وزير الخارجية الفلسطيني: المشروع الفرنسي لم يعد قائمًا

أثينا تعرض استضافة مفاوضات فلسطينية ـ إسرائيلية

وزير الخارجية اليوناني نيكوس كوتزياس ونظيره الفلسطيني رياض المالكي خلال مؤتمرهما الصحافي المشترك أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية اليوناني نيكوس كوتزياس ونظيره الفلسطيني رياض المالكي خلال مؤتمرهما الصحافي المشترك أمس (أ.ف.ب)
TT

وزير الخارجية الفلسطيني: المشروع الفرنسي لم يعد قائمًا

وزير الخارجية اليوناني نيكوس كوتزياس ونظيره الفلسطيني رياض المالكي خلال مؤتمرهما الصحافي المشترك أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية اليوناني نيكوس كوتزياس ونظيره الفلسطيني رياض المالكي خلال مؤتمرهما الصحافي المشترك أمس (أ.ف.ب)

أكد الفلسطينيون والإسرائيليون على حد سواء أن المشروع الفرنسي الخاص بعملية السلام لم يعد قائما، ولم يتضح ما إذا كانت فرنسا ستواصل العمل على دفع العملية المجمدة أم لا.
وصرح وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، بأن فرنسا تراجعت عن نية تقديم مشروع قرار بخصوص حل الدولتين إلى مجلس الأمن الدولي، خلال الفترة المنظورة على أقل تقدير، مضيفا أنه توصل إلى هذا الاستنتاج من خلال ما سمعه من وزير الخارجية الفرنسي في لقائهما الأخير بالقاهرة.
وتابع المالكي في حديث للإذاعة الفلسطينية الرسمية «أستطيع التأكيد أنه لم يعد الآن (المشروع الفرنسي) فكرة رئيسية لدى أصحاب القرار الفرنسيين، وتراجع إلى الوراء كثيرا». وأكد المالكي أن الفرنسيين قدموا فكرة بديلة «من أجل الحفاظ على ماء الوجه»، وهي تشكيل لجنة دعم تضم الدول الكبرى في مجلس الأمن، ودولا أوروبية، وثلاث دول عربية هي مصر والأردن والسعودية، تكون مهمتها متابعة المفاوضات ومواكبتها. وعقب المالكي على الفكرة الفرنسية الجديدة بقوله إنها ليست لها أي مقومات على الأرض.
وأعلن عن نية الفلسطينيين التوجه إلى نيوزيلندا، بصفتها رئيس مجلس الأمن خلال الشهر الحالي، لفحص طبيعة الأفكار التي كان المسؤولون النيوزيلنديون يتحدثون عنها في حال فشل الفرنسيين في تقديم مشروع قرارهم أو تراجعوا عن ذلك. وأردف: «سأتواصل مع وزير الخارجية النيوزيلندي، لمعرفة ما إذا كانت لديه الرغبة في التحرك في مجلس الأمن خلال الشهر الحالي».
وجاءت تصريحات المالكي بعد يوم واحد من إعلان مصدر سياسي إسرائيلي مسؤول أن المبادرة الفرنسية لم تعد على جدول الأعمال قائلا: «إن التهديد السياسي على إسرائيل تمت إزالته في هذه المرحلة»، مضيفا «هذا التقدير يأتي استمرارا لتقييم الأروقة السياسية في واشنطن وإسرائيل، التي تشير إلى أن احتمالية نجاح المبادرة الفرنسية في مجلس الأمن ضئيلة جدا».
وعارض الإسرائيليون، منذ البداية، أي تحرك فرنسي نحو مجلس الأمن، كما أنهم يفضلون أن تبقى الولايات المتحدة وحدها راعية هذا الملف.
وفي يونيو (حزيران) الماضي، عندما زار وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس مصر والأردن وفلسطين وإسرائيل، من أجل تحريك مبادرته، وقع تلاسن بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي استبق وصول فابيوس بإعلانه صراحة رفضه بقوة لما سماه إملاءات دولية. وقال في حينه إن الطريقة الوحيدة للوصول إلى اتفاق هي عبر المفاوضات الثنائية مع الفلسطينيين، وهو ما رد عليه الوزير الفرنسي بقوله إن كلمة إملاء ليست بين مفردات اللغة الفرنسية ولا ضمن المقترحات الفرنسية.
وأحبط الإسرائيليون خطط فابيوس، على الرغم من تلقيه دعما لأفكاره المبدئية حول استئناف عملية السلام من الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، الذي جاهر بموافقته على المشروع الفرنسي المستند إلى حدود 1967، وهو الأمر الذي رفضه نتنياهو بشدة قائلا «إنهم لا يتطرقون بشكل حقيقي إلى الاحتياجات الأمنية لدولة إسرائيل وإلى مصالحنا الوطنية الأخرى، هذه الأطراف تحاول ببساطة دفعنا إلى حدود لا يمكن الدفاع عنها، متجاهلة بشكل تام ما سيحدث على الجانب الآخر من هذه الحدود».
