الأمم المتحدة: خطوتنا المقبلة تجاه اليمن مرهونة بنتائج مشاورات ولد الشيخ

الخارجية الأميركية لـ {الشرق الأوسط}: متفائلون بحذر إزاء تحقيق انفراج في الأزمة اليمنية

الأمم المتحدة: خطوتنا المقبلة تجاه اليمن مرهونة بنتائج مشاورات ولد الشيخ
TT

الأمم المتحدة: خطوتنا المقبلة تجاه اليمن مرهونة بنتائج مشاورات ولد الشيخ

الأمم المتحدة: خطوتنا المقبلة تجاه اليمن مرهونة بنتائج مشاورات ولد الشيخ

أفاد متحدث باسم الأمم المتحدة أمس بأن الخطوة المقبلة التي سيقوم بها مجلس الأمن في الملف اليمني تعتمد على نتائج المساعي التي يقوم بها المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ حاليا.
وقال المتحدث ستيفانو دوجاريك، إن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «جدد تصميمه على إنجاح» جهود المبعوث الأممي من أجل «الوصول إلى حل سياسي للصراع هناك». وأضاف أن الأمين العام «يرى أن الحل السياسي هو الحل الوحيد الممكن للأزمة». وتابع المتحدث أن مساعي ولد الشيخ الحالية هي التي ستحدد إمكانية عقد جلسة أخرى لمجلس الأمن لمناقشة الوضع في اليمن.
ويوجد ولد الشيخ حاليًا في اليمن لإجراء مشاورات مع جماعة أنصار الله الحوثية وحزب المؤتمر الشعبي ومكونات سياسية أخرى، وذلك بعدما كان أجرى محادثات مع الحكومة الشرعية الموجودة في الرياض. وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة أمس، إن ولد الشيخ «سيعود، قريبا إلى هنا (نيويورك)، لإبلاغ الأمين العام بما وصلت إليه مساعيه». لكن المتحدث رفض تحديد وقت عودة المبعوث الأممي كما رفض تحديد أي وقت محتمل لعقد اجتماع جديد لمجلس الأمن بخصوص اليمن.
وكان المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أصدر الاثنين الماضي بيانا دعا إلى «وقف فوري للهجمات الجوية، وللقتال، في اليمن». وطالب طرفي النزاع بإبرام هدنة خلال شهر رمضان. وقال البيان، إن «الأمين العام يحرص على تزامن مساعي مبعوثه الخاص لحل المشكلة حلا سياسيا مع إرسال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى اليمن. وهو يرى أن شهر رمضان وقت مناسب لوقف إطلاق النار، ولإرسال مزيد من المساعدات الإنسانية»، خصوصا أن يمنيين في بعض المناطق «انقطعت عنهم المساعدات الإنسانية منذ شهور».
من جهة أخرى، أفادت الأمم المتحدة في بيان أمس بأن عدد ضحايا الحرب الدائرة في اليمن تجاوز 1500 قتيل ونحو 3000 جريح، إضافة إلى أكثر من مليون نازح، على مدى الأشهر الثلاثة الماضية. وذكر البيان أن ملايين اليمنيين يحتاجون إلى «مساعدات عاجلة»، ولا يستطيعون «تلبية حاجاتهم من الطعام»، ولا يحصلون «العناية الطبية اللازمة». كما تحدث البيان عن «انتشار أمراض مثل الملاريا». وأضاف البيان أن المساعدات الإنسانية التي وزعت هي «جزء قليل جدا من المساعدات الإنسانية المطلوبة»، وأن الأمم المتحدة، وجمعية الصليب الأحمر وجمعية الهلال الأحمر تشترك في توفير هذه المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى منظمات غير حكومية. وقال البيان: «عن دون القدرة على الوصول إلى كل الموانئ في اليمن، سيظل الأطفال والنساء والرجال يموتون بسبب نقص الطعام، والماء النظيف، والعناية الصحية».
في غضون ذلك، قال مسؤول في الخارجية الأميركية، تحدثت إليه «الشرق الأوسط»، إنه «متفائل بحذر» تجاه تحقيق انفراج سياسي في اليمن. وأضاف: «بعد تقلبات التفاؤل والتشاؤم خلال الفترة الأخيرة، لن نطمئن حتى نرى الأطراف جالسة حول مائدة واحدة». ودافع المسؤول الأميركي عن الاتصالات التي تمت بين بلاده والحوثيين، فقال: «كيف نقنع طرفا بالحديث مع طرف آخر من دون أن نتحدث مع الطرف الأول؟». وكانت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، ماري هارف، قالت إن الهدف من اتصالات واشنطن مع قادة الحوثيين هو «تعزيز وجهة نظرنا بعدم وجود حل غير الحل السياسي للصراع في اليمن، وأن جميع الأطراف، بما في ذلك الحوثيين، ينبغي أن تشارك فيه».
من جهة أخرى، عبرت الخارجية الأميركية، مساء أول من أمس، عن قلقها بعد إعلان تنظيم داعش مسؤوليته عن انفجار سيارة مفخخة، الاثنين الماضي في صنعاء قتل فيه 28 شخصا. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية جون كيربي، في مؤتمره الصحافي اليومي: «قلت هذا في الماضي، وأكرر اليوم، أننا نشعر بالقلق بسبب رغبة (داعش) في التوسع إلى مناطق غير العراق وسوريا في الوقت الذي لا أستطيع فيه تأكيد صحة مزاعمهم بأن لديهم علاقة بالهجمات الإرهابية الأخيرة خارج العراق وسوريا، بالتأكيد، نحن نعرف أن لديهم تلك الطموحات وتلك التطلعات». وأضاف: «تهمنا جميعا هذه الطموحات والتطلعات، وهذا هو السبب وراء الاهتمام الكبير بهذا الموضوع، وأيضا بسبب التهديد، والتحدي، والمقاتلين الأجانب، والأشخاص الراديكاليين الذين يسافرون بمختلف جوازات السفر وبمختلف التأشيرات».
وفي رده على سؤال حول تسبب السياسات الأميركية في المنطقة في بروز «داعش»، قال كيربي: «أود أن أدحض هذا الافتراض. نحن حققنا انتصارات كبيرة بسبب الضغط الذي نمارسه على شبكات الإرهاب في جميع أنحاء العالم. ونحن نحرز تقدما في مجالات كثيرة خاصة ضد تنظيم القاعدة، وقيادتها العليا».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم