«الخلاط»... قصص ترصد التغيرات الاجتماعية السعودية في إطار كوميدي

فريق عمل فيلم «الخلاط» (نتفليكس)
فريق عمل فيلم «الخلاط» (نتفليكس)
TT

«الخلاط»... قصص ترصد التغيرات الاجتماعية السعودية في إطار كوميدي

فريق عمل فيلم «الخلاط» (نتفليكس)
فريق عمل فيلم «الخلاط» (نتفليكس)

بعد 3 سنوات من انتهاء برنامج «الخلاط» الشهير، على موقع «يوتيوب»، أعادت منصة «نتفليكس» تقديمه بشكل مختلف، كأول فيلم سعودي من إنتاجها تحت عنوان «الخلاط»، الذي عُرض لأول مرة أثناء فعاليات مهرجان «البحر الأحمر» السينمائي الدولي، قبل عرضه رسمياً عبر «نتفليكس» في 19 يناير (كانون الثاني) المقبل.
يعد فيلم «الخلاط» امتداداً لاسكتشات «الخلاط»، التي حققت نجاحاً مبهراً طيلة السنوات الماضية عبر موقع الفيديوهات «يوتيوب»، ووصل عدد مشاهديها لقرابة مليار ونصف المليار مشاهدة، وهو ما دفع المنصة العالمية لتحويلها إلى فيلم يرصد التغيرات الاجتماعية في المجتمع السعودي بإطار كوميدي.
يحتوي الفيلم على 4 قصص قصيرة يربطها موضوع واحد وهو الخداع الاجتماعي، إذ تقع شخصيات «الخلاط»، في مواقف غير متوقعة وتحاول أن تجد حيلة لتخرج منها، بداية من وجود لصين يحطمان حفل زفاف لإنقاذ شريكهما، وطاهية تعمل في مطعم فاخر تضع سمعة المطعم على المحك لإنقاذ زواج والديها الفاشل، وصديق يعود إلى المشرحة لدفن سر عن زوجة صديقه المتوفى، وصولاً إلى أم تبحث عن زوجها أثناء بحثه عن ابنهما في ملهى ليلي، والعمل من إخراج فهد العماري، وإنتاج محمد القرعاوي، وبطولة كل من عبد العزيز الشهري، ومحمد الدوخي، وإبراهيم خير الله، وإبراهيم الحجاج، وفهد البعيري، وصهيب قدس، وزياد العامري، وإسماعيل الحسن.
منتج الفيلم محمد القرعاوي، قال لـ«الشرق الأوسط»: «يُعد مشروع الخلاط من أحب مشاريع (تلفاز 11) وأفضلها عبر موقع (يوتيوب)، وفي البداية كان عبارة عن اسكتشات كوميدية ساخرة ومن ثَم تطور إلى أن قُدم في 22 حلقة، لتقرر (نتفليكس) تطوير العمل والفكرة وتقديمه في فيلم سينمائي، وأعتقد أن النجاح الكبير الذي حققه الخلاط يعود الفضل فيه إلى مخرجة الفذ فهد العماري وأبطاله».
وأشار منتج العمل إلى أن الجمهور السعودي هو سبب نجاح العمل مضيفاً: «القبول والنجاح نعمتان من نعم الله التي أنعم بها علينا، فكلما كنا نطور في الفكرة الأصلية للعمل، كان النجاح يزداد يوماً بعد يوم».
ويرى مخرج العمل فهد العامري أن «صعوبات الفيلم كانت تتلخص في كثرة التنقلات بين القصص الأربع خلال التصوير، وهذه ليست صعوبة بالغة». كما أشاد العامري بعرض الفيلم لأول مرة في مهرجان «البحر الأحمر» قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «فخر لي ولجميع أسرة الفيلم أن يكون (الخلاط) فكرة سعودية وأبطاله سعوديين وبإنتاج سعودي، ويعرض لأول مرة في السعودية، فهذا يدل على أن الصناعة الفنية السعودية في تطور مستمر».
ويرى العامري أن «الجمهور والملتقي هم أصحاب الفضل الأول والأخير في نجاح فكرة العمل، فرحلة (الخلاط) استمرت لأكثر من 4 سنوات، البداية كانت من خلال (يوتيوب)، وكان يزداد جمهورها يوماً بعد يوم إلى أن صار عدد مشاهدينا أكثر من مليار ونصف المليار، واليوم بسبب حب الجمهور أصبح الخلاط فيلماً على (نتفليكس)».
«من المجتمع وإلى المجتمع»... بتلك الكلمات لخص المخرج السعودي رسالة فيلمه الجديد: «أبرز ما يميز فكرة (الخلاط) بشكل عام أنه عمل محلي يناقش مشاكل وظروف حياتنا اليومية، ودوماً ما أقول عنه إنه عمل من صنع المجتمع ويشاهده أفراد المجتمع».


