رئيس الحكومة المغربية يحسم الجدل بخصوص تقنين زراعة القنب الهندي

ابن كيران أجهش بالبكاء في البرلمان تأثرًا بمعاناة المعاقين

عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية في حديث مع محند العنصر وزير الشباب والرياضة قبل بدء جلسة مساءلته الليلة قبل الماضية (تصوير: مصطفى حبيس)
عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية في حديث مع محند العنصر وزير الشباب والرياضة قبل بدء جلسة مساءلته الليلة قبل الماضية (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

رئيس الحكومة المغربية يحسم الجدل بخصوص تقنين زراعة القنب الهندي

عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية في حديث مع محند العنصر وزير الشباب والرياضة قبل بدء جلسة مساءلته الليلة قبل الماضية (تصوير: مصطفى حبيس)
عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية في حديث مع محند العنصر وزير الشباب والرياضة قبل بدء جلسة مساءلته الليلة قبل الماضية (تصوير: مصطفى حبيس)

حسم عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية، الجدل الذي أثارته دعوة حزبين في المعارضة إلى تقنين زراعة القنب الهندي (الكيف)، ومطالبتهما العفو عن مزارعي هذه النبتة المخدرة، بالتأكيد على أن الأمر مجرد «بيع للوهم» لسكان المناطق الشمالية من البلاد.
وقال ابن كيران، الذي كان يتحدث الليلة قبل الماضية، في جلسة المساءلة الشهرية بمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، ردًا على سؤال للفريق النيابي لحزب الاستقلال المعارض الذي تقدم بمقترح قانون لتقنين زراعة القنب الهندي، مساندًا من قبل حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، الذي يؤيد بدوره هذا المطلب، إن «زراعة القنب الهندي في الأقاليم الشمالية للمغرب تطرح إشكاليات كبيرة، قانونية واجتماعية وصحية وبيئية»، مشيرًا إلى أن السلطات العمومية «تبذل مجهودات مهمة لمكافحة هذا الزراعة، وفي الوقت نفسه تعمل على إيجاد خيارات بديلة للدفع بعجلة التنمية في هذه المناطق».
وعبّر ابن كيران عن «تعاطفه مع سكان هذه المناطق في كل ما يقع عليهم من ظلم»، بيد أنه انتقد «الابتزاز الذي يمارسه البعض بشأن هذه القضية واستغلالها لأغراض أخرى»، في إشارة إلى الانتقادات التي توجه لبعض الأحزاب بتحريك هذه القضية كلما اقترب موعد الانتخابات لاستمالة سكان تلك المناطق.
وقال ابن كيران «أدعو سكان هذه المناطق إلى عدم الاستماع إلى الأوهام، فسياسية الدولة لم تتغير في هذا المجال، وتقنين زراعة هذه النبتة لا يدخل في سياستها، ولا وجود لما يثبت بأن هذه العشبة ستستخلص منها أدوية ومستحضرات طبية». وأكد ابن كيران أن «تقنين زراعة هذه النبتة لا يمكن أن يشكل حلا لهذه الإشكالية، والترويج لتقنين هذه الزراعة والترويج لحماية أصحابها هو من قبيل بيع الوهم للمواطنين والسعي إلى تحقيق مكاسب زائلة».
وكان وزير الداخلية محمد حصاد قد وضع بدوره حدًا للجدل الذي أثير بشأن الدعوة إلى تقنين زراعة هذا المخدر واستعماله في أغراض طبية وتجميلية. وقال حصاد ردًا على سؤال لمستشار من حزب الأصالة والمعاصرة بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان)، خلال جلسة الأسئلة التي عقدت الأسبوع الماضي، إن «القانون المغربي حسم في الأمر، وإنه يمنع منعًا كليًا زراعة هذه المادة والمتاجرة فيها»، مشددًا على أن «السلطات العمومية والقضاء ملزمين بتطبيق القانون».
وفي سياق منفصل، لم يتمالك ابن كيران نفسه وأجهش بالبكاء أثناء إجابته عن سؤال تقدمت به فرق المعارضة، يتعلق بذوي الاحتياجات الخاصة، وقال ابن كيران وهو يخاطب البرلمانيين، إن «هناك الكثير من المعاقين يأتون إلى بيتي يوميًا، أنتم تتكلمون عن الإعاقة التي تحتاج إلى إدماج، لكني أرى أمهات يلدن معاقين لا يبدو من الممكن التخلص من إعاقتهم مدى الحياة». وتابع موضحًا: «هناك من الأمهات من لها معاق واحد وأخرى اثنان أو أكثر». ولم يكمل رئيس الحكومة هذه الجملة حتى أجهش بالبكاء، نظرًا لأنه يعاني من إعاقة ابنته، قبل أن يتابع كلامه قائلاً: «نحن الآن أمام الحقيقة، أمام معاقين لا يمكن إطلاقًا أن ندخل المنطق السياسي عند حديثنا عن موضوعهم.. لا بد أن نعترف أولاً أن هذا وضع مؤلم، وكل واحد منكم يعرف قليلاً الإعاقة، لكن أنا أعرفكم بها جميعًا ولن أقول لكم لماذا».
وردًا على انتقادات المعارضة، بشأن غياب الاهتمام بهذه الفئة، قال ابن كيران إن
«المعاقين لم يوجدوا لحظة جاءت هذه الحكومة بل منذ خلق الله الكون، وأقر أن الحكومة لم تقم بالشيء الكثير في هذا الموضوع». بيد أنه استدرك قائلاً: «إن الدولة المغربية فعلت الكثير في هذا الباب، لكن لا يزال الكثير لينجز لصالح هذه الفئة».
وفي موضوع منفصل، أكد قادة أحزاب الأغلبية، أن مشاركة أحزابهم في الانتخابات البلدية والجهوية المقبلة ستجري وفق «التزام أخلاقي» يحترم منطق التحالف الأغلبي الذي يجمعها. ودافع الأمناء العامون لأحزاب التحالف الحكومي، وهم عبد الإله ابن كيران أمين عام حزب العدالة والتنمية، وصلاح الدين مزوار رئيس التجمع الوطني للأحرار، ومحند العنصر الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، ونبيل بن عبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، خلال لقاء تواصلي مع ممثلي أحزابهم في البرلمان عقدوه، مساء أول من أمس، في الرباط، عن التجربة الحكومية الحالية، مؤكدين «انسجامهم التام»، وعزمهم مواصلة الإصلاح.
وتطرق عدد من قادة الأغلبية للأحداث الأخيرة التي عرفها المغرب ذات الصلة بالحريات الفردية، وأكدوا على أن هناك إجماعًا بينهم على رفض أي تراجع عن الحريات، وعلى «ضرورة الحفاظ على هيبة ومركزية الدولة»، وأن لا «أحد له الحق في تجاوز سلطة القانون».



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.