الجزائر: التماسات بأحكام ثقيلة بالسجن ضد 3 رؤساء حكومات سابقين

متابعة لأكبر محاكمة لرموز عهد بوتفليقة

عبد الملك سلال (الشرق الأوسط)
عبد الملك سلال (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر: التماسات بأحكام ثقيلة بالسجن ضد 3 رؤساء حكومات سابقين

عبد الملك سلال (الشرق الأوسط)
عبد الملك سلال (الشرق الأوسط)

بينما طلبت النيابة بمحكمة العاصمة الجزائرية، السجن بين 12 سنة و15 سنة بحق ثلاثة رؤساء حكومات سابقين بتهم الفساد وسوء التسيير، وضع قاضي التحقيق بمحكمة أخرى، وزيراً سابقاً وكاتباً وشاعراً بارزاً، في الرقابة القضائية تحت طائلة التهم ذاتها، التي تعود، في الحالتين، إلى فترة حكم الرئيس السابق الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019).

وصدرت الطلبات، مساء الاثنين، وسط حالة ترقب في الأوساط السياسية والإعلامية لمجريات أكبر محاكمة لرموز بوتفليقة، منذ إطلاق حملة اعتقالات كبار المسؤولين عام 2019. وطلب ممثل النيابة بـ«محكمة سيدي امحمد»، السجن 15 سنة مع التنفيذ بحق آخر رئيسين للحكومة في عهد الرئيس السابق، أحمد أويحي وعبد المالك سلال، فيما طلب السجن 12 سنة مع التنفيذ ضد نور الدين بدوي الذي أمسك رئاسة الحكومة بعد استقالة بوتفليقة في 02 أبريل (نيسان) 2019، حينما كان الشارع يغلي مطالباً بـ«تغيير النظام».

وتضمنت لائحة التهم «منح امتيازات غير قانونية»، لفائدة رجال أعمال إخوة اسمهم «كونيناف»، وهم ثلاثة أدانهم القضاء العام الماضي، بأحكام ثقيلة بالسجن. وقد كانوا مقربين من بوتفليقة بحكم صداقته بوالدهم أيام «ثورة التحرير» (1954 – 1962). وتتعلق وقائع الفساد، بتفضيل الإخوة كونيناف بشأن مشروعات واستثمارات حكومية كبيرة، في مجال الري والأشغال العامة والبنية التحتية.
وتم ذلك في إطار «المجلس الوطني للاستثمار»، الذي يرأسه رئيس الحكومة. وطالت التماسات النيابة وزير الموارد المائية سابقاً ارزقي براقي (15 سنة سجناً)، ووزير ترقية الاستثمار سابقاً عبد الحميد طمار (12 سنة سجناً) ووزيري النقل سابقاً عمر غول وعمار تو (10 سنوات سجناً)، ووزيرة البريد سابقاً هدى فرعون (5 سنوات سجناً)، ووزير الصناعة سابقاً عبد السلام بوشوارب (20 سنة سجناً غيابياً) حيث يقيم خارج البلاد وصدرت ضده مذكرة اعتقال دولية، في قضايا فساد أخرى.
وشملت الالتماسات محافظ البنك المركزي، ووزير المالية سابقاً محمد لوكال (5 سنوات سجناً). واللافت أن جميع هؤلاء المسؤولين الحكوميين السابقين هم نزلاء في السجن، وأدانتهم المحاكم بعقوبات قاسية في ملفات أخرى، باستثناء عمار تو.
ويرتقب أن تنطق المحكمة بأحكامها، الأسبوع المقبل، بعد وضع القضية في المداولة.
وفي سياق التدابير الحكومية الخاصة بمحاربة الفساد، أمر قاضي التحقيق بـ«القطب الجزائي المتخصص في قضايا الفساد المالي والاقتصادي بمحكمة سيدي امحمد»، بوضع عبد القادر خمري المدير العام السابق لـ«الوكالة الوطنية للإعلانات» تحت الرقابة القضائية، وهو وزير للشباب والرياضة سابقاً.
واتخذ الإجراء ذاته بحق الكاتب والشاعر المعروف لزهاري لبتر، مدير النشر بالوكالة ذاتها سابقاً. وتم الإفراج عنهما، بعد أسبوع من الاحتجاز بمقار الشرطة القضائية. وأودع قاضي التحقيق المدير السابق للوكالة أحمد بوسنة، وكادر سابقاً فيها، الحبس الاحتياطي، واتهم الأربعة، بـ«إبرام صفقات مخالفة للتشريع وتبديد أموال عمومية وإساءة استغلال الوظيفة»، فيما لا يزال التحقيق مستمراً مع 35 شخصاً لهم ارتباط بوكالة الإعلانات الحكومية التي تضخ أموالاً ضخمة في طباعة ونشر الصحف والكتب.
إلى ذلك، أعلن أمس عن وفاة مدير المخابرات سابقاً الجنرال محمد بتشين، بالمستشفى العسكري بقسنطينة (500 كلم شرق العاصمة)، حيث كان يعالج من المرض. وعرف بتشين (88 سنة) بقربه الشديد من الرئيس الأسبق، الجنرال اليمين زروال (1994 - 1998) الذي أخرجه من تقاعده ليلحقه بالرئاسة كمستشار أمني.
وينسب خصوم العسكري الكبير له، قمع المظاهرات الشعبية ضد النظام عام 1998 التي خلفت 500 قتيل. وسبق لبتشين أن اتهم وزير الدفاع في ذلك الوقت، اللواء خالد نزار، بتعذيب متظاهرين، وردَ عليه هو بالاتهام نفسه.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.