تأخر «داعش» و«القاعدة» في إعلان «الزعيم الجديد»... ارتباك أم تخطيط؟

«أبو الحسين» تولى القيادة بعد 45 يوماً من مقتل «أبو الحسن»

مخيم «الهول» شرق سوريا يؤوي أسر أفراد من تنظيم «داعش» (أ.ب)
مخيم «الهول» شرق سوريا يؤوي أسر أفراد من تنظيم «داعش» (أ.ب)
TT

تأخر «داعش» و«القاعدة» في إعلان «الزعيم الجديد»... ارتباك أم تخطيط؟

مخيم «الهول» شرق سوريا يؤوي أسر أفراد من تنظيم «داعش» (أ.ب)
مخيم «الهول» شرق سوريا يؤوي أسر أفراد من تنظيم «داعش» (أ.ب)

(تحليل إخباري)
أثار تأخر «داعش» و«القاعدة» في الإعلان عن اسم «الزعيم الجديد» انتباه خبراء وباحثين؛ خصوصاً أن «داعش» أعلن عن زعيمه الجديد «أبو الحسين الحسيني القرشي» بعد شهر ونصف من مقتل «أبو الحسن الهاشمي القرشي»، بينما لم يحسم «القاعدة» حتى الآن منصب «الزعيم الجديد»، على الرغم من مقتل أيمن الظواهري منذ أكثر من 4 أشهر في كابل.
ووفق مراقبين فإنه «شرعياً غير مسموح بعدم إعلان اسم أي (زعيم جديد) يتولى في (التنظيمات الجهادية)، والفقه الحركي لـ(الجهاديين) يمنع إخفاء نبأ مقتل أي (زعيم) لهم، ووجوب الإعلان عقب الوفاة مباشرة»؛ لكن المراقبين أكدوا أن «هذا لم يحدث مع التنظيمين أخيراً».
ودائماً ما ينظر إلى «داعش» و«القاعدة» باعتبارهما تنظيمين متنافسين على المشهد الجهادي، إذ يشير تقدم أحد التنظيمين على صعيد الإرهاب العالمي، إلى خسارة أكيدة لدى الطرف الآخر، وهو الأمر الذي تكرر مع صعود «داعش» من قبل على حساب «القاعدة»، عندما ضعف الأخير، وفر كثير من عناصره.
ويعتبر الباحث في الحركات الإسلامية بمصر، عمرو عبد المنعم، أن التأخر في إعلان «الزعيمين الجديدين للتنظيمين» أشبه بـ«التخطيط» منهما: «خوفاً من الملاحقات الأمنية؛ خصوصاً أنه عندما يتم الإعلان عن أي قيادة جديدة للتنظيمين يتم تصفيتها خلال 3 أو 4 أشهر، ما يربك المشهد التنظيمي ويؤثر على القواعد، فضلاً عن احتمالية وجود خلافات وانقسامات بشأن اختيار الشخصيات البديلة لـ(الزعامة)».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «التنظيمين منذ أشهر يعانيان عدم وجود شخصية بديلة للشخصيات القيادية التاريخية التي كان لها تأثير في الماضي، والكل كان يسعى داخل التنظيمين ليكون بديلاً للزعيم السابق».
وكان مصدر أمني سوري قد أكد مقتل «أبو الحسن القرشي» في عملية عسكرية للجيش السوري، قبل شهر ونصف شهر في جنوب البلاد، وفق ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية (سانا). وأعلن تنظيم «داعش»، الأربعاء، مقتل «أبو الحسن القرشي»، في معارك لم يحدّد تاريخها أو مكانها أو خصمه فيها؛ لكن واشنطن قالت إنه قضى منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في جنوب سوريا.
وخلال الأشهر الماضية، جرى تداول أخبار كثيرة بشأن «أبو الحسن القرشي». واللافت أن «أبو الحسن القرشي» لم يظهر في أي تسجيل صوتي أو مرئي منذ توليه قيادة التنظيم، عقب مقتل «أبو إبراهيم القرشي» خلال غارة جوية على شمال إدلب غرب سوريا في فبراير (شباط) الماضي، ما أثار احتمالات حول عدم وجوده على رأس التنظيم.
في السياق، يشار إلى أنه منذ أغسطس (آب) الماضي، وتنظيم «القاعدة» من دون زعيم، منذ هجوم الطائرات المُسيَّرة الأميركية، والإعلان عن مقتل الظواهري في إحدى الشرفات بالعاصمة الأفغانية كابل. وعلى الرغم من تردد أسماء كثيرة كانت مرشحة لـ«خلافة الظواهري»؛ فإن الاختيار لم يحسم إلى الآن.
