مصر: اعتداء على ممرضات يجدد المطالب بحماية «الطواقم الطبية»

النقابة طالبت بإجراءات لحفظ حقوق منتسبيها

مستشفى قويسنا (أرشيفية)
مستشفى قويسنا (أرشيفية)
TT

مصر: اعتداء على ممرضات يجدد المطالب بحماية «الطواقم الطبية»

مستشفى قويسنا (أرشيفية)
مستشفى قويسنا (أرشيفية)

جدد حادث اعتداء أهالٍ على ممرضات خلال وردية عملهم في أحد مستشفيات محافظة المنوفية بمصر، مطالب سابقة بحماية الطواقم الطبية والتمريضية من الاعتداء خلال ممارسة مهامهم في المستشفيات.
وراج مقطع فيديو جديد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر فيه اعتداء أسرة إحدى المرضى، على طاقم تمريض بمستشفى قويسنا المركزي بمحافظة المنوفية في مصر، في مشاجرة تطورت للتطاول بالأيدي والضرب على عدد من الممرضات.
وزعم المعتدين أن «الممرضات رفضوا إسعاف المريضة التي كانت تتعرض لنزيف وإجهاض»، حيث قامت شقيقة زوج المريضة بتصوير فيديو يظهر فيه سيدة تجلس على كرسي متحرك وتعاني من نزيف، فيما يرفض الممرضون والأطباء إسعافها بحجة عدم وجود طاقم طبي، على حد تعبيرها.
وسرعان ما استنكرت النقابة العامة للتمريض في مصر الاعتداء الذي وقع على أطقم التمريض بمستشفى قويسنا المركزي، وقالت النقابة في بيان الجمعة، إنه «تم التعدي بالضرب على ممرضات بالمستشفى، ما تسبب في إصابة 5 ممرضات وإجهاض ممرضة أخرى، بالإضافة إلى إصابة 3 عاملات على أثر تلك الواقعة». وطالبت النقابة الجهات المعنية بسرعة التحقيق في الواقعة.
وأشارت الدكتورة كوثر محمود، نقيبة التمريض وعضوة مجلس الشيوخ، إلى أن الدكتور خالد عبد الغفار وزير الصحة والسكان، فور علمه بالواقعة، بدأ في التواصل مع الجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة لعودة حقوق التمريض وحمايتهم أثناء تأدية عملهم.
وقالت نقيبة التمريض إنها لن تتنازل عن حقوق أعضائها من التمريض الذين يؤدون دورهم على أكمل وجه دون تقصير، مشددة على ضرورة التصدي لحالات الاعتداء على أطقم التمريض بالمستشفيات، حيث إن ترويع الأطقم التمريضية لن يصب في صالح تطوير المنظومة الصحية.

لحظة الاعتداء على الأطقم الطبية في مستشفى قويسنا (فيديو متداول)

وأكدت الدكتورة رشا خضر، وكيلة مديرية الصحة في محافظة المنوفية، أنه تم تحرير محضر بقسم الشرطة، وأنه قيد التحقيقات في النيابة في انتظار نتيجة التحقيقات.
وحسب هشام مبروك، عضو النقابة العامة للتمريض، فإن ما حدث بمستشفى قويسنا المركزي «يحدث في كل المستشفيات بشكل يكاد يكون يومياً بين الجمهور وقطاع التمريض، خصوصاً في المستشفيات الحكومية»، كما يقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط».
ويرى مبروك أن الاعتداء على طاقم التمريض يحدث في سياق المشكلات التي يعاني منها الطاقم الطبي بشكل عام، بداية من العجز الطبي وضعف الأجور، ويضيف: «أحياناً لا تكون هناك في وردية العمل سوى طبيب طوارئ واحد، ما يجعل هناك ضغطاً يصل إلى تطاول مرافقي أسرة المريض بسبب عدم وجود طبيب، وعادة ما يكون الممرض هو من توجه له اللائمة»، على حد تعبيره.
ويضيف عضو نقابة التمريض: «الممرض يعمل تحت ظروف عمل قاسية، خصوصاً في المستشفيات الحكومية، فوردية العمل تمتد إلى 12 ساعة، بأجور زهيدة، وما يتبعها من أزمات أسرية واقتصادية».
وكانت آخر الوقائع المشابهة، التي يتم التحقيق فيها، حدثت في يوليو (تموز) الماضي، حيث شهد مستشفى المحلة العام بمحافظة الغربية، واقعة اعتداء أسرة مريض على الطاقم الطبي والتمريض، بالسب والقذف وتحطيم وإتلاف محتويات قسم الاستقبال بالمستشفى وتعريض مريض أثناء الكشف عليه للخطر.
وتداول عدد من القطاع الطبي الفيديو، منهم الدكتور جمال شعبان، عميد معهد القلب السابق، الذي نشر مقطع الفيديو وعلق على صفحته بـ«فيسبوك»، بقوله إن «التعدي على الأطقم الطبية والتمريض في مستشفى قويسنا، مأساة يندى لها الجبين، كيف عاد المعتدون إلى بيوتهم هكذا ببساطة؟ فيديو كارثي أرفعه إلى المسؤولين، في الوزارة والنقابات».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.