دوري السمراني لـ «الشرق الأوسط»: المنصات أنقذت صناعة الدراما العربية

يطل في موسم رمضان ضمن مسلسل «النار بالنار»

لا تهمه البطولات بقدر مساحات تمثيلية أكبر
لا تهمه البطولات بقدر مساحات تمثيلية أكبر
TT

دوري السمراني لـ «الشرق الأوسط»: المنصات أنقذت صناعة الدراما العربية

لا تهمه البطولات بقدر مساحات تمثيلية أكبر
لا تهمه البطولات بقدر مساحات تمثيلية أكبر

يلفتك الممثل دوري السمراني في أدائه المحترف والنابع من موهبة لا يستهان بها. ولكن في الوقت نفسه يترك عند مشاهده علامات استفهام كثيرة عن سبب عدم قيامه ببطولات تليق بالجهد الذي يبذله. فهو وفي كل مرة يطل فيها ضمن دور يلعبه في مساحة صغيرة أو كبيرة، لا يمر مرور الكرام.
لاحظ أنه لا يصل إلى الأفق الذي يتمناه فقرر السمراني أخذ استراحة كي يعيد حساباته ويتطلع إلى الصحن من خارجه. اليوم عاد من عزلته المقصودة ويتابعه المشاهد العربي في «صالون زهرة 2». أما الدور الذي يلعبه فيدور في فلك الشر واستطاع إيصاله إلى المشاهد بعد أن أقنعه بأدائه إلى حد دفع به إلى الإحساس بالكره نحوه. ويعلق دوري السمراني لـ«الشرق الأوسط»: «هذا يعني أني نجحت في لعب دوري على المستوى المطلوب. فالممثل عندما يؤدي دور الشر ويلاقي هذا الكره من المشاهد فكأنه حصد وساماً».
عندما قرأ السمراني دوره في «صالون زهرة 2» الذي يجسد فيه شخصية المغتصب، أعجب بتفاصيل الشخصية. فهو كما يقول، لم يسبق أن جسد دوراً من هذا النوع. وهو ما تطلب منه تقمص حالة نفسية مرضية. «وجدت أن الفكرة مغرية جداً ولذلك لم أتردد في تنفيذها. كما أن فريق الممثلين الذين أشاركهم العمل ومخرجه جو بو عيد وهو صديق مقرب، شكلوا مجتمعين عامل إغراء آخر. فلم أتأخر عن الموافقة على القيام بالدور».
وما يعجب دوري في هذا الدور هو التبدل في شكله الخارجي. «هذه التغييرات تجذبني وسبق وقمت بها في مسلسلات أخرى. صحيح أن العمل كان مرهقاً لأني وزعته بين عملي في مسرحية (آخر سيجارة) و(صالون زهرة 2)، ولكني استمتعت بهذا التعب إلى آخر حد».
برأي دوري أن الممثل كلما استطاع بث الحياة في الكركتير الذي يجسده تمكن من أن يحييه بطاقة لافتة، حتى ولو كان المشهد يصوره بأنه نائم. وهذه الطاقة التي يتحدث عنها حاضرة عنده باستمرار، مما يجعل شغفه بالتمثيل يتطور يوماً بعد يوم.
وعن سبب قيامه في غالبية الوقت خلال مسيرته التمثيلية بأدوار ذات مساحة صغيرة يرد: «الدور ذو المساحة الصغيرة لا يمكنه أن يعلق في ذهن المشاهد إلا في حال تم توظيفه في إطار محوري وأساسي للمسلسل. ففي مسلسل «الحد» مع ليال راجحة ورغم صغر مساحة الدور الذي جسدته، استطعت إبراز أهميته لأنه كان على تقاطع مهم مع باقي أحداث العمل. ولكن كثرة تقديم أدوار بمساحات قصيرة على المدى الطويل ترتد سلباً على صاحبها. فأدوات الممثل عندها تصاب بالركود ويبدأ بفقدان قوته. ولذلك قررت الانسحاب من الساحة لفترة عام كامل كي أستطيع استعادة ثمرات الجهد الذي بذلته منذ بداياتي حتى اليوم».
بداياته كانت في عام 2009 ويتذكر محطات كثيرة تأثر بها، ولكنه لا يزال يحلم ويتمنى الأفضل. فهل يرى نفسه مغبوناً، ولم يأخذ حقه بعد في عالم التمثيل؟ «لا شك أن الحظ يلعب دوراً، فعندما أخذت فترة استراحة وبقرار شخصي، وانتظرت ردود الفعل، لم يحصل أي شيء. الأهم هو ألا نستسلم ونتوقف عن بذل الجهد. لا تهمني أدوار البطولة ولكن ما يروي طموحي هو العمل ضمن مساحات أكبر. والقرار في النهاية يعود إلى المخرج مرات كثيرة، إذ يختار من يناسب نظرته، ولو وقف أمام ممثلين متشابهين بالاحتراف، وهو أمر لا يزعجني أبداً».