وفي عام 2014 ظهرت وثيقة حددت الشخصيات المرشحة لخلافة الظواهري، وتضمنت: أبو الخير المصري، وأبو محمد المصري، ومحمد صلاح زيدان الذي يحمل الاسم الحركي «سيف العدل»، وأبو بصير الوحيشي؛ إلا أن المتغير الذي طرأ على هذه الوثيقة، هو أنه لم يبقَ على قيد الحياة من هذه الأسماء إلا «سيف العدل»؛ لكن هذا لا يعني حسم الأمر له؛ لأنه يقيم في إيران، حسب المراقبين.
ويعد «سيف العدل» من أبرز المرشحين لـ«خلافة الظواهري». ويرجح أنه يبلغ من العمر 60 عاماً تقريباً، وبفضل خبرته العسكرية والإرهابية، يعد تقريباً من قدامى المحاربين في التنظيم الإرهابي الدولي. وصنفه مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي واحداً من أكثر «الإرهابيين» المطلوبين في العالم، بمكافأة تبلغ قيمتها 10 ملايين دولار. وكانت صورة قد انتشرت لـ«سيف العدل»، في وقت سابق، رجحت معها احتمالية قيادته لـ«القاعدة».
وطرحت خلال الفترة الماضية أسماء أخرى مرشحة لقيادة «القاعدة»، مثل محمد أباتي المكنى «أبو عبد الرحمن المغربي»، وكان الشخصية الأقرب للظواهري، كما أنه كان مسؤولاً عن تأمين اتصالات الظواهري، والإشراف على إرسال الرسائل «المشفرة» إلى القواعد التنظيمية حول العالم، وكذلك كان مسؤولاً عن مؤسسة «السحاب» الإعلامية الخاصة بالتنظيم. وأيضاً خالد باطرفي، زعيم فرع «القاعدة» في شبه جزيرة العرب. وانتقلت الزعامة إليه عقب مقتل قاسم الريمي في غارة أميركية في فبراير عام 2020. وأبو عبيدة يوسف العنابي المعروف باسم «يزيد مبارك»، وهو زعيم «القاعدة في بلاد المغرب». وعمر أحمد ديري، ويعرف باسم «أحمد عمر» أو «أبو عبيد»، وهو زعيم «حركة الشباب» الصومالية. وأبو همام الشامي، أمير تنظيم «حراس الدين» فرع «القاعدة» في سوريا. وأيضاً أبو عبد الكريم المصري.
وعن اختلاف «داعش» و«القاعدة» بشأن توقيت الإعلان عن «الزعيم الجديد». قال عبد المنعم: «بالنسبة لـ(القاعدة)، هو تنظيم له فروع، ويعتمد على اللامركزية في العمل الحركي، وعدم وجود زعيم للتنظيم الأم لأشهر مثل الآن، قد لا يؤثر عليه؛ لأن كل فرع يأخذ قرارته منفرداً؛ لكن (داعش) يأخذ بفكرة (الخلافة) ولا بد من أن تكون هناك (بيعة)، لذا يعلن عن زعيمه سريعاً بقدر المستطاع، وربما تأخر لمدة شهر ونصف شهر في إعلان تولي (أبو الحسين) كما الآن، حتى يتأكد من مقتل (أبو الحسن) ويوفر البديل؛ خصوصاً أن (ديوان الإعلام) في (داعش) معظم قياداته تم استهدافها»، مرجحاً أن يحدث تغيير في بنية «داعش» بشأن تلقي «البيعة»، بأن تكون بالوكالة، وحينها لن يرتبط بأن يعلن عن «الزعيم الجديد» في وقتها عقب استهدافه، وبذلك يسير على نهج «القاعدة» تنظيمياً، وحينها قد تتلاشى الفوارق بين التنظيمين؛ لكن سيحدث الخلاف وقتها بين التنظيمين حول الولاية العامة والخاصة.
وأكد الباحث المصري في الحركات الإسلامية والإرهاب، أحمد سلطان، أن «داعش» يختلف عن «القاعدة» كثيراً في شأن الإعلان عن «الزعيم الجديد»، على الرغم من أن التنظيمين خرجا من رحم «التنظيمات الجهادية»؛ لكن «داعش» لديه نمط يُعلي فيه أكثر من النمط المركزي في القيادة أكثر من «القاعدة»، على الرغم من أن «داعش» قد يفوض الأذرع الخارجية في كثير من التحركات. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «داعش» كان لا بد من أن يُعلن بشكل أسرع من «القاعدة» عن زعيمه الجديد، لتخوفه من أن يتشظى التنظيم، أو تحدث صراعات في الفروع الخارجية، ويخرج زعماء متعددون، كل منهم يدعي أنه الأحق بـ«الخلافة»، وهذا يعني «احتراباً داخلياً، قد يؤدي إلى التفتت وتقسيم التنظيم إلى تنظيمات صغيرة».