مقالات ذات صلة

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

قال الفنان المصري عصام عمر إن فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» يجمع بين المتعة والفن ويعبر عن الناس.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل الجزائري الفرنسي طاهر رحيم في شخصية المغنّي العالمي شارل أزنافور (باتيه فيلم)

«السيّد أزنافور»... تحيّة موفّقة إلى عملاق الأغنية الفرنسية بأيادٍ عربية

ينطلق عرض فيلم «السيّد أزنافور» خلال هذا الشهر في الصالات العربية. ويسرد العمل سيرة الفنان الأرمني الفرنسي شارل أزنافور، من عثرات البدايات إلى الأمجاد التي تلت.

كريستين حبيب (بيروت)

«العواصف» و«احتفال»

«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
TT

«العواصف» و«احتفال»

«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
«العواصف» (فيستيڤال سكوب)

LES TEMPÊTES

(جيد)

* إخراج: دانيا ريمون-بوغنو

* فرنسا/ بلجيكا (2024)

الفيلم الثاني الذي يتعاطى حكاية موتى- أحياء، في فيلم تدور أحداثه في بلدٍ عربي من بعد «أغورا» للتونسي علاء الدين سليم («شاشة الناقد» في 23-8-2024). مثله هو ليس فيلم رعب، ومثله أيضاً الحالة المرتسمة على الشاشة هي في جانب كبير منها، حالة ميتافيزيقية حيث العائدون إلى الحياة في كِلا الفيلمين يمثّلون فكرةً أكثر ممّا يجسّدون منوالاً أو حدثاً فعلياً.

«العواصف» إنتاج فرنسي- بلجيكي للجزائرية الأصل بوغنو التي قدّمت 3 أفلام قصيرة قبل هذا الفيلم. النقلة إلى الروائي يتميّز بحسُن تشكيلٍ لعناصر الصورة (التأطير، والإضاءة، والحجم، والتصوير نفسه). لكن الفيلم يمرّ على بعض التفاصيل المكوّنة من أسئلة لا يتوقف للإجابة عليها، أبرزها أن بطل الفيلم ناصر (خالد بن عيسى)، يحفر في التراب لدفن مسدسٍ بعد أن أطلق النار على من قتل زوجته قبل 10 سنوات. لاحقاً نُدرك أنه لم يُطلق النار على ذلك الرجل بل تحاشى قتله. إذن، إن لم يقتل ناصر أحداً لماذا يحاول دفن المسدس؟

الفيلم عن الموت. 3 شخصيات تعود للحياة بعد موتها: امرأتان ورجل. لا أحد يعرف الآخر، وربما يوحي الفيلم، أنّ هناك رابعاً متمثّلاً بشخصية ياسين (مهدي رمضاني) شقيق ناصر.

ناصر هو محور الفيلم وكان فقد زوجته «فجر» (كاميليا جردانة)، عندما رفضت اعتلاء حافلة بعدما طلب منها حاجز إرهابي ذلك. منذ ذلك الحين يعيش قسوة الفراق. في ليلة ماطرة تعود «فجر» إليه. لا يصدّق أنها ما زالت حيّة. هذا يؤرقها فتتركه، ومن ثَمّ تعود إليه إذ يُحسن استقبالها هذه المرّة. الآخران امرأة ورجل عجوزان لا قرابة أو معرفة بينهما. بذا الموت الحاصد لأرواح تعود إلى الحياة من دون تفسير. الحالة نفسها تقع في نطاق اللا معقول. الفصل الأخير من الفيلم يقع في عاصفة من التراب الأصفر، اختارته المخرجة ليُلائم تصاعد الأحداث الدرامية بين البشر. تنجح في إدارة الجانبين (تصوير العاصفة ووضعها في قلب الأحداث)، كما في إدارة ممثليها على نحوٍ عام.

