تبادل الاتهامات بين واشنطن وموسكو يعرقل الحل السياسي في سوريا

كيري يطالب روسيا بأن تكون «جزءا من الحل».. ولافروف يرفض انتقادات موجهة إلى بلاده

تبادل الاتهامات بين واشنطن وموسكو يعرقل الحل السياسي في سوريا
TT

تبادل الاتهامات بين واشنطن وموسكو يعرقل الحل السياسي في سوريا

تبادل الاتهامات بين واشنطن وموسكو يعرقل الحل السياسي في سوريا

بعد يومين من انتهاء الجولة الثانية من المفاوضات بين الحكومة السورية والمعارضة في جنيف، تصاعدت حدة التصريحات بين الولايات المتحدة وروسيا، كل يلقي باللوم على الطرف الآخر لعدم إحراز تقدم في المفاوضات. واتهمت الولايات المتحدة الحكومة السورية مجددا أمس بعرقلة محادثات جنيف، بينما نفت روسيا ذلك وقالت إن الدول التي تدعم المعارضة السورية تميل إلى حسم الحرب الأهلية عسكريا لا من خلال التفاوض.
وصرح وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن حكومة الرئيس السوري بشار الأسد هي المسؤولة عما آلت إليه المحادثات من تعثر، مستندة إلى مساعدة موسكو وحلفائها الآخرين وتشجيعهم لها. وقال في جاكرتا خلال جولة في آسيا: «لقد عرقل النظام المحادثات. لم يفعل شيئا غير الاستمرار في إلقاء البراميل المتفجرة على شعبه ومواصلة تدمير بلده. ويؤسفني أن أقول إنهم يفعلون ذلك مستندين إلى دعم متزايد من إيران ومن حزب الله ومن روسيا». وكان كيري يحاول فيما يبدو تشديد الضغوط الدبلوماسية على الأسد للتوصل إلى تسوية سياسية تضع نهاية لهجمات القوات الحكومية على مناطق سيطرة المعارضة وتخفيف معاناة عشرات الآلاف من السوريين الذين قطعت عنهم المعونة الإنسانية.
وأضاف مطالبا موسكو بحمل الأسد على اتخاذ موقف أكثر مرونة: «ينبغي لروسيا أن تكون جزءا من الحل».
وقد أثارت التصريحات الأميركية خلال الأيام الماضية غضب روسيا، التي ترفض تحميل الحكومة السورية مسؤولية عرقلة المفاوضات. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن هناك «أدلة على أن بعض داعمي المعارضة بدأوا ينشؤون كيانا جديدا» يضم خصوما للأسد انسحبوا من الائتلاف الوطني المعارض. وأضاف في مؤتمر صحافي أمس «بعبارة أخرى ثمة سبيل يرسم للابتعاد عن مسار التفاوض والمراهنة من جديد على سيناريو عسكري».
ورفض لافروف أمس اتهامات نظيره الأميركي بأن روسيا حالت حتى الآن دون التوصل إلى تسوية متفاوض عليها في سوريا. وقال: «كل ما وعدنا به (بالنسبة لحل الأزمة السورية) فعلناه». وأضاف «أولا عملنا يوميا مع السلطات السورية، وثانيا تظهر الأرقام بوضوح أن النظام ليس من يخلق العدد الأكبر من المشكلات وإنما الإرهابيون والمجموعات الإرهابية التي تزايدت في كل أنحاء سوريا والتي ليس لها أي مرجعية سياسية».
وانتقد واشنطن كذلك لأنها لم تضمن حضور وفد واسع التمثيل للمعارضة في محادثات جنيف قائلا إن روسيا قامت بدورها في إقناع حكومة الأسد بحضور المحادثات.
وقال لافروف: «روسيا مطالبة دائما بأن تبذل مزيدا من الجهد لتسوية الصراع السوري. وعندما نسمع أنه ينبغي لروسيا القيام ببعض الخطوات من الضروري أن نتذكر حقيقة واضحة وهي أننا فعلنا كل ما وعدنا به». إلا أن مسؤولا أميركيا رفيع المستوى شدد على أن واشنطن قامت بواجبها في ضمان «مشاركة الائتلاف وتقديمه طرحا جديا لحل الأزمة في سوريا».
والتنافر الأميركي - الروسي يشكل تطورا سلبيا في جهود دولية لإحلال السلام في سوريا. وكان لافروف وكيري بدأ عملية جنيف حين أعلنا في مايو (أيار) أنهما سيسعيان للجمع بين حكومة الأسد ومعارضيها في محادثات للبحث عن حل. وبينما كان هذا التوافق واضحا في الجولة الأولى من المفاوضات في جنيف نهاية يناير (كانون الأول) الماضي، كانت الخلافات بين الدولتين الراعيتين للمفاوضات ظاهرة وأثرت على سيرها. ولفت مسؤول بريطاني إلى أن روسيا «تقوم بدور أقل» في الضغط على النظام السوري، بعد أن ضمنت مشاركته الأولية في المفاوضات. وأوضح في لقاء مع عدد من الصحافيين في لندن أمس: «كل الوفود التي شاركت في الاجتماع الوزاري في مونترو أكدت التزامها ببيان جنيف، ما عدا وفد واحد هو وفد النظام السوري، ولكن هذا التواصل تراجع خلال الأسابيع الماضية.. نحن بحاجة إلى نقاش صعب» مع الروس. وأضاف: «هناك ضرورة إلى جدية أكبر في التعامل مع عملية التفاوض في جنيف، إذ لا يوجد خيار أفضل». وعلى الرغم من صعوبة الموقف الحالي، وعدم تحديد موعد لاستئناف المفاوضات، أوضح المسؤول البريطاني المطلع على الملف السوري: «الجميع يعلم مدى صعوبة هذه القضية ونقاط الضغوط لدينا (محدودة) مما يعني أنه سيكون من الصعب التوصل إلى حل لهذا النزاع».
وتنظر الدول المؤيدة للائتلاف السوري المعارض إلى تحركات دبلوماسية، تشمل مجلس الأمن للدفع لقرار دولي ملزم لتوصيل المساعدات الإنسانية داخل سوريا، للضغط على الحكومة السورية وداعميها في موسكو.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.