لم يدرس دوري السمراني التمثيل ولكنه يعتبر ما خاضه من تجارب في مسرحية «الوحش» التي تعاون فيها مع المخرج جاك مارون والممثلة كارول عبود، مدرسة بحد ذاتها. «كانت مجموعة ورش عمل تمثيلية تعلمت منها الكثير بين شخصين رائدين في عالمي المسرح والتمثيل. كما أن تمتع الممثل بخلفية مسرحية تصقل مشواره وتعرفه على كيفية التعاطي مع التمثيل بمتانة. أعتبر مسرحية (الوحش) نقلة نوعية في حياتي التمثيلية، إذ كنت كالطير الذي يلتقط طعامه الدسم من هذين الشخصين. جاك له تاريخ طويل وناجح في عالم المسرح، وكذلك كارول التي أعتبرها قيمة فنية لن تتكرر».
ويحب السمراني أن يعرج في حديثه على مسلسلات أحب المشاركة فيها وانعكست عليه إيجاباً كممثل. «مسلسلات كثيرة علمت في كـ(أمنيزيا) مع الزميل والمخرج رودني حداد. وكذلك مسلسل (داون تاون) و(قارئة الفنجان)، تضمنت جميعاً تفاصيل حلوة لكركتيرات ممتازة، ولو ضمن مساحات صغيرة. وأصابت بعضها شكلي الخارجي وتصرفاتي، بحيث حفرت بذاكرة فريق العمل الذي راح مثلاً يقلدني كيف أمسك بالسيجارة وأدخنها في مسلسل (داون تاون). وفي رأيي أن رودني حداد أستاذ بالتمثيل وتعلمت منه الكثير، وساعدني منذ بداياتي حتى اليوم». وتسأله «الشرق الأوسط» عن سبب عدم نسيانه فضل كثيرين عليه، يرد: «من المهم جداً وأنت تصعدين السلالم أن تلقي بالتحية على من رافقك لإتمام هذه العملية. فعندما تسقطين من فوق لن يعود هناك من يساعدك على النهوض».
حصد دوري السمراني أكثر من نجاح في عدة مسلسلات بينها «بالقلب» و«ديفا» وغيرهما. ويرى أن تجربته المسرحية في «الوحش» فتحت له آفاقاً واسعة استفاد من أدواتها.
يشارك دوري، أحياناً، في بناء هيكلية الدور كما حصل معه في «عروس بيروت 2» عندما جسد شخصية شاب يعاني من «الوسواس القهري» و«ثنائي القطب». «هذا الدور كنت مستعداً لتقديمه دون أي مقابل مادي، سيما وأنه يحمل تفاصيل صعبة أحببتها. وكنت مع كاتب العمل طارق سويدي قد عدلنا في حالته المرضية لتصبح ثنائية، أي يعاني من عقدتين بدل واحدة. فأنا أحب هذا النوع من الأدوار الصعبة التي تتطلب تحديات ومجهوداً من صاحبها. ومن المهم أن يكون هناك تواصل بين الممثل والكاتب والمخرج كي يستطيعوا معاً توليد فكرة شخصية ناجحة. فالتمثيل هو عبارة عن قصة عليك أن تحسن روايتها».
قريباً يبدأ دوري السمراني تصوير مسلسل جديد سيعرض في شهر رمضان بعنوان «النار بالنار». وهو من إنتاج شركة الصباح ومن إخراج محمد عبد العزيز وكتابة رامي كوسا. ويقدم السمراني فيه دوراً يصفه بالجميل سيما وأنه يقف فيه أمام نجوم من الشاشة كعابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «القصة معاصرة فيها خلطة من الجنسيات العربية التي نقف على إيقاع حياتها في الشوارع الضيقة. إنها دراما اجتماعية تواكبها مواقف فكاهية من نوع اللايت».
ويختم دوري السمراني حديثه لـ«الشرق الأوسط» متحدثاً عن أهمية استمرارية الأعمال الدرامية المحلية. «هناك جمهور لا يستهان به يحب هذه الدراما، وأنا منهم. صحيح أن الأزمات المتلاحقة في البلاد أخرت هذه الإنتاجات، ولكن علينا الاجتهاد كي تبقى وتستمر. فاليوم المنصات الإلكترونية هي التي أنقذت الصناعة الدرامية ككل في العالم العربي. فأعادت الحركة للممثل والكاتب كما للمخرج سيما وأن موضوعاتها باتت المعالجة الدرامية فيها أفضل ومعاصرة بشكل أكبر».


