الأطراف السودانية توقع اليوم اتفاقاً جديداً يؤسس لسلطة مدنية

تجري الاستعدادات على قدم وساق في العاصمة السودانية للتوقيع على «الاتفاق السياسي الإطاري» بين قادة الجيش وتحالف «الحرية والتغيير»، أكبر كتلة معارضة في البلاد، اليوم (الإثنين)، كما ستشارك في التوقيع قوى سياسية أخرى من خارج «الحرية والتغيير»، لكنها اتخذت موقفاً داعماً لعملية الانتقال المدني الديمقراطي في البلاد، فيما يشهد على التوقيع حضور دولي وإقليمي كبير لأطراف أسهمت في التوصل إلى هذا الاتفاق لإنهاء الأزمة السياسية في السودان، وفي الأثناء أطلقت السلطات سراح معتقلين من قيادات المعارضة، لتهيئة الأجواء.
وتبدأ مراسيم التوقيع في العاشرة صباحاً بالقصر الرئاسي في الخرطوم؛ حيث تجتمع الأطراف من قادة الجيش والمدنيين للتوقيع رسمياً على الاتفاق بحضور شهود وضامنين من المجتمع الدولي والإقليمي. ومن المتوقع أن تضم منصة الاحتفال رئيس مجلس السيادة قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو «حميدتي» وبقية المكون العسكري في مجلس السيادة، بجانب قادة الأحزاب في تحالف «الحرية التغيير» وشخصيات أخرى. وستشارك في مراسم التوقيع «الآلية الثلاثية» الدولية التي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة «الإيقاد»، بجانب «الآلية الرباعية» التي تضم المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة ودولة الإمارات وبريطانيا، بالإضافة إلى ممثلين عن دول الاتحاد الأوروبي والبعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى الخرطوم.
وقال القيادي في التحالف، الواثق البرير، لـ«الشرق الأوسط»، إن الاتفاق سيظل مفتوحاً لبقية القوى السياسية والجماعات الداعمة للانتقال إلى الانضمام لـ«الإعلان السياسي» والتوقيع عليه لاحقاً. وأضاف: «حتى الآن لا جديد فيما يتعلق بموقف حركة العدل والمساواة، بقيادة جبريل إبراهيم، وحركة جيش تحرير السودان، بقيادة مني أركو مناوي، الرافضتين المشاركة في التوقيع»، مشيراً إلى أن الاتفاق مفتوح في أي وقت أبدت فيه الحركتان المسلحتان جاهزيتهما للتوقيع عليه. وأشار البرير إلى أن المكتب التنفيذي لـ«الحرية والتغيير» سيعقد اجتماعاً في دار حزب «الأمة القومي» لمناقشة تفاصيل البرنامج الاحتفالي وتحديد الموقعين، بالإنابة عنه، بالإضافة إلى الكلمات التي ستتلى من جانبه خلال الاحتفال.
ويضم تحالف «الحرية والتغيير»؛ حزب الأمة القومي، وحزب المؤتمر السوداني، والتجمع الاتحادي، وحزب البعث العربي الاشتراكي، وأطراف الجبهة الثورية في «المجلس الرئاسي» التي تضم فصائل، مالك عقار، والهادي إدريس، والطاهر حجر. كما سيوقع «تجمع المهنيين السودانيين الشق الثاني» الذي يضم كيانات ونقابات مهنية. وأوضح البرير أن القوى السياسية التي ستوقع على الاتفاق من خارج «الحرية والتغيير» هي حزب «المؤتمر الشعبي» وحزب «الاتحادي الديمقراطي - الأصل» وجماعة «أنصار السنة المحمدية»، والحزب «الجمهوري» بقيادة أسماء محمود محمد طه.
وأكد التحالف، في بيان، أمس، أن المبادئ العامة وبنود الاتفاق السياسي الإطاري «واضحة بشأن تحقيق أهداف ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2019، وتحقيق الانتقال المدني الديمقراطي». وأضاف أن تحالف «(الحرية والتغيير) سيبذل كل جهده لتوحيد الجبهة المدنية الساعية لإنهاء حكم العسكر، وتأسيس وضع دستوري جديد، وصولاً إلى الاتفاق النهائي الذي يمهد عملياً لفترة انتقالية لتنفيذ مهام الثورة والانتقال، في تحقيق العدالة وتفكيك النظام المعزول (نظام الرئيس السابق عمر البشير) والإصلاح الأمني والعسكري وهيكلة ودمج القوات، وتحديد مهامها في دولة مدنية ديمقراطية».
في غضون ذلك، أطلقت السلطات سراح قيادات في «لجنة تصفية نظام البشير» ومعتقلين سياسيين آخرين، عشية التوقيع على «الاتفاق الإطاري»، وذلك لتهيئة الأجواء للمرحلة السياسية المقبلة. ومن أبرز المعتقلين الذين أطلق سراحهم، مقرر اللجنة والقيادي في تحالف «الحرية والتغيير» وجدي صالح، وعضوا اللجنة عبد الله سليمان، وأحمد مضوي.
من جانبه، اعتبر الحزب الشيوعي أن «الاتفاق الإطاري عبارة عن مواصلة لمؤامرات القوى المعادية الداخلية والخارجية لقطع الطريق على الثورة، وإنتاج النظام المباد (نظام البشير) في نسخة جديدة للحفاظ على مصالح الرأسمالية الطفيلية وحلفائها في الخارج». وأدان الحزب بشدة ما أسماه «التدخلات الأجنبية في الشأن الداخلي السوداني، التي تهدف في الأساس لتصفية الثورة، بالاتفاق مع قوى داخلية معادية للثورة». وأكد، في بيان، أمس، أن «قوى الثورة الرافضة للانقلاب ومشروعات التسوية تواصل معركتها من أجل إسقاط الطغمة الانقلابية وهزيمة كل المؤامرات في طريق استكمال أهداف وشعارات ثورة ديسمبر». ودعا الحزب للخروج في مواكب مليونية، اليوم (الإثنين)، التي دعت لها «لجان المقاومة الشعبية» رفضاً لمشروعات التسوية و«مواصلة للتصعيد الجماهيري لهزيمة هذه المؤامرات».