العاملة.
وتشمل قائمة الأفلام المعروضة فيلم «إسكندرية ليه؟»، الذي كان بمثابة تحول جذري في مشوار يوسف شاهين الفني لصناعة الأفلام. ويُعد «إسكندرية ليه؟» الفيلم الأول في رباعية السيرة الذاتية بعنوان «صورة الفنان في شبابه»، التي ألقت الضوء على فتى مراهق يحلم بأن يصبح ممثلاً ولكن تصطدم أحلامه بكواليس الإسكندرية خلال الحرب العالمية الثانية. وقد أصبح «إسكندرية ليه» بما فيه من سرد للسيرة الذاتية لشاهين وما يحمله من حنين للإسكندرية أحد أهم وأمتع أعمال المخرج الكبير. كما يعد فيلم «الإسكندرية كمان وكمان» الجزء الثالث من رباعية شاهين لأفلام السيرة الذاتية، التي تتخللها انقطاع بسبب إضراب الفنانين. ويصور الفيلم العلاقة الرمزية بين المخرج والممثل برقصة حزينة على أنغام موسيقى هوليوود.
ويمثل فيلم «الوداع يا بونابرت» أحد أهم أعمال شاهين في فئة الأفلام التاريخية، ويكشف فيلم «اليوم السادس»، والمستوحى من رواية أندريه شديد، فترة الاستعمار الإنجليزي لمصر خلال منتصف العشرينات، ويصور فيلم «عودة الابن الضال» المستوحى أيضاً من رواية معاناة أسرة تمر بأزمة طاحنة.
يذكر أن أفلام يوسف شاهين ستعرض خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وتبدأ منذ اليوم في تمام الساعة الثامنة مساءً.


مقالات ذات صلة

هل استعاد محمد سعد «توازنه» بفضل «الدشاش»؟

يوميات الشرق محمد سعد في العرض الخاص لفيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة للفيلم)

هل استعاد محمد سعد «توازنه» بفضل «الدشاش»؟

حقق فيلم «الدشاش» للفنان المصري محمد سعد الإيرادات اليومية لشباك التذاكر المصري منذ طرحه بدور العرض.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تماثيل وقوالب من الفخار مصنوعة قبل الميلاد (مكتبة الإسكندرية)

«صناعة الفخار»... وثائقي مصري يستدعي حرفة من زمن الفراعنة

يستدعي الفيلم الوثائقي «حرفة الفخار» تاريخ هذه الصناعة التي تحمل طابعاً فنياً في بعض جوانبها، على مدى التاريخ المصري القديم، منذ أيام الفراعنة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من الفيلم تجمع «شاهيناز» وأولادها (الشركة المنتجة)

«المستريحة»... فيلم مصري يتناول النصّابين يمزج الكوميديا بالإثارة

تصدَّرت مجسّمات دعائية للأبطال دار العرض عبر لقطات من الفيلم تُعبّر عنهم، فظهرت ليلى علوي في مجسّم خشبيّ جالسةً على حافة حوض استحمام مليء بالدولارات.

انتصار دردير (القاهرة )
سينما أحمد زكي وآثار الحكيم في «طائر على الطريق»

بشير الديك كتب للسينما البديلة والسائدة معاً

بشير الديك، كاتب القصّة والسيناريو لعدد كبير من الأفلام المصرية طوال العقود الأربعين الماضية، الذي توفي في اليوم الأخير من العام الراحل، 2024

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
سينما «لقتل حصان مونغولي» (بلوتو فيلم)

شاشة الناقد: قضية المرأة في أفعانستان

من بين كثير من المشاهد اللافتة يوجد في هذا الفيلم مشهدان متباعدان، في الأول يربت ساينا على رأس فرسه الذي يستجيب لحنان صاحبه ويميل برأسه فوق كتفه بحنان ظاهر.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)

بشير الديك كتب للسينما البديلة والسائدة معاً

أحمد زكي وآثار الحكيم في «طائر على الطريق»
أحمد زكي وآثار الحكيم في «طائر على الطريق»
TT