مقالات ذات صلة

ساندي لـ «الشرق الأوسط»: أتطلع لتكرار تجربة الغناء الخليجي

الوتر السادس ساندي لـ «الشرق الأوسط»: أتطلع لتكرار تجربة الغناء الخليجي

ساندي لـ «الشرق الأوسط»: أتطلع لتكرار تجربة الغناء الخليجي

تعود الفنانة المصرية ساندي لعالم التمثيل بعد غياب دام 9 سنوات من خلال فيلم «تاج»، وقالت ساندي إنها تحمست للعودة مجدداً للتمثيل من خلال تقديم فيلم عن «أول سوبر هيرو عربي» والذي يقوم ببطولته الفنان المصري تامر حسني. وأوضحت ساندي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنها لم «تكن تتوقع أن تُعرض عليها هذه الشخصية»، مشيرة إلى أنها «ستغنّي إلى جانب التمثيل بالفيلم، وكشفت الفنانة المصرية عن تطلعها لطرح أغنية خليجية في الفترة المقبلة، إلى جانب اهتمامها بمشروعها التجاري المعنيّ بالديكور والتصميمات». وقالت ساندي «تامر حسني فنان شامل ويتمتع بشعبية كبيرة، وله أسلوب خاص ومميز في العمل وأعماله تحظى بمشاهدات لافتة، وط

داليا ماهر (القاهرة)
الوتر السادس أحمد فهمي: «سره الباتع» أكبر تحدٍ في مسيرتي الفنية

أحمد فهمي: «سره الباتع» أكبر تحدٍ في مسيرتي الفنية

يرى الفنان المصري أحمد فهمي أن مسلسل «سره الباتع» يعد أكبر تحدٍ فني يخوضه في مسيرته الفنية، بسبب الأجواء التي يدور حولها المسلسل الذي يعرض خلال شهر رمضان. وكشف فهمي خلال حواره مع «الشرق الأوسط» تفاصيل دوره في المسلسل الرمضاني «سره الباتع»، وكواليس مسلسله الجديد «السفاح» الذي سيعرض عقب شهر رمضان، وفيلمه الجديد «مستر إكس» الذي سيطرح في دور العرض عقب عيد الأضحى المبارك. يقول فهمي إنه لم يخطط للمشاركة في مسلسل «سره الباتع»، بعد اتفاقه شفوياً على تقديم مسلسل كوميدي في السباق الدرامي الرمضاني، «وقبل إتمام الاتفاق، تلقيت اتصالاً من المخرج خالد يوسف يطلب الجلوس معي، وحينما جلست معه سرد لي قصة رواية ال