مقالات ذات صلة

باكستان: جهود لتطهير المناطق الاستراتيجية على الحدود الأفغانية من المسلحين

آسيا جندي باكستاني يقف حارساً على الحدود الباكستانية الأفغانية التي تم تسييجها مؤخراً (وسائل الإعلام الباكستانية)

باكستان: جهود لتطهير المناطق الاستراتيجية على الحدود الأفغانية من المسلحين

الجيش الباكستاني يبذل جهوداً كبرى لتطهير المناطق الاستراتيجية على الحدود الأفغانية من المسلحين.

عمر فاروق (إسلام آباد)
أفريقيا وحدة من جيش بوركينا فاسو خلال عملية عسكرية (صحافة محلية)

دول الساحل تكثف عملياتها ضد معاقل الإرهاب

كثفت جيوش دول الساحل الثلاث؛ النيجر وبوركينا فاسو ومالي، خلال اليومين الماضيين من عملياتها العسكرية ضد معاقل الجماعات الإرهابية.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا سيدة في إحدى قرى بوركينا فاسو تراقب آلية عسكرية تابعة للجيش (غيتي)

تنظيم «القاعدة» يقترب من عاصمة بوركينا فاسو

أعلنت «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، الموالية لتنظيم «القاعدة»، أنها سيطرت على موقع عسكري متقدم تابع لجيش بوركينا فاسو.

الشيخ محمد ( نواكشوط)
أفريقيا رئيس تشاد يتحدث مع السكان المحليين (رئاسة تشاد)

الرئيس التشادي: سنلاحق إرهابيي «بوكو حرام» أينما ذهبوا

قال الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي، في مقطع فيديو نشرته الرئاسة التشادية، إنه سيلاحق مقاتلي «بوكو حرام» «أينما ذهبوا، واحداً تلو الآخر، وحتى آخر معاقلهم».

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا آثار هجوم إرهابي شنَّته «بوكو حرام» ضد الجيش التشادي (إعلام محلي)

«الإرهاب» يصعّد هجماته في دول الساحل الأفريقي

تصاعدت وتيرة الهجمات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي، خصوصاً بعد أن أعلنت تشاد أن أربعين جندياً قُتلوا في هجوم إرهابي.

الشيخ محمد (نواكشوط)

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
TT

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، اليوم الاثنين، إن هناك خطة لتوسيع الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان لتشمل دولاً أخرى.

وفي كلمة، خلال افتتاح مؤتمر سفراء العراق الثامن حول العالم في بغداد، أكد الوزير أنه يجب تكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي تهديد أو عدوان محتمل» على العراق.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قد قال، الأسبوع الماضي، إنه بعث رسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي حثَّ فيها على اتخاذ إجراء فوري للتصدي لأنشطة الجماعات المسلَّحة المُوالية لإيران في العراق، قائلاً إن الحكومة العراقية مسؤولة عن أي أعمال تحدث داخل أراضيها أو انطلاقاً منها.

كما ذكرت تقارير إعلامية أميركية، في وقت سابق من هذا الشهر، أن إدارة الرئيس جو بايدن حذرت الحكومة العراقية من أنها إذا لم تمنع وقوع هجوم إيراني من أراضيها على إسرائيل، فقد تواجه هجوماً إسرائيلياً.

وشنت إسرائيل هجوماً على منشآت وبنى تحتية عسكرية إيرانية، الشهر الماضي؛ رداً على هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل، وذلك بعد أن قتلت إسرائيل الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية المتحالفة مع إيران، حسن نصر الله، في سبتمبر (أيلول) الماضي.