المجر تتجه لإقامة سياج يمتد 175 كيلومترًا على الحدود مع صربيا

«العفو الدولية» تتهم صربيا ومقدونيا بسوء معاملة اللاجئين

المجر تتجه لإقامة سياج يمتد 175 كيلومترًا على الحدود مع صربيا
TT

المجر تتجه لإقامة سياج يمتد 175 كيلومترًا على الحدود مع صربيا

المجر تتجه لإقامة سياج يمتد 175 كيلومترًا على الحدود مع صربيا

بينما تشهد أوروبا مناقشات سياسية وقانونية حول كيفية التعامل مع أزمة المهاجرين من آسيا وأفريقيا، وفي غياب سياسة موحدة أوروبا للتعامل مع الأزمة حتى الآن، تختار دول مختلفة قوانينها الخاصة للتعامل مع الأزمة. ووافق البرلمان المجري، أمس بأغلبية ساحقة، على بناء سياج مثير للجدل على الحدود مع صربيا لمنع دخول المهاجرين، وذلك بموجب قانون يشدد كذلك قوانين قبول طلبات اللجوء.
وأعلن رئيس الوزراء الشعبوي فيكتور أوربان، الشهر الماضي، عن خطط تشييد السياج البالغ ارتفاعه أربعة أمتار، مما أثار قلقا في صربيا والاتحاد الأوروبي الذي يحاول السيطرة على تدفق أعداد هائلة من المهاجرين من الشرق الأوسط وأفريقيا.
وقال وزير الداخلية ساندور بينتر، قبل تصويت البرلمان، إن «المجر تواجه أكبر تدفق من المهاجرين في تاريخها، وقد فاقت الأعداد طاقتها بنسبة 130 في المائة».
وصوت أعضاء البرلمان بأغلبية 151 صوتا مقابل 41 لصالح القانون الجديد الذي يسمح ببناء السياج على الحدود مع صربيا البالغ طولها 175 كيلومتر.
والمجر عضو في الاتحاد الأوروبي، لكن صربيا ليست عضوا فيه. ويشدد القانون الجديد كذلك قوانين قبول طلبات اللجوء بشكل يسمح باحتجاز مهاجرين في معسكرات مؤقتة وتسريع عمليات مراجعة الطلبات والحد من إمكانية الطعن في القرارات.
وخلال العامين الماضيين أصبحت المجر واحدة من الطرق الرئيسية للأشخاص الراغبين في العبور إلى النمسا وألمانيا الذين يأتي معظمهم من أفغانستان والعراق وسوريا وكوسوفو. وعادة ما يمر اللاجئون عبر صربيا للوصول إلى المجر ومنها إلى أوروبا الغربية، ويتعرضون لظروف شديدة القسوة.
واتهمت منظمة العفو الدولية، في تقرير نشر أمس، صربيا ومقدونيا بسوء معاملة مهاجرين غير شرعيين يعبرون أراضيها في طريقهم إلى الاتحاد الأوروبي. وجاء في التقرير أن «اللاجئين والمهاجرين الذين يعبرون البلقان معرضون إلى انتهاكات عنيفة، من قبل السلطات ومجرمين محليين، وتخلى عنهم بشكل مخجل الاتحاد الأوروبي وسياسته إزاء المهاجرين حيث تركهم بلا حماية في صربيا ومقدونيا». وأوضحت منظمة العفو الدولية أن التقرير هو ثمرة أربعة تحقيقات أنجزت في صربيا والمجر واليونان ومقدونيا بين يوليو (تموز) 2014 ومارس (آذار) 2015 تم خلالها استجواب أكثر من مائة مهاجر.
وقال المدير المساعد في المنظمة لأوروبا وآسيا الوسطى غوري فان غوليك إن «اللاجئين الفارين من الحرب والاضطهاد يعبرون البلقان بأمل الحصول على الأمن في أوروبا، لكن يجدون أنفسهم ضحية انتهاكات واستغلال وتحت رحمة نظام طلب لجوءا ينطوي على عيوب». وأضاف أن «صربيا ومقدونيا أصبحتا (بوابة الخروج) لسيل المهاجرين الذين لا يبدو أن أحدا في أوروبا يريد استقبالهم».
وأوضح التقرير أنه على حدود اليونان مع مقدونيا وحدود مقدونيا مع صربيا يواجه المهاجرون عمليات «طرد جماعية غير قانونية في حين يضطر العديدون إلى دفع رشاوى». وأجبر لاجئون كانوا في طريقهم إلى المجر على أن يدفع كل واحد منهم مائة يورو لشرطة الحدود الصربية تحت التهديد بطردهم، بحسب ما نقل التقرير عن شاهد. وقال مهاجرون آخرون إنهم «ضربوا بقسوة» في صربيا ومقدونيا.
وعند منتصف نهار أول من أمس، أعلنت الشرطة الصربية أنها «أوقفت 29 شرطيا وتسعة من عناصر الجمارك بتهمة الفساد واستغلال نفوذ وتلقي رشاوى مقابل السماح بمرور غير قانوني لمهاجرين باتجاه المجر».
ويذكر أن تشريعات دول البلقان الخاصة بطالبي اللجوء لا تتلاءم مع الوضع على الأرض، حيث يتزايد عدد المهاجرين يوميا. وبحسب وزارة الداخلية الصربية طلب أكثر من 34 ألف شخص اللجوء في صربيا منذ بداية العام. وانتقدت منظمة العفو الدولية الاتحاد الأوروبي لأنه «خصص وسائل مهمة لمراقبة الحدود بدلا من دعم تحسين نظام طلب اللجوء». واتهمت منظمة حقوق الإنسان «هيومان رايتس ووتش» الدولية في أبريل (نيسان) الماضي شرطة صربيا بمضايقة المهاجرين غير الشرعيين وطالبي اللجوء الذين يعبرون أراضيها، وهو ما نفته وزارة الداخلية الصربية.



تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)
جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)
TT

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)
جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

كشفت شهادات أُميط عنها اللثام، يوم الأربعاء، من قِبَل لجنة تحقيق في تصرفات الجنود البريطانيين خلال الحرب هناك أن جنود القوات الخاصة البريطانية استخدموا أساليب متطرفة ضد المسلحين في أفغانستان، بما في ذلك تغطية رجل بوسادة قبل إطلاق النار عليه بمسدس، بالإضافة إلى قتل أشخاص غير مسلحين.

جنود من الجيش البريطاني (رويترز)

قال أحد الضباط في حديث مع زميل له، في مارس (آذار) 2011، وهو ما تم تأكيده في شهادة قدمها خلال جلسة مغلقة: «خلال هذه العمليات، كان يُقال إن (جميع الرجال في سن القتال يُقتلون)، بغض النظر عن التهديد الذي يشكلونه، بمن في ذلك أولئك الذين لا يحملون أسلحة».

* مزاعم جرائم حرب

كانت وزارة الدفاع البريطانية قد أعلنت، في عام 2022، أنها ستجري التحقيق للتيقُّن من مزاعم جرائم حرب ارتكبتها القوات البريطانية في أفغانستان بين عامي 2010 و2013. وفي عام 2023، أكدت أن المزاعم تتعلق بوحدات القوات الخاصة، وفق تقرير لـ«نيويورك تايمز»، الأربعاء.

* ثقافة الإفلات من العقاب

جاءت مئات الصفحات من الأدلَّة التي نُشرت، والتي تضمّ رسائل بريد إلكتروني متبادَلة، ورسائل، وشهادات من ضباط كبار وجنود عاديين، لترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية تتسم بثقافة الإفلات من العقاب؛ حيث كانت أعداد القتلى أهم من أي معايير أخرى.

* مستعصون على اللوم

قال أحد أعضاء وحدة بريطانية إن الجنود بدا عليهم أنهم «مستعصون على اللوم»، خلال سنوات القتال الطويلة في أفغانستان، وهو ما منَحَهم «تصريحاً ذهبياً يسمح لهم بالتملُّص من القتل».

وكما الحال مع جميع الشهود؛ فقد جرى إخفاء هوية هذا الجندي، وتم تعديل العديد من البيانات والوثائق الأخرى بشكل كبير لإخفاء الأسماء والوحدات وموقع العمليات. لكن حتى مع إخفاء هذه التفاصيل، كانت هناك أوصاف تكشف عن ضباط صغار شاركوا مخاوفهم مع رؤسائهم حول التكتيكات المستخدمة خلال المداهمات الليلية ضد المسلحين.

في رسائل بريد إلكتروني متبادلة من فبراير (شباط) 2011، أخبر جندي ضابطاً كبيراً عن مداهمة جرت خلالها إعادة أفغاني بمفرده إلى داخل مبنى، لكنه عاد بسلاحه رغم أن القوة المداهمة كانت تفوقه عدداً بكثير. تساءل الجندي ما إذا كانت وحدات «القوات الجوية الخاصة» تطلب من الأفغان إحضار أسلحتهم «مما يعطي المسوغ لإعدامهم»؟

* القتل العشوائي

رد الضابط الكبير قائلاً: «نقطة جيدة. يبدو أن هناك تجاهلاً عشوائياً للحياة ومبادئ مكافحة التمرد والتقارير الموثوقة».