وكان يفترض بحسب الخطة الفرنسية أن يطرح المشروع الفرنسي بعد اكتمال صياغته على مجلس الأمن، لكي ينال دعم الدول الكبرى مما يعطيه قوة تنفيذية.
وجاءت فكرة المشروع الفرنسي بعدما فشل مشروع عربي فلسطيني، العام الماضي، في الحصول على قرار من مجلس الأمن بالتوصل إلى اتفاق سلام خلال 12 شهرا، وانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة قبل نهاية 2017.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن الأميركيين والإسرائيليين أبلغوا فابيوس رفضهم طرح المشروع في مجلس الأمن، وأنهم سيقفون ضده، فقرر التراجع. وكان فابيوس بعد لقائه عباس ونتنياهو قد أكد أنه سيلتقي وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، لبحث هذا الموضوع، إضافة إلى لقاء يجمعه بوزير الخارجية الأميركي جون كيري، لبحث هذه الأفكار.
لكنه قال الأسبوع الماضي، في نيويورك، بعد لقاء جمعه مع صحافيين في مقر الأمم المتحدة «نحن بحاجة إلى جسم داعم لهذه المبادرة أوسع من الرباعية الدولية، بحاجة لدعم أوروبا والدول العربية». وأضاف أن «أول شيء هو كيفية العودة إلى المفاوضات وتشكيل هيئة دولية. قرار مجلس الأمن إذا حصل، ومتى يحصل، إذا لزم الأمر، نفكر فيه. هذا القرار أداة وليس غاية في حد ذاته».
وقالت مصادر إسرائيلية إن واشنطن كانت ترى، منذ البداية، أن إمكانية تمرير المبادرة الفرنسية من خلال مجلس الأمن هي إمكانية ضعيفة.
من جهة اخرى اقترح وزير الخارجية اليوناني نيكوس كوتزياس، على الفلسطينيين والإسرائيليين، المساعدة في إطلاق عملية سلام من خلال استضافة الطرفين في اليونان.
وقال كوتزياس بعد لقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزير خارجيته رياض المالكي، في رام الله أمس، إن بلاده مستعدة للمساهمة في إحراز تقدم في العملية التفاوضية والسلمية، من خلال اقتراحه على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي عقد لقاءات في إحدى الجزر اليونانية.
وكان كوتزياس وصل إلى رام الله قادما من إسرائيل التي أمضى فيها يومين، التقى فيها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وآخرين.
وعد نتنياهو خلال لقائه كوتزياس، إسرائيل واليونان حليفتين في مكافحة الإسلام المتطرف. وبدوره شدد الوزير اليوناني على أن للبلدين مصالح مشتركة في مجالات الأمن والاقتصاد والطاقة.
وأمس، طلب القائم بأعمال رئيس الوزراء الإسرائيلي، الوزير سلفان شالوم، من وزير الخارجية اليوناني، مد أنبوب غاز بين إسرائيل واليونان بتمويل جزئي من الاتحاد الأوروبي، كي يكون أحد مصادر الطاقة لأوروبا.
وذكر شالوم أن من شأن مثل هذه الخطوة أن توفر مصدر غاز إضافيا موثوقا به للدول الأوروبية.
وفي رام الله، استقبل الرئيس محمود عباس، الوزير اليوناني، وقال بعدها إن الخيار الفلسطيني هو تحقيق السلام العادل والدائم في المنطقة عبر المفاوضات لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف على حدود عام 1967 ولكن ضمن مرجعية واضحة.
وعبر المالكي عن تضامن فلسطين ووقوفها إلى جانب اليونان للخروج من أزمتها المالية ومعالجتها. وتمنى التوفيق والنجاح للمفاوضات المقبلة بين اليونان والدول الدائنة.
ووضع المالكي نظيره اليوناني في صورة آخر التطورات السياسية على الأرض الفلسطينية المحتلة، وشدد على ضرورة الضغط على إسرائيل لإنهاء احتلالها للأرض والشعب الفلسطيني، وعلى الوقف الفوري للاستيطان وإزالة المعيقات كافة أمام تطوير الاقتصاد الفلسطيني، بالإضافة إلى الانسحاب من مناطق «ج»، خاصة مناطق البحر الميت، من أجل تطوير الاقتصاد الوطني من خلال إقامة مشاريع تنموية.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.