محمود الرفاعي (القاهرة)
الوتر السادس ساشا دحدوح لـ «الشرق الأوسط»: حسي الإعلامي علّمني الحذر

ساشا دحدوح لـ «الشرق الأوسط»: حسي الإعلامي علّمني الحذر

تسير الممثلة اللبنانية ساشا دحدوح بخطوات ثابتة في مشوارها التمثيلي. فتأتي خياراتها دقيقة وبعيدة عن التكرار. أخيراً تابعها المشاهد العربي في «دهب بنت الأوتيل». فلفتت متابعها بأدائها المحترف كامرأة تمت خيانتها. فتحاول استعادة شريك حياتها بشتى الطرق. وفي موسم رمضان تشارك في عملين رمضانيين وهما «للموت 3» و«النار بالنار». وتؤدي أيضاً فيهما شخصيتين مختلفتين عن دورها في مسلسل «دهب بنت الأوتيل». وتشير دحدوح إلى أن هذه الدِقة في خياراتها ترتبط ارتباطاً مباشراً بشخصيتها. فهي تتأنى في أي شيء تقوم به وتدرسه حتى الاقتناع به. «ما يهمني أولاً أن أرضي نفسي فلا أقدم على خطوة ناقصة».

الوتر السادس خلال حضورها المؤتمر الصحافي الخاص بعرض فيلم «الهامور» بمصر (الشرق الأوسط)

فاطمة البنوي لـ «الشرق الأوسط»: أميل إلى الكوميديا السوداء

اعتبرت الفنانة السعودية فاطمة البنوي شخصية «جيجي» التي قدمتها في فيلم «الهامور» مزيجاً من شخصيات واقعية عديدة في المجتمع، وقالت في حوارها مع «الشرق الأوسط» إن السينما السعودية تشهد تطوراً كبيراً وإن صانع الفيلم السعودي كان متعطشا لتلك اللحظة وجاهزا لها ليقدم إبداعاته، وأشارت البنوي إلى أن هناك تقصيراً في تسويق الأفلام السعودية داخل المملكة، منوهة بأنها ستبدأ تصوير فيلم «أحلام العصر» خلال أيام. وحضرت فاطمة البنوي عرض فيلم «الهامور» بالقاهرة، الذي تجسد من خلاله شخصية «جيجي» الزوجة الثانية للبطل، والتي تستهدف الحصول على أمواله، وتتخلى عنه في النهاية، وتتنقل البنوي حاليا بين مصر والسعودية لمتابعة

انتصار دردير (القاهرة)
الوتر السادس المطرب المصري رامي صبري (فيسبوك)

رامي صبري: أرقام «يوتيوب» ليست المؤشر الوحيد للنجاح

قال الفنان المصري رامي صبري إن ألبومه الجديد «معايا هتبدع» كان بمنزلة تحد فني كبير له، لاستكمال مشواره الغنائي بنجاح.

