بعد سنوات التوتر.. السودان ينتظر وصول المبعوث الأميركي نهاية الشهر

وزير الخارجية: نتطلع لحوار جاد مع الولايات المتحدة في إطار فني وسياسي متكامل

بعد سنوات التوتر.. السودان ينتظر وصول المبعوث الأميركي نهاية الشهر
TT

بعد سنوات التوتر.. السودان ينتظر وصول المبعوث الأميركي نهاية الشهر

بعد سنوات التوتر.. السودان ينتظر وصول المبعوث الأميركي نهاية الشهر

كشفت سفارة الولايات المتحدة الأميركية في الخرطوم عن إجراءات جديدة تتضمن استئناف منح تأشيرات الهجرة من مكاتبها في العاصمة السودانية، بعد توقف زهاء 20 عامًا، وقبيل هذا القرار، أبدت حكومة الخرطوم رغبتها في فتح حوار جاد مع الولايات المتحدة الأميركية، يتجنب ما سمته «الروشتات الأميركية»، وتبعًا لذلك وجهت الدعوة للسفير دونالد بوث، مبعوث الرئيس الأميركي للسودان وجنوب السودان، الذي يتوقع أن يستهل زيارته للبلاد نهاية الشهر الحالي. وقالت السفارة الأميركية في نشرة صحافية أمس إنه بإمكان الراغبين في الحصول على تأشيرة الدخول لأراضي الولايات المتحدة الأميركية التقديم لكل أنواع تأشيرات الدخول من مكاتبها بالخرطوم، بما في ذلك تأشيرات الأقارب المباشرين، وتأشيرات يانصيب الإقامة الدائمة «لوتري»، وإكمال المقابلات اللازمة للحصول على التأشيرة بمقر السفارة بضاحية سوبا شمال الخرطوم، ابتداءً من شهر يوليو (تموز) الحالي.
وقبيل هذا القرار، كان السودانيون مطالبين بالتقدم للسفارة الأميركية في القاهرة من أجل استكمال إجراءات التأشيرات الخاصة بالمهاجرين «لوتري»، بعدما كانت الخدمات القنصلية التي تقدمها سفارة الخرطوم مقتصرة على تأشيرات غير المهاجرين، التي كانت تتعرض للتعطيل بين فينة وأخرى.
وفي سياق ذي صلة، قال وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور، إن بلاده تتطلع لحوار جاد مع الولايات المتحدة، يقوم على إطار فني حول الملفات المعنية للوصول لفهم مشترك بين البلدين، بعيدًا عما سماه «الروشتات»، التي ظل يقدمها مبعوث واشنطن «التي أثبتت فشلها»، حسب عبارته، في الوقت الذي يبدأ فيه المبعوث الأميركي لدولتي السودان وجنوب السودان زيارة للخرطوم خلال الأسبوع الأخير من يوليو الحالي، من أجل استئناف الحوار مع حكومة السودان لتجاوز العقبات التي تواجه العلاقات بين البلدين.
وفي وقت سابق، أعلنت الخارجية السودانية عن دعوة وجهتها إلى السفير بوث لزيارة البلاد، بهدف فتح حوار مباشر مع المسؤولين السودانيين، يهدف إلى تجاوز العقبات التي تعترض سير العلاقات الثنائية.
وأضاف غندور أن حكومته دعت المسؤولين الأميركيين صراحة في أطر وأزمنة مختلفة، سواء أكان في السودان أو في واشنطن، لتفهم موقف السودان، وأضاف موضحا: «إننا نتمنى أن تتفهم الإدارة الأميركية موقفنا في هذا الأمر».
وتابع غندور أن السودان دولة محورية ومهمة في المنطقة، جغرافيًا وبشريًا وسياسيًا، وأنها من أكثر الدول أمنًا في المنطقة وأن لها دورا إقليميا في المنطقتين العربية والأفريقية، وأن الولايات المتحدة دولة كبيرة لها نظرة للأمن والسلام في العالم، «مما يجعل التعاون بينهما مهمًا ومطلوبًا، للأمن والسلم في المنطقة».
وأمل الوزير السوداني في أن تأتي زيارة المسؤول الأميركي للخرطوم في إطار عمل فني وسياسي متكامل، وأضاف: «هذا ما ننتظره من الجانب الأميركي، وإذا حدث، فيمكن أن نمضي في آفاق الحوار».
وكانت الولايات المتحدة الأميركية قد أبقت الشهر الماضي على اسم السودان ضمن قائمتها للدول الراعية للإرهاب، وهو الأمر الذي رفضته الخرطوم، وعدته استمرارًا لسياسة الكيل بمكيالين التي تتبعها الولايات المتحدة ضدها، ووصفت إبقاءها في قائمة وزارة الخارجية الأميركية للدول الراعية للإرهاب، الموجودة عليها منذ 2002، رغم إقرار الإدارة الأميركية بتعاون الخرطوم معها في مكافحة الإرهاب، بأنه نوع من أنواع ازدواجية المعايير في التعامل مع السودان.
وفي فبراير (شباط) الماضي زار وزير الخارجية الحالي إبراهيم غندور، الذي كان يشغل وقتها منصب مساعد الرئيس البشير، أميركا بدعوة من الكونغرس الأميركي للمشاركة في «الإفطار السنوي للصلاة القومية» الذي خاطبه الرئيس باراك أوباما. ورغم أن الزيارة عدت غير رسمية من قبل الإدارة الأميركية، فإن بعض المراقبين عدوها تحولاً جديدًا في الموقف الأميركي من المسؤولين السودانيين، لا سيما أن زيارة وزير الخارجية السوداني وقتها علي كرتي إلى واشنطن تزامنت مع زيارة مساعد البشير.
وعلى الرغم من أن غندور لم يفصح عن معلومات ذات بال حول كواليس زيارته للعاصمة الأميركية، فإن السلطات الأميركية أعلنت بعد وقت وجيز من عودته عن تخفيف للمقاطعة الاقتصادية للسودان، وذلك بالسماح باستيراد أجهزة الاتصالات، ومدخلات الإنترنت والكومبيوترات الشخصية والبرمجيات.



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.