تشير مبادئ مكافحة التمرد (COIN) إلى العقيدة التي استخدمها الجنود الأميركيون والبريطانيون وغيرهم من جنود حلف «الناتو»، خلال غالبية فترات الحرب في أفغانستان. من بين المخاوف الأخرى، كان القتل العشوائي للمقاتلين المدنيين والأفغان الذي يُعدّ بمثابة تدمير للثقة بين القوات الأجنبية والسكان المدنيين.

في مبادلة أخرى، وصف الضابط الكبير نفسه كيف بدا أن وحدات «القوة الجوية الخاصة (ساس)»، كانت تعود إلى «التكتيكات القديمة».

* «وحدات ساس»

عندما طُرِح سؤال في بريد إلكتروني حول ما إذا كانت «وحدات ساس» تخلق سيناريوهات تسمح لهم بقتل المقاتلين الأفغان، رد ضابط آخر قائلاً: «هؤلاء الأفغان أغبياء لدرجة أنهم يستحقون الموت». قال الضابط الأول إنه اعتبر الرد «تعليقاً سخيفاً من جانبه يعكس حقيقة أن الطريقة التي وصف بها مقتل الأفغان غير منطقية».

وقالت وزارة الدفاع إنه «من المناسب أن ننتظر نتيجة التحقيق قبل الإدلاء بالمزيد من التعليقات».

المزاعم المتعلقة بجرائم الحرب من قبل الجنود البريطانيين في أفغانستان ليست بالجديدة؛ فقد تم تسليط الضوء عليها في تقارير إعلامية، أبرزها لدى برنامج التحقيقات «بانوراما»، من «بي بي سي». كما اتهمت القوات الخاصة الأميركية بعدة حالات لسوء السلوك في أفغانستان، بما في ذلك قتل المدنيين أثناء المداهمات، ثم محاولة التعتيم على ذلك.

جندي من القوات الخاصة البريطانية خلال التدريبات (أرشيفية - متداولة)

جاء سلوك القوات الخاصة البريطانية ليثير نزاعاً سياسياً في الخريف الماضي عندما كان حزب المحافظين على وشك اختيار زعيم جديد. ادعى روبرت جينريك، أحد المرشحين، من دون دليل، أنهم «يُقدِمون على القتل بدلاً من القبض على الإرهابيين»، وقال إن ذلك كان لأن محكمة حقوق الإنسان الأوروبية كانت ستجبر بريطانيا على إطلاق سراحهم، حال تركوهم أحياء.

تعرض جينريك لانتقادات حادة من مرشحين آخرين، توم توغندهات وجيمس كليفرلي، وكلاهما من الجنود السابقين. وقال توغندهات إن تعليقاته أظهرت «سوء فهم جوهرياً للعمليات العسكرية وقانون النزاع غير المسلح».

ظهرت بعض هذه المكاشفات نتيجة للتنافس الشديد بين القوة الجوية الخاصة، ووحدة القوات الخاصة للجيش البريطاني، وقوة القوارب الخاصة، التي تُعد نظيرتها في البحرية الملكية.

وصلت القوة الجوية الخاصة إلى أفغانستان عام 2009. والعديد منهم جاءوا مباشرة من الحرب في العراق، وتولوا مهمة مطاردة مقاتلي «طالبان» من «قوة القوارب الخاصة»، وقد أُثير العديد من المخاوف بشأن أساليبهم من قبل جنود وقادة تلك القوة.

* ثقافة التعتيم

أعرب العديد من الشهود عن استيائهم من ثقافة التعتيم على الأعمال الوحشية بتزوير تقارير العمليات. في حالة الرجل الأفغاني الذي تمَّت تغطية رأسه، «تم ايهامه بأنه سيتم التقاط صور لجثة بجانب الأسلحة التي قد لا تكون بحوزته عندما تم قتله»، بحسب رواية أحد الجنود للجنة التحقيق.

قال جندي آخر في بريد إلكتروني في فبراير (شباط) 2011 إنه عندما أثار الناس مخاوفهم، جاء الرد عليهم: «ما الذي لا يفهمه الجميع بشأن مدى أهمية هذه العمليات؟ يبدو أن الجنود يتصرفون وكأنهم فوق النقد».

حذَّر البعض من أن القوات البريطانية قد تكون عرضة لنفس الحرج شأن حلفائها الأميركيين الذين واجهوا فضيحة في 2010 بتسريب سجلات عسكرية توثق 6 سنوات من الحرب في أفغانستان، بواسطة «ويكيليكس»، المجموعة التي أسسها جوليان أسانج.

قال أحد الضباط في بريد إلكتروني: «إذا لم نصدق هذا، فسيصدقه الآخرون، وعندما يحدث تسريب تالٍ لـ(ويكيليكس)، فسيجروننا معهم».