وزير العدل المغربي: ازدراء الأديان يؤدي إلى الإرهاب

أمين عام «التقدم والاشتراكية» يقول إن حزبه لن يفجر الحكومة بسبب «القانون الجنائي»

نبيل بن عبد الله ومصطفى الرميد خلال مشاركتهما في ندوة حول مشروع تعديل القانون الجنائي المغربي (تصوير: مصطفى حبيس)
نبيل بن عبد الله ومصطفى الرميد خلال مشاركتهما في ندوة حول مشروع تعديل القانون الجنائي المغربي (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

وزير العدل المغربي: ازدراء الأديان يؤدي إلى الإرهاب

نبيل بن عبد الله ومصطفى الرميد خلال مشاركتهما في ندوة حول مشروع تعديل القانون الجنائي المغربي (تصوير: مصطفى حبيس)
نبيل بن عبد الله ومصطفى الرميد خلال مشاركتهما في ندوة حول مشروع تعديل القانون الجنائي المغربي (تصوير: مصطفى حبيس)

خلافا لما كان متوقعا من أن تتحول ندوة حول مشروع تعديل القانون الجنائي المغربي، إلى مناظرة بين حزبين في الحكومة بسبب اختلاف مرجعيتيهما الآيديولوجية، أظهر حزب التقدم والاشتراكية اليساري، وحزب العدالة والتنمية ذو المرجعية الإسلامية ومتزعم الائتلاف الحكومي، تناغما غير مسبوق ليلة أول من أمس، وذلك خلال مناقشة مشروع القانون، الذي أثار جدلا واسعا، لا سيما في ما يتعلق بالنصوص ذات العلاقة بالحريات الفردية.
وقال نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية (الشيوعي سابقا)، مخاطبا وسائل الإعلام: «لا شك أنكم توقعتم أن يقع تطاحن خلال هذه الندوة، وأن يظهر شرخ في هذه الحكومة.. لكن لا، ثم لا»، وأضاف أنه «على الرغم من ظهور بعض الاختلافات، فإننا لن نصل إلى ذلك، لأنه من ذكاء هذه الحكومة أننا استطعنا خلال ثلاث سنوات ونصف سنة، أن ندبر خلافاتنا بالعقلانية والجدية، بما يجعلنا نزكي ونقوي ديمقراطيتنا المغربية».
كلام بن عبد الله وجد له صدى طيبا لدى مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، الذي أعدت وزارته القانون، حيث أثنى على مداخلة بن عبد الله، وزير السكنى وسياسة المدينة، الذي بادر حزبه إلى الدعوة للنقاش بشأن القانون الجنائي. وقال الرميد إنه «يكاد يكون متفقا مع كل ما جاء فيها»، مضيفا: «استطعنا كحكومة تحقيق التقارب ليس إلى حد التماهي، ولكن إلى حد أن نتوافق على نصوص قانونية من شأنها تحقيق التقدم للبلاد».
وأبدى الرميد استعداد وزارته «لإعادة صياغة مشروع القانون إلى حين التوصل إلى النص الواحد». وهو ما أكده الوزير بن عبد الله أيضا عندما قال إنه سيجري التوافق وتأجيل الخلافات ليحسم موقف حزبه، قائلا: «لن نفجر هذه الحكومة بسبب القانون الجنائي».
وقبل استعراض النقط الخلافية بين الحزبين بشأن ما جاء في القانون الجنائي، نوه بن عبد الله بالمستجدات الإيجابية، وقال إن القانون تضمن مقتضيات توجد في أرقى التجارب الدولية، من بينها العقوبات البديلة، ومبدأ الصلح بين المتنازعين خارج أروقة المحاكم، وتجريم الاختفاء القسري.
في المقابل، عبر بن عبد الله عن قلقه بشأن بعض القضايا التي جاء بها القانون، وأثار عددا منها، من بينها تجريم ازدراء الأديان، الذي تضمنه القانون للمرة الأولى، واحتفاظ القانون بتشديد العقوبة على العلاقات ما بين الجنسين خارج الزواج، والإفطار العلني في رمضان، وبرر الوزير بن عبد الله قلقه بشأن هذه القضايا بكون المجتمع المغربي لديه مناعة، وقال إن تجريم ازدراء الأديان من شأنه إعطاء صورة سلبية عن المغرب في الخارج، وإن الوقائع التي حدثت بهذا الشأن لا تكاد تذكر، بحسب رأيه.
بدوره، دافع وزير العدل عن وجهة نظره بشأن عدد من القضايا الخلافية التي أثارها القانون، وتوقف عند حيثيات تجريم ازدراء الأديان، وقال إن مسودة مشروع تعديل القانون الجنائي تنص في هذا الباب على أنه «يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات كل من قام عمدا بالسب أو القذف أو الاستهزاء، أو الإساءة إلى الله والأنبياء والرسل في الأماكن العامة، أو بواسطة المكتوبات، ووسائل الاتصال المسموعة والمرئية والإلكترونية وغيرها»، موضحا أن المادة لم تتحدث عن الإساءة للديانات، بل إلى الله والأنبياء والرسل «حتى لا يفهم منها أنها تضييق على حرية الفكر والرأي»، مشيرا إلى أن النص لا يتحدث عن العقيدة الإسلامية فقط، بل يحمي أيضا العقائد الأخرى، وهو ما عده «انفتاحا وتقدما لا نجده في المنظومات التشريعية العربية».
وسعيا لإقناع المعارضين بضرورة الاحتفاظ بهذه المادة، قال وزير العدل المغربي إن الإرهاب أصبح مرتبطا بالإساءات لعقائد المسلمين، وأن «بعض العناصر تتحرك غيرة على دينها، ليس عن طريق الاحتجاج الحضاري، وإنما عن طريق القتل»، مستشهدا في هذا الصدد بالعمل الإرهابي الذي استهدف مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية، وقبله الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم في الدنمارك.
وفي السياق ذاته، قال الرميد إن القانون لا يتضمن أي نصوص تعاقب على تغيير شخص ديانته، مضيفا: «إننا نؤمن أنه لا حاجة لمصادرة حق الناس في الاعتقاد»، بيد أنه نبه إلى أن ما يعاقب عليه القانون هو «استغلال فقر الآخرين لتغيير دينهم»، وذلك في إشارة إلى حملات التبشير المسيحية.



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.