محمود الرفاعي (القاهرة)

فاديا طنب الحاج لـ«الشرق الأوسط»: حزينة أنا على بلدي لبنان

تكمل جولتها الغنائية مع فريق {إحسان} في يناير المقبل (فاديا طنب الحاج)
تكمل جولتها الغنائية مع فريق {إحسان} في يناير المقبل (فاديا طنب الحاج)
TT

فاديا طنب الحاج لـ«الشرق الأوسط»: حزينة أنا على بلدي لبنان

تكمل جولتها الغنائية مع فريق {إحسان} في يناير المقبل (فاديا طنب الحاج)
تكمل جولتها الغنائية مع فريق {إحسان} في يناير المقبل (فاديا طنب الحاج)

عندما طلب رعاة دار الأوبرا السويسرية من السوبرانو فاديا طنب الحاج إلقاء كلمة وإنشاد أغنية عن بلدها، تملّكتها مشاعر مؤثرة جداً. كانت تلبي دعوة إلى العشاء من قبلهم في جنيف؛ حيث شاركت في العمل الفني «إحسان». وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «لتلك المناسبة اخترت أداء أغنية (لبيروت). وسبقتها بكلمة مختصرة توجَّهتُ بها إلى الحضور عن لبنان. كنت متأثرة جداً، وخرجت الكلمات من أعماقي تلقائياً. فلا أبالغ إذا قلت إنها من أكثر المرات التي أحزن بها على وطني لبنان. وبعد تقديمي الأغنية راح الحضور يصفّق تأثراً، كما خرج منهم مَن يشكرني على اختياري لهذه الأغنية».

تقول أنها تعلّمت الانضباط من فريق {إحسان} (فاديا طنب الحاج)

فاديا طنب الحاج وُجدت على مسرح دار أوبرا جنيف للمشاركة في العمل الفني الكوريغرافي «إحسان». وهو من تصميم العالمي، المغربي الأصل سيدي العربي الشرقاوي. تعاونها معه يعود إلى سنوات طويلة. وطلب منها مشاركته العرض الفني الذي ألّفه تكريماً لوالده الراحل على مدى 6 حفلات متتالية أُقيمت هناك.

وتوضِّح لـ«الشرق الأوسط»: «سبق وتعاونت معه في عمل بعنوان (أوريجين). وقمنا بجولة فنية تألفت من نحو 90 حفلة. استمتعت بالعمل مع سيدي العربي الشرقاوي. فالتجربة في عام 2008 كانت جديدة عليّ. حتى إني ترددت في القيام بها بداية. ولكنني ما لبثت أن أُعجبت بنصوص عمله وبرقصات تعبيرية يقدمها فريقه. وهو ما حضّني على تكرار التجربة أكثر من مرة».

يشتهر سيدي العربي الشرقاوي بفرقته لرقص الباليه الأوبرالي. وقد نال لقب «بارون» للنجاحات الكثيرة التي حققها. وقد أقام واحدة من حفلاته في مهرجانات بعلبك. كان ذلك في عام 2012 وتعاون فيها مع فاديا طنب الحاج.

فاديا طنب الحاج تؤدي في {إحسان} أغان بلغات مختلفة (الفنانة)

يحكي العرض الكوريغرافي «إحسان» قصة حزينة، استوحاها الشرقاوي من واقع عاشه. فوالده رحل من دون أن يودّعه، لا سيما أن قطيعة كانت حاصلة بينهما لسنوات، فرغب في التصالح مع ذكراه من خلال هذا العمل. كما يهدي العمل لشاب مغربي قُتل في بلجيكا ويُدعى إحسان. فالحفل برمّته يدور في أجواء المعاناة.

وتتابع فاديا طنب الحاج: «في كلمتي عن لبنان ذكرت المرات التي هدمت بها بيروت. وفي كل مرة كانت تقوم وتنفض عنها غبار الردم. وهذه المرة التاسعة التي تتعرّض فيها للدمار. وجمعتُ كل هذه الأحاسيس عن مدينة أحبها في كلمتي. وشرحتُ لهم أنها أغنية استعار الرحابنة لحنها من يواخين رودريغيز. وكلامها يكّرم بيروت بوصفها أرضاً للسلام والصلابة».

