«ماراثون» الكويت يعود رغم ضغوط المتشددين

أعلنت عالية الخالد عضو مجلس الأمة الكويتي أن «ماراثون» بنك الكويت الوطني سيتم إطلاقه يوم السبت 10 ديسمبر (كانون الأول) في شارع الخليج، وذلك بعد موجة سخط عمّت وسائل التواصل الاجتماعي في الكويت، إثر الإعلان عن إلغاء هذه الفعالية التي يشارك فيها رجال ونساء ضمن رياضة الجري «الماراثون» استجابة لضغوط مارسها التيار الديني.
وأضافت الخالد: «أشكر وزارة الداخلية ووزير الداخلية والوكيل المساعد للمرور سرعة استجابتهم لحل موضوع ماراثون بنك الكويت الوطني وتنسيقهم مع المعنيين بالبنك»، مشيرةً إلى أن هذه الجهود والتعاون بين الجهات أمر فاعل ومهم في تسوية كثير من الأمور وفي تعزيز المكتسبات الدستورية والتي «لا نقبل المساس بها لأي ذريعة كانت».
وكان منظمو الماراثون قد أبلغوا وسائل الإعلام في الكويت أنه صدر توجيه بمنع الفرق الموسيقية المصاحبة لفعالية الماراثون، قبل أن تسري أنباء بمنع الماراثون بسبب «الاختلاط» بين الرجال والنساء والتي يشارك فيها آلاف المتسابقين من الجنسين.
وكانت «لجنة الظواهر السلبية» وهي لجنة برلمانية تشكلت مؤخرا وتعنى بمراقبة السلوك العام والحفاظ على ما تعتبره قيم المجتمع، وجهت تحذيرا ضمنيا عبر سؤال برلماني تقدم به أحد أعضائها إلى وزير الداخلية، عبر فيه عن رفضها تنظيم هذه الفعالية، وخاطب النائب السلفي حمد العبيد، وزير الداخلية متسائلاً: «هل تقام سباقات الماراثون في الكويت بموافقة الجهات الحكومية المختصة وما ضوابط إقامتها ومراقبة مدى التزامها بالضوابط الشرعية للاختلاط؟».
وتضم «لجنة القيم ومعالجة الظواهر السلبية» في عضويتها كلاً من النواب: محمد هايف المطيري، وحمدان العازمي، ومبارك الطشة، وحمد العبيد، وفلاح الهاجري.
فيما شن ناشطون كويتيون حملة على هذه اللجنة، واتهموها بفرض وصاية أخلاقية على المجتمع، وممارسة التضييق على الحريات في الكويت، ومخالفة الدستور، لتطالب النائبة عالية الخالد وزارة الداخلية بعدم الرضوخ للتيارات المتشددة، وقالت،«إن صح الخبر، فإنني أستغرب وأستنكر طلب وزارة الداخلية إلغاء ماراثون بنك الكويت الوطني بحجة الاختلاط ووجود موسيقى».
وأضافت: «إن الفعاليات والتجمعات الرياضية لها أهدافها الصحية والمجتمعية وتعمل على توطيد العلاقات بين أفراد المجتمع، إضافة إلى الأهداف الترويحية والتي تخفف من الضغوط النفسية التي يمر بها المواطن والمقيم». وأردفت: «ممارسة الوصاية بحجة الدين عبارة عن استغلال سيئ له ولا يوجد له حجة دامغة، فالأخلاق نهج تربى عليه كل الكويتيين وهذا نهجهم ومسلكهم».
وشددت بالقول: «على وزارة الداخلية تطبيق القانون بالإيجاب وعدم ممارسة التسلط خوفا من استجواب أو تهديد، فإن كنا اليوم نريد الإصلاح والتطور فهذا النهج لا يخدم الرؤية المأمولة التي أعلن عنها أمير البلاد وولي العهد بخطابهما».
وهذه ليست المعركة الأولى التي يخوضها المجتمع المدني في الكويت ضد التشدد. ففي نهاية أبريل (نيسان) الماضي، نجح التيار المدني في كسب واحدة من معاركه المحتدمة مع التيار المتشدد، بالسماح مجدداً بعودة فعاليات لعبة «البادل» بعد ضغوط مارسها النائب الإسلامي أحمد مطيع العازمي، لتقرر وزارة الداخلية إلغاء هذه المسابقة.
وفي 4 فبراير (شباط) الماضي (2022)، منعت وزارة الداخلية الكويتية جلسة يوغا نسائية كان من المقرر تنظيمها في الصحراء، بعد مطالبة النائب حمدان العازمي بإلغائها بحجة أنها تمثل أمراً «خطيراً» على المجتمع الكويتي.
والنائب حمدان العازمي سبق له أن قدم استجواباً لوزير الدفاع (السابق) الشيخ حمد جابر العلي الصباح، في يناير (كانون الثاني) بعد قرار السماح للنساء بالانضمام إلى الجيش في وظائف إدارية وغير قتالية، وذلك لأول مرة في تاريخ الكويت، ورغم أن وزارة الدفاع وافقت على فرض قواعد جديدة على النساء الملتحقات بالجيش، بما في ذلك ضرورة ارتداء الحجاب، والحصول على إذن من ولي الأمر للانضمام، وعدم السماح لهن بحمل السلاح، إلا أن وزير الدفاع واجه استجواباً في البرلمان، تقدم على أثره باستقالته من الحكومة في 16 فبراير (شباط) الماضي.
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، وخلال الاستعداد لخوض الانتخابات النيابية، فاجأ التيار الديني الأوساط السياسية في الكويت بإصداره «وثيقة القيم» حيث ظهر عدد من المرشحين لمجلس الأمة «البرلمان» وهم يوقعون عليها، معلنين التزامهم بتطبيق قوانين الشريعة الإسلامية ومنع ما يعتبرونه مخالفات شرعية في البلاد، وتنص الوثيقة على «رفض العبث بقانون منع الاختلاط وتفريغه من محتواه، والمطالبة بتطبيقه بما يحقق فصل مباني الطلاب عن مباني الطالبات (في الجامعات)». و«رفض المهرجانات وحفلات الرقص المختلطة»، و«رفض المسابح والنوادي المختلطة في الفنادق وغيرها، وتشديد الرقابة على محلات المساج»، و«العمل على تفعيل قانون اللبس المحتشم في الجامعة والتطبيقي للطلاب والطالبات». و«العمل على وقف الدورات والأنشطة التي تتعلق بخرافات الطاقة والممارسات الوثنية المعلنة»، والتي وصفها وزير الإعلام الكويتي السابق، الدكتور سعد بن طفلة العجمي بأنها «وثيقة داعشية»، وقال «ما تسمى وثيقة القيم هي وثيقة داعشية بامتياز، وعلى كل حريص على دولة القانون والدستور والحريات العامة والخاصة أن يرفض هذه الوثيقة بلا تردد... (إنها) وثيقة قندهار».