بشير الديك كتب للسينما البديلة والسائدة معاً

أحمد زكي وآثار الحكيم في «طائر على الطريق»
أحمد زكي وآثار الحكيم في «طائر على الطريق»

بشير الديك، كاتب القصّة والسيناريو لعدد كبير من الأفلام المصرية طوال العقود الأربعين الماضية، الذي توفي في اليوم الأخير من العام الراحل، 2024، كان أحد السينمائيين الخارجين عن قوانين السينما التقليدية في النصف الأول من سنوات مهنته. لكن على الرغم من أنه في النصف الثاني وقّع على أعمال كثيرة من التي يمكن وصفها بالتقليدية، ومن بينها 6 أفلام من بطولة نادية الجندي، فإنه واظب على معالجة نصوصه باحتراف يجمع بين حكايات تحمل مضامين تنتمي إلى نزعة جادة وتنشد ميزانيات كبيرة.

لعل حقيقة أن نادية الجندي كانت تصبو دوماً إلى أدوار تخلّدها وأفلام تحافظ عبرها على مكانتها لعب بشير الديك دوراً في تلبية هذه الرغبات عبر حكايات تشويقية في المقام الأول، وشخصية رئيسية مضخّمة وذلك في أفضل نصوص ممكنة ضمن التوليفة التجارية.

بدأ هذا التعاون على نحوٍ ثلاثي: بشير الديك يكتب، ونادر جلال يُخرِج ونادية الجندي تلعب دور البطولة. هذه الأفلام هي «الإرهاب» (1989)، و«شبكة الموت» (1990)، و«عصر القوّة» (1991)، ومن ثَمّ «مهمّة في تل أبيب» (1992)، و«الشطّار» (1993)، ولاحقاً «امرأة هزّت عرش مصر» (1995).

كمال الشناوي ونادية الجندي في «مهمّة في تل أبيب»

‫اتجاهان‬

بعد بدايات متفاوتة الأهمية من بينها «مع سبق الإصرار» لأشرف فهمي (1979)، و«دعوني أنتقم» لتيسير عبّود (1979)، و«الأبالسة» لعلي عبد الخالق (1980) التحق الديك ببدايات المخرج الراحل محمد خان عبر 6 أفلام هي «الرغبة» (1980)، و«موعد على العشاء» (1981)، و«طائر على الطريق» (1981)، و«نص أرنب» (1983)، و«يوسف وزينب» (1984) و«الحرّيف» (1984) وكلها من أفضل ما حققه خان.

تعامُل الديك مع الموضوعات الجادة التي عرفتها تلك الأفلام سمح له بكتابة واحد من أفضل أعماله وهو «سواق الأتوبيس»، الذي حققه الراحل عاطف الطيب سنة 1982، وكلاهما لاحقاً تعاونا على تحقيق فيلم مهم (أكثر مما كان جيداً) آخر هو «ناجي العلي» (1992). لجانبهما فيلم ثالث هو «ضد الحكومة» (1992) من بطولة أحمد زكي ولبلبة.

في تقييم كتابات بشير الديك تتداخل بعض العناصر التي يمكن إيجاز هذا التقييم عبرها.

من ناحية، حاول دوماً التطرّق صوب قضايا مهمّة تطرح قصصاً ذات جانبٍ وطني مثل «مهمّة في تل أبيب»، الذي دار حول جاسوسة مصرية تعمل لصالح إسرائيل، ومن ثَمّ تندم فتطلب منها الاستخبارات المصرية (ممثلة بكمال الشناوي)، العمل لحساب مصر وتنجح. «ناجي العلي» ينضم إلى هذا النحو من الأعمال.