الجميل في أعمال الشرقاوي اتّسامها بالعمق. فهو يختار ألحاناً من موسيقيين عالميين كي يرقص فريقه على أنغامها. في «إحسان» اختار ملحناً تونسياً لغالبية لوحاته الراقصة. وكذلك تلون العمل موسيقى مغربية وأخرى إسبانية. تشرح طنب: «مرات أغني بالبيزنطية والسريانية. فهذا الخليط من الموسيقى ضمن لوحات راقصة تعبيرية رائعة ينعكس إيجاباً على المغني».

فريق «إحسان» يتألف من نحو 50 شخصاً، وتسير السوبرانو اللبنانية بين راقصي الباليه مرات وهي تغني، ومرات أخرى تقف على منصة عالية كي تؤلف مشهدية غنائية فردية يرقص الفريق على أنغامها.

عرض الباليه {إحسان} على مسرح دار أوبرا جنيف (فاديا طنب الحاج)

اعتادت فاديا الحاج على إحياء حفلات الغناء بوصفها نجمةً مطلقةً تقف وحدها على المسرح. ولكن في «إحسان» تبدّلت المشهدية تماماً. وتعلّق: «بوصفنا مغنين تتملّكنا الأنانية إلى حدّ ما عندما نعتلي المسرح. وهذا الأمر سائد عند الفنانين في الشرق العربي. وأعدّ (الإيغو) عندي متواضعاً جداً نسبة إلى غيري. ولكن في أعمال مثل (إحسان) نتعلّم كثيراً، وأهمها الانضباط، فنلمس مدى الجهد الذي يتكبدّه الراقصون للقيام بمهمتهم على أكمل وجه. تمارينهم تطول من الصباح حتى بعد الظهر. يكررون اللوحة الراقصة أكثر من مرة. أما نحن المغنين فنعدّ مدللين نسبة إليهم، ورغم كل هذا التعب فإننا نراهم متحمسين وفرحين ولا يتذمرون. كل هذه المشهدية زودتني بدروس تتعلق بالصبر والانضباط والتنظيم».

تروي قصصاً عدة لامستها من هذه الزاوية: «أذكر إحدى الراقصات أُصيبت بجروح في أثناء الرقص. ولكنها بقيت تكمل لوحتها مع زملائها حتى النهاية متجاوزة أوجاعها. إنهم يرقصون على آلامهم وهذا الأمر علّمني كثيراً».

فاديا طنب الحاج وقفت على أشهَر المسارح العالمية، وكانت نجمةً متألقةً لحفلات في أوروبا وأميركا. فماذا عن تجربتها مع «إحسان»؟ ترد لـ«الشرق الأوسط»: «هناك انصهار يحصل بين طاقتي وطاقتهم. أحياناً يتطلّب مني الأمر الإبطاء في الغناء. وهو ما جرى معي في موشح أؤديه في الحفل. فالتفاعل والمشاركة يحضران بقوة بيني وبينهم. كما أن أي انتقاد سلبي أو إيجابي يُكتَب عن العمل يطالني معهم. وهو ما يحمّلني مسؤولية أكبر، لا سيما أن فريق كورال يواكبني مرات في أغانيّ».

قريباً تستكمل فاديا طنب الحاج جولتها مع الشرقاوي لتشمل بلداناً عدة. ومن بينها ألمانيا والنمسا وباريس (مسرح شاتليه) وروما وكندا. وتتابع: «العمل ضخم جداً ويتطلّب ميزانية مالية كبيرة. وهو ما يدفع بالشرقاوي لتنظيم أكثر من جولة فنية. وكما أوروبا سنمرّ على تركيا، وقد تشمل بلدان الخليج».

لن تشارك السوبرانو اللبنانية هذا العام في حفلات «بيروت ترنم» وتوضح: «في هذه الفترة أحضّر لأعمالي المقبلة. ومن بينها حفلة أقدمها في بلجيكا. وللقيام بهذه التدريبات أتبع أسلوب حياة خاصاً يشمل حتى طريقة غذائي. ولذلك في موسم الأعياد هذا العام أرتاح كي أكون جاهزة لحفلاتي المقبلة».