معارضة ريف دمشق تبحث «مؤازرة» المقاتلين في الزبداني

حركة نزوح من البلدة.. وحزب الله يعتمد سياسة «القضم والتثبيت»

معارضة ريف دمشق تبحث «مؤازرة» المقاتلين في الزبداني
TT

معارضة ريف دمشق تبحث «مؤازرة» المقاتلين في الزبداني

معارضة ريف دمشق تبحث «مؤازرة» المقاتلين في الزبداني

استقرّت خريطة النفوذ في مدينة الزبداني أمس، على حالها، من غير تقدم يُذكر لأحد الطرفين المتقاتلين، حيث شهدت أحياء المدينة اشتباكات بين القوات النظامية السورية ومقاتلي حزب الله اللبناني من جهة، وقوات المعارضة السورية من جهة أخرى، في وقت يكثف فيه سلاح الجو السوري غاراته الجوية على أحياء المدينة الشرقية.
وفيما تتصاعد وتيرة القصف، وسط استعدادات حزب الله والقوات الحكومية للسيطرة على كامل المدينة، تسارعت وتيرة الاتصالات بين قوات المعارضة في ريف دمشق، حيث عقدت اجتماعات بين مختلف الفصائل وبحثت كيفية الدفع بالتعزيزات إلى الزبداني منعًا لسقوطها.
وقال مصدر بارز في «الجيش السوري الحر» بريف دمشق لـ«الشرق الأوسط»، إن لقاءات عاجلة عقدت بين قادة في تنظيم أحرار الشام الذي يسيطر على أحياء المعارضة في الزبداني منذ أكثر من عامين، وقادة في تنظيمات أخرى، بينها «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام»، وبحثت في إرسال مقاتلين من الغوطة الشرقية بهدف «تخفيف الضغط عن المقاتلين في الزبداني، وإرسال تعزيزات لهم ومؤازرة بشرية».
وقال المصدر إن 3 آلاف مقاتل معارض موجودين في أحياء خاضعة لسيطرة المعارضة في الزبداني، «ينقسمون بين قوات مهاجمة ومدافعة وإسناد ناري ولوجيستي»، مشيرًا إلى أن القوات النظامية المهاجمة «تعتمد القصف العنيف الذي بدأ قبل خمسة أيام على أحياء المدينة، لكنها لم تستطع أن تتقدم إلى عمق المدينة».
وكانت القوات الحكومية السورية ومقاتلو حزب الله اللبناني بدأوا هجومًا واسعًا لاستعادة السيطرة على الزبداني بريف دمشق الغربي، الخميس الماضي، حيث أحرزوا تقدمًا على أطراف المدينة، عبر السيطرة على كتل إسمنتية وأبنية، مهّدت لنقل الاشتباكات إلى أحياء المدينة، وقتال مباشر داخل الأحياء بين الطرفين، كما يقول ناشطون.
وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، إن خريطة توزع القوى الميدانية «لا تزال على حالها من التقدم الأول لقوات النظام ولم يطرأ أي تغيير حتى الآن، حيث تتصدى قوات المعارضة من مواقعها للقوات المهاجمة». وأضاف أن حزب الله وقوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد، «يتبعان استراتيجية القضم البطيء وتثبيت المواقع، إضافة إلى أسلوب القصف الناري الضخم للمناطق البعيدة»، وهي «عملية بطيئة إجمالاً».
وجددت قوات النظام أمس قصفها لمناطق في مدينة الزبداني ومناطق أخرى على الطريق الواصل بين بلدتي مضايا وبقين، ترافق مع إلقاء الطيران المروحي ما لا يقل عن 10 براميل متفجرة وتنفيذ الطيران الحربي ثلاث غارات على مناطق في المدينة، فيما اتسعت دائرة القصف لاستهداف وادي بردى أيضًا.
وتتضارب المعلومات حول صحة التوغل إلى أحياء المعارضة في الزبداني؛ ففي وقت تؤكد فيه وسائل إعلام مقربة من حزب الله تحقيق تقدم، نفى ناشطون تقدم مقاتلي الحزب. وقالوا إن فصائل من المعارضة تصدت من جهة منطقتي الكبرة والشلاح، وسط معارك دارت بين الطرفين داخل أحياء المدينة.
وذكر «مكتب أخبار سوريا» أن عناصر المعارضة «أجبرت» عناصر حزب الله اللبناني على الانسحاب من الأبنية في منطقة الجمعيات غرب المدينة، بعد معركة دارت بين الطرفين قُتل خلالها عنصر على الأقل من المعارضة.
وفي المقابل، ذكر تلفزيون «المنار» أن الجيش السوري ومقاتلي الحزب واصلوا تقدمهم في مدينة الزبداني غرب دمشق، حيث سيطروا على كتل جديدة في حي الزهرة شمال غربي الزبداني وسط انهيارات في صفوف المسلحين.
وقال ناشطون موالون للنظام إن القوات النظامية قطعت كل خطوط الإمداد التي تستخدمها فصائل المعارضة في الزبداني القريبة من الحدود اللبنانية والمجاورة لطريق دمشق - بيروت. وتحدث هؤلاء عن أن الهجوم على الزبداني اتسع ليشمل شرق، غرب، وجنوب الزبداني، بينما بقي الخط الشمالي مفتوحًا.
وترافقت المعارك في المدينة، مع قصف شنه الطيران المروحي النظامي، الذي ألقى أمس نحو 20 برميلاً متفجرًا من الحجم الصغير على منطقة البلد وسط الزبداني، فيما استهدف الطيران الحربي المدينة بأكثر من 15 غارة، بالتزامن مع قصف مدفعي نفذته العناصر النظامية المتمركزة على الحواجز المحيطة بالمدينة.
وعلى الصعيد الإنساني، نزح جميع المدنيين المتبقين في مدينة الزبداني إلى بلدة مضايا المجاورة والخاضعة لأحكام هدنة مع النظام. ونقل مكتب «أخبار سوريا» عن الناشط الإعلامي المعارض وسيم سعد، قوله إن أكثر من 200 عائلة نزحت خلال اليومين الماضيين من الزبداني ليصبح عدد العائلات النازحة إلى البلدة المجاورة خلال الأعوام الأربعة الماضية نحو 700 عائلة، يحصلون على المواد الغذائية عبر طرق التهريب.
وناشد ناشطون معارضون من الزبداني الهيئات السياسية والمدنية المعارضة والمنظمات الدولية والإغاثية، مساعدة المدنيين النازحين من الزبداني وتأمين المواد الغذائية والطبية.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».