السيناريست المصري بشير الديك (وزارة الثقافة)

في ناحية أخرى، لم يتأخر عن كتابة ما كان سائداً في الثمانينات والتسعينات من اتجاه صوب الحديث عن مراكز قوى في الشارع المصري والصراع بين الأخيار والأشرار. هذه الموجة لم تعرف بداية ونهاية محدودتين فتاريخها عريق يعود لعقود سابقة، لكنها عرفت في تلك الفترة تدافعاً بين المخرجين للحديث عن تلك المراكز في حارات القاهرة (في مقابل الكثير من صراع الخير والشر على ساحلَي بور سعيد والإسكندرية في أفلام الخمسينات والستينات) في أجواء ليست بعيدة عن الخط الذي وضعه نجيب محفوظ وشخصياته.

مخرجون عديدون حقّقوا هذه الأفلام التي شُكّلت حكاياتها من صراع القوى في الشارع المصري مثل أشرف فهمي («الأقوياء»، 1982)، وأحمد السبعاوي («السلخانة» 1982 و«برج المدابغ» 1983) وكمال صلاح الدين («جدعان باب الشعرية» 1983). لكن من مزايا ما كتبه بشير الديك في هذه الأعمال التي لاقت رواجاً جماهيرياً إنه كتب ما هو أعمق في دلالاته من قصص المعلّم الشرير ضد سكان منطقته وأزلامه الذين يتصدّون للأبرياء إلى أن يخرج من رحم تلك الحارة من يواجههم جميعاً.

بداية من «نصف أرنب» توّجه الديك إلى حكاية تشويقية ذات طابع بوليسي، وفي «سوّاق الأتوبيس» وقف مع ابن المدينة في موضوع حول تفتت المجتمع مادياً. أما في «الحرّيف» فنقل اهتمامه إلى الوسط المهمّش من سكان القاهرة وأحلامهم ومتاعبهم الشخصية.

‫هموم المجتمع‬

ما يجمع بين هذه الأعمال هموم تسلّلت إلى عدد كبير من كتابات بشير الديك السينمائية.

في مقابلة تمّت بين المخرج عاطف الطيب وبيني بعد مشاهدة فيلمه النيّر «سواق الأوتوبيس»، سألت المخرج عن كيف بدأ التفكير في تحقيق «سوّاق الأتوبيس». أجاب: «بدأت الفكرة في جلسة صداقة مع بشير الديك ومحمد خان. وكنا نتحدث بشأن همومنا وطموحنا الخاص لصنع سينما أخرى مختلفة، وكانت الظروف الحياتية نفسها تجمعنا كلنا تقريباً. فقد كنت أشعر في ذلك الوقت بالذنب إزاء فيلمي الأول (يقصد «الغيرة القاتلة»، 1982)، الذي اضطُرِرت فيه إلى الاعتماد على سيناريو مأخوذ عن أصل أدبي (أجنبي) رغم إيماني الدائم بضرورة الكتابة المباشرة للسينما. اقترح محمد خان وبشير الديك فكرة وُضع لها عنوان: (حطمت قيودي)، تدور حول عائلة مهدّدة بالضياع نتيجة فقدان الأب للورشة التي أسسها وبحْثُ الابن، سائق الأتوبيس، عن مخرج من الأزمة بلا جدوى وأعجبتني الفكرة، خصوصاً أنني أميل كثيراً إلى الدراما التي تدور في نطاق عائلة. وبدأنا بالفعل في تطوير الفكرة خلال الكتابة وتبادل الآراء. وكنا كلما نتعمق في الموضوع تتضح لنا أهمية الفكرة التي نريد التعبير عنها. في الكتابة الثانية للسيناريو، وصل الفيلم إلى ما أصبح عليه».

كتب بشير الديك نحو 60 فيلماً ومسلسلاً تلفزيونياً، معظمها جمع هذه الصفات المجتمعية على نحو سائد أو مخفف. هذا ما جعله أحد أبرز كتاب السيناريو في مصر في حقبة كان للسينما البديلة والمستقلة عن السائد دور فاعل في نهضة الفيلم المصري عموماً.

مع الطيّب وخان ورضوان الكاشف ورؤوف توفيق وخيري بشارة ورأفت الميهي وسواهم، ساهم بشير الديك في منح تلك الفترة مكانتها الساطعة التي لا تغيب.