ما يؤذي العمل بأسره ناحيةٌ مهمّةٌ وقعت فيها أفلام سابقة. تدور الأحداث في الجزائر، وبين جزائريين، لكن المنوال الغالب للحوار هو فرنسي. النسبة تصل إلى أكثر من 70 في المائة من الحوار بينما، كما أكّد لي صديق من هناك، أن عامّة الناس، فقراء وأغنياء وبين بين، يتحدّثون اللهجة الجزائرية. هذا تبعاً لرغبة تشويق هذا الإنتاج الفرنسي- البلجيكي، لكن ما يؤدي إليه ليس مريحاً أو طبيعياً إذ يحول دون التلقائية، ويثير أسئلة حول غياب التبرير من ناحية، وغياب الواقع من ناحية أخرى.

* عروض مهرجان مراكش.

«احتفال» (كرواتيا إودڤيحوال سنتر)

CELEBRATION

(ممتاز)

* إخراج: برونو أنكوڤيتش

* كرواتيا/ قطر (2024)

«احتفال» فيلم رائع لمخرجه برونو أنكوڤيتش الذي أمضى قرابة 10 سنوات في تحقيق أفلام قصيرة. هذا هو فيلمه الطويل الأول، وهو مأخوذ عن رواية وضعها سنة 2019 دامير كاراكاش، وتدور حول رجل اسمه مِيّو (برنار توميتش)، نَطّلع على تاريخ حياته في 4 فصول. الفصل الأول يقع في خريف 1945، والثاني في صيف 1933، والثالث في شتاء 1926، والرابع في ربيع 1941. كلّ فصل فيها يؤرّخ لمرحلة من حياة بطله مع ممثلٍ مختلف في كل مرّة.

نتعرّف على مِيو في بداية الفيلم يُراقب من فوق هضبة مشرفة على الجيش النظامي، الذي يبحث عنه في قريته. يمضي مِيو يومين فوق الجبل وتحت المطر قبل أن يعود الفيلم به عندما كان لا يزال فتى صغيراً عليه أن يتخلّى عن كلبه بسبب أوامر رسمية. في مشهد لا يمكن نسيانه، يربط كلبه بجذع شجرة في الغابة ويركض بعيداً يلاحقه نباح كلب خائف، هذا قبل أن ينهار مِيو ويبكي. ينتقل الفيلم إلى شتاء 1926. هذه المرّة الحالة المعيشية لا تسمح لوالده بالاختيار، فيحمل جدُّ مِيو فوق ظهره لأعلى الجبل ليتركه ليموت هناك (نحو غير بعيد عمّا ورد في فيلم شوهاي إمامورا «موّال ناراياما» The Ballad of Narayama سنة 1988). وينتهي الفيلم بالانتقال إلى عام 1941 حيث الاحتفال الوارد في العنوان: أهالي القرى يسيرون في استعراضٍ ويرفعون أيديهم أمامهم في تحية للنازية.

«احتفال» معني أكثر بمراحل نمو بطله وعلاقاته مع الآخرين، وسط منطقة ليكا الجبلية الصعبة كما نصّت الرواية. ما يعنيه هو ما يُعانيه مِيو وعائلته وعائلة الفتاة التي يُحب من فقر مدقع. هذا على صعيد الحكاية وشخصياتها، كذلك وَضعُ مِيو وما يمرّ به من أحداث وسط تلك الطبيعة القاسية التي تُشبه قسوة وضعه. ينقل تصوير ألكسندر باڤلوڤيتش تلك الطبيعة وأجواءها الممطرة على نحوٍ فعّال. تمثيلٌ جيدٌ وناضجٌ من مجموعة ممثلين بعضُهم لم يسبق له الوقوف أمام الكاميرا، ومن بينهم كلارا فيوليتش التي تؤدي دور حبيبة مِيو، ولاحقاً، زوجته.

* عروض مهرجان زغرب (